أفلام ومسلسلات تطبيعية ومزيّفة للتاريخ

“إم بي سي” وتغییر المنهجیة.. قرار أم مجرد كلام؟

خاص الوفاق: "إم بي سي"تقوم ببث أفلام ومسلسلات لا يوافق عليها كل إنسان حر،منها المسلسلات التطبيعية، فلماذا عرض أفلام ومسلسلات تطبيعية؟!

2023-05-26

الدراما والفيلم له دور بارز وتأثير هام على المجتمع وفي الحقيقة للفن السابع أهمية خاصة في العصر الحالي وحتى القادم في عرض الحقائق وتوثيق التاريخ أو تزييفه، فاليوم وفي الحرب الناعمة التي تجري في العالم، تُبذل كثير من الأموال وتستخدم كثير من الطاقات والأدوات لصناعة الأفلام والمسلسلات التي تخدم المصالح والنوايا التي وراءها.

الفن السابع هو السلاح الذي يدخل بسرعة في البيوت على شاشات التلفزيون وفي منصات التواصل الإجتماعي، أو على الموبايلات، يمكننا أن نستخدمه بصورة إيجابية أو سلبية، عندما نقوم بتوثيق التاريخ الصحيح وتبيين الحقائق للمشاهد، ولا نخدعه، فعندئذ نقوم برسالتنا الفنية والإعلامية، ولكن ما هو الحال عندما نقوم بتزوير الحقائق والدعوة للتطبيع مع العدو الصهيوني المحتل وبث الفرقة والفساد الأخلاقي في المجتمع؟

هذا ما تقوم به مع الأسف بعض القنوات، ومنها قناة “إم بي سي” التي واجهت هكذا مسلسلاتها ردة فعل واسعة من قبل العالم العربي والأحرار الذين يبحثون عن الحقائق، وأما الذي حثنا لكتابة هذه السطور، هو أن قبل فترة قرأنا خبر حول أن قناة “إم بي سي” على أثر المصالحة السعودية الإيرانية الأخيرة، تستعد إلى تطبيق سياسة جديدة ترفع فيها هذه المرة شعار “لا للهجوم على الحليف الإيراني”، وقرّرت تجميد مشاريعها الدرامية والفنية المحرّضة على إيران أو “حلفائها”، وقبل هذا اتفقت الشبكة على إنتاج تلك المشاريع التي كانت ستعرض حصرياً على تطبيق “شاهد” و “إم بي سي”  ورُصدت لها ميزانية ضخمة، فألغت الشبكة تلك المشاريع بعد قرار بتهدئة جبهة الإعلام بجميع أشكالها السياسية والفنية والترفيهية.

وكذلك نرى تعزيز علاقات القناة مع تركيا، وبناء على توسيع الإنتاج الدرامي التركي السعودي، وقّعت الشبكة اتفاقية تصل مدّتها إلى خمس سنوات، مع شركتَي “القمر” و “ميديابيم” التركيتين، وتنصّ على عرض وتصوير أعمال تركية في الرياض للترويج للعاصمة السعودية. كما سيتم التعاقد مع كتّاب أتراك لمسلسلات عربية مهمة ستصوّر بين تلك المدن.

أما الذي نتطرق إليه اليوم، هو أن القضية الأساسية في برامج هذه القناة ليست فقط موضوع إيران، بل علينا رؤية واسعة وأكثر شمولية من ذلك، وهي أن القناة تقوم ببث دراما وأفلام ومسلسلات لا يوافق عليها كل إنسان حر، منها المسلسلات التطبيعية ونعلم أن فلسطين هي القضية الأساسية في العالم العربي والإسلامي وهي البوصلة، فلماذا عرض أفلام ومسلسلات تطبيعية؟!

وكذلك أفلام ومسلسلات مزيّفة للتاريخ  والتي تبث الفرقة بين الشيعة والسنة، وتخذش الوحدة بين المسلمين، فهذه الفرقة لصالح مَن؟ ولماذا؟

كما أن من جهة أخرى نرى بث الأفلام والمسلسلات غير الأخلاقية التي تنشر الفساد في المجتمع، وهي أفلام ومسلسلات تركية مدبلجة وغيرها، فنتطرق إلى بعضها فيما يلي.

