أحد النخب من أهل السنة ومستشار ايران الثقافي في مصر لـلوفاق:

نسعى لتقريب القلوب والوحدة الإسلامية

لا بد لكل حضارة عريقة وأصيلة وثقافة حية وفعالة منها ايران ومصر من التواصل بالحضارات والثقافات الاخرى.

2022-11-21

الوفاق/ خاص/ موناسادات خواسته

الثقافة والنشاطات الثقافية تُعد من الأمور المهمة جداً لتعزيز العلاقات بين الدول المختلفة، كما أن “حوار الثقافات” باعتباره مشروعا معتدلا وطريقا لتوضيح العلاقات الدولية، دليل على الدور المهم والمؤثر للعلاقات بين الشعوب في استمرار الحضارات ورسم المسقتبل الزاهر في تحقيق اهداف السلام الدولي. عملية الحوار الحقيقي بين الحضارات شرط اساسي للوقوف على الامكانيات المختلفة للحضارات، والاحترام المتبادل، والاعتراف بمكانة والخصائص الاصيلة لهذه الحضارات والحوار من موقع متكافىء.

من الواضح، ان الثقافة هي واحدة من المجالات الجيدة للحوار في تحقيق اهداف واستمرار الإعتدال والسلام العالمي. الحضارة الايرانية والعربية هما الفرعان الرئيسيان للحضارة الإسلامية، وتستطيعان على خلفية قدراتهما التاريخية العظيمة وإمكانياتهما الثقافية الغنية، وبطبيعة الحال التفاعل والتناغم الثقافي والإستفادة من المواقف والأهداف الثقافية المشتركة، التغلب على الحواجز النفسية والتاريخية والتحديات الثقافية والوقوف امام النفوذ الغربي غير اللائق ونشر الانقسامات القومية والعرقية وبالتالي نشر التوازن والاعتدال الفكري والثقافي في منطقة الشرق الأوسط  والعالم، للوصول الى مستوى اعلى في ادارة العلاقات والتعاون الثقافي والقيام بمبادرات مشتركة، منها: إجراء الحوار الثقافي الفعّال بإشراف وتنفيذ سياسات معتدلة مثل، ايجاد لجان ثقافية متعددة الأطراف، وتقديم خريطة ثقافية ذات اهداف وقيم مشتركة، للدول العربية وإيران لتحقيق انعكاساتها في العالم، وفي هذا الإطار قامت رابطة الثقافة والعلاقات الإسلامية، بتعيين مستشارين ثقافيين إيرانيين في مختلف دول العالم وخاصة الدول العربية، لكي يكونوا سفراء الثقافة، فبما أن العلاقات الإيرانية المصرية ماضية باتجاه التعامل والتفاهم، لقد تم تعيين الدكتور “داوود زرين بور” كمستشار ثقافي لإيران في مصر، وهو رئيس جامعة الأديان والمذاهب الإسلامية في زاهدان وأستاذ في جامعة سيستان وبلوشستان، حافظ للقرآن الكريم ومن النخبة الوطنية من أهل السنة وكاتب ومترجم، وله مقالات ونشاطات علمية وثقافية كثيرة، ويواصل نشاطاته في الجامعة والمجتمع على مستوى عال، فبهذه المناسبة اغتنمنا الفرصة وأجرينا حواراً مع الدكتور “داوود زرين بور”، وسألناه حول العلاقات الثقافية الإيرانية والمصرية، وتعزيز الوحدة الإسلامية، وفيما يلي نص الحوار:

 ما رأيكم بالنسبة لإقامة العلاقات الثقافية الايرانية المصرية؟

منذ بزوغ فجر التاريخ  حتى الآن كانت ولا تزال مصر وايران موطنان للحضارة ومختلف فروع الثقافة. ايران تتمتع بحضارة متوغلة في القدم ومصر أيضا من أقدم الحضارات في العالم حيث عبر عنها “ول وايريل ديورانت” في كتابه “قصة الحضارة بمهد الحضارة”.

والحضارة في كثير من تعريفاتها هي الثقافة؛ إذن كل من ايران ومصر مهد للحضارة الإنسانية وثقافتها بكل تجلياتها وإبداعاتها. وبما أن الحياة أخذ وعطاء، نرى الثقافات المختلفة مفتوحة في بعض شؤونها، تأخذ وتعطي وتتغذى من بعضها البعض وتغذيها وهذا الأمر يثري الأمم ويزودها بخيرات نظائرها ويجعلها ترقى في مجال التسامح الذي هو القاعدة الأولى للتفاعل الحضاري. فعلى هذا لا بد لكل حضارة عريقة وأصيلة وثقافة حية وفعالة منها ايران ومصر من التواصل مع الحضارات والثقافات الأخرى كي تتعارف وتتفاعل وتتبادل وتتناقل على أساس الاحترام والتسامح والاعتراف بخصوصية الآخر واختلافه.

