في هذا الصدد، تم الكشف، الثلاثاء الماضي، عن صاروخ “فتاح” الذي تفوق سرعته سرعة الصوت، وهو أحدث إنجاز استراتيجي للقوة الجوفضائية للحرس الثوري، بحضور الرئيس الإيراني، واللواء حسين سلامي القائد العام للحرس الثوري الإيراني، والعميد أمير علي حاجي زاده قائد قوة الجوفضاء في الحرس الثوري الإيراني.
في نوفمبر 2022، أعلن العميد حاجي زاده عن تطوير صاروخ باليستي تفوق سرعته سرعة الصوت، على هامش الذكرى السنوية لاستشهاد العميد طهراني مقدم في مقر قيادة القوة الجوفضائية للحرس الثوري، وقال إن هذا الصاروخ “يتمتع بسرعة عالية ويمكنه المناورة داخل وخارج الغلاف الجوي. يجتاز هذا الصاروخ الجديد جميع أنظمة الدفاع الصاروخي ولا أعتقد أنه ستكون هناك تقنية يمكنها مواجهته لعقود. ويستهدف هذا الصاروخ أنظمة العدو المضادة للصواريخ، ويعتبر قفزةً كبيرةً في مجال الصواريخ”.
قدرات صاروخ “فتاح” الفرط صوتي
يمتلك الصاروخ الأسرع من الصوت، والذي يعتبر حاليًا أحد أقوى الصواريخ التي تم تصنيعها في العالم، العديد من القدرات التي تسمح لمالكيه بإزالة التهديدات من أراضيهم. كما يتمتع صاروخ “فتاح” بسمات فريدة تجعل إيران تتفوق علی القوى العسكرية الأخرى في المنطقة.
قال العميد حاجي زاده في مراسم الكشف عن صاروخ فتاح الذي تفوق سرعته سرعة الصوت: “الصاروخ الذي كشف النقاب عنه اليوم، صاروخ فريد من نوعه في العالم. حيث إنه مع الكشف عن هذا الصاروخ، أصبحت إيران واحدةً من الدول الأربع التي تمتلك هذه التكنولوجيا”.
وأكد حاجي زاده: “بسبب تكنولوجيا صاروخ فاتح، لا يوجد له صواريخ مضادة. بينما بالنسبة للأسلحة الأخرى مثل الدبابات والسفن والطائرات والصواريخ، هناك صاروخ مضاد لها. لكن صاروخ فتاح لا يمكن تدميره بأي صاروخ بسبب حركته في اتجاهات وارتفاعات مختلفة، لأن الصواريخ المضادة للصواريخ تتحرك وفق متجه معين، وهي بالطبع ذات سرعة منخفضة”.
وقال العميد حاجي زاده إن سرعة صاروخ فتاح هي 13 ماخ، وأضاف: “سيكون من المستحيل مواجهة صاروخ بهذه السرعة. كما تم تحديد مدى هذا الصاروخ ليكون 1400 كيلومتر، وهو يصيب الهدف بدقة. إن أنشطتنا في هذا المجال لا تنتهي بإنتاج هذا الصاروخ، لأننا سنواصل السير على هذا الطريق حتى لا يتخيل أي عدو مهاجمة إيران”.
وتجدر الإشارة إلى أن سرعة ماخ واحد تساوي 1234 كم في الساعة، وهي تسمى سرعة الصوت(بالإنجليزية: Sonic speed). لذلك، يمكن إطلاق صاروخ فتاح الفرط صوتي على الهدف بسرعة 13 ضعف سرعة الصوت.
أيضًا، ضمان التكنولوجيا لعقود، استخدام الجيل الجديد من الوقود الصلب، والرؤوس الحربية المتفجرة المخروطية، هي ميزات أخرى لصاروخ فتاح. ويمتلك صاروخ فتاح القدرة على الوصول إلى سرعات عالية جداً، والقيام بمناورات مختلفة داخل وخارج الغلاف الجوي للأرض، من أجل التغلب على جميع أنواع أنظمة الدفاع الجوي للعدو، بسبب احتوائه على وقود صلب مع فوهة متحركة للمرحلة الثانية.
إن الأنظمة الأمريكية المضادة للصواريخ الباليستية الأكثر تقدمًا، بما في ذلك ثاد وباتريوت وایجیس و GBI وستاندارد، وجميع أنظمة الدفاع التابعة للکيان الصهيوني، بما في ذلك القبة الحديدية ومقلاع داود وأرو وبراك، لا حول لها ولا قوة في مواجهة صاروخ فتاح الذي تفوق سرعته سرعة الصوت.
الصواريخ الفائقة السرعة تطير خمس مرات أسرع من سرعة الصوت، ولها مسارات طيران معقدة ومختلفة وتعتبر تهديدًا خطيرًا، وهذه الميزات تجعل من الصعب اعتراضها، وهذا تهديد مقلق للأعداء.
