العدالة الاجتماعية سبيل القضاء على ظاهرة الفقر الخطيرة في البحرين

يمثل تحقيق العدالة الاجتماعية والتوزيع العادل للثروات السبيل الوحيد من أجل القضاء على ظاهرة الفقر الخطيرة في البحرين التي تشهد تناميا منذ سنوات.

2023-05-27

يؤكد مراقبون أن مكافحة الفقر في البحرين والحد من تلك الظاهرة الخطيرة التي قد تؤثر على الأوضاع الاجتماعية السياسية المستقرة تحتاج إلى خطوات عدة منها التوزيع العادل للثروات.

ويتطلب ذلك عدم السماح باستمرار تركيز الثورات في يد عدد محدود من السكان أو أفراد النظام الخليفي الحاكم.

كما يتطلب ذلك تحقيق العدالة الاجتماعية وإطلاق الحريات الاقتصادية، وتخفيف ظاهرة المال السياسي.

إلى جانب ضرورة تنويع أنشطة الاقتصاد وعدم تركزها على قطاعي النفط والغاز، ودعم القطاع الخاص الموفر الأول لفرص العمل.

فضلا عن ذلك يتوجب إصلاح نظام الدعم الحكومي بحيث يوجه للفئات الفقيرة وذات الدخل المنخفض، لا للأسر الثرية القادرة على شراء السلع بالتكلفة وسعر السوق.

الأمر يتطلب أيضا استفادة الشعب البحريني من ثرواته الضخمة المودعة والمستثمرة في الخارج، واسترجاع جزء من الأموال المتراكمة في البنوك الغربية لدول المنطقة، على أن توجه لإقامة مشروعات يتم من خلالها خلق فرص تشغيل والحد من البطالة وهو ما يساهم في الحد من الفقر.

وأظهرت إحصائيات دولية معدلات صادمة لمعدلات الفقر في البحرين بفعل فساد النظام الخليفي الحاكم وإهداره ثروات ومقدرات البلاد.

وبحسب لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا “إسكوا“، فإن البحرين تسجل ثالث أعلى معدل فقر بين دول الخليج.

وبحسب اللجنة فإن 3.3 مليون مواطن من مواطني بلدان مجلس التعاون الخليجي يعيشون في فقرٍ. وتتراوح نسب الفقراء في هذه البلدان بين 0.4 في المائة (في قطر) و13.6 في المائة (في المملكة العربية السعودية).

وتسجِّل عُمان والمملكة العربية السعودية أعلى نسبتين للفقراء، حيث يعيش 10.1 في المائة و13.6 في المائة من مواطني هذين البلدين على التوالي، في فقر.

فيما تحتلّ البحرين المرتبة الثالثة بنسبة فقراء تبلغ 7.5 في المائة.

ويؤثّر الفقر على واحد من كلّ سبعة مواطنين في المملكة العربية السعودية، وواحد من كلّ عشرة مواطنين في عُمان، وواحد من كلّ 13 مواطناً في البحرين.

وتقلّ معدلات الفقر في الكويت والإمارات العربية المتحدة وقطر عن 2 في المائة.

واعتمدت اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا) ومعدلات النمو المقدرة من أجل احتساب عتبات الفقر من حيث الانفاق في هذه البلدان ومعدلات الفقر فيها في الفترة 2010-2021.

وبحسب اللجنة فإنه منذ عام 2010، تَراجَعت معدّلات الفقر في بلدان مجلس التعاون الخليجي، باستثناء البحرين والكويت، فخرج 528,000 مواطن من دوامة الفقر.

وانخفضت نسبة الفقر في المملكة العربية السعودية وحدها، من 18.2 في المائة في عام 2010 إلى 13.56 في المائة في عام 2021، مع انتشال 483 ألف مواطن سعودي من الفقر.

وذكرت اللجنة أنه يستلزم الحد من الفقر إجراء إصلاحات مالية لزيادة تنويع قاعدة الإيرادات، وتحسين الاستهداف في خطط الحماية الاجتماعية، وإصلاح سياسات تخصيص الأراضي والمشتريات العامة.

كما ينبغي أن يكون الاستثمار في مهارات المواطنين أولوية طويلة الأجل. ومن شأن هذه الإصلاحات أن تتيح لشريحة أوسع من السكان الاستفادة من الفرص الاجتماعية والاقتصادية.

وسبق أن قالت جمعيات سياسية بحرينية، إن خطر الفقر يدق أجراسه في البحرين بفعل غياب العدالة الاجتماعية وسوء التخطيط الاقتصادي.

ودعت الجمعيات في بيان مشترك تلقى “بحريني ليكس” نسخة منه، إلى وضع حلول جذرية للأزمات الاقتصادية للمواطنين البحريين وذلك بمناسبة اليوم العالمي للقضاء على الفقر.

