خلال جلسة ثقافية في طهران:

الكتابة والترجمة… جسر للتبادل الثقافي المعرفي بين ايران ودول العالم

خاص الوفاق: قامت مؤسسة "تماس الأدبية" في العاصمة الإيرانية طهران بنشاط ثقافي مميز جمع بين الناشرين والمترجمين من مختلف ارجاء البلاد سعياً منها لنقل العلوم والمعارف والفنون والآداب والعادات والتقاليد المختلفة للشعوب.

2023-07-08

أمل محمد شبيب

بما أن الثقافة رابط مهم بين الحضارات المختلفة وباتت اليوم أهم عنصر في التبادل الثقافي بين الشعوب وثقافتها المنوعة، قامت مؤسسة “تماس الأدبية” في العاصمة الإيرانية طهران بنشاط ثقافي مميز جمع بين الناشرين والمترجمين من مختلف ارجاء البلاد سعياً منها لنقل العلوم والمعارف والفنون والآداب والعادات والتقاليد المختلفة للشعوب من خلال التعرف على أعمال العديد من الكتاب والمترجمين الذين شاركوا في هذا النشاط الحافل. في قاعة كبيرة في مركزها الثقافي دعت مؤسسة تماس الكتّاب والمؤلفين والمترجمين الى جلسة تعارف خاصة، استعرضت خلالها أهمية العمل الثقافي وترجمته ونشره بين بلدان العالم، وحضر خلال الجلسة مجموعة من أهم الكتاب والمترجمين في ايران، استعرضوا فنون الكتابة والترجمة والنشر بين اللغات كجسر يمتدّ ويلفّ دول العالم ليكون حلقة للتواصل البشري بين مختلف الشعوب لنقل المعرفة نظراً لأهمية إيصال الرسائل الشفهية والمكتوبة بين مختلف الشعوب.

 

مؤسسة “تماس” الأدبية واحة للمعرفة والثقافة
مؤسسة “تماس الأدبية” في ايران هي وكالة أو مؤسسة تعنى بالشؤون الأدبية والترجمات في ميادين الأدب الفارسي، لا سيما الأدب المعاصر بين ايرن ودول العالم، وتهدف الى نقل المعرفة والتفاعل مع الآخرين من خلال المشاركات بالكتب والقصص المترجمة الى لغات مختلفة، ايماناً منها بأن الثقافة وترجمة ونقل الثاقافات تساهم بشكل فعّال جداً في بناء الحضارات، ذلك أن اللغة اليوم لم تعد حاجزاً أمام التعرف على ثقافات الشعوب بعد تطور الترجمة ووصولها الى أرقى المراحل العملية، كما تعنى مؤسسة تماس بإختيار المضامين والمحتويات التي تناسب الثقافات الإسلامية والعالمية من خلال مجموعة من المشرفين الثقافيين والأدبيين، ويبلغ عدد الناشرين أكثر من 50 ناشراً ايرانياً وأكثر من 30 ناشراً غير ايراني يتوزعون على مختلف دول العالم، وتم ترجمة أكثر من 100 كتاب فارسي خارج الجمهورية الإسلامية الإيرانية، كما تم ترجمة أكثر من 200 كتاب اجنبي الى اللغة الفارسية في ايران مع مراعاة حقوق النشر والتأليف.

جولتنا في الجلسة بدأت بالتعرف على المعروضات المختلفة، فداخل القاعة الكبيرة توزّعت العشرات من الكتب والروايات والأدبيات وقصص الأطفال باللغات العالمية المختلفة على الطاولات والرفوف في مشهد وصورة جمع أسماء كتّاب وكاتبات ومترجمين ومترجمات عالميين، تشهد لهم أعمالهم بأنهم دخلوا عالم المعرفة من خلال هذه الأعمال الرائدة التي تُخلّد أدبهم وأسماءهم وحضورهم وإن لم نكن نعرف وجوههم.

