الملحن والموسيقار اللبناني "علي الموسوي" للوفاق:

الأعمال المشتركة تؤكد قوة محور المقاومة والنشيد حلقة وصل

خاص الوقاق:نشيد "الرد القاسم" مثال بسيط على وحدة المقاومة، بمشاركة من سوريا ولبنان واليمن وهو ما زال أيقونة حتى يومنا هذا.

2023-05-27

موناسادات خواسته

النشيد والموسيقى من اللغات المشتركة لتواصل الشعوب وهي سلاح فعال في الجبهة الفنية. ضمن أجواء عيد المقاومة والتحرير، حاورنا الملحن والموزع الموسيقي اللبناني “علي الموسوي” الذي هو كرفاقه الأبطال ممن حملوا البندقية ووهبوا أرواحهم لمواجهة الهيمنة الأمريكية والصهيونية، كرّس حياته الفنية للدفاع عن هذه القضية، وعزفها لحناً ونشيداً نقياً كوجه الصباح البهي في أشجان روح المقاوم العربي الجسور.

“علي الموسوي” موهبة عربية نادرة، وفلتة من الفلتات التي قلّما يجود بها الزمان الشحيح على فترات بعيدة، وهذه حقيقة لا أثر فيها للمبالغة. إنه ليس مجرد ملحن عابر، بل وتد فني مقاوم سيكتب له الديمومة والخلود. فالمقاومة كانت ولا تزال وستظل أهم صفاته الإبداعية كمحارب أسطوري حوَّل الآلة الموسيقية إلى قاذفة عروبية شامخة ترسل حمماً بركانية تنسف أذهان الأعداء وتسر أسماع المجاهدين.

إنه الملحن الذي تشدنا ألحانه وتوزيعاته الصادحة من بيروت إلى صنعاء. إنه الملحن الذي له أناشيد كثيرة للمقاومة، وهو من ضمن فرقة إزار اللبنانية.

بداية الإنطلاق لفرقة إزار اللبنانية

بداية الإنطلاق لفرقة إزار اللبنانية كانت بُعَيد التحرير عام 2000، بالإضافة إلى أعمال المؤلف الموسيقى علي الموسوي مع الفرق الإنشادية في ذلك الحين،  كان له بعض الأعمال الخاصة ولكن هذه الإصدارات كانت تُنشر من دون اسم فرقة يتبنى هذه الأعمال لأسباب مختلفة.. بقي العمل بهذه الطريقة حتى العام 2009 ومع إزدياد كمية الإنتاجات الخاصة والتي أصبح لا بد من إيجاد مرجعية خاصة تتبنى هذه الأعمال، تم الإتفاق على تأسيس شركة إنتاج خاصة مع المخرج علي غ. حرب. أبصرت الشركة النور عام 2010 وتم إصدار الألبوم الأول عام 2012 تحت مسمى “الوصية”.

مع بداية الأحداث في سوريا قرر الأستاذان الموسوي وحرب التفرغ لمواكبة هذه الأحداث حيث قاما بإنتاج العديد من الأعمال التي إشتهرت في ذلك الحين كـ “رصاصك يا حلب” و “أحضن نصرك”. عندها توصلا لقناعة أنه لا بد من إيجاد تسمية فنية خاصة تتبنى هذه الأعمال، ومن هنا أبصرت إزار النور عام 2016 بشكل رسمي وكانت باكورة الألبومات ألبوم “نحنا معك” عام 2018 وكرت بعدها سبحة الإنتاجات بالإضافة إلى إعادة تجميع الأعمال القديمة تحت المسمى الجديد حيث يبلغ عدد الإصدارات حتى هذه اللحظة ثلاثين ألبوما.

وفيما يلي نص الحوار الذي أجرته الوفاق مع الأستاذ علي الموسوي:

 

فلسطين البوصلة الأساس

بداية حول النشاطات الدولية قال الموسوي: يعتبر “مجموعة إزار للإنتاج الفني” هو المسمى الحقيقي لفرقة إزار والتي هي واحدة من المشاريع التابعة لشركة الإنتاج التي تم تأسيسها عام 2010.

تهتم مجموعة إزار بكل الجوانب المحيطة بالإنتاجات الفنية ولكن يبقى التركيز الأكبر على الإنتاجات الموسيقية والثورية من دون إغفال باقي الجوانب.

