خبير في الشؤون الإسرائيلية من بيروت للوفاق:

 المقاومة قطعت أذرع العدو من الوصول الى صنّاع القرار

خاص الوفاق: لم تكن قضية التجسس نتيجة تحوّل هذه الدول الى مقاومة هذا العدو المحتل فقط، بل ترافقت هذه القضية مع ظهور هذا الكيان الى العلن ومع قيام ما يُسمى "دولة اسرائيل"

2023-07-16

خاص الوفاق: أمل محمد شبيب

إنه الكيان الإسرائيلي وفصوله المتعددة من التجسس في مختلف دول المنطقة منذ تأسيسه، من لبنان الى سوريا والعراق وفلسطين وغيرها الكثير من دول المنطقة، لم تكن قضية التجسس نتيجة تحوّل هذه الدول الى مقاومة هذا العدو المحتل فقط، بل ترافقت هذه القضية مع ظهور هذا الكيان الى العلن ومع قيام ما يُسمى “دولة اسرائيل”، واستقدمت لهذه المهمات المختلفة رجالها من مختلف قطاع الأرض، وقامت بتدريبهم وتوزيعهم تحت مسميات مختلفة، والهدف واحد: خدمة “دولتها” وتنفيذ مخططاتها قبل الشروع بعملياتها العسكرية وإحتلالها.

جريدة الوفاق فتحت ملف “قضية الجواسيس الإسرائيلين” في دول المنطقة، وبحثت في كل من لبنان وفلسطين وسوريا والعراق عن تاريخ هذه القضية وأسبابها وأهدافها ونتائجها، وإلتقت بمحللين ومختصين بالشأن الإسرائيلي، وتقدّم للقراء هذا الملف في اربع اقسام نتناول في القسم الأول قضية التجسس في لبنان ونتناول في الأقسام التالية باقي الدول.

 

 

الجواسيس الإسرائيليين في لبنان: مسميات مختلفة

من لبنان كانت البداية، البلد الذي عانى الويلات جراء الإحتلال الإسرائيلي منذ ما قبل العام 1982، حين زرع الكيان الصهيوني جواسيسه على الأراضي اللبنانية بتوصيفات ومسميات مختفلة، البعض منهم جاء بحجة الإسترزاق، والبعض منهم جاء بحجة الإقامة والسياحة، ومنهم من جاء واستوطن وفتح محلات للمأكولات ومنهم رجال الأعمال وغيرهم الكثير الذين نفذوا خطط الكيان الإسرائيلي على أراضي أوطاننا.

 

مركّب الأنظار: النظرية العسكرية والأمنية للعدو الإسرائيلي

حول قضية التجسس في لبنان، إلتقينا بالمحلل السياسي المختص بالشأن الإسرائيلي حسن حجازي، وعدنا معه في لقاءنا الى بدايات هذا الملف الإسرائيلي في لبنان، في هذا يقول حجازي بأن ملف التجسس الإسرائيلي في لبنان وكل دول الطوق يعود الى السنوات الأولى لنشأة الكيان الصهيوني، ذلك لأن هذه المسألة مرتبطة بالحاجات الأمنية الأساسية للكيان الصهيوني في تطبيق ما يسمى بمركّب اساسي في نظريته العسكرية والأمنية، وهو مركّب الأنظار، وفي شرحه لهذا التطبيق يقول حجازي بأن الإحتلال يحتاج الى ضرورة معرفة ما يجري عند أعداءه بشكل دائم، وقد نشأ هذا المبدأ منذ السنوات الأولى للكيان الغاصب، عندما وضع “بن غوريون” نظرية الأمن الصهيوني عام 1948، حيث جرى العمل على تعزيز الذراع الإستخباراتية، هذه الذراع التي تهدف بشكل اساسي الى الإحاطة بما يجري في الدول المحيطة بهذا الكيان، خصوصاً دول الطوق، ولبنان كان جزءاً من هذه المسألة الإسرائيلية التي كانت محط إهتمام الكيان الإسرائيلي وخصصت لاجلها الكثير من الأموال، كما تزامنت، اي قضية التجسس، مع تحوّل أنظار الكيان الإسرائيلي نحو الداخل اللبناني.