متى تذهبون إلى مصر وما هي البرامج والنشاطات التي من المقرر أن تقوموا بها في المستشارية الثقافية الإيرانية في مصر؟

سأذهب إن شاء الله بعد استكمال الإجراءات المتعلقة بهذا الأمر بين البلدين.

سأسعى مستعينا بالله بجميع الشؤون الثقافية منها العلاقات العلمية والجامعية بين البلدين ولاسيما جامعة الأزهر الشريف وفرع اللغة الفارسية في مختلف الجامعات المصرية؛ وتنظيم الندوات الأدبية ومتابعة المؤتمرات والمهرجانات الثقافية وإقامة الورشات والامسيات الشعرية والمحاضرات الفكرية؛ كما نتابع الشؤون المختصة بالتراث والسياحة؛ التقريب والوحدة بين المذاهب الإسلامية والتقريب الثقافي بين الشعبين الشقيقين وتعزيز العلاقات بين المهتمين بكتاب الله من القراء والحفاظ من المباحث التي سنتابعها. وأما على مستوى العروض الفنية التشكيلية والفوتوغرافية والفلكلورية، والمسرحية والسينما سنهتم بإنشاء العلاقات وتعزيزها بين الجهات المعنية ولا سيما في مجال السينما المصرية التي تسمى هوليوود الشرق وما إلى ذلك من الشؤون الثقافية وسنستفيد من المواقع التواصل الإجتماعي كأداة فعّالة في مجال ترسيخ العلاقات الثقافية. فنسعى بعون الله وقوته لتوطيد العلاقات الثقافية بين بلدنا ومصر ونتابع الأنشطة الثقافية بين البلدين ملمّاً بالحركة الثقافية في جميع المجالات من الأدب والفن والتراث.

كيف يمكن تعزيز الوحدة ونبذ الخلافات بين جميع المذاهب الإسلامية؟

القرآن الكريم يعدّ الوحدة الإسلامية نعمة قيمة حيث يقول: “وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلَا تَفَرَّقُوا، وَاذْكُرُوا نِعْمَة اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً” تكرار كلمة “نعمة” في بداية هذا المقطع ونهايته يشير إلى أهمية الوحدة فشكرانها يؤدي إلى العزة والقوة وكفرانها يسبب الفشل وذهاب الريح. وللتقريب ساحتان: تقريب الأبدان وتقريب القلوب ولا خير في تقريب الأبدان وتشتيت القلوب؛ فقد وصف الله معسكر المنافقين وأحوالهم بأن الناظر في أعمالهم تحسبهم جميعا ولكن قلوبهم شتّى! فسرُّ تحقق الوحدة الإسلامية هو تقريب القلوب وتوسعة العلاقات في مختلف المجالات من الثقافية والعلمية والطبية والسياحية والاقتصادية والعسكرية والتشريعية و… ولا ننسى القاعدة الذهبية: نتعاون فيما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه.

ما هي النشاطات التي تقومون بها حاليا في الجامعة العالمية للمذاهب الإسلامية في زاهدان؟ وكيف يمكن رفع سوء الفهم والشبهات التي تحصل بين المذاهب المختلفة؟

الجامعة العالمية للمذاهب الإسلامية تسعى لإنشاء جيل يعتقد بالوحدة الإسلامية فكرة ويحاول تطبيقها على أرض الواقع عملياً ويشارك في إنعاش المجتمع الإسلامي من الغيبوبة الطويلة التي ألمت به؛ حيث ظنها أعداء الإسلام بوادر موت ولكننا نثق بأمتنا وتاريخها وكبوتها ونهضتها ولذلك تقوم الجامعة بتربية سفراء التقريب والوحدة الإسلامية. يدرس في الجامعة، الطلاب من المذاهب المختلفة جنبا إلى جنب زملائهم مادة الفقه المقارن وأصول الفقه المقارن وأدب الخلاف وباقي المواد الدراسية ويطلع كل منهم على آراء المذاهب المختلفة بجانب آراء علماء مذهبه ويعيشون معاً في القسم الداخلي ويدربون التقريب عملياً ويشاركون بعضهم البعض في النشاطات العلمية والثقافية والرياضية ويتعايشون معاً محبين ومعاضدين. فلا نريد أن يترك الطالب آراء مذهبه بل نطلب منه الإلتزام بآراء مذهبه وأن يعذر زميله في اتباع آراء مذهبه فيما اختلفوا فيه. نحن نعتقد بأن تنوع الآراء والرؤى في المباحث الفقهية لا يخرج الشخص عن إطار الإسلام ونرى هذا التوسع في الاجتهاد في عصر النبي (ص) لما أمر أصحابه: “لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة” فاختلف الأصحاب في فهم مراد النبي؛ فمنهم من صلى قبل الغروب ومنهم من أخّره إلى بعد؛ فذُكر للنبي (ص) فلم يعنف واحدا منهم وهذا خير دليل لتوسع أمر الاجتهاد. ولو أدركنا هذا الأمر يمكن رفع سوء الفهم بين المذاهب الإسلامية إن شاء الله.