بين نداءات لدعم القدس وتفاؤل بمستقبل القضية الفلسطينية وكلمات محمود درويش وسميح القاسم، وغناء عايدة الأمريكاني، جاء انعقاد مهرجان “القدس ليست بعيدة” ليشكل حالة فنية ووطنية تطمح لمستقبل مفعم بالتفاؤل.
وافتُتح المهرجان في مركز الحسين الثقافي التابع لأمانة عمان الكبرى مساء الأربعاء 14 يونيو/حزيران الجاري برعاية وزير الداخلية الأردني الأسبق المهندس سمير حباشنة.
واستهلت الفنانة عايدة الأمريكاني مهرجان “القدس ليست بعيدة ” بكلمات وموسيقى “موطني” للشاعر الفلسطيني الراحل إبراهيم طوقان التي نظمها عام 1934 ولحنها اللبناني محمد فليفل.
غناء ومقاومة
بصوت متألق ومحلق في سماء الوطن الفلسطيني غنت الأمريكاني قصائد لشعراء المقاومة الراحلين إبراهيم طوقان ومحمود درويش وسميح القاسم، كما غنّت للشعراء حيدر محمود وعلي البتيري ونايف أبو عبيد وضحوك الداود وأمينة العدوان، وسط إعجاب وتصفيق الحاضرين، وشارك مع عايدة أكثر من ألف من الحاضرين.
وكان للأسرى الفلسطينيين والأردنيين والعرب حصة كبيرة من مهرجان “القدس ليست بعيدة”؛ حيث شدّت الفنانة بأغنية “عنقي على السكين يا وطني” وهي من قصائد الراحل سميح القاسم. ومن كلمات الشاعر علي فودة اختارت الفنانة عايدة الأمريكاني قصيدة “إني اخترتك يا وطني”.
وأبدعت الفرقة الموسيقية “الأوركسترا” في التعبير النغمي للقصائد الوطنية المغناة. وبهذا الخصوص قال قائدها عبد الحليم الخطيب إنه استوحى التوزيع الموسيقي ليتماشى مع روح الحس الوطني لألحان وضعها ملحنون آخرون لم تغب فلسطين عن إبداعهم الثقافي.
الأردن رأس الحربة
وتحدث سمير حباشنة وزير الداخلية الأردني الأسبق في بداية الفعالية الوطنية، فأثنى على الفنانة الملتزمة عايدة الأمريكاني وجهدها الوطني لتوظيف الثقافة والفن “لخدمة قضايانا وأولها فلسطين والقدس”.
وقال مخاطبا الحضور “القدس في ضمائرنا وإن طال السفر.. ومهج الأردنيين جميعا لا ترنو إلا لفلسطين والقدس، والشعب موحد بكل معاني الوحدة تجاههما”، مشيراً إلى وحدة الأردن وفلسطين وأن الأردن سيبقى رأس الحربة في مواجهة الغطرسة والعدوان الصهيوني.
القدس لن تبقى حزينة
أما الشاعرة ضحوك مأمون الداود، فوجهت تحية لفلسطين والقدس “يا قدس مدينة الإيمان.. منارة الأديان.. نور الشهيد والمقاومة”، وقالت “لتشرق شمس حطين وسيف صلاح الدين.. دم الشهداء ينادينا.. القدس أرضي وعرضي وعاصمتي ولن تبقى حزينة”.
وأضافت: “القدس تناديكم والأقصى أسير وأجراس كنيسة القيامة تقرع تنادي بصوت الحرية.. القدس طريق عمان والعراق والشام ومصر.. القدس عروس غالٍ مهرها وهي ولادة الشهداء تحتاج بندقية ثائر ولا تحتاج أرزا أو قمحا بل تحتاج رجالا، وسيرحل الغاصبون”.
واجبنا دعم أهلنا
وتحدث رئيس بلدية الكرك المهندس محمد المعايطة الذي يقود حملة مقاومة التطبيع في المدينة، فوجه تحية إكبار للمرابطين في ساحات الأقصى والقدس والضفة الغربية المحتلة والمحاصرين في غزة.
وأضاف المعايطة أن مهرجان “القدس ليست بعيدة” ذكّره بالمهرجانات التي تقام سنوياً تحت شعار “الكرك والقدس بطينان”، وقال: “هناك علاقة ضاربة في التاريخ بين المدينتين وعلينا واجب مقدس لدعم أهلنا في فلسطين وتعزيز جبهتنا الداخلية لمواجهة مخططات إسرائيل التوسعية التي لا تعترف بمعاهدات أو مواثيق، وعلى الحكومة الأردنية إعادة النظر بأي اتفاق مع العدو الغاصب”.