 

نظرة لبنان للصراع مع الكيان الإسرائيلي والتهديد له

الى ما بعد نكبة فلسطين إنتقلنا في حديثنا مع المختص بالشأن الإسرائيلي حسن حجازي، وتعرفنا على أسباب زرع الكيان الإسرائيلي جواسيسه في لبنان، وفي هذا قال حجازي بأن لبنان كان ساحة اساسية للعمل التجسسي الإسرائيلي، فلبنان بتركيبته الإجتماعية الخاصة، وإحتواءه اللاجئين الفلسطينيين وطبيعة النظام اللبناني بحدّ ذاته، ونظرة لبنان للصراع مع الكيان، وتركيبة الداخل اللبناني كانت ولا زالت محطّ إهتمام الكيان الصيهوني، ولا يمكن أن ننسى بأن الكيان كان له علاقات وإتصالات تاريخية مع بعض الشخصيات والقيادات اللبنانية، إذ كان هناك تواصل حتى من قبل الحركة الصيهونية مع بعض الشخصيات الفاعلة في التاريخ والسياسة اللبنانية، وهذا الأمر كان مرتبطأ بمصالح الكيان الإسرائيلي للتعرف على النظام السياسي في مراقبة ومتابعة الوضع الأمني، كما في متابعة الواقع الفلسطيني اللاجئ في لبنان كي لا يشكّل هذا الواقع اللاجئ للفلسطينيين اي تهديداً للإسرائيلي، لذا من الطبيعي أن يكون الواقع اللبناني ومنذ اللحظات الأولى لنشاة الكيان ساحة تحدي على المستوي الأمني، وكان من وجهة نظر الإسرائيلي المحتل أن يكون مواكباً لكافة تفاصيل وتطورات الوضع الأمني في مختلف الساحات، لذلك كان يهتم بالواقع اللبناني بشكل اساسي لإعتبارات منها الأمنية والعسكرية والسياسية  نظراً للتركيبة اللبنانية.

 

“أمينة المفتي” و”شولا كوهين”… الموساد الإسرائيلي في لبنان

إذاَ، عمل العدو الإسرائيلي قبل إحتلاله لبنان على التركيبة السياسية اللبنانية، وكان نظره الثاقب موجّهاً نحو اللاجئ الفلسطيني، لذلك عمل العدو على قضية الجواسيس بشكل كبير جداً، وقد استخدم الكيان الإسرائيلي في لبنان العديد من الجواسيس ذات الأصل الإسرائيلي ومنهم أمينة المفتي، وهي اردنية من اصل شركسي، وقامت بتغيير ديانتها من الإسلام الى اليهودية بعدما تزوجت طيّاراً يهودياً في النمسا، وثم عادت بعد رحلة حياتها المثيرة للجدل الى الكيان الإسرائيلي واستوطنت فيه وعملت جاسوسة مع الموساد الإسرائيلي ضد الفلسطينيين في لبنان، كما أن سجّلها حافل بالعمل التجسسي في لبنان. أما الجاسوسة الإسرائيلية الثانية والتي ذاع صيتها هي “شولا كوهين” أو لؤلؤة الموساد كما تم تسميتها من قبل الموساد الإسرائيلي، تزوجت تاجراً يهودياً كان يقيم في منطقة “وادي أبو جميل” في بيروت، وعرفت بأنها لم تكن جاسوسة عادية، بل ابدعت في عملها الجاسوسي، ومارست تجسسها سنوات حتى تمّ القبض عليها وإعترفت كوهين خلال التحقيق معها بأنها زوّدت الموساد بمعلومات أمنية وسياسية واقتصادية ومالية عن لبنان، وبعد إلقاء القبض عليها، طلب القضاء العسكري إنزال عقوبة الإعدام بها وقد خُففت العقوبة إلى السجن عشرين عاما، ثم تمّ الإفراج عنها بعد صفقة تبادل بعدما تسلّم لبنان مجموعة من العسكريين تم اسرهم عند الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة، وسُلّمت شولا إلى عناصر لجنة مراقبة الهدنة وتسلم لبنان الجنود فيما يعتبر أول صفقة تبادل بين البلدين.