في العام الماضي، عندما أعلن العميد حاجي زاده في وسائل الإعلام عن إنتاج هذا النوع من الصواريخ، ادعت واشنطن والمسؤولون الأوروبيون أن إيران لا تملك صواريخ تفوق سرعتها سرعة الصوت، وزعموا أن هذه دعاية من طهران لتوجيه رسالة للکيان الصهيوني والدول العربية في المنطقة، مفادها بأنهم إذا أرادوا العمل ضد إيران فلديها صواريخ قوية تنتقم منهم، لكن ثبت اليوم أن الوعود السابقة لم تكن فارغةً، ويجب على العالم أن يتقبل قدرات الجمهورية الإسلامية.
حاليًا، فقط روسيا والصين والولايات المتحدة هي التي حققت تكنولوجيا صنع أسلحة تفوق سرعتها سرعة الصوت في فئة الصواريخ الباليستية وصواريخ كروز، وانضمت إيران إلى الدول التي لديها هذه القدرة، وهذا إنجاز كبير لإيران التي تواجه هجومًا إعلاميًا كبيرًا وضغطًا سياسيًا من الغرب وحلفائه في المنطقة.
إن الصواريخ التي تفوق سرعتها سرعة الصوت قادرة على تغيير ميزان الحرب. هايبر سونيك هو صاروخ أو مقذوف يتحرك بسرعة من 5 إلى 25 ضعف سرعة الصوت، وبهذه السرعات ينتقل المقذوف بين 2 و 8 كيلومترات في ثانية واحدة.
تحسين مستوى الردع
حققت إيران إنجازات عديدة في مجال الصواريخ في السنوات الأخيرة، من صناعة الصواريخ التي يبلغ مداها عدة آلاف من الكيلومترات والصواريخ الدقيقة، إلى الوقود الصلب والصواريخ التي تفوق سرعتها سرعة الصوت حاليًا، كلها دليل على أنه على الرغم من العقوبات الواسعة، تمكنت إيران من صنع أسلحة محلية بالكامل بمساعدة علماء محليين يتنافسون مع نظرائهم الأجانب.
وعلى الرغم من أن إيران قد حددت مدى صواريخها حتى 2000 كيلومتر، إلا أن هذا الرقم يعتمد على عقيدة إيران الدفاعية التي تعتمد على الردع، ومن المؤكد أن العلماء العسكريين المحليين لديهم مثل هذه القدرات التي تمكنهم من إنتاج جميع أنواع الصواريخ الحديثة في فترة زمنية قصيرة. وفي الواقع، مع ارتفاع مستوى التهديدات ضد المصالح الوطنية الإيرانية، ستزداد قدرة الردع الإيرانية ضد الأعداء بالدرجة نفسها.
لقد استطاعت إيران خلق قوة ردع في المنطقة من خلال بناء صواريخ قبل عقد من الزمن، لكن الحصول على صواريخ تفوق سرعتها سرعة الصوت سيضاعف قوة الردع. وفي الأشهر الأخيرة، اعترف المسؤولون الأمريكيون مرارًا وتكرارًا بأن القوة الصاروخية والطائرات المسيرة الإيرانية تشكل تهديدًا خطيرًا للغربيين وأمن الأراضي المحتلة، لكن إيران أظهرت أن لديها قدرات واسعة في المجال العسكري، ويمكنها إنتاج أي نوع من الأسلحة إذا لزم الأمر، وحسب نوع ومستوى التهديدات.
كابوس آخر لتل أبيب وواشنطن
يتم الكشف عن الصواريخ التي تفوق سرعتها سرعة الصوت، في وضع زاد فيه مستوى التهديدات من قبل الولايات المتحدة والکيان الصهيوني ضد وحدة أراضي إيران في الأشهر الأخيرة. وإزاحة الستار عن هذا النوع من الأسلحة المدمرة، نوع من التحذير لأعداء إيران بضرورة مراعاة جميع الجوانب في أي إجراء ضد إيران.
يتحدث قادة الکيان الصهيوني هذه الأيام عن هجوم محتمل على منشآت إيران النووية، لكن الصاروخ الذي تفوق سرعته سرعة الصوت، يحذر المتطرفين في هذا الکيان بأنهم إذا ارتکبوا حماقةً، فسيتم استهداف جميع الأراضي المحتلة بصواريخ فوق صوتية في غضون بضع دقائق، وحتى أنظمة القبة الحديدية ومقلاع داود لن تكون قادرةً على الدفاع عن حياة المستوطنين.
حاول الکيان الإسرائيلي في العقدين الماضيين عرقلة التقدم العلمي لإيران، باغتيال علماء وتنفيذ أعمال تخريبية في منشآت نووية، لكن الكشف عن الصواريخ القوية يقضي علی المخططات الشريرة للصهاينة.
