عناوين ومصادر القلق والارتباك

ارتباك صهيوني امام المتغيرات الإقليمية والدولية

يواجه العدو الصهيوني المعضلة الأشد صعوبة وقسوة بفعل أنماط جديدة ومستحدثة.

2022-11-16

غالب قنديل

تشير الوقائع والمعطيات والتعبيرات السياسية والإعلامية الظاهرة الى حالة من القلق والارتباك تسود المؤسسة الصهيونية ازاء مجموعة من العوامل والمؤشرات الدالة على تبدلات وتحولات قد تنعكس تأثيراتها وتفاعلاتها في البيئة الإقليمية وعليها، وهي تحتمل امكان سير الريح بما لا تشتهي السفن الصهيونية.

عناوين ومصادر القلق والارتباك يمكن اجمالها على النحو التالي في ضوء ما تظهره المعطيات والوقائع المنشورة والمتداولة في صحافة العدو:

أولا الوضع في الضفة الغربية المحتلة يمثل في نظر المؤسسة الصهيونية أبرز مصادر الخطر مع تبلور أنوية مقاومة وفدائية جديدة تتسم بدرجات عالية من البأس والشدة وهي تعكس واقعيا درجة الغضب والغليان وقسوة المعاناة المفروضة على اهل الضفة المحتلة الذين تنبت الظروف القاسية في صفوفهم أفواجا فدائية فتية من الشباب المبادرين الى النضال المسلح ضد الاحتلال، وحيث يواجه العدو الصهيوني المعضلة الأشد صعوبة وقسوة بفعل أنماط جديدة ومستحدثة من التنظيم والعمل الوطني المقاوم لم تكن معروفة او مألوفة. فالشباب الفلسطيني الصاعد يقاوم بأدواته الخاصة التي يؤصل بها ويطور ويتخطى ما سجله النضال الوطني الفلسطيني في السابق من أشكال التنظيم والعمل العسكري.

ثانيا ان الترابط الطبيعي الظاهر بين دوائر الصراع يحتّم التواصل والانتظام في التواصل التفاعلي وتداول المعلومات والخبرات بين المجموعات الفدائية على الأرض وهو لن يلبث ان يولد تداعيات فكرية وسياسية محفزة لتحدي التنظيم الوطني وبالتالي سيحرك فكرة المبادرة الى تأسيس حركة سياسية فدائية تشمل الضفة وتنتقل من صيغة المجموعات المحلية الى صيغة أشمل تتيح توحيد الإمكانات وتنسيق الجهود وتحقق مركزية المعركة والقيادة على صعيد الضفة بداية على الأقل وهذا بعد سوف تفرضه طبيعة المواجهة مع العدو وكونها غير قابلة للتجزئة أو الحصر في زاوية من الجغرافية الفلسطينية. وهذه الحقيقة نتوقع ان تفضي الى تواصل المجموعات المقاتلة وبحثها عن الطريق المؤدي الى تشكل أطر وطنية في مستوى التحدي الوجودي والمصيري.

ثالثا طريق التحول التراكمي في العمل الفدائي الفلسطيني سوف يشع كعهده في المنطقة العربية ويطلق نهوضا قوميا ووطنيا محوره ومركزه فكرة تحرير فلسطين واحياء الحلم المغدور تاريخيا للأجيال العربية والفلسطينية منذ عام النكبة المشؤوم. ولابد هنا من التشديد على التقييم النقدي لتجربة العمل الفدائي الفلسطيني وسيرته العاثرة بجميع المثالب والفجوات الخطيرة التي بددت الزخم واوقعت ظاهرة مشرفة وواعدة في شرانق التبقرط والارتهان لبعض الأنظمة والحكومات العربية التابعة والمرتهنة للحلف الغربي الصهيوني عندما انزلقت الى شرانق التمويل والاحتواء والتدجين السياسي بعدما زلزلت الواقع السياسي وأرعبت بتداعياتها المرتقبة سائر الدوائر القيادية الغربية الصهيونية والرجعية في المنطقة.

رابعا اننا نشهد تحولا نوعيا واعدا يستحق كل الرعاية والحرص والاهتمام الفكري والسياسي المطلوب لنشر الخبرات والمعارف التي يتطلبها تطوير التجربة النضالية الواعدة وتأصيلها وتعزيز فعلها المقاوم القاهر للعدو والكاسر لمشاريعه واهدافه القريبة والبعيدة.  و سوف يتوقف على تطور الأنوية الظاهرة وتعاظمها وتوسع دورها واشعاعها القومي مستقبل الصراع وحلم التحرير الحي المتجدد مع كل فصل وتمظهر من مأساة مستمرة ونكبة متواصلة يدفع ثمنها شعب أصيل لم ينكسر أو ينثني امام الإرهاب الدموي والبطش الصهيوني الأعمى منذ النكبة.