 

مهمة الجواسيس الوصول الى صناع القرار في لبنان

لم تكن مهمة كل من أمينة المفتي وشولا كوهين مهمات عادية، وإن كانت مهماتهما في في المرحلة الأولى اقتصرت على إختراق الواقع والنخب اللبنانية على المستوى السياسي والثقافي والإعلامي، كما باقي الجواسيس الإسرائيليين الذين دخلوا لبنان بمسميات مختلفة الذين كانوا حاضرين للتعرف على الواقع اللبناني وإختراق الوسط السياسي ومحاولة معرفة أو الوصول الى اي معلومة قد تفيد الأمن الصهيوني، والأهم معرفة كيفية تفكير المستوى السياسي اللبناني وصُنّاع القرار في لبنان. إذاً، قضية التجسس كانت قضية اساسية عند الكيان الإسرائيلي ترتبط كما ذكرت سابقاً بنظرة الكيان لدول الطوق وما يمكن ان تشكله من تهديد، وهنا لا بدّ من القول بأن لبنان كان شريكاً في بعض الحروب، حرب الـ 67 ، الـ 48 وغيرها، ورغم ذلك فإن الكيان الإسرائيلي لم يعط في البداية الأهمية الكبيرة للجانب اللبناني على اعتبار أن لبنان لم يكن يشكّل تهديداً عسكرياً للكيان مثل الجيوش في سوريا ومصر والأردن وغيرها، لكنه كان بحاجة لمعرفة ما يجري داخل الأراضي اللبنانية، وبالتالي كان دور هؤلاء الجواسيس يقوم بالمبدأ الأساس على اختراق النخب السياسية والوصول الى صناع القرار ومعرفة مسار وإتجاه الأمور على المستوى السياسي والقرارات الحكومية وعلى مستوى التوجهات المتعلقة في الصراع مع الإحتلال، ونحن نعرف أن الإحتلال كان معني بمعرفة كل الأجواء الداخلية في دول الطوق ليكون حذراً في اي تحرك له لا سيما بعد الحروب التي شنها وخاضها هذا الإحتلال مع دول الطوق.

 

هدف الجواسيس في لبنان: مراكز السلطة والأمن والمؤسسة العسكرية

رسم العدو الإسرائيلي خرائطه المختلفة للبنان، وكانت النخب الصيد الثمين بالنسبة له، وفي هذا يضيف حجازي بأن الجواسيس الإسرائيليين كان لهم دورهم في الداخل اللبناني السياسي لكنه لم يصل مستوى الإختراق أو الى القدرة على إختراق البنية الإجتماعية اللبنانية، فالجواسيس بشكل عام يحتاجون الوصول والنفوذ الى مراكز حساسة في مراكز السلطة ومراكز الأمن والمؤسسة العسكرية، أما على المستوى الإجتماعي لم يكن لديهم هذه البصمة الواضحة، لأن دورهم كان ذات طابع أمني وإستخباراتي، ولا يمكن ان ننكر بأن هذه الفئة من الجواسيس استطاعت أن تخترق بعض الطبقات وبعض النخب وبعض الدوائر الإجتماعية التي لها علاقة بالنفوذ على المستوى اللبناني، فعمل الإسرائيلي كان منذ البداية البحث عن هذه الأوساط، فهو، اي الكيان الإسرائيلي، إذا أراد الحصول على معلومة اساسية وجوهرية ومهمة يستطيع الوصول إليها عبر النخب السياسية والإجتماعية والثقافية والإعلامية وهي الهدف الأساسي عند الكيان، فالإعلام يمتلك كل ما يجري على الساحة الداخلية اللبنانية.