 

 

قصة الفتح…الشهيد مرتضى آويني حاضر لم يغب
من ادب الدفاع المقدس بدأنا اللقاء حيث حضرت زوجة شهيد الدفاع المقدس مرتصى آويني وكتبه المترجمة الى لغات مختلفة ومنها اللغة العربية، حيث زيّنت “قصة الفتح” مجموعة الكتب المختلفة التي تم عرضها بطريقة جميلة، وحول قصة الفتح قالت السيدة مريم آويني بأن الكتب الخاصة بالشهيد مرتضى تدور حول جبهة الدفاع المقدس، لا سيما قصة الفتح التي تجمع بين القراءة التاريخية والفلسفية وبين دراما الإنسان والعرفان الإسلامي وبين العبرة والعظة وبين التأمل والتحليل، كما تحدثت السيدة مريم بلسان زوجها الشهيد مرتضى الذي كان يرى أن الحياة والجهاد واجب اساس عند الإنسان، كما أن الشهداء لا يموتون بل هم أحياء بيننا، وهذه القصص ولا سيما قصة الفتح هي خير دليل على أن الشهداء أحياء، والشهيد مرتضى اليوم بيننا من خلال كلماته وكتاباته ومن خلال كل هذه الأوراق التي تحمل فكره وفلسفته وأفكاره التي باتت اليوم تنتقل من جيل الى جيل ومن بلد الى بلد، وهي مترجمة الى اللغة العربية وتُوزّع في مختلف الدول باللغتين العربية والفارسية.

 


وبالإشارة الى كتاب “قصة الفتح” فهي من الكتب التي شدّد ونصح قائد الثورة الإسلامية الإيرانية السيد علي الخامنئي بقراءتها والتأمل فيها لأنها تحمل في مضامينها قيماً وأبعاداً فكرية وعرفانية مهمة.

 

الكاتبة الفرنسية جوبرت: قصص الأطفال تحاكي الفطرة السليمة للطفل
ولأدب الأطفال نصيب ايضاً من الثقافة والترجمة، وفي هذا القسم حضرت الكاتبة الفرنسية جوبرت الجلسة، وهي من أصل فرنسي اعتنقت الإسلام منذ أربعين عاماً وجاءت الى ايران لتكمل هدفها الإنساني السامي، بعدما وجدت في الجمهورية الإسلامية الملجأ الآمن لديانتها الإسلامية الجديدة ومعتقداتها وقيمها التي بحثت عنها حتى وجدتها في الإسلام، وبدأت تعمل على ترسيخ هذه القيم ونشرها من خلال مجموعاتها الأدبية الخاصة بالأطفال وترجمتها الى لغات مختلفة كالعربية وغيرها، وترى جوبرت بأن أدب الأدب وكتابة القصص لفئة الأطفال لا تقل أهمية عن كتابة الروايات او غيرها من الكتب، فهي برأيها ان الطفل هذه الفطرة السليمة والجديدة يجب أن نغرس فيها القيم والأسس التربوية ضمن إطارها الإنساني العام، لأن القصص هي التي تبني خيال الطفل وتنقله الى عالمه الخاص من الخيال وتشكل أساسا مهما لتلقي المعرفة وتطوير عالمه الذهني والمعرفي ايضاً، كما أضافت بأنها تسعى دائماً الى متابعة كل ما هو جديد في عالم الطفولة لترتقي بأدب الأطفال الى اعلى مستوياته، فالطفولة اليوم مسؤولية المجتمع والمدرسة والكاتب ايضاً، كما شكرت التعاون الخاص الذي تبذله مؤسسة “تماس” في التعرف على الثقافات المختلفة من خلال ترجمة ونشر هذه الأعمال الثقافية المختلفة.

