من أجل التطبيع مع العدو الإسرائيلي

دعم شركة “زارا” للمتطرف “بن غفير تمثل جريمة حرب بموجب القانون الدولي

المستشار القانوني الفلسطيني فؤاد بكر للوفاق: أمبركا فرضت عقوبات إقتصادية على  الدول التي مازالت تقاوم العدو الإسرائيلي

2022-11-16

أمل محمد شبيب

ليست المرة الأولى التي تظهر فيها علامة الملابس الإسبانية الشهيرة “زارا” عنصريتها تجاه الشعب الفلسطيني وفلسطين، فمنذ عام أثار تصريح المصممة الرئيسية في “زارا”  ” فانيسا بيريلمان ” ضمن حديث حول الفلسطينيين، ودفاعها عن جرائم الاحتلال الإسرائيلي، موجة غضب ضد هذه العلامة التجارية، حيث دافعت عن الجرائم الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني، وألقت باللوم على الفلسطينيين في قطاع غزة، الذين وصفتهم بـ”الإرهابيين”، قبل أن تهاجم العقيدة الإسلامية، زاعمة بأن “الإسرائيليين لا يعلمون الأطفال الكراهية، ولا يلقوا الحجارة على الجنود كما يفعل الشعب الفلسطيني”، هذا التصريح أثار مشاعر الملايين من الشعب الفلسطيني والمسلمين ورفعوا شعارات دعماً لفلسطين ومقاطعة للشركة الإسبانية “زارا”.
ورغم دعوات المقاطعة لها، وفي خطوة ثانية، فقد استضاف الوكيل المحلي للشركة”  جوي شويبيل” الزعيم اليميني المتشدد إيتمار بن غفير في فعالية انتخابية متجاهلاً القضية الفلسطينية وما يعانيه الشعب الفلسطيني من إضطهاد إسرائيلي على أراضيه المحتلة، والجدير بالذكر أن بن غفير إنتهج يستلهم أفكاره من الحاخام المتشدد مئير كاهانا، زعيم حركة “كاخ” التي سعت لطرد العرب من فلسطين المحتلة، كما رحّب بقتل 29 مصلياً فلسطينياً في الخليل في 1994 على يد باروخ غولدشتاين.
هذه الخطوة أثارت حفيظة الشعب الفلسطيني والشعوب المسلمة، وتشهد اليوم العلامة التجارية زارا دعوات للمقاطعة في مختلف الدول الداعمة لقضية فلسطين وشعبها، إضافة الى تشكيل لجان قانونية على الصعيد الدولي بسبب دعمها للمستوطنات الإسرائيلية التي تشكل جريمة حرب بموجب القانون الدولي، وإنتهاكها لقرارات الشرعية الدولية وقرار الإتحاد الأوروبي ذات الصلة.

وحول هذا الموضوع كان لجريدة الوفاق لقاء مع المستشار القانوني فؤاد بكر، مسؤول دائرة المقاطعة في الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين.

قاضي قضاة فلسطين محمود هباش أصدر فتوى شرعية بحرمة التعامل مع شركة “زارا”

البداية كان الحديث حول كيفية تعامل الشعب الفلسطيني والمسلمون مع خبر استضافة صاحب شركة الازياء زارا لقاءا انتخابياً سياسيا دعماً لعضو الكنيست الاسرائيلي، إذ قال المستشار القانوني بأن  دعم رئيس شركة “زارا” في دولة الإحتلال الإسرائيلية  الملياردير الكندي “جوي شفيبيل” للحملة الإنتخابية للمتطرف الإسرائيلي “بن غفير” الذي يدعو إلى تهجير الفلسطينيين من أرضهم، ويحث على هدم بيوتهم، وممارسة التطهير العرقي، والتشجيع على التوسع في المستوطنات وإعتماد النظام الفصل العنصري بحق الشعب الفلسطيني، أثار غضب الشعب الفلسطيني، إذ قام عدد من الشباب الفلسطينيين بإحراق شعار شركة “زارا” الإسبانية، وبعض الملابس الذين كانوا قد إشتروها، كما إشتعلت وسائل التواصل الإجتماعي بحملات إعتراض واسعة، تحث على مقاطعة الشركة، وعلى صعيد متصل، أصدر قاضي قضاة فلسطين محمود هباش فتوى شرعية بحرمة التعامل مع شركة “زارا” داعيا إلى مقاطعتها.

دعم شركة “زارا” للمتطرف “بن غفير” يمثل جريمة حرب بموجب القانون الدولي

إن دعم شركة “زارا” للمتطرف “بن غفير”  الذي يخدش ويسيء الى مشاعر الملايين من الفلسطينيين والمسلمين، إعتبره القاضي فؤاد بكر ليس إلا دليلاً على موافقتها على التوسع في المستوطنات الإستعمارية غير الشرعية والتي تمثل جريمة حرب بموجب القانون الدولي، وتحديدا المادة 8 من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، وبالتالي فإنها شريكة بالجرائم التي تريكبها الإحتلال الإسرائيلي  بحق الشعب الفلسطيني، ويجب محاسبته، بإعتباره ينتهك قرار الإتحاد الأوروبي الذي يحظر دعم المستوطنات الإحتلالية التي تعرقل قيام الدولة الفلسطينية بعاصمتها القدس بالإستناد إلى قرارات الشرعية الدولية.