 

دخول منظمة التحرير الفلسطينية الى لبنان: الموساد الإسرائيلي على الساحة اللبنانية

عين العدو الإسرائيلي على فلسطين، هكذا يمكن وصف هدف الجواسيس الذين اتوا الى لبنان وعملوا لصالح الموساد الإسرائيلي، في هذا الملف نعود مع حجازي الى مرحلة مهمة من تاريخ لبنان، وهي مرحلة إهتمام العدو الصهيوني بالواقع الفلسطيني بعد إنتقال منظمة التحرير الفلسطينية الى لبنان، بعدما كانت في الأردن في بداية السبعينيات، وشاهدنا بعد إنتقال منظمة التحرير الفلسطينية تحولاً في العمل الأمني والإستخباراتي، ففي البداية كان هذا العمل مقتصراً على جمع معلومات والنفوذ الى النخبة الحاكمة في لبنان، وتجديد بعضها أو الإستفادة منها حول هذا البلد، لكن مع دخول منظمة التحرير الفلسطينية الى لبنان بدأ العمل الإستخباراتي والأمني عملاً موسادياً، وبدأ عمل بقية أجهزة الإستخبارات الإسرائيلية يبدو مختلفاً واكثر أهمية  يختلف على الساحة اللبنانية، وهذا يعني بأن هناك مخططاً لجمع معلومات لتحقيق أهداف عسكرية وتجميع المعلومات من اجل التعرّف على تشكيلات المقاومة الفلسطينية وطريقة عملها، ومعلومات مفيدة عن رموزها وقياداتها ومراكزها وكل ما يتعلق بها، ثم بدأ العمل على المستوى التنفيذي بعدما كانت الساحة اللبنانية مُستبعدة عن اي عمل تنفيذي، وبدا واضحاً أن هدف الموساد وأجهزة الإستخبارات هو تنفيذ عمليات عسكرية على الأراضي اللبنانية، ونحن نعلم بأن الكثير من العمليات العسكرية التي نفذها الموساد الإسرائيلي داخل لبنان كانت مبنية على المعلومات التي تم جمعها من خلال الجواسيس الإسرائيليين مثل عملية فردان وإغتيال بعض القادة البارزين في منظمة التحرير الفلسطينية وعملية ايلول الأسود وغيرها من العمليات التي نفذها الموساد الإسرائيلي على الأراضي اللبنانية، كل هذه العمليات كانت تحتاج الى استخبارات دقيقة وبالتالي كانت الساحة اللبنانية تشكل ساحة مركزية بعد هذه المرحلة على مستوى جمع المعلومات وعلى مستوى العمليات العسكرية والإغتيالات بالنسبة للإحتلال.

 

الصراع الإستخباراتي مع العدو الإسرائيلي:المقاومة تحقق إنجازاتها

رغم محاولات العدو التمسّك بهذا الموضوع، إلاّ أن المقاومة بدأت مرحلة جديدة من الصراع مع العدو الإسرائيلي وهو الصراع الإستخباراتي، فبعد العام 1982، دخل الإحتلال الإسرائيلي الى الواقع اللبناني وانتشر فيه ليس فقط على المستوى العسكري، بل كان إنتشاره إستخباراتياً، وهنا نعود الى تلك المرحلة حيث كان كل من الموساد وجهاز الإستخبارات العسكري “امان”  والجهاز الخاص فيها “الجهاز “، كانت جميعها أجهزة فاعلة على الساحة اللبنانية، لكن بعد العام 1982 دخل “الشاباك” وكان هذا الجهاز معنياً بالأمن داخل كيان الإحتلال، لكنه دخل مع جيش الإحتلال وأصبح يتولى بعض القضايا الأمنية والمهام وبالأخص التحقيق مع الاسرى وغيرها في الداخل اللبناني، كما أن الإستخبارات استعان بهذا الجهاز بما لديه من كفاءات على هذا المستوى ولديه إمكانيات تستطيع إعانة بقية الإجهزة للعمل على الساحة اللبنانية.

