السنابل الذهبية في خوزستان تعلن بداية حصادها

القمح هو أحد المنتجات الزراعية الإستراتيجية في الخريف لمجموعة الحبوب، وتستخدم الدول المنتجة للقمح هذا المنتج أحياناً كسلاح اقتصادي وتعتبره حرباً اقتصادية. في العامين أو الثلاثة أعوام الماضية، كانت محافظة خوزستان هي المحافظة الرائدة والأولى في زراعة وإنتاج القمح الذي ضمنت الحكومة شراءه من الفلاحين. وفي الآونة الأخيرة، فأن الأساليب الجديدة للزراعة، واستخدام الأصناف والمعدات التقنية التي تساهم بشكل مباشر في رفع القيمة الإنتاجية للمحاصيل وتوفير الأدوات وجعلها بمتناول أيادي الفلاح والترويج للطرق الزراعية الجديدة والتغذية التكميلية والسيطرة على العوامل الضارّة للقمح، كل هذه الأمور جعلت من مزارع خوزستان أن ينتج قمحاً أكثر كل عام وتضمن أخيراً نسبة عالية لتأمين البلاد لهذا الغذاء الإستراتيجي المهم وفي المقابل أيضاً تضمن شراء محاصيلهم الزراعية.

2023-05-28

في العام الزراعي الأخير ونظراً لإرتفاع نسبة الأمطار في خوزستان ارتفعت نسبة الإنتاج إلى 10% ما ساعد في ضمان شراء کمیات اکبر من المزارعین في هذا العام، ما جعل أيضاً من المحافظة أن تتربع على المركز الأول في إنتاج القمح، وبصرف النظر عن القمح، كذلك في إنتاج بذور اللفت وبنجر السكر، فقد احتلت المحافظة أيضاً المرتبة الأولى في البلاد. يعد شراء 1.340.000 طن من القمح، وهو ما يمثل 24 ٪ من مشتريات الدولة بأكملها، فخر هذه المحافظة التي تمتلك أفضل تربة خصبة والتي يتلاءم مناخها مع زراعة أنواع وأصناف متنوعة من محصول القمح، كما أنه في هذه المحافظة تنقسم المحاصيل إلى قسمين: محاصيل الخريف والصيف.

محاصيل الخريف هي نباتات محبة للبرد وتحتاج إلى درجات حرارة منخفضة أثناء نموها الأولي، لكن المحاصيل الصيفية تشمل نباتات محبة للحرارة وتحتاج إلى درجات حرارة عالية وساعات مشمسة أكثر خلال فترة نموها. ويبدأ الموسم المحصولي للمنتجات الزراعية من النصف الثاني من كل عام.

كما تشمل محاصيل الخريف، القمح والشعير والكانولا وبنجر السكر وجميع أنواع الخضروات الصيفية والبقوليات والنباتات الزيتية والنباتات الصناعية والطبية، والتي في هاتين السنتين أو الثلاث سنوات بالإضافة إلى ترويجها وزراعتها، تعتبر مهمة بين المزارعين، كما حظي أيضاً تطوير النباتات الطبية وزراعتها باهتمام أكبر. وتشمل المحاصيل الصيفية النباتات المحبة للحرارة مثل الأرز والسمسم والفول وفول الصويا ونباتات العلف مثل الذرة الرفيعة وعشب السودان والذرة العلفية.

 زراعة لأول مرة

تم لأول مرة زراعة نباتات طبية مثل الزعفران والحبة السوداء في مركز الجهاد الزراعي في مدينة أهواز، وكذلك النباتات الطبية مثل الحبة السوداء والشاي الحامض، والتي كان لها مردود جيد جداً، فقد كان متوسط الغلة 1280 كيلوغرام في الهكتار الواحد وفي المستقبل سيكون المزارعون أكثر استعداداً إذا ما كان الشراء مضموناً لهم من قبل الحكومة.

ويجب التفكير في زراعة النباتات الطبية وعدم استخدام السموم الكيميائية نظراً لإنخفاض مستويات التكلفة والأرباح الجيدة جداً وتوليد العمالة المناسبة في قرى المحافظة لأنها تتمتع بوفرة الأراضي ومساحاتها الشاسعة، لأن الشراء مضمون وبدون أي شك يمكن أن يساعد في تطوير هذه النباتات الطبية والترويج لها.

يقول منصور حمادي المهندس الزراعي ورئيس مركز الجهاد الزراعي في مدينة الحائي التي تقع على اطراف مدينة اهواز بخمسة وعشرين كيلومتر حيث تعرف بمحاصيلها الزراعية المتنوعة على مستوى المحافظة: بدأت العمل كرئيس لمركز الجهاد الزراعي لهذه المدينة عام 2018 جنباً إلى جنب مع زملائي، وقمنا بإدارة وتنظيم فريق قوي وجيد للغاية، وكفريق له أهداف تنظيمية وتخطيط، بذلنا قصارى جهدنا لمساعدة المزارعين والبستانيين ومربي الماشية، في بدية خطتنا الزراعية جعلنا جميع مستويات مركز الجهاد الزراعي لديها خريطة  UTM وإحداثيات جغرافية، ولمدة ثلاث سنوات تمكنا من جعل جميع أجزاء مزارع المدينة تمتلك خريطة متعددة الأضلاع، حيث يتم تحديد الإحداثيات الجغرافية UTM  ويتم أيضاً تسجيل المعلومات الأخرى للمزارعين من قبل خبراء المنطقة في أنظمة المركز واستخراجها في الوقت اللازم.