مسلسلات تطبيعية

يدخل توظيف الدراما بقوّة إلى قائمة الأدوات التي تستخدمها أنظمة وأطراف عربيّة متصهينة؛ لغسل أدمغة شعوب الأمة العربيّة والإسلاميّة، وترويضها لتقبَلَ بعلاقات طبيعيّة مع مغتصِبي حقوقها في فلسطين المحتلة.

تعالوا نتأمّل في الخطوات والإجراءات التفصيلية التي تُوِّجَت بصورتها النهائيّة مسلسلات أو أفلاماً تطبيعية، هناك من وضع الفكرة، ومَن أعدّ السيناريو، ومَن اختار الشخصيات، ومن أخرج، وأنتج، وسوّق، وموّل، وبثّ، ومن وافق على كلّ ذلك عن سابق وعي بخطورة ما تحتويه هذه المسلسلات والأفلام من تزوير للحقائق، وتشويه للوقائع، وتضليل للمتلقّي.

مسلسلات تطبيعية على قناة “إم بي سي” فيها تزييف وافتراء تاريخي لصالح الكيان الصهيوني المحتل، وضد حقوق الفلسطينيين والإساءة للعلاقات بين الشعوب العربية، حيث واجهت المقاطعة بصورة واسعة، منها مسلسل “أم هارون” الذي يقدم سردية ملفقة تتبنى الرواية الصهيونية في كثير من جوانبها، ويعرض قيام الكيان الصهيوني دون الإشارة إلى النكبة والعدوان الذي مثله قيام هذا الكيان، ويربطه بنوع من الاضطهاد الذي تعرض له اليهود في المشرق، في تناقض فج مع الحقائق التاريخية، فحتى نص وعد بلفور بكل ما مثله من انحياز غربي لم يطلق على فلسطين آنذاك وصف “أرض إسرائيل” الذي استخدمه المسلسل.

ورأى التجمع الإعلامي الفلسطيني في عرض مسلسل “أم هارون”، خطوة متقدمة وخطيرة على طريق التطبيع مع الكيان الصهيوني، ما يشكل إساءة بالغة لتاريخ العرب والمسلمين.

وكذلك استخدمت القناة حلقة من مسلسل مخرج ٧ الكوميدي، للدعوة إلى التطبيع مع الكيان الصهيوني، ومهاجمة القضية الفلسطينية، واتهام الفلسطينيين بالحقد، وتكررت ذات المقولات الداعمة للتطبيع باعتبار الشعوب العربية غير معنية وغير ملزمة بالصراع مع الكيان الصهيوني المعتدي على الأرض العربية.

كما تضمن المسلسل العديد من المغالطات وجمل السخرية من كل من يتمسك بالمبادئ والقضية الفلسطينية وتعريف “إسرائيل” بالعدو الصهيوني.

فنرى غضب الفلسطينيين ودول المنطقة وأحرار العالم من مسلسلات التطبيع حيث يقوم مقاطعة القناة ويتساءلون: أي تاريخ هذا؟

الإنحدار والسقوط الأخلاقي

من جهة أخرى نرى عرض بعض الأفلام والمسلسلات التي تدعو للإنحدار والسقوط الأخلاقي، حيث يتطرق إليها الباحث والخبير المغربي “مصطفى قطبي” التي يعتبرها هي بتوجيه من المخابرات الامريكية، حيث باتت تتابعه من خلال بث “الكم الهائل” من المسلسلات التركية المدبلجة التي تقدم المشاهد الفاضحة والخادشة للحياء والممارسات اللا أخلاقية التي لا تنسجم مع قيمنا ومبادئنا لتقتطع وقتاً هائلا من المشاهد العربي، وتغسل العقول والعيون برسائل ضمنية تهدف لبثها، لتزعزع اركان المجتمع في اطار عملية مبرمجة.