في ظلّ هذا الإنتشار بدأ العمل الأمني للمقاومة، حيث كانت المقاومة ترصد حركة الجيش وحركة الإستخبارات، وإضافة الى  جزء من عمل الجيش الصهيوني على الأرض، كان جزء من عمله استخباراتياً، وفي المقابل كان هناك تحركات واضحة ومعروفة للمقاومة منها تحركات ضباط الإستخبارات وغيرها، وكانت هذه التحكات في كثير من الأحيان أهدافهاً كبيرة للمقاومة التي كانت تنفذ عملياتها ضد الإحتلال وتقتل العديد من عناصرها. ففي عملية صور الأولى، عملية الإستشهادي أحمد قصير، والتي قتل فيها مئة جندي صهيوني عام 82، فقد قتل خلال هذه العملية حوالي 20 عنصراً من جهاز “الشاباك”، وهذه المسألة كانت تشكل ضربة عسكرية وأمنية للإحتلال، وبالتالي كانت المقاومة تتعامل مع وجود الشاباك على  مستوى المواجهة العسكرية كما عملت على إحباط الأنشطة ومتابعة أنشطة هذا الجهاز ومتابعة من يقوم بتنجنيدهم وملاحقتهم وايقافهم وإعتقالهم والتحقيق معهم، وأحياناً إذا ارتكبوا جرائم كان ينفذ بحقهم العقاب الملائم، لذلك كان جزء من  عمل المقاومة مرتبط بالعمل الأمني في مواجهة اجهزة الإستخبارات الصهيونية.

 

المقاومة في لبنان تجبر العدو الإسرائيلي على الإعتراف بقدرتها

إذاً، استطاعت المقاومة ان تراكم تجربتها العالية في مواجهة الإستخبارات الإسرائيلية والموساد ومعرفة خيوط الجواسيس الإسرائيليين الذين دخلوا لبنان من خلال جمع المعلومات وتطوير الوسائل والأدوات، ومن خلال التجربة التي أسستها في مراقبة العملاء واكتشاف شبكاتهم واليقظة الدائمة عند هؤلاء الجواسيس لإختراق بيئة المقاومة والمقاومة ومحاولة جمع المعلومات عنها، وبهذا تمكنت المقاومة بالتعاون مع الأجهزة اللبنانية من الكشف عن شبكات كثيرة وكبيرة فيما بعد من العملاء، وفي الكثير من الأحيان كان الكيان الصيهوني نتيجة تلقيه ضربات كبرى واعتقال عشرات العملاء وكشف العديد من الشبكات، كان مجبراً على الإعتراف بقدرة المقاومة على اختراقه في لبنان، وهذا ما أعطى المقاومة ميزة تقليص قدرة الإحتلال للحد الأقصى على هذا المستوى وتوجيه ضربات قاتلة لشبكات الإستخبارات الصهيونية.

 

الساحة اللبنانية تحتاج جهداً كبيراً على مستوى التجسس

لأن التجسس عنصر اساس يقع ضمن المنظومة أو النظرية الأمنية الصهيونية وهو ما تسميه “الإنظار”، اي معرفة ما لدى العدو من معلومات وإكتشاف نواياه وإمكانياته والإستعداد لأي عمل سيقوم به، وربما المبادرة الى عمل استباقي عندما تصله معلومات ان العدو المقابل يستعد للقيام لعمل ما أو بالقيام بضربات وقائية لمنع العدو من تطوير إمكانياته، كل هذه الأهداف تحتاج الى عمل استخباراتي كبير، والساحة اللبنانية من أهم الساحة خطورة بالنسبة للعدو وتحتاج الى جهد كبير على مستوى التجسس، لذا يعتمد الإحتلال على التجسس الجوي والتجسس الإلكتروني والتجسس عبر المجال السيبراني وغيرها، لكن العنصر البشري للتجسس هو عنصر أساس لدى الكيان الصهيوني، ويحتاج العدو الإسرائيلي في كثير من الأماكن الى حضور العنصر البشري من أجل الحصول على معلومات لا يستطيع الإحتلال الحصول عليها عبر طرق أخرى أو بهدف تجنيد أشخاص، قد يكون هناك بعض العملاء تتعلق مهماتهم فقط بالتجنيد أو الهدف الثالث القيام بتنفيذ مهام عسكرية وتفجيرات وعمليات تخريب وإغتيالات، لكن يعني الساحة اللبنانية بما تمثله من خطورة للكيان الإسرائيلي تحتاج الى كادر كبير جد من الجواسيس والعملاء لكي يوفروا الكمّ الكافي من المعلومات للإحتلال، فلبنان بمقاومته ساحة تحدّ