في العامين الأخيرين وبسبب انتشار جائحة كورونا تم إجراء فصول تدريبية من خلال شبكات افتراضية من قبل أساتذة وباحثين خبراء وذلك لإمكانية إقامة صفوف توعوية في المركز والمزرعة، فأصبحت فصول التدريب أكثر كثافة شيئا فشيئاً إلى ان تمت دراسة وتنفيذ نقل النتاجات العلمية التطبيقية الجديدة هذا العام بشكل خاص.

  خطط جديدة لزراعة وحصاد القمح

في الخطة الوطنية القائمة على القمح، تم تغيير طريقة الزراعة من التقليدية إلى الآلية وتم استبدال الأصناف الجديدة بإنتاجية عالية خلال هذه السنوات الأربع. وحالياً، يحتوي هذا المركز على أكثر من 180 آلة لمعالجة الحبوب، اما فيما يتعلق بمشروع إصلاح أراضي خطة قائد الثورة الإسلامية، أدى الصرف الأساسي والري لهذه الأراضي إلى زيادة محصول القمح من طن واحد إلى طنين للهكتار ومن ثم إلى أربعة أطنان.

يضيف حمادي: من النقاط المهمة جداً في زراعة القمح، التسوية الأساسية للتربة وكذلك التنضيف الدقيق بالليزر للبذور التي تستخدم للزراعة، وتوفير المياه اللازمة واستخدام الأصناف عالية الغلة والإدارة الصحيحة للحقل، حيث يمكن أن تزيد من المحصول وفي النهاية هذه الزيادة في الغلة ستساعد المزارع في جني الأرباح وستدفع عجلة التقدم للفلاح والبلاد على حد سواء.

في العامين أو أعوام الثلاثة الماضية، اهتم الجهاد الزراعي وبالتعاون مع الفلاحين بزراعة أكثر من 30 محصولاً في موسمي الصيف والخريف، في مجموعة الحبوب مثل القمح والشعير والأرز، مجموعة النباتات الزيتية مثل بذور اللفت والذرة، مجموعة البقوليا، جميع أنواع النباتات، الفاصوليا، السمسم، البازلاء والبازلاء الخضراء، المنشآت الصناعية مثل بنجر السكر وعباد الشمس وفول الصويا، نباتات العلف مثل البرسيم والذرة الرفيعة والذرة العلفية، جميع أنواع الخضار والصالحة للأكل، وجميع أنواع الخضروات الصيفية مثل اليقطين والملفوف والبطيخ وغيرها.

ويؤكد المهندس حمادي على النقاط المهمة التي تتعلق بحصاد القمح  وهو وقت ذروة الحصاد حالياً في هذه المحافظة، وهي: إتمام تسليم المنتج والرطوبة المقبولة عند توصيل المنتج والتي تتراوح بين 8 و 12٪ للقمح، التطهير والفحص الفني للحصادات، وجود خبير زراعي أثناء الحصاد لمراقبة عملية الحصاد ومنع تساقط البذور، المحافظة على مخلفات النباتات والقمح والشعير وبذور اللفت وعدم حرق بقايا المحصول.

مشاكل عالقة

يقول المزارع مهدي الحايي الذي دأب على زراعة وحصاد محصول القمح أباً عن جد أن من أسوأ مشاكلنا التي نواجهها في كل عام لاسيما في زراعة القمح هي عدم الحصول عل مياه السقي في الوقت المناسب وكذلك انقطاعه بين الحين والآخر وهذا الأمر يعرقل دائما زراعة المحصول في الوقت المناسب الذي يتزامن مع سقوط الامطار في بدايتها، لأن نمو المحصول على الامطار يساعد على التكامل وكذلك يعمل ماء الأمطار على تقوية جذور المحصول وبالتالي تحمل العطش فيما بعد، ويضيف مهدي الحائي: التأخر في اعطاء ضمانات الشراء من الفلاحين الى عدة شهور تؤدي الى اصابته بالاحباط تجاه المراكز الزراعية لان الفلاح ليس لديه اي دخل سوى عائدات محاصيله الموسمية التي يقتات منها، المشكلة الاكبر والتي باتت تستفحل هي ارتفاع اسعار البذور والاسمدة والمضادات النباتية لاضعاف ما يجعل الفلاح يستغني عن تلك الاسمدة او المضادات والتي تنعكس سلبا على المحصول في حالة عدم توفرها او ارتفاع اسعارها التي تكلف المزارع بحيث لايفكر مستقبلا في زراعة هذا المحصول الذي يعد من اهم المحاصيل الاستراتيجية والمهمة للبلاد.

 

المصدر: الوفاق خاص/ عاشور الكناني