وكتب الخبير “مصطفى قطبي” مقالا بهذا الشأن، تحت عنوان: الإنحدار والسقوط الأخلاقي نهج قنوات “إم بي سي”، ويقول فيها: موجة المسلسلات التركية تقتطع وقتاً ليس بقليل لدى المشاهد المحلي والعربي، وذلك من خلال المتابعة المستمرة لهذه المسلسلات المدبلجة في قنوات “إم بي سي”، التي تعج بمسلسلات الدراما التركية التي تقدم المشاهد الفاضحة والخادشة للحياء، وممارسات غير أخلاقية ولا مقبولة ولا تتناسب مع قيمنا ولا تنسجم مع مفاهيمنا ومبادئنا، فلا عاداتهم تشبه عاداتنا، ولا تقاليدهم تشبه تقاليدنا، إنها مسلسلات دخيلة علينا جملة وتفصيلاً، وككل جديد يقتحم حياة بلداننا، بدأ الانجراف وراء قصص حب ملونة بألوان تركية، وأصبح أبطال تلك القصص يضاهون تلك الشخصيات الأدبية والفنية والتاريخية التي حفرت إسمها بالصخر كما يقولون على صفحات التاريخ، ليأتي “مهند” و “نور” والشلة اللاحقة لهم، ليسيطروا على أذهان أجيال كاملة ويرسخوا أسماءهم فيصبحوا الأبطال الجدد بل والمثل الأعلى لهم!!‏

مسلسلات لبث الفرقة والصراع الطائفي

من جهة أخرى نرى أيضاً عرض مسلسلات فيها التشويه المتعمّد للحقائق التاريخية وبث الفرقة بين الشيعة والسنة، والذي يدخل التمثيل التلفزيوني والسينمائي في الآونة الأخيرة على خط الخلاف المذهبي، والصراع الطائفي المحتدم بين المذاهب والطوائف الإسلاميّة.

إنّما المشكلة في غياب الإنصاف والموضوعيّة وطمس الحقائق في استخدام هذه الوسيلة أو تلك؛ خدمةً للمطامع الضيّقة والأغراض الشخصيّة، ومن مظاهر هذه المشكلة التي تحدَّثنا عنها مسلسل تاريخي ديني بعنوان “الحسن والحسين عليهما السلام” يتناول حقبة حساسة وخطرة من تاريخ الأُمّة الإسلاميّة الممتدة من سنة 35هـ إلى سنة 61هـ، وهي التي شهدت أحداثاً مهمّة، ووقائع كان لها تأثير على حاضر الأُمّة ومستقبلها. وكذا شهدت هذه المدّة خلافة أمير المؤمنين (ع) وما رافقها من حروب وأحداث مؤلمة خُتمت باستشهاده؛ لينفتح بذلك عهد من الاضطرابات والحوادث بوصول بني أُميّة إلى سدّة الحكم ليرتكبوا أفضع جريمة عرفها التاريخ، ألا وهي فاجعة كربلاء سنة 61 للهجرة.

إنّ في هذا المسلسل ـ مع شديد الأسف ـ زُيِّف التاريخُ على نطاق واسع جداً، وذُبحت فيه الحقيقةُ على نصب التعصُّب المذهبي والطائفي.

وفي الواقع إنّ أرباب هذا العمل أجادوا في كلّ شيء إلا في تقديم الحقيقة التاريخيّة للمتلقّي؛ فجاؤوا بواقع تاريخي معكوس ومنكوس في أغلب مشاهد المسلسل.

وكذلك مسلسل “مُعاوية بن أبي سفيان” الذي أثار ويُثير جدلاً على المنصّات، عاد للواجهة الجدليّة، مع تغريدةٍ لافتة لزعيم التيّار الصدري مقتدى الصدر، الذي دعا إلى عدم بث العمل الدرامي لعدم إلتزامه بالحياد التاريخي وبما يجرح مشاعر المسلمين، ولم يعرض المسلسل.

وأخيراً نتساءل بأن قناة “إم بي سي” في إطار تغيير سياستها ومنهجيتها بعدم عرض مسلسلات وأفلام تخالف تحالفات دول الخليج الفارسي والعالم العربي، فهل تتخذ قراراً بعدم عرض المسلسلات التطبيعية وغير الأخلاقية والتي تبث الفرقة؟ وهل هذا قرار أم مجرد كلام؟

المصدر: الوفاق/ خاص