دونالد ترامب بدأ حرباً إقتصادية على الدول التي ترفض التطبيع 

وفيما إن كانت  هذه الدعوة تعتبر نوعاً من التطبيع التجاري والاقتصادي، أضاف بكر أنه بعدما فشلت خطة المجتمع الدولي التي تستند إلى الأرض مقابل السلام، وبعدها السلام مقابل السلام، بدأ المجتمع الدولي بقيادة الرئيس السابق للولايات المتحدة الأميركية “دونالد ترامب” بالحرب الإقتصادية من أجل الضغط على الدول التي مازالت تقاوم العدو الإسرائيلي ولاسيما لبنان، سوريا وفلسطين، وفرضت عليها عقوبات إقتصادية وحصار دولي، من أجل التطبيع مع العدو الإسرائيلي، بهدف تنفيذ صفقة القرن، وبعد أن قامت بعض الدول العربية بالتطبيع مع هذا العدو ، وإقامة تحالفات عسكرية فيما بينها، بهدف الوقوف ضد حركات المقاومة، جاءت بعض الشركات الأوروبية لدعم المستوطنات رغم قرار الإتحاد الأوروبي بحظر الشركات العاملة داخل المستوطنات الإسرائيلية غير الشرعية، ظناً منها أنها قد تساهم في تعزيز الإحتلال ونظامه “الفصل العنصري”، أو أنها قد تنال شهادة حسن سلوك أميركية تعزز من إرتفاع أسهمها، لاسيما بهد أن قاطعت شركات أميركية كبرى العدو الإسرائيلي مثل شركة “بن آند جيريز”.

وعمّا إذا كانت كافية دعوات المقاطعة للشركة كافية، أضاف القاضي بكر بأن وسائل الإعلام العربية  والأجنبية نقلت قرار مقاطعة شركة “زارا”، وأخذت ضجة عالمية، ولكن مقاطعتها كانت محصورة ببعض الدول العربية، كما أن هناك بعض الدول العربية التي تتواجد فيها المقاومة، كانت قد تأثرت شركة “زارا” كثيراً بسبب الأزمة الإقتصادية والحصار الموجه مثل لبنان وسوريا، وهناك مقاطعة أصلاً بسبب إرتفاع أسعارها بشكل جنوني يفوق الحد الأدنى للأجور، وبالتالي كانت مقاطعة قبل إصدار الدعوة لمقاطعتها، وأما في فلسطين فتكبدت الشركة خسارة تقدر بعشرات ملايين الشواكل، وطريق المقاطعة مازال في بدايته، وهناك دعوات أوروبية لمقاطعتها أيضا.

الشعوب العربية والأجنبية المؤيدة لحرية الشعب الفلسطيني تفاعلت مع هذه القضية

ويضيف بكر بأن الشعوب العربية والأجنبية المؤيدة لحرية الشعب الفلسطيني تفاعلت مع هذه القضية، لاسيما المناهضة للإحتلال والإستعمار ونظام الفصل العنصري بشكل كبير، وقاموا بنشر دعوات لمقاطعة شركة “زارا”على وسائل التواصل الإجتماعي، وهذا يتطلب إلى حماية سياسية وقانونية، كي لا يتم إتهامهم بمعاداة السامية، والتواصل مع الإتحاد الأوروبي من أجل سن قوانين تحظر التعامل مع المستوطنات الإسرائيلية غير الشرعية. على الرغم من الضجة الإعلامية الكبيرة، تبقى المقاطعة للشركات متعددة الجنسيات صعبة جدا، بسبب إمتلاكها لمليارات الدولارات، والتي من شأنها أن تضغط على الحكومات من أجل إتخاذ مواقف مؤيدة لها، وكذلك بالنسبة لوسائل الإعلام المأجورة، التي عادت للترويج للشركة من جديد.

هيئة الدفاع عن القضية الفلسطينية في نقابة المحامين في المغرب قدّمت شكوى ضد الحكومة المغربية بهدف إبطال إتفاقية التطبيع

وفي سؤال قانوني وما إذا تم توقيع مذكرة قانونية ضد الشركة، قال بكر: ” بمبادرة من دائرة المقاطعة في الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، وبالتعاون مع الجمعية اللبنانية لمواجهة التطبيع وعدد من المحامين في لجنة مقاومة التطبيع والتوطين في نقابة المحامين في بيروت، وبعض أعضاء لجنة فلسطين ومقاومة التطبيع في إتحاد المحامين العرب، تم توقيع مذكرة قانونية في ذكرى وعد بلفور، بهدف القيام بالإدعاء ضد النيابة العامة في لبنان، بموجب قانون مقاطعة إسرائيل اللبناني، الذي يحظر التعامل بكل الأشكال مع العدو الإسرائيلي، ولما كانت شركة “زارا” لها فروع في لبنان، فإن القضاء اللبناني له صلاحية للتحرك العاجل من أجل إتخاذ القرار اللازم. كما قامت هيئة الدفاع عن القضية الفلسطينية في نقابة المحامين بالمغرب إلى تقديم شكوى ضد الحكومة المغربية بهدف إبطال إتفاقية التطبيع، وقدمت بذلك الأدلة القانونية.

وعلى الصعيد الدولي، تم تشكيل لجنة قانونية بهدف دراسة إمكانية تقديم شكوى ضد الشركة بسبب دعمها للمستوطنات الإسرائيلية التي تشكل جريمة حرب بموجب القانون الدولي، وإنتهاكها لقرارات الشرعية الدولية وقرار الإتحاد الأوروبي ذات الصلة.

يجب تفعيل قرار مقاطعة الكيان الإسرائيلي

أما كيف يمكن تفعيل المقاومة القانونية لمواجهة التطبيع؟ أشار القاضي فؤاد بكر بأنه على المستوى الدولي، هناك قرارات دولية تحظر التعاطي مع الدول التي تنتهك القانون الدولي، وتمارس النظام الإستعماري والفصل العنصري، وهذا يحتاج إلى قوى دولية تقوم بإعداد والتصويت على قرار يقضي بمقاطعة “دولة الإحتلال الإسرائيلية” وفرض العقوبات عليها وسحب الإستثمارات منها، كما حصل مع جنوب أفريقيا، أما على الصعيد العربي، فيجب تفعيل قرار مقاطعة الكيان الإسرائيلي الذي إتخذته جامعة الدول العربية، وإحياء مكاتب مقاطعة “إسرائيل” التي أنشئت بموجب القرار، وإلتزام الدول العربية به.

وفي ذات السياق، قامت بعض الدول العربية مثل الكويت والعراق بإقرار قانون يجرم التطبيع مع العدو الإسرائيلي، وهناك بعض الدول العربية مازال قانون مقاطعة “إسرائيل” ساريا مثل لبنان، سوريا…، لكن بعض الدول العربية مثل الإمارات ألغت قانون مقاطعة “إسرائيل” بعد التطبيع معها. لذلك يجب العمل على إقامة مؤسسات وجمعيات وحملات تقوم بالضغط على البرلمانات العربية من أجل إقرار قانون مقاطعة الكيان الإسرائيلي وتفعيله في المحاكم الوطنية، إلتزاما بقرار جامعة الدول العربية.

العدو الإسرائيلي يمتلك العديد من الإمكانيات المالية والسياسية للقيام بشيطنة أي حركة من شأنها مواجهة التطبيع

وفيما يخص التحديات التي  تقف  امام تحقيق مواجهة التطبيع في مختلف المجالات من التجارية والاقتصادية والقضائية والقانونية وغيرها، أشار بكر بأن هناك الكثير من التحديات الداخلية والخارجية لمواجهة التطبيع مع العدو الإسرائيلي، منها العقوبات الإقتصادية، الحصار السياسي والدبلوماسي، الضغط السياسي على القضاء، وهناك أمثلة واقعية تؤكد تهديد المحامين والقضاة الذين يصدرون أحكام ضد العدو الإسرائيلي.

من الأمثلة على ذلك، فرض العقوبات على المدعية العامة في المحكمة الجنائية الدولية فاتو بنسودا التي أعلنت عن فتح التحقيق في فلسطين، ولكن سرعان ما إنتهت ولايتها، ومع مجيء المدعي العام الجديد كريم خان جمد التحقيق الى الان. وكذلك، إتهام كل من ينتقد العدو الإسرائيلي بمعاداة السامية، ووضعه على لائحة الإرهاب… للأسف يمتلك العدو الإسرائيلي العديد من الإمكانيات المالية والسياسية للقيام بشيطنة أي حركة من شأنها مواجهة التطبيع، أو مقاطعة بضائعه، كما حصل مع حركة المقاطعة BDS، التي أصدرت بعض البرلمانات الأوروبية والأميركية قرارات بتجريمها، وأمرت بمحاربتها وتوقيف ناشطيها عن العمل.

التطبيع مع العدو الإسرائيلي قضية رأي عام

وفي ختام اللقاء، أكّد المستشار القانوني فؤاد بكر بان التفاعل الشعبي كبير في إتجاه أي حملة مقاطعة أو مناهضة للتطبيع مع العدو الإسرائيلي، ولكل ساحة لها تفاعلها الخاص، لكن هناك بعض الأشخاص الطفيليين، والتي تربطهم علاقات مصالح مع الشركات الداعمة للمستوطنات الإسرائيلية، على الرغم من عدائهم للعدو الإسرائيلي، لكنهم يخافون إتخاذ أي موقف يضر بمصالحهم الشخصية.

يبقى التطبيع مع العدو الإسرائيلي قضية رأي عام، لاسيما داخل الشعوب العربية والشعوب الحرة حول العالم، التي تقف إلى جانب الشعب الفلسطيني للدفاع عن أرضه ومقاومة الإستعمار والعنصرية، ويرفض القيام أي مصالحة أو مفاوضات أو إعتراف بها، مهما كلف ذلك.

 

 

 

 

 

 

الاخبار ذات الصلة