مقاومة غير مسبوقة
وفي كلمته أعرب السياسي ورجل الأعمال ظاهر العمرو عن تفاؤله بمستقبل القضية الفلسطينية والقدس في مقدمتها، “فلأول مرة نشهد ضعفاً في الكيان المغتصب نتيجة سياسات رئيس وزرائه نتنياهو في تحجيم القضاء للهروب من السجن التي ستؤدي إلى دكتاتورية وليس كما يراها العالم الغربي ادعاء الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط”.
وقال: “إن اغتيال شهيدة الحق والحقيقة شيرين أبو عاقلة كشف العقلية الدموية للإحتلال، فلم تسلم من رصاصاته حتى من تحمل الميكروفون في محاولة لإخفاء الحقيقة وممارساته ضد شعبنا”.
وأضاف العمرو قائلاً: “إن فلسطين تشهد مقاومة غير مسبوقة وبلغة لا يفهم غيرها المحتل… الرصاصة مقابل الرصاصة.. كما أن صمود المقاومة في غزة وإغراق المحتل بالصواريخ دفع نتنياهو لطلب وساطة لوقف إطلاق النار.. إن القضية الفلسطينية أقرب إلى النصر”.
وأوضح ظاهر العمرو أسباب تفاؤله مشيراً إلى أن الكيان الصهيوني كان يرتب لتحالف عربي ضد إيران، لكن مخططات مسؤوليه أخفقت من خلال التقارب بين السعودية وإيران، كما أن الحرب الأوكرانية قلبت الموازين العالمية وأبرزت 3 قوى عالمية هي روسيا والصين والولايات المتحدة في مرحلة تشهد تراجع تأثير أميركا، والكيان الصهيوني في هبوط جراء الانقسامات الداخلية التي يمكن أن تقود لحرب داخلية، وفق تعبيره.
4 رسائل
وقبل اختتام المهرجان، وجّه النائب في البرلمان الأردني الأسبق الدكتور محمد أحمد الحاج رئيس جمعية جنين الخيرية في الضفة الغربية المحتلة رسائل، مفادها أن القدس عربية إسلامية وليس للإسرائيليين أي حق تاريخي أو ديني، وعندما تحررت في الفتوحات الإسلامية لم يكن لليهود وجود فيها ومن شروط سكانها الأصليين وفق العهدة العمرية ألا يسمح لليهود بالسكن فيها.
ودعا الحاج كل إنسان يستطيع الوصول للقدس دعماً لأهلها وصمودهم بغض النظر عن تأشيرة الدخول، “زيارة السجين لا تعني الإعتراف بالسجان”.
وخارج برنامج المهرجان لبّى عريف جمال مرعي رغبة رجل الدين المسيحي الأب صموئيل أبو جابر، فأنشد إحدى قصائده لفلسطين.
وفي ختام المهرجان تم تقديم دروع تكريمية للمتحدثين وهيئات مالية وتأمينية، إضافة للفنانة عايدة الأمريكاني وقائد الفرقة الموسيقية عبد الحليم الخطيب ومخرج المهرجان محمد دراّج وعريفه جمال مرعي.
للقدس عشق
ووفق ما قالته عايدة الأمريكاني: إن أهمية المهرجان تأتي من مخططات المرحلة الحرجة التي يعيشها الشعب الفلسطيني الباسل، حيث تتصاعد يومياً الهجمة الشرسة على حقوقه ومقدساته الإسلامية والمسيحية من قبل الإحتلال.
وقالت: “للقدس عشق لا يعرفه سوى المتيّمون بها وأنا واحدة منهم.. أسخّر فكري وفني وأفديها لتبقى ترنيمة عز وكرامة ومهوى النفوس والقلوب في محراب الوطن التي طال انتظاره للحرية”.
وأوضحت أن الفعالية الوطنية تأتي وسط ذكرى نكسة يونيو/حزيران 1967 لتنشيط الذاكرة واستنهاض الضمائر الحية لدى أحرار العالم للوقوف إلى جانب الحق المسلوب والدعوة للقصاص من الجناة والسعي بكل الوسائل لتحرير أرضنا من المحتل الإسرائيلي، “فليس معقولا أن تبقى أمتنا أسيرة ليوم طيلة 57 عاماً.. الأرض تنادي أهلها”.
وحسب الأمريكاني فإن القصائد المغناة تحمل صوت الوطن لعشاقه وتضيء مجددا شعلة المقاومة التي أوقدها شعراء نذروا نتاجهم الإبداعي لتبقى فلسطين في الذاكرة وحلم التحرير والعودة لا يغيب.
توفيق عابد