تقول أكايا إنها وجدت في المجتمع الأردني، لا سيما العائلة الأردنية، معاني الكرم والألفة، وهو ما عزز لديها الرغبة في التعرف أكثر على اللهجة المحكية في الأردن ومواضع تقاطعها مع اللغة العربية لعلها تساعدها في النقاش والتعامل مع أفراد المجتمع وبناء مخزون لغوي يساعدها في تفهم حاجات اللاجئين خلال عملها الذي تخطط له مستقبلاً.
جنسيات مختلفة
ويشهد الأردن إقبالاً من طلبة دول أجنبية عديدة لتعلم اللغة العربية، لا سيما اللهجة الأردنية المحكية، وتقول أستاذة اللغة العربية لغير الناطقين بها ريجان عبيدات إن الأردن يستقبل عديداً من الجنسيات لدراسة اللغة من أميركا ودول أوروبية، بشكلٍ خاص إسبانيا وإيطاليا وغيرها.
وكذلك الطلبة من الدول الآسيوية مثل ماليزيا وتايلند وإندونيسيا والصين وسنغافورة وغيرها، وهؤلاء معظمهم من الموجودين أصلاً لدراسة العلوم الشرعية أو اللغة العربية في الجامعات الأردنية، وهو ما يساعدهم على التكيف مع هذه التخصصات خلال فترة دراستهم لها، حسب ريجان عبيدات.
وبدوره، يقول الدكتور عمر عكاشة خبير تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها إن الأردن من الوجهات المفضلة التي تستقطب أفواجا من الطلبة الأجانب، وتدلل على ذلك الأعداد المتزايدة لهؤلاء المتعلمين في الجامعات الحكومية والخاصة، إضافة إلى انتشار المراكز الخاصة لتدريس اللغة لغير الناطقين بها.
مجتمع مرحب ومتعاون
من جهتها، تقول الطالبة الكورية الجنوبية شنجو -التي اختارت لنفسها الاسم العربي سلمى- إن الأردن كان وجهتها بعد أن سألت عديدا من زملائها عن المكان الأفضل لتعلم اللغة العربية، حيث تقول إنها وجدت المجتمع الأردني مجتمعا متعاونا كريما وأن العائلات منفتحة على التحدث مع الآخرين وهو ما يسهل ويسرع من التعلم وإتقان اللهجة.
أما الطالب مابتو من الهند، فيقول إن الجامعات في الأردن معروفة بتعليم اللغة العربية، لذا كانت وجهته للدراسة، ويضيف أن من الأسباب التي جعلته يرغب في تعلم العامية هو سهولة التأقلم، إذ يستاء أحيانا من الاستغراب أو التندر الذي يلقاه من البعض عند حديثه باللغة الفصحى غير المحكية، وقد أطلق على نفسه اسم “يوسف” -بناء على اختيار من صديق له- لصعوبة نطق اسمه في الأردن.
ويعلق خبير اللغة العربية عكاشة أن مما لا شك فيه أن المزاوجة بين اللغة العربية الفصحى واللهجة العامية هي الشكل الأمثل من أشكال تعليم اللغة للناطقين بغيرها، لأنه يعكس الواقع اللغوي المعيش الذي يعيشه الناطقون بالعربية، فمثلا تجد الفصحى في وسائل الإعلام، بينما العامية تجدها في الحياة العامة بالأسواق والمنزل والتعاملات اليومية.
دوافع مختلفة للتعلم
وهناك دوافع مختلفة لدى الطلبة الأجانب لتعلم اللغة العربية، ومنها -حسب عبيدات- الدافع الدراسي لطلبة الترجمة، إضافة إلى دوافع تجارية، خاصة لدى القادمين من الدول التي لها علاقات تجارية مع الوطن العربي.
وتضيف عبيدات أن هناك من الطلبة من يتعلم العربية للتعرف على الثقافة العربية، حيث تجد عديدا من الطلبة ممن يتقنون مجموعة من اللغات ويستهويهم تعلم مزيد منها، مما قد يسهل عليهم التعرف على الثقافات المختلفة أو يغذي مخزونهم المعرفي، وهو ما قد ينتج عنه مؤلفات أو تدوينات وأعمال أدبية وثقافية معينة، ويتأتى هذا أكثر بإتقان اللهجة المحكية القادرة على فهم البنية الفكرية للمجتمعات بشكل أكبر.
ويقول الطالب الكندي وليام إنه يستهدف من تعلم اللغة العربية العمل ضمن السلك الدبلوماسي في سفارات كندا بالدول العربية، وهو ما تقول عبيدات إنه أحد الدوافع الأساسية للطلبة الكنديين وبعض الطلبة من أميركا وأوروبا، في حين يهدف عديد من الطلبة الهنود إلى العمل في الدول العربية، لا سيما دول الخليج العربي.
قصة نجاح
صفوان نور هو أحد الطلبة الماليزيين الذين تعلموا اللغة العربية في الأردن، وهو الآن أستاذ يدرسها للطلبة في الجامعة الإسلامية العالمية في ماليزيا، كما يدير فريقا للمناظرة باللغة العربية في الجامعة مع مجموعة من طلبة الجامعة الدارسين العربية.
وقد حاز فريق جامعته المركز الأول مؤخرا في بطولة آسيا للمناظرات باللغة العربية، والتي عقدت في العاصمة العُمانية مسقط، وحاز أعضاء الفريق مركزا متقدما ضمن أفضل 5 متحدثين في فئة اللغة العربية للناطقين بغيرها. ويصف صفوان للجزيرة نت تجربته في دراسة اللغة العربية بقوله إنها مثيرة وأضافت له كثيراً.