تركيا تبتزّ الناتو.. تنفيذ الشروط مقابل عضوية السويد

2023-07-10

الوفاق/وكالات- تتصدّر السويد منذ اتخاذها قرار الانضمام إلى حلف الناتو، بعد اندلاع الحرب الروسية على أوكرانيا، نشرات الأخبار ودراسات مراكز الأبحاث وتحليلات المختصين. فهي متهمة من جانب تركيا بفتح أراضيها ومؤسساتها أمام حزب العمال الكردستاني وواجهاته المختلفة، خاصة السورية منها. كما تعيش السويد تحت وقع الإدانات، والدعوات المطالبة بمقاطعتها تجاريا، وذلك بسبب منح سلطاتها المختصة تصاريح تسمح لأصحابها بإحراق نسخ من المصحف الكريم في أماكن وأوقات محددة، يُستنتج من اختيارها بأن هدف هؤلاء هو الإثارة والتحريض، وإحداث البلبلة والفتن، وليس التعبير عن الرأي بحرية كما يدّعون، جملة هذه التطورات بالإضافة الى قضية المقاتلات الأمريكية التي ترفض واشنطن بيعها الى أنقرة تتربع على رأس دوافع تركيا في إطار رفضها لإنضمام السويد للناتو.

*سياسة الباب المفتوح

في ظلّ هذه التطورات، ووسط مساعي حثيثة تواصلها ستوكهولم وحلفائها الغربيين، إلتقى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الاثنين رئيس الوزراء السويدي أولف كريسترسون في العاصمة الليتوانية فيلنيوس، أجرى خلاله مفاوضات أخيرة بشأن انضمام ستوكهولم إلى حلف شمال الأطلسي “ناتو” (NATO)، ويأتي اللقاء عشية القمة السنوية للناتو المقرر عقدها اليوم في فيلنيوس. وفي مؤتمر صحفي قبل مغادرته إلى لتوانيا للمشاركة في القمة السنوية للناتو المقرر عقدها اليوم في فيلنيوس، قال أردوغان إنه يؤيد سياسة الباب المفتوح للناتو، واعتبر أن”إنهاء الحرب الروسية الأوكرانية سيسهل انضمام كييف للحلف.

*عضوية مقابل عضوية

وأضاف أردوغان أن تركيا تنتظر الانضمام للاتحاد الأوروبي منذ أكثر من 50 عاما، داعيا لفتح الباب لها كما فتحت أنقرة الباب لانضمام فنلندا للناتو، وشدد على أن انضمام السويد للحلف يعتمد على وفائها بتعهداتها في المذكرة الثلاثية في مدريد، حسب تعبيره. وأضاف “سأعقد اجتماعا ثلاثيا في ليتوانيا مع الأمين العام للناتو ورئيس الوزراء السويدي”، مشددا على أن أنقرة “تريد من الناتو الحفاظ على كل تعهداته المتعلقة بمكافحة الإرهاب”. وكان أردوغان وعد يوم الجمعة الماضي باتخاذ “القرار الأفضل أيا يكن”، في إشارة إلى أن كل الخيارات مطروحة على الطاولة.

*ملف العمال الكردستاني

وينتقد أردوغان السلطات السويدية لتساهلها مع المسلحين الأكراد الذين لجؤوا إلى أراضيها، ويدعو إلى تسليم العشرات منهم. وعبّر الرئيس التركي مجددا عن تحفظاته، وتساءل “كيف يمكن لدولة لا تنأى بنفسها عن المنظمات الإرهابية أن تساهم في الناتو؟”. وفي يونيو/حزيران الماضي انتقد أردوغان السويد مرارا، بسبب سماحها بحرق نسخة من المصحف. وتركيا والمجر هما الدولتان الوحيدتان في الحلف اللتان لم تصدقا بعد على عضوية السويد، وذلك على الرغم من الإجراءات التي اتخذتها الدولة الإسكندنافية، بما في ذلك تعديل دستورها واعتماد قانون جديد لمكافحة الإرهاب. والأسبوع الماضي، حكمت السويد على مواطن تركي من أصل كردي بالسجن 4 سنوات ونصف بتهمة “الابتزاز” و”محاولة تمويل الإرهاب” لصالح حزب العمال الكردستاني الذي تعتبره أنقرة والاتحاد الأوروبي منظمة إرهابية، مما يشكل سابقة في الدولة الإسكندنافية.

*إبتزاز أمريكي

ويرى محللون أن أحد مفاتيح الملف يكمن في واشنطن، حيث استقبل الرئيس الأميركي جو بايدن الأربعاء الماضي رئيس الوزراء السويدي أولف كريسترسون، مشيرين إلى أن الموافقة التركية مرتبطة بتسليم أنقرة مقاتلات “إف-16” (F-16) الأميركية، وهذا ما تنفيه تركيا. لكن الرئاسة التركية أوضحت مساء الأحد أن الرئيسين أردوغان وبايدن أجريا خلال النهار محادثة هاتفية تطرقا خلالها إلى انضمام السويد لحلف شمال الأطلسي وتسليم تركيا مقاتلات “إف-16”. ويوم الجمعة الماضي، أعرب البيت الأبيض عن قناعته بأن انضمام السويد إلى حلف شمال الأطلسي سيتم في “مستقبل غير بعيد”، مشيرا إلى أنه “من الممكن” أن ترفع أنقرة وبودابست تحفظاتهما خلال قمة الحلف.

*عقبات انضمام السويد

والاعتقاد السائد لدى مختلف الأطراف المنخرطة في المساعي الرامية إلى إقناع تركيا بالموافقة على عضوية السويد في الناتو، هو أن تركيا تتمسك بورقة السويد من أجل الوصول إلى توافقات مع الأمريكان بخصوص ضمان الحصول على الطائرات العسكرية المتطورة؛ بالإضافة إلى توافقات حول الترتيبات الأمنية في سوريا وفي منطقة شرق الفرات تحديداً، حيث تتواجد قوات التحالف الغربي بقيادة أمريكية، وهي القوات التي تعتمد على «قسد» الارهابية كقوة ميدانية؛ ومن المعروف لدى الجميع أن حزب العمال الكردستاني هو الذي يتحكم بـ«قسد» وذلك على نقيض الشعارات والادعاءات.

السويد ودول الناتو، وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية، في سباق مع الزمن. فاليوم تنعقد قمة الناتو في فيلينوس عاصمة لاتفيا. وقبل أيام كانت زيارة أولف كريسترسون رئيس وزراء السويد إلى واشنطن حيث التقى مع الرئيس الأمريكي جو بايدن الذي عبر له عن دعمه المفتوح القوي بخصوص مسألة الانضمام إلى الناتو؛ وكان اللقاء بين وزير خارجية السويد توبياس بيلستروم ونظيره التركي هاكان فيدان في بروكسل؛ علاوة على اللقاء بين الرئيس التركي أردوغان ورئيس وزراء السويد كريسترسون في فيلينوس يوم أمس، أي قبل قمة الأطلسي بيوم واحد؛ وكل ذلك يوحي بإمكانية الحلحلة في موضوع انضمام السويد إلى الناتو، مقابل حصول تركيا على بعض ما تريده من الجانب الأمريكي.