إبتدأ نشاط إزار على المستوى المحلي في لبنان ثم ما لبث أن توسع ليشمل باقي دول المحور بداية في سوريا وبعدها في اليمن ثم توسّع لاحقاً نحو العراق وإيران وغيرها وطبعاً دون نسيان البوصلة الأساس فلسطين الحاضرة دائما في كافة أعمال إزار.

شاركت إزار في إحياء إحتفالات ومناسبات عديدة في لبنان ولاحقاً في سوريا وقريباً إن شاء الله سنكون في إيران ولاحقا في اليمن متى أصبحت الظروف ملائمة على أمل أن نتواجد يوماً ما في فلسطين الحبيبة.

تبدأ فكرة النشيد من وحي المناسبة

وحول كيفية إنشاد النشيد في إزار قال “الموسوي”: تبدأ فكرة النشيد من وحي المناسبة الأتية حيث يتم التواصل مع شعراء عديدين في لبنان واليمن وسوريا على سبيل المثال.

تنتقل القصيدة بعدها إلى مرحلة التلحين ثم التوزيع الموسيقي والعزف الحي. بعدها ننتقل الى مرحلة الإنشاد (كورال أو صولو حسب رؤية المؤلف الموسيقي) ولاحقاً إلى مرحلة الميكساج والماسترنغ. عندها يبصر النشيد النور قبل إنتقاله إلى المرحلة البصرية حيث يتم إنتاج فيديو كليب أو تصوير مسرحي.

بالإضافة إلى التعاون مع الشعراء من لبنان وخارجه، كذلك تم التعاون مع ملحنين وموسيقيين ومنشدين وفرق إنشادية ومصورين وغيرهم من خارج لبنان أيضاً.

التعاون الفني الإيراني العربي المشترك

وعندما سألناه حول رأيه عن الأعمال الإيرانية العربية المشتركة، رد بالجواب: من أهم الأعمال التي قامت بها فرقة إزار هي الأعمال المشتركة مع شركاء من دول أخرى، وهذا بالطبع يعطي النشيد غنى فنيا وقوة وانتشارا أكبر كونه خرج من نطاق الإنتاج المحلي إلى إنتاج على صعيد المحور.

وما نشيد “الرد القاسم” إلا مثال بسيط على ما ذكر حيث تم إنتاج هذا العمل في أقل من 24 ساعة فور تأكد خبر إستشهاد الحاج قاسم سليماني والحاج أبو مهدي المهندس. هذا العمل تم بمشاركة من سوريا ولبنان واليمن وهو ما زال أيقونة حتى يومنا هذا.

أما على صعيد التعاون الفني الإيراني العربي المشترك، فهو لا بد أن يكون له وقعه الخاص من نواح عديدة كون أن إيران تعتبر قائداً لهذا المحور وهو ما يعطي غنى إضافيا عن الأعمال المشتركة الأخرى بالإضافة إلى التنوع اللغوي والفني والثقافي الذي لا بد أن تكون له بصمته الخاصة على هكذا إنتاجات.

النشيد الثوري يضاهي العمل العسكري

وحول مدى تأثير النشيد وخاصة أناشيد المقاومة في المجتمع و تعزيز الوحدة بين دول محور المقاومة، قال “الموسوي”: طوال فترة مواكبتنا للأعمال الإنشادية الثورية خلال فترة الإحتلال الإسرائيلي للجنوب اللبناني وبعد التحرير، كان واضحاً أن النشيد الثوري يضاهي العمل العسكري لما له من وقع قوي في رفع المعنويات عند البيئة المقاومة وبث روح الثورة والحماسة، وهذا ما ينطبق بشكل كامل على الأناشيد العابرة للمحور وتقوية الروابط بين دول مختلفة بعيدة من حيث المسافة ولكن تملك هدفاً واحداً. لذلك فإن الأعمال المشتركة تحمل طابعاً حاسماً مهماً جداً في تأكيد متانة وقوة محور أصبح يشكل ندا جديا وقويا لدول وأنظمة استعمرت واستكبرت على مدى عقود طويلة، وبالتالي فإن قادة دول المحور أمام مسؤولية جدية في إبداء الرعاية والإهتمام الأكبر لكل من يساهم في إنتاج الأناشيد العابرة للمحور حيث نعود ونؤكد على الوقع والدور الذي يلعبه النشيد والفيديو والذي لا يقل أهمية عن الدور الذي تلعبه الطلقة والمدفع.

