كيف تتقن فن التَّفاوض؟

تتمثل إحدى تمرينات الإحماء قبل التَّفاوض في تسخير تجارب الماضي الإيجابية لمصلحتك؛ لذا دعونا نجرِّب هذا، أحضر ورقة وقلماً، واكتب بضع جمل عن الوقت الذي شعرت فيه بالقوة؛ كيف تشعر الآن

2023-07-01

هل تنظر إلى عملية التَّفاوض بوصفها شرَّاً لا بدَّ منه أم تحدٍّ ممتع؟ لقد حان الوقت للاستمتاع بعملية التَّفاوض، فيمكنك النجاح في عملية التَّفاوض إذا امتلكت الأدوات المناسبة والعقلية الصحيحة.
لمَ عليك إتقان فن التَّفاوض؟

جميعنا بارعون بالتَّفاوض بالفطرة، حتى لو كنا لا ندرك ذلك، فسواء كنت تريد شراء سيارة أم الحصول على ترقية في العمل أم البحث عن بعض الصفقات المناسبة، فأنت دائماً تحاول أن تحظى بأفضل صفقة ممكنة، ولكن لا يجيد معظمنا التَّفاوض.

نشعر بالفضول حيال موهبة بعض الأشخاص في الحصول على ما يريدون، بينما لا يحالف الحظ بعضهم الآخر؛ لذلك لقد جمعنا أفضل الأبحاث عن استراتيجيات التَّفاوض لمعرفة رأي العلم في ذلك، ومن خلال قراءتك لهذا المقال، ستتمكن من الفوز بكل صفقة.
هل تعتقد حقاً أنَّك تستطيع تطوير مهاراتك في التَّفاوض؟

هذا السؤال هام للغاية، إذ يجب أن تكون إجابتك “نعم” بلا تردد؛ لماذا؟ من خلال قراءتك لهذا المقال ستكون في طريقك لتصبح مفاوضاً رائعاً، فقد وجد الباحثون في جامعة كاليفورنيا بيركلي (University of California Berkeley) أنَّ الأشخاص الذين يعتقدون أنَّ مهاراتهم التَّفاوضية يمكن أن تتحسن بمرور الوقت والتعلُّم أكثر نجاحاً من أولئك الذين يعتقدون أنَّ مهارات التَّفاوض تستند إلى سمات شخصية ثابتة.

خلاصة الأمر، إذا كنت تعتقد أنَّك تستطيع تطوير مهاراتك في التَّفاوض، فمن المرجح أنَّك ستنجح في ذلك.

إذا كنت شخصاً خجولاً أو غير اجتماعي وتعتقد أنَّك لن تصبح مفاوضاً بارعاً على الإطلاق، فمن الممكن أن يتحقق هذا بالفعل، وفي المقابل، إذا كنت تعتقد أنَّك تستطيع التطور وقضاء الوقت في قراءة مقالات مشابهة لهذا والتقيُّد في تنفيذ النصائح المذكورة، ستتمكن من إتقان فن المفاوضات؛ الأمر بهذه البساطة.

خطوات عملية: أتريد رفع معنوياتك؟ قد تحتاج إلى بعض تمرينات الإحماء، فهي عادة يمارسها الفنانون أو الرياضيون لتحسين أدائهم وتصفية ذهنهم والتخلص من التوتر، وتمرينات الإحماء تتناسب للغاية مع المواقف التي تتسبب في كثيرٍ من الإجهاد أو التوتر أو القلق، وبالنسبة إلى معظمنا، تندرج المفاوضات ضمن هذه الفئة من المواقف.

تتمثل إحدى تمرينات الإحماء قبل التَّفاوض في تسخير تجارب الماضي الإيجابية لمصلحتك؛ لذا دعونا نجرِّب هذا، أحضر ورقة وقلماً، واكتب بضع جمل عن الوقت الذي شعرت فيه بالقوة؛ كيف تشعر الآن؟

فيما يلي إثباتات علمية لمساعدتك على إتقان فن التَّفاوض:
1. كن حازماً:

إلى أي مدى أنت حازم في المفاوضات؟ تُظهِر الأبحاث أنَّك ربما لا تستطيع الإجابة عن هذا السؤال، فقد وجدت دراسة أجرتها كلية كولومبيا للأعمال (Columbia Business School) أنَّ “التحدِّي المتمثل في التَّفاوض يزداد صعوبة بسبب حقيقة أنَّ الناس غالباً لا يعلمون كيف ينظر الآخرون إلى إصرارهم”.