 


الدكتور محمد مهدي شريعتمدار:  كتاب إن مع الصبر نصراً قيمة ثقافية خاصة

من جهته، أكّد المستشار الثقافي السابق في السفارة الإيرانية في لبنان الدكتور محمد مهدي شريعمدار الذي شارك في هذه الجلسة بأن ما تقوم به مؤسسة “تماس” الحاضرة حاضر بقوة اليوم على ساحة الترجمة والنشر وهو يشكل نقلة نوعية في عالم الثقافة والمعرفة اليوم، ذلك لأن الترجمة تحتاج الى تقنيات ثقافية خاصة، ولم يعد هدف الترجمة يقتصر فقط على ترجمة كلمة أو جملة كما كان في السابق، بل أصبح اليوم يحاكي أصول اللغة والثقافة المستهدفة، والبحث عن إمكانية نقل الثقافة التي يحملها الكتاب أو القصة أو اي منشور الى لغات أخرى مع المحافظة على القيم الموجودة في النص الأساس واللغة الأساس، وهو اقتباس ثقافي مهم لان حتى في الترجمات المختلفة على المترجم أن يراعي  لميثولوجيا والمعتقدات الشعبية وكل الخلفيات التاريخية والسياسية والدينية للنص الأصلي، كما أن الترجمة اليوم باتت تخضع لقوانين الترجمة الخاصة، كما تحدث خلال اللقاء الذي أجرته معه جريدة الوفاق حول تجربته في تنقيح كتاب “إن مع الصبر نصرا” وهو كتاب ذكريات قائد الثورة الإسلامية السيد علي الخامنئي (دام ظلّه) باللغة العربية متحدثاً عن هذا النموذج الجميل من الكتب التي تحمل محطات جميلة ومهمة جداً من حياة قائد الثورة الإسلامية خلال مسيرة حياته المختلفة من الطفولة حتى الدراسة والعمل الجهادي والدفاعي المقدس، كما تحدث شريعتمدار عن أهمية ترجمة أهم الكتب الفارسية الى اللغات مختلفة كأشعار سعدي وحافظ وخيام وغيرهم، وكيف لاقت ترجمة هذه الكتب والأشعار رواجاً وإهتماماً كبيراً ومميزاً عند الشعوب الأخرى.

 


مدير مؤسسة “تماس”: قصص الأنبياء للأطفال اسلوب ادبي فريد
وخلال الجلسة تحدث مدير مؤسسة “تماس” بيغ محمدي عن أهمية هذا اللقاء الثقافي المعرفي ودوره في تقصير المسافات المعرفية بين الدول من خلال ترجمة ونشر الأعمال الثقافية بكافة أنواعها وميادينها الى لغات عالمية عدّة، مشيراً الى مجموعة من الأعمال الأدبية الخاصة بمرحلة الطفولة متحدثاً عن أهم اربع قصص معروضة تحكي قصص الأنبياء ضمن اسلوب ادبي للأطفال تناسب مرحلة الطفولة وقصة “النبي والأرض”  و “النبي والسحابة” و”النبي والأرضة” وقصة “لينالونا” وهي قصص مختلفة تقدّم فكرة الأنبياء بإسلوب تاريخي مبسّط للأطفال وتم ترجمة هذه القصص الأربع الى لغات عالمية مختلفة، وتم نشرها وتوزيعها في لبنان والكويت والبحرين وغيرها من الدول.

ختام الجولة…
ساعات عديدة تم التعرّف خلالها على انواع وميادين مختلفة من ميادين العلم والأدب والثقافة قضيناها خلال هذه الجلسة بين نخبة من المثقفين والكتّاب، حمل كل منهم تجربته ونقلها لنا بإسلوبه الخاص والفريد، ولم تكن كافية كل هذه الساعات لنقل تجربة أعداداً كبيرة من الكتب المترجمة، لكنها ربما كانت كافية لنتعرف على وجوه أدبية ثقافية ايرانية مختلفة.
وعلى هامش هذه الجلسة الثقافية التي جمعت مختلف أنواع الأدب والكتب، أجرينا مجموعة من اللقاءات الخاصة مع الكتاب والمترجمين والناشرين، سنوافيكم فيها خلال الأيام القادمة.