النشيد الطريق الأقصر للمتلقي

وفيما يتعلق بنشر ثقافة المقاومة عن طريق النشيد، قال “الموسوي”: يعتبر النشيد الطريق الأقصر للمتلقي، فبدل أن يقوم شخص ما بالتوجه لحضور حلقة ثقافية أو دينية أو تربوية أو غيرها والتي غالبا ما تكون محاضرات أو ندوات تحمل وجه رتيب أو ممل نظرا لجمود المحتوى وطول توقيتها، فإن النشيد يلعب هنا دور السهل الممتنع والطريق الأقصر نظراً لقصر وقته ودور الموسيقى في كسر الملل ولكن بشرط إيجاد المحتوى المناسب والملائم الداعم للفكرة المراد إيصالها. من هنا يظهر الدور الهام جداً الذي يلعبه النشيد في إيصال الفكرة أو الهدف أو الرسالة ولكن في مضمون فني قصير غني. ومن هنا نجد أنه من الضروري والمهم التركيز على النشيد – والذي من الممكن أن يتداوله الجميع كباراً وصغاراً، رجالاً ونساءاً- لتمرير ونشر الثقافة والرسائل التي لا بد ان تؤثر بالحد الأدنى في المتلقي.

أناشيد المقاومة وردّات الفعل

بعد ذلك تحدث لنا الموسوي عن ردات الفعل التي واجهها عند انشاد اناشيد المقاومة، فقال: كما في كل جوانب حياتنا اليومية، تتنوع الآراء وردّات الفعل في أي خطوة يقوم بها أي شخص. ولكن ردات الفعل هذه تصبح ذات وقع أقوى سواء كانت إيجابية أو سلبية عند من يتعاطى الشأن الفني والإعلامي بحيث يجب أن تصبح الخطوات مدروسة جداً لأن عدد قليل من الأشخاص يتعامل مع جمهور كبير وواسع عابر للحدود خصوصاً أن الفن يعتبر بالدرجة الأولى ذوق أكثر منه معادلات مثبتة.

ولكن الأهم هنا أننا لا نتعاطى فقط مع جمهور لنا قد يحب أعمالنا وقد لا يتفاعل معها، إنما نتحدث عن جمهور كبير وواسع آخر ممن يختلفون معنا إختلافاً عامودياً حاداً في الثقافة والأيديولوجيا والسياسة وغيرها.

هذا الجمهور يتعاطى معنا بمنطق عدائي تماما كنفس التعاطي مع قادة المحور، لذلك فإننا نجد أنفسنا أمام تحد كبير وهو في كيفية محاكاة هذا الحجم من الجمهور “العدائي” لكل ما قد نقوم بإنتاجه ولكن طبعا معيار هذه العدائية يمكن أن يلعب دوراً إيجابياً لدينا حيث أن نسبة العدائية تظهر الوقع الذي يمكن أن يلعبه النشيد عند الشارع الآخر المضاد لنا.

المناسبات العنصر الأساسي

وأخيراً طلبنا من هذا الفنان اللبناني القدير أن يتحدث لنا عن فكرة إنشاد نشيد “قسماً بدماء سليماني” و “الضفة درع القدس” و “حكاية نصر” وغيرها، فقال: كما أوردنا في بداية المقابلة عن المراحل التي يمر بها إنتاج النشيد، فإن مواكبة الأحداث والتطورات تلعب دوراً أساسياً في هذه الإنتاجات. فأحداث هامة كذكرى إستشهاد العديد من القادة الشهداء كالحاج قاسم سليماني والسيد عباس الموسوي على سبيل المثال لا الحصر، أو مناسبات أخرى كعيد التحرير في لبنان أو ذكرى إنتصار الثورة الإسلامية أو مواكبة المعارك المتلاحقة في غزة أو غيرها من المناسبات في العراق أو إيران أو اليمن الخ. كل هذه الأحداث أو المناسبات كانت العنصر الأساسي في الأغلب الأعم من الأعمال الكثيرة التي قمنا بإنتاجها والتي أصبحت عنصراً مواكباً على مدار مسيرة طويلة نأمل أن تستمر لأطول فترة ممكنة.

 

 

المصدر: الوفاق/ خاص