وأبرزت الجمعيات أن الفقر يعد أحد أسباب امتهان الكرامة الإنسانية، وشكلاً من أشكال التمييز بين البشر، عانت منه الغالبية الساحقة من الطبقات الكادحة والعاطلين والمهمشين وضحايا الحروب والأوبئة والكوارث الطبيعية.

وقالت إن جميع هذه الأسباب ناتجة بالدرجة الأولى عن غياب العدالة الاجتماعية وسوء التخطيط الاقتصادي والاستئثار بالثروة الوطنية وعدم حماية الفئات والشرائح المهمشة، وتوفير الضمانات في الفرص المتساوية لجميع فئات المجتمع، على حد سواء، دون اعتبار لانتماءاتهم الطبقية والعرقية والدينية والقومية.

وأكدت الجمعيات أن ناقوس خطر الفقر يدق اجراسه في مملكة البحرين، بعد أن بلغ مراحل متقدمة، فهو لا يتمثل فقط في مستوى المعيشة المتراجع في البحرين، وهو الأدنى على المستوى الخليجي.

إنما يتمثل ايضاً في تدني مستوى وغياب الفرص المتساوية في فرص العمل وخدمات التعليم والصحة والسكن وارتفاع مؤشر الفساد وانتشار البطالة وغياب التخطيط الاستراتيجي، بما في ذلك ضبابية خطة التعافي الاقتصادي ورؤية 2030.

وقالت إنه في ظل تغييب متعمد لتعريف واضح للفقر ومستوى خط الفقر في البحرين وعدم الاعتراف الرسمي بوجوده، أثقل كاهل المواطنين بالكثير من الأعباء ومن بينها الديون، وزاد بصورة مضطردة عدد العوائل التي تعتمد في حياتها على المعونات المالية من وزارة العمل لسد حاجاتها اليومية الأساسية.

حيث تبلغ نسبتهم نحو 47% أي نحو نصف المواطنين البحرينيين تقريبا، وهو مؤشر قوي على مستوى الفقر في البحرين.

كما تشير إحصائيات هيئة سوق العمل إلى أن 17 ألف عامل يتقاضون رواتب اقل من 50 دينار و١٧٦ ألف عامل أقل من 100 دينار و٢٥٤ ألف عامل يتقاضون راتب أقل من 150 دينار و٣٥٧ ألف عامل أقل من ٣٠٠ دينار.

وأضافت أن سياسات الدولة النيوليبرالية التي فتحت السوق أمام منافسة الرأسمال الأجنبي حتى في الأنشطة والحرف البسيطة التي يتملكها المواطنين، وفتحت أسواق العمل أمام تدفق العمالة الأجنبية الرخيصة.

وأبرزت الجمعيات السياسية أن هذه السياسات باتت تطال بتأثيراتها البالغة الخطورة ليس محدودي الدخل فحسب، بل وحتى شرائح الطبقة الوسطى مما يوسع من شرائح الفئات المهددة بالولوج إلى ما دون خط الفقر.

وجاء في البيان إننا نرى أن بلادنا تلجأ إلى حلول ترقيعية، وتتبنى سياسات تسهم على المدى البعيد في تدني المستوى المعيشي للمواطنين مثل سياسة تخصيص الصحة والتعليم والخدمات الحيوية الأخرى.

كما جاءت جائحة كورونا وما رافقها من ازدياد البطالة وانخفاض الرواتب ووقف الزيادات في المعاشات التقاعدية و زيادة قيمة الضريبة المضافة إلى 10%، وأخيرا الارتفاع الفاحش في أسعار المواد الغذائية ليعمق منحنى الفقر ويهدد فئات جديدة بالدخول تحت مظلته.

وطالبت الجمعيات السياسية بإقرار قانون لتحديد مقدار الحد الأدنى لراتب المواطن في البحرين مقدر على أسس علمية ودراسات تضمن بموجبه للمواطن الكرامة وتحقق له مستوى معيشة لائق ولائحة تنفيذية متضمنة الاشتراطات والبنود العملية التي تضمن تطبيق هذا القانون في القطاع الخاص.

كما طالبت بوضع معالجات فورية وجذرية لمعالجة الأزمات الاقتصادية التي تعاني منها البلاد منذ سنوات، وتطبيق سياسات وبرامج شفافة ومحوكمة لمكافحة الفقر وتحقيق العدالة الاجتماعية وإقامة الدولة المدنية القائمة على المواطنة المتساوية، كذلك عبر بناء مؤسسات تشريعية تتمتع بصلاحيات فعلية حقيقية وأجهزة حكومية كفؤة ونزيهة.

وحمل البيان تواقيع كل من/ التجمع القومي، والتجمع الوحدوي، والمنبر التقدمي، والوسط العربي، وجمعية الصف الإسلامي، وتجمع الوحدة الوطنية والمنبر الوطني الإسلامي، والتجمع الوطني الدستوري.