يحاول هذا العمل الأكاديمي الذي شارك فيه العديد من المفكرين والباحثين المهتمين بهذا الجانب من الصراع العربي-الإسرائيلي الإجابة على سؤالين مركزين في معظم الأبحاث أو القراءات التي جاءت حصيلة هذا العمل الذي ضمّه هذا الكتاب. السؤال الأول: ما هي صورة المقاومة في وسائل الإعلام؟ السؤال الثاني: لماذا ظهرت هذه النمطية والشكل؟
للإجابة على السؤال الأول تم استخدام منهجيات تحليل المضمون والخطاب الكمي والنوعي، أما للإجابة على السؤال الثاني فقد تمّ توظيف مناهج الاستقراء التاريخي والسياسي والقانوني والاجتماعي لتقديم تحليل معمّق عن صورة المقاومة في الإعلام.
جاء ذلك ضمن أقسام الكتاب الستة. تحدث في القسم الأول عن قراءات سياسية لنشأة وتطور حزب الله، مع الإشارة إلى الجذور التاريخية لهذا الحزب ورمزية قائده. ويظهر المقاومة كإطار قانوني تشرّعه القوانين الدولية. ويعالج صورة المقاومة في إطارها الاجتماعي والإعلامي. وتناول القسم الثاني صورة المقاومة في الإعلام اللبناني، وكيف تعرّض هذا الإعلام المتنوع والمتعدد لموضوع المقاومة. القسم الثالث ركّز على صورة المقاومة من خلال نماذج إعلامية مهمة منتقاة من إعلام بعض الدول العربية نظراً لصعوبة تناول كل إعلام تلك الدول. أما القسم الرابع فقد تحدث عن صورة المقاومة في الإعلام الإيراني والتركي نظراً لتأثير هاتين الدولتين في سياسات الشرق الأوسط. وتخلل القسم الخامس رؤية الإعلام الإسرائيلي والغربي. أما القسم السادس والأخير فقد تناول الإعلام الغربي وتغطيته للمقاومة. وقد تمّ اختيار نماذج إعلامية من الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا وبريطانيا نظراً لما تتمتع به هذه النماذج من قوة إعلامية عالمية وتأثيراتها على السياسات الخارجية لهذه الدول.
وفي الختام رفد الكتاب بملاحق مهمة حول المنطقة الحدودية المحررة وأهم محطات الصراع بين المقاومة الإسلامية والعدو الإسرائيلي، وكيفية تصوير الاندحار في “كاريكاتير” الصحافة العربية والغربية.
هذا الكتاب يقدم قراءات وأبحاثاً حول صورة المقاومة إبان الاحتلال الإسرائيلي لجنوب لبنان وبقاعه الغربي، ويحاول سبر غور هذه الصورة في مختلف وسائل الإعلام اللبنانية والعربية والإسلامية بالإضافة إلى إطلالة نقدية على الإعلام الغربي. هذه الصورة بدّلت وعي الإنسان العربي وصورة الذات والنظرة التقليدية إلى الهوية والحضارة.
هذا الكتاب يحاول التركيز على حدث الاندحار الإسرائيلي من جنوب لبنان، ويحاول توظيف النظريات السياسية، الاجتماعية، والإعلامية في تفسير هذه الصورة وتقديم رؤية تحليلية أعمق بُغية فهم العلاقة الشائكة والمعقدة بين أيديولوجيات وسياسات وقيم الوسائل الإعلامية وتعدّدها من جهة، وبين المقاومة وهويتها وإنجازاتها من جهة ثانية، إضافة إلى أثر هذه العلاقة على الرأي العام.
جميع الأسباب المذكورة أدت لاختيار هذا العنوان “صورة المقاومة في الإعلام” الذي شاركت في إعداده نخبة من الباحثين والأساتذة الجامعيين والكُتّاب في لبنان والعالم العربي والإسلامي، ما ساهم في تنوع وغنى الرؤى التي تشكّل صورة جامعة ومرجعية لانعكاس صورة المقاومة
