الصيد قبل النكبة.. سمك وفير وزمن جميل بلا حصار أو احتلال

في كل عام، تتجدد هذه الذكرى الأليمة، في ظل واقع يزداد صعوبة تمر به القضية الفلسطينية؛ على المستويين الدولي والعربي، وواقع كارثي يمر به الشعب الفلسطيني المحاصر في وطنه والملاحق خارجه.

2023-05-24

يحيي الشعب الفلسطيني في أماكن وجوده كافة في 15 أيار/ مايو من كل عام ذكرى نكبة فلسطين، وهي الذكرى التي تذكر العالم بارتكاب العصابات الصهيونية عام 1948 أكثر من 70 مجزرة بحق أبناء الشعب الفلسطيني، وتشريد ما يزيد على الـ800 ألف من منازلهم وقراهم، ليقطنوا في مخيمات اللاجئين التي بلغ عددها 58 مخيما، والاستيلاء على 774 مدينة وقرية فلسطينية.

وفي كل عام، تتجدد هذه الذكرى الأليمة، في ظل واقع يزداد صعوبة تمر به القضية الفلسطينية؛ على المستويين الدولي والعربي، وواقع كارثي يمر به الشعب الفلسطيني المحاصر في وطنه والملاحق خارجه.

 

 

صيد وفير وأجواء جميلة
يجلس على كرسيه في ميناء مدينة يافا المحتلة ويتنقل بين القوارب، يقلب ذكريات الماضي الجميل، بلا احتلال ولا حصار ولا نكبات، يشعر بسعادة غامرة حينما يدور شريط الذكريات إلى الخلف؛ إلى زمن خلت فيه فلسطين من الاحتلال الإسرائيلي، ترتسم على وجهه الجميل خطوط تشير إلى حقب زمانية متتالية مرت عليه، بحلوها ومرها، إنه الحاج الصياد عطاالله سعدو زينب، من مواليد يافا عام 1934، عرف بحرها كما يعرف الأب أولاده، وربما أكثر.

يروى الحاج “أبو سعدو” لـ”عربي21″، بشغف قصة الصيد في البحر الأبيض المتوسط على شواطئ فلسطين ما قبل النكبة، مؤكدا أن “السمك كان وفيرا، وخيرات البحر كثيرة جدا، والأجواء جميلة، يسودها الحب والتعاون بين الصيادين، وكل منهم يساعد الآخر”.

وأوضح زينب الذي عمل في الصيد في العديد من المدن الفلسطينية، ومنها يافا وعكا وحيفا، أن مراكب الصيد المتوفرة قبل النكبة كانت صغيرة، وكانت تتوفر بعض مراكب تعرف باسم “الشنشولة”، وهذه لديها القدرة على حمل 7 أشخاص وربما أكثر، وكانت تعمل بالشراع والمجاديف اليدوية.

وذكر أن الكثير من أنواع السمك كانت متوفرة بكثرة، وكان هناك أكثر من 100 نوع، أما اليوم فالسمك شحيح والأنواع قليلة، موضحا أن السمك قبل النكبة وبعدها بوقت قليل كان يخرج إلى الشاطئ من كثرته، ويمكن لأي شخص أن يمسك به.

 

أدوات بسيطة وتعاون وحب
أما الصياد الحاج فريد عبد الرحيم النجار، من مواليد مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة عام 1952، فعمل في الصيد منذ طفولته مع والده، ملتصقا بالبحر يسكن بجواره.. ذكر أن “البلاد كانت مفتوحة، والخير كثير والسمك متوفر بكثرة وبأسعار زهيدة، وكنا نذهب بسهولة إلى منطقة العريش والشيخ زويد في مصر”.

وأوضح أن “الصياد الفلسطيني قديما كان يمتلك أدوات بدائية، مثل قارب صغير يسمى “فلوكة” وشباك صيد تصنع يدويا، ولم تكن متوفرة القوارب المزودة بماتور مثل اليوم، وكانت الفلوكة تسير في البحر إما عبر التجديف أو بمساعدة الشراع، وهي قارب صغير وعميق، ويمكن أن تحمل ثلاثة صيادين، ويتم وضع السمك بداخلها، وفي بعض الأحيان كانت تغرق من كثرة السمك”.

وأفاد النجار، بأن “عدد الصيادين قديما كان قليلا، مع عدد قليل من ’الفلوكات‘، ربما 4- 5 في كل المنطقة، ورغم ذلك، فقد كان هناك تعاون كبير بين الصيادين رغم إمكانياتهم الضعيفة وكان الصيد وفيرا”، وهو ما يتوافق مع ما ذكره الصياد أبو سعدو زينب.

ونوه إلى أن “شباك الصيد لم تكن متوفرة مثل اليوم، وكانت تنسج يدويا، ويحتاج صانعها لقرابة الثلاثة أشهر لإنجاز قطعة شبكة لا تتجاوز الـ100 متر مربع، و أي شبكة كان بإمكانها صيد الكثير، نظرا لوفرة السمك وسهولة صيده”.

ونبه إلى أن “الصيادين الذين كانوا يستخدمون الفلوكة لم يكونوا بحاجة إلى الدخول كثيرا في عمق البحر للصيد، ربما لا تتجاوز مسافة دخولهم الألف متر”.

وبين النجار، أن الصياد حينما كان يأتي إليه ضيوف، كان يذهب سريعا إلى البحر القريب منه، ويلقي بشبكة صيد تسمى “طراحة” ويرجع بعد وقت قليل بكميات جيدة من أنواع مختلفة من السمك، يأكل منه مع ضيوفه ويرسل لجيرانه منه”، مؤكدا ما ذكره الصياد “أبو سعدو”، أن الكثير من أنواع السمك فقدت ولا يمكن رؤيتها اليوم في البحر.

المصدر: عربي 21