محمد حسين اميدى
الوفاق/ خاص
التاريخ الحافل بالأحداث للثورة الإسلامية المجيدة مليء بالخيانات وجرائم منظمة مجاهدي خلق التي تسمى حقاً بمنظمة المنافقين. لم يمر يوم واحد على هذه الثورة العظيمة إلاّ وواجهت عملاً مشيناً من قبل الفرقة التي تدعی زوراً المطالبة بحقوق للشعب. لقد فعلت هذه المنظمة كل شيء وكل جريمة لإضعاف الثورة. اغتالوا شخصيات عامة ومؤثرين في الثورة والنظام. فجروا عبوات ناسفة في أماكن عامة، بما في ذلك أماكن صلاة الجمعة. حتى النساء والأطفال تعرضوا لهجمات مسلحة منهم. ودُمرت المراكز الثقافية والاقتصادية العائدة للشعب ومعداتها ومنشآتها. هم حاولوا بكل الأشكال خلق عقبات في طريق تقدم الثورة، وعقدوا صداقات مع العدو الحاقِد الذي احتل جزءًا كبيرًا من الوطن الإسلامي وارتكب أفظع الجرائم بحق هذا الوطن وهذه الأمة، تنكروا في صفوف العدو ووقفوا في وجه أمتهم وقاموا بتنفيذ أكثر المهمات الوحشية لصالح العدو واستمروا بخيانتهم إلى انتهاء الحرب المفروضة على الجمهورية الإسلامية. واستمروا بخيانتهم وإجرامهم بعد الحرب، فهم لم يمتنعوا بأموال العدو وسلاحه، عن ارتكاب أي جريمة بحق الشعب الإيراني، ومن أفظع ما قاموا به وتنفيذاً لقرارات أسياد الإرهاب في العالم وأجهزة التجسس في أمريكا وبريطانيا والكيان الصهيوني، وفي أقدس زمان ومكان، فجر هؤلاء الإرهابيين ظهيرة اليوم العاشر من شهر محرم الحرام قنبلة في مرقد من المراقد الآمنة لأل بیت رسول الله (ص)، مّا تسبب في إصابة الزوار والمصلين بإصاباتِ بالغة واستشهد البعض منهم، والذي كان ذنبهم الوحيد عبادة الله وزيارة حرم الولاية.
الانفجار الكبير واستشهاد العشاق
في الساعة الثانية والنصف تقريباً من يوم الإثنين 20 يونيو/حزيران م 1994 والذي صادف يوم العاشر من المحرم 1415 هـ، هز الحرم انفجار ضخم، في حين كانت ساحات الحرم الرضوي تفيض بالعشاق وتغص بالزوار الذين قدموا لإحياء ذكرى العاشر من محرم الحرام .
انفجرت القنبلة في مكان يقع في الجزء العلوي من الضريح، تدمر كل شيء وأثير ذعر الزوار، بسبب شدة الانفجار الذي يعادل بحسب الخبراء المختصين عشرة أرطال من المتفجرات تي إن تي. تناثرت أشلاء من أجساد الزوار ، وانتشرت في كل مكان، حتى على سطح الضريح والمقام المقدس، ملأت رائحة الدم والدخان أجواء المقام الرضوي، الانفجار أحرق عدداً كبيراً من نسخ القرآن كما تحطمت المصابيح في مكان الحادث. هرع خدام العتبة الرضوية الموجودين في الضريح المطهر لمساعدة الناس وإنقاذ الجرحى، وتوجيه الناس للخروج خارج الضريح المطهر. تسببت الظروف الخاصة التي أعقبت الانفجار في إغلاق أبواب المقام، إذ لم يُسمح بالدخول إلا في ساعات الصباح الأولى للمسؤولين وخدم المقام ..
عرف سكان مدينة مشهد وخاصة ًالذين تقع منازلهم بالمحاذاة مع المقام بالخبر، فهرع الجميع للمقام المقدس، وهم مصدومين من هول الخبر، لم يتوقع أحد حصول مثل هذه الحادثة في مدينتهم الآمنة بالأخص في مرقد الإمام (ع)، وكان الجميع يفكر فيما يجب عليهم فعله وما يمكنهم فعله في تلك اللحظات الصعبة. اندفع الناس للمساعدة، نقلوا الجرحى وجثامين الشهداء من ساحات الثورة الإسلامية وأزادي في الحرم إلى مستشفيات مشهد بسياراتهم الخاصة وبسيارات الإسعاف.
آلام الخدام الرضوي القاسية
خلا الضريح المقدس والأروقة المحيطة بالساحات من عامة الناس بعد الحادث، لكن الحشد الكبير وراء الأبواب المغلقة كان يحصي الدقائق بفارغ الصبر لإعادة فتح مرقد الإمام الرضا(ع). لذلك، وبعد الحادث بوقتٍ قصير، بدأ العمل في تجهيز الأروقة والضريح لإعادة الافتتاح أمام الزوار. كان الجزء الأكثر ألمًا في العمل هو جمع وتنظيف الضريح المقدس من أشلاء الشهداء والجرحى. بذل الخدم جهداً كبيراً لإنجاز الأعمال جميعها في الليلة نفسها، وغُسل الضريح المقدس، وفي صباح اليوم التالي افتتح المقام الشريف سادن العتبة الرضوية ومندوب الولي الفقيه، وعاد المقام الملجأ الدائم للشعب.
كانت حصيلة العملية الإجرامية وحقد المنافقين سبعة وعشرون شهيداً، وثلاثمائة جريح فقد البعض منهم أجزاء من أجسادهم، خاصةً أيديهم وأرجلهم، لقد أصابت العملية الإجرامية كل الزوار من كل الطبقات والأعمار، فكان هناك الرجل والعجوز والإمرأة والطفل. باختصار، لقد تحولت حادثة التفجير في مدينة مشهد المقدسة والضريح الرضوي الشريف إلى عاشوراء ثانية لا تُنسى في التاريخ، بعد عاشوراء الإمام الحسين (ع). تسبب الانفجار فى إحداث أضرار في المقام . لكن بأعجوبة، كان مقدار الضرر ضئيلًا، تضرر بلاط الضريح الدقيق والفني الذي يبلغ عمره 800 عام ولكن تم ترميمها بسرعة.
إعلان المنافقين مسؤوليتهم عن العملية الإرهابية
أعلن المنافقون مسؤوليتهم عن إنفجار القنبلة في حرم الإمام الرضا (ع) . اتصل شخص مجهول، مقدماً نفسه على أنه المتحدث الرسمي باسم جماعة المنافقين الإرهابية، بوكالة الأنباء للجمهورية الإسلامية (ارنا) في مدينة مشهد المقدسة، معلناً مسؤوليته عن الحادثة.
كشف سر جوهرة خاتم الشهيد الحاج قاسم
الجدير بالذكر أن الشهيد الحاج قاسم سليماني كشف سر خاتمه في إحدى خطاباته وقال: “خاتمي من زجاج مرقد الإمام الرضا (ع) الذي خلفه انفجار خرداد/ مایو “1994.
بيان السيد القائد حول انتهاك حرمة مقام الإمام الرضا (ع):
قال السيد القائد في بيانٍ له حول الحادثة:” تلقينا ببالغ الحزن والأسى ما اقترفته أيادي مجرمي أعداء الإسلام من جريمةٍ كبرى وانتهاك الضريح الرضوي الطاهر والمقدس وسفك دماء عدد من الزوار المظلومين في مرقد الإمام الثامن(ع) في يوم عاشوراء الحسيني، يظهر الأعداء المنافقون والقساة بهذا الفعل أنهم لا يلتزمون بأي من المعايير الإنسانية وأنّ عداوتهم مع الشعب الغيور والمؤمن لا حدود لها. يظهر المنافقون عديمي البصيرة والخائنون أنهم لا يحترمون حرم أهل البيت والعصمة(ع) ولا يمنعهم أي تاريخ أومكان مقدس عن إراقة دماء الشعب الإيراني فيه. لعنة الله على هؤلاء المجرمين أصحاب القلوب السوداء. يثبت أعداء الأمة الإيرانية عجزهم بمثل هذه الأعمال وعلى أنهم محكوم عليهم بالزوال والفناء. في هذه الحادثة نُقدم العزاء إلى حضرة ولي الله الأعظم (عج)، وإلى العائلات التي فقدت أحبائها نتيجة خبث الأعداء وجرائمهم، ولشعب إيران الإسلامية الشجاعة والعظيمة، سائلاً أعلى الدرجات لهؤلاء الشهداء ، وأتمنى من المسؤولين وقوات الشرطة البحث بجدية عن مرتكبي الجريمة وتقديم هؤلاء الخفافيش المتعطشة للدماء للعدالة في أسرع وقتٍ ممكن.
ختاماً أظهر هؤلاء المنافقون القساة بجريمتهم البشعة للغاية أنهم لا يلتزمون بأي مبادئ ومعايير إلهية أو بشرية، ولا يعرفون حدودًا في عداوتهم وصراعهم مع شعب إيران المسلم المؤمن ، أثبت فعلهم الشنيع هذا أنهم لا يراعون قدسية وحرمة لمعتقدات ومقدسات الشعب الإيراني. حفرت الحادثة في ذاكرة الشعب الايراني، اجتمع الجميع في الحرم رجالاً ونساءً، كباراً وصغاراً، في حالة حداد وحزن، وفي الوقت نفسه يشتعل في نفوسهم غضب شديد من فعل المنافقين، دخلوا الضريح، معبرين بحالتهم هذه عن إخلاصهم للعتبة السامية والمقدسة للإمام علي بن موسى الرضا (ع)، معلنين غضبهم للمرتزقة الذين باعوا وطنهم وأهلهم للأجانب.