المِزاح له وظيفة جميلة في الحياة، تأليف القلوب، تلطيف الجو، تطييب القلوب، إدخال الفرح على قلب جليسك الذي تحادثه ويحادثك.
والمزاح مندوبٌ إليه بين الإخوة والأصدقاء بما لا أذىً فيه، ولا ضرر، ولا قذف، ولا غيبة، ولا شَيْن في عرضٍ أو دين، ولا استخفافٍ بأحدٍ منهم. امزح مع أصدقائك وإخوانك وأهلك، من دون أذى، ولا ضرر، ولا قذف، ولا غيبة، ولا شَيْن لا في عرضٍ ولا في دين، ولا استخفافٍ بأحد، فإذا خلا المزاح من هذه الشروط أو من هذه النواقص كان مزاحاً مباحاً بل مندوباً إليه.
وقالوا: “إن المزاح سباب إلا أن صاحبه يضحك”. وقيل: إنما سمي مزاحاً؛ لأنه مُزيح عن الحق. وقال إبراهيم النخعي: “المزاح من سخط أو بطر”. وقيل في ميسور الحكم: “المزاح يأكل الهيبة كما تأكل النار الحطب”. وقال بعض الحكماء: “من كثر مزاحه زالت هيبته، ومن كثر خلافه طابت غيبته”.
المزاح له أوقات وليس بكل الأوقات، المزاح شيء جميل ومرح، ويخفف عنك الكثير ولكنه بحدود وكل شيء له حد.
الممازحة كانت للدعابة والفكاهة والطرفة والملح، وكان فيها تطييب للنفوس، وتأليف للقلوب, وما ورد فيه النهي عنه إلا إذا كان فيه غيبة أو إيذاء للآخرين، أو نحو ذلك، ويكون المزاح لأغراض شتى، التسلية من الناس من يمزح بقصد التسلية.
التعلُّم ويقصد بالتشويق وإزالة القلق والملاطفة والملاينة وتطييب الكلام، وقيل: إن عجوزاً من الأنصار أتت إلى النبي J فقالت: يا رسول الله، ادعُ لي بالمغفرة، فقال لها: أَما علِمتِ أَنَّ الجَنةَ لاَ تدخلها عجوز، صرخت، فتبسّم رسول الله J وقال لها: لَستِ يومئذٍ بعجوزٍ.
المزاح القاسي، الذي فيه خطر، خبر كاذب، تهديد كاذب، إخفاء شيء مهم جداً هذا المزاح يعد من أكبر المعاصي، لذلك قال عليه الصلاة والسلام:(لا يحلّ لمسلم أن يروّعَ مسلماً).
وقال بعضهم: ربما يستفتح المزح مغاليق الحمم، أي: الموت. وقال بعضهم لولده: اقتصد في مزحك، فإن الإفراط فيه يذهب البهاء، ويجرئ السفهاء.
إذن، فليكن المزاح في الكلام مثل الملح في الطعام، ومن ضوابط المزاح ألَّا يكون فيه كذب، ولا غيبة، ولا فيه قذف، وألَّا يكون في وقت غير وقته كمجلس العلم، وأن يكون خالياً من الترويع والفحش، وأن لا يستهزئَ بالدين، ويراعي شعورَ الآخرين، وألَّا يمازح مع الكبير والعالم بما لا يليق، وألَّا يكون فيه اغراق في الضحك.
علينا جميعاً أن نتجنب المزاح الثقيل او المقالب؛ لأنه من الممكن أن يؤدي إلى التجريح او الى الضرب بدون قصد، المطلوب هو المزاح والدعابة الخفيفة التي فيها ترويح القلوب، والاستئناس المطلوب، وإزالة الهمّ وإدخال السرور أن يتوخى في المزاح الأهداف النبيلة: كالتعليم والتأديب، وعدم الإكثار من المزاح، بحيث يغلب على حال الإنسان ويعرف به؛ فتتحول حياته إلى هزل لا جد فيه، ومتى صبغ الهزل والمزاح حياة الإنسان باعَدَه عن معالي الأمور ومهمات الحياة.
وكثرة المزاح قنطرة قصيرة إلى البغي فيه، فمتى أكثر الإنسان من الهزل سهل عليه الاجتراء على أعراض الناس، والعبث بمشاعرهم والاستهتار بكثير من الأمور المصانة؛ لأجل المزاح وإضحاك الآخرين، وإن كثرة المزاح المفرطة تفقده أنسَه وﺑﻬجته، وتنقله إلى حد السماجة المستثقلة، وربما الوقاحة المستنكرة، ولذا قال حكيم: “المزاح يُذْهِبُ المروءة” أي: كثرته، وستظل الفضيلة وسطًا بين رذيلتين، وكلا طرفي قصد الأمور ذميم، فلا الجهامة والقطوب والتوافر الثقيل، ولا السماجة والرعونة والمزاح العابث وحيلها، بل المزاح اللطيف الذي يحافظ على السماحة والرزانة والبشاشة وحسن الخلق.