بالنظر إلى خصائص هذا الصاروخ، بما في ذلك سرعته الأسرع من الصوت وعدم امکانية اعتراضه، من الآن فصاعدًا لا يمكن للسلطات الصهيونية أن تدعي أنها ستكون محصنةً ضد الصواريخ الإيرانية. ومن الآن فصاعدًا، ستصاب جميع أنظمة الصواريخ في الأراضي المحتلة بالشلل في مواجهة صاروخ “فتاح” الذي تفوق سرعته سرعة الصوت.
لا شك أن أي قدرة ردع لإيران تهدف في المقام الأول إلى الحفاظ على الأمن الإقليمي وسلامة أراضيها ضد التهديدات الخارجية، وخاصةً من الصهاينة، والصواريخ فوق الصوتية ليست استثناءً من هذه القاعدة.
إن وصول هذه الصواريخ إلى الأراضي المحتلة في أقل من 10 دقائق، هو كابوس قاتل لقادة تل أبيب الذين ليس لديهم ما يواجه هذا السلاح الرهيب. وهذه القضية، إضافة إلى إضعاف الجدار الأمني للکيان الصهيوني، ستجعل أيدي الصهاينة فارغةً على طاولة المفاوضات خلف الكواليس مع الحكومات العربية لتطبيع العلاقات.
لأن واحدةً من أهم أوراق اللعب التي استخدمها الصهاينة لإقناع العرب، هي المساعدة في تحسين قوتهم العسكرية والدفاعية، بينما ثبت الآن للعرب أن هذا الکيان غير قادر حتى على الدفاع عن أمنه.
على سبيل المثال، حاولت الولايات المتحدة والکيان الصهيوني إنشاء نظام دفاع صاروخي متكامل من أموال الدول الخليجية، لمواجهة قدرات محور المقاومة في مجال الصواريخ والطائرات المسيرة، لكن صاروخ فتاح الذي تفوق سرعته سرعة الصوت، يحوله عملياً إلى مشروع فاشل.
إيران من بين الدول المصدرة للأسلحة
خلال العقود الأربعة الماضية، حاولت أمريكا إبقاء إيران في وضع لا يمكنها فيه حتى إنتاج الرصاص داخليًا، لكن إيران، إضافة إلى تلبية احتياجاتها الداخلية للدفاع عن وحدة أراضيها، لديها القدرة حتى على تصدير الأسلحة.
في 18 أكتوبر 2020، ووفقًا لأحكام قرار مجلس الأمن رقم 2231، ألغيت جميع أشكال حظر الأسلحة التي فرضها هذا المجلس على إيران. ووفقًا للاتفاقية النووية، ستنتهي جميع العقوبات والقيود المفروضة على برنامج الصواريخ الإيراني في أكتوبر من هذا العام (2023)، ويمكن لإيران، إذا كان هناك مشترين أجانب، توقيع عقود بيع أسلحة دون قيود.
خلال العام الماضي ومنذ بداية الحرب في أوكرانيا، بالغت وسائل الإعلام الغربية في تضخيم قضية استخدام الطائرات دون طيار والصواريخ الإيرانية في الحرب، وذلك بهدف تشويه التعاون بين إيران وروسيا، ولا سيما في المجال الاقتصادي والترانزيت، ما يجعل العقوبات الغربية ضد البلدين أقل فعاليةً.
في غضون ذلك، نفت السلطات الإيرانية تمامًا أي مزاعم بتورط طهران في الحرب في أوكرانيا، وأعلنت أن السياسة الرسمية للجمهورية الإسلامية هي سياسة الحياد. ومع ذلك، فإن هذا التضخيم كان تأكيدًا لقدرات الصناعات العسكرية الإيرانية، وخاصةً الصواريخ والطائرات دون طيار الإيرانية، التي تم رفضها أو التقليل من شأنها من قبل.
وتسببت هذه المسألة في ميل العملاء الدوليين إلى شراء أسلحة عسكرية من إيران في المستقبل، ويمكن لإيران الدخول بجدية في واحدة من أكبر الأسواق الاقتصادية وأكثرها ازدهارًا في العالم. وقد أثار هذا الموضوع قلقًا كبيرًا لدی مسؤولي البيت الأبيض، وحاول البعض مؤخرًا في الكونغرس الأمريكي تمرير خطة لمنع رفع قيود الأسلحة علی إيران في المستقبل.
بشكل عام، كلما زادت جهود الولايات المتحدة وحلفائها لإضعاف قدرات إيران، تزداد إرادة القوات المسلحة الإيرانية لتحسين قدراتها الدفاعية، وسيؤدي إنتاج الصواريخ التي تفوق سرعتها سرعة الصوت، إلى تدمير كل خطط الأعداء لمهاجمة وحدة أراضي إيران، ومسار التقدم هذا سيستمر.