سواء كنت تبدو شديد الحزم أم متساهلاً، يُخيل لك في الغالب أنَّك عكس ما تبدو عليه، وأسهل طريقة للتغلب على ذلك هي ممارسة التَّفاوض مع الأشخاص المقربين منك، ثم طلب التغذية الراجعة منهم، بالطبع قد يبدو ذلك مخيفاً، ولكنَّه عامل جوهري يساعدك على إتقان فن المفاوضة.

على سبيل المثال، حاول التَّفاوض مع أصدقائك لاختيار المسؤول عن تنظيم إجازتك المقبلة، أو اجعل شخصاً ما يستمع إليك تتفاوض هاتفياً للحصول على صفقة أفضل للاشتراك بالإنترنت؛ الهدف من ذلك هو معرفة ما إن كنت لحوحاً أم لا، إضافةً إلى ذلك تأكد من أنَّ الأشخاص الذين تسألهم صادقون.

2. اعرض خدمة مُقدَّماً:

أظهرت دراسة أجرتها جامعة سانتا كلارا (Santa Clara University) أنَّ الأشخاص الذين تلقوا مساعدة لم يطلبوها كانوا يميلون لمساعدة الشخص الذي قدمها لهم أكثر من الأشخاص الذين لم تُقدَّم لهم المساعدة.

يُظهر تحليل العديد من الدراسات أنَّ الناس يميلون للمعاملة بالمثل، فإذا أعطاك شخص ما شيئاً، فأنت تشعر أنَّ عليك منحه شيئاً ما في المقابل، ويدل هذا على أنَّ إحدى الطرائق الأكثر فاعلية للحصول على ما تريد – إن كنت تريد زيادة على الراتب أو ترقية على سبيل المثال – هي تقديم خدمة لرب عملك قبل التقدم بطلبك، وبهذه الطريقة، سيشعر أنَّه مجبر على مساعدتك.

مثال: لنفترض أنَّك تريد التَّفاوض بشأن ساعات عملك حتى تتمكن من قضاء مزيدٍ من الوقت مع أطفالك، سوف يتعيَّن عليك، قبل مقابلة رب عملك، بذل قصارى جهدك لمساعدته على القيام بأشياء لا تتعلق بمهامك الوظيفية، وهو سيتذكر تلك الجهود في أثناء تفاوضك معه ممَّا سيدفعه لمساعدتك في المقابل.

3. اختر يوماً ملائماً للتفاوض:

ربما يكون الطقس هو آخر شيء تفكر فيه عند الاستعداد للمفاوضات، ولكنَّه من الممكن أن يؤدي دوراً جوهرياً في نجاحك، فقد حلل باحثون في جامعة “ساوثيرن بريتاني” (Southern Brittany University) العديد من الدراسات المتعلقة بالطقس وتأثيره في المزاج، ووجدوا أنَّ الناس يصبحون أكثر كرماً في الأيام المشمسة.

مثال: لنفترض أنَّك بحاجة إلى شراء معدات جديدة، ولأنَّها باهظة الثمن؛ فأنت تخطط للتفاوض للحصول على أفضل صفقة ممكنة؛ لذا اذهب للتسوق في يوم مشمس ولطيف، فمن المحتمل أن تكون أنت ومندوب المبيعات في حالة مزاجية جيدة، ومن شأن هذه الظروف الإيجابية أن تلهمه لمنحك صفقة لم تكن تتوقعها حتى.

خطوة عملية: إن كان بإمكانك اختيار موعد التَّفاوض، اختر القيام بذلك في الأيام ذات الطقس اللطيف.
4. قدِّم الطعام أولاً ثم ابدأ بالتَّفاوض:

قد يبدو هذا غريباً، لكنَّه هام للغاية، فيظن معظم الناس أنَّ المفاوضات تبدأ بمجرد دخولهم إلى مكتب رب عملهم أو في يوم التَّفاوض، ولكن في الواقع، يمكن أن تبدأ المفاوضات قبل ذلك بوقت طويل، من خلال القيام ببعض النشاطات التي تسبق عملية بناء الألفة.

توصَّلت معظم الدراسات إلى أنَّ مشاركة وجبة خفيفة قبل التَّفاوض، تجعل الناس يشعرون بمزيد من الألفة، إليك بعض الحقائق:

في بحث يُدعى “هل يجب أن تأكل في أثناء التَّفاوض؟” درست الباحثة “لاكشمي بالاتشاندرا” (Lakshmi Balachandra) مجموعة مكونة من 132 طالب ماجستير في إدارة الأعمال من خلال المفاوضات، ووجدت أنَّ الطلاب الذين تناولوا وجبة معاً في أثناء التَّفاوض، إما في مطعم أو في غرفة الاجتماعات، قد حققوا أرباحاً متزايدة بشكل ملحوظ مقارنة بأولئك الذين تفاوضوا دون تناول الطعام معاً، وتشير النتائج التي توصلت إليها إلى أنَّ “تناول الطعام في أثناء اتخاذ قرارات هامة يوفر فوائد مربحة وملحوظة من خلال المناقشات المثمرة للطرفين”.
في بحث “وصفة للصداقة: الاستهلاك الغذائي المتشابه يعزز الثقة والتعاون”، وجد الباحثون أنَّ تناول الطعام ذاته من شأنه أن يدفع الشركاء إلى التعاون بشكل أكبر.
بالنظر إلى طبيعة مفاوضاتك، هل هي مفاوضات تنافسية (كالتَّفاوض على فرصة عمل) أم تعاونية (كالتَّفاوض على مكان قضاء الإجازة مع الأصدقاء)؟ وجد الباحثان مارغريت نيل (Margaret Neale) وطالب الدكتوراه بيتر بيلمي (Peter Belmi) أنَّ مشاركة الطعام تساعد على إنشاء صفقات قيِّمة في المفاوضات التنافسية، “ولكن في المواقف التعاونية، كالتي بين الأصدقاء، فإنَّ مشاركة الوجبة تقلل من القيمة الإجمالية للصفقة”.\
5. حدِّد نيتك بوضوح:

كما ذكرنا في النصيحة رقم 1، يمكن للمفاوضات أن تسبب كثيراً من التوتر والقلق، فإذا كنت قلقاً بشأن فقدان السيطرة في أثناء مفاوضاتك القادمة، فلا بد من تحديد نية واضحة مسبقة لاجتماعك.

إليك هذه النصيحة من كتاب “كيفية التغلب على مخاوفك” (Fight Your Fear and Win) للكاتب “دون غريني” (Don Greene).

لتحديد نية لمفاوضاتك، عليك اختيار دافع يتناسب مع أهدافك، فما هي تطلعاتك المتعلقة بهذا التَّفاوض؟ ما هو هدفك الرئيس؟ إلى ماذا تطمح من هذا التَّفاوض؟

فكر ملياً في هذا قبل التَّفاوض بمجرد تحديد نيتك، في أثناء ذهابك للعمل وبينما تنظف أسنانك وحتى قبل الخلود إلى النوم، وأهم ما في الأمر هو أنَّ تحديد نية معيَّنة سيمحو أو يكبت مؤقتاً أفكارك السلبية وشعورك بالقلق، وعادة ما تكون النية الجيدة بسيطة وسهلة التذكُّر.

على سبيل المثال “إبرام صفقة مع عميل والإصرار على المبلغ الذي حددته”، أو “الحصول على زيادة على الراتب بنسبة 20%”.

مثال: تغلَّب على قلقك من التَّفاوض من خلال تحديد نيتك، فمن الهام للغاية تحديد نية إيجابية، ومن المحبَّذ تجنُّب الأفكار السلبية، على سبيل المثال، بدلاً من أن تقول: “إياك أن تفشل” قل: “ابق واثقاً”، واكتب ذلك على ورقة ورددها باستمرار.
6. سخِّر لغة جسدك في أثناء التَّفاوض:

هذه واحدة من أهم نصائح التَّفاوض، وغالباً ما يفكر الناس قبل التَّفاوض فيما يريدون قوله عوضاً عن التفكير بطريقة التعبير عما يريدون قوله، فمن الضروري التفكير بلغة جسدك للتأكد من توافق أفعالك اللفظية وغير اللفظية وإيصال أفكارك ورغباتك بوضوح وفاعلية.

إن كنت تتفاوض على فرصة عمل مع عدة شركات في الوقت ذاته وتستخدم عدة طرائق مختلفة للتفاوض على الراتب، فإنَّ إرسالك لإشارات هادفة مستخدماً لغة الجسد هو أفضل شيء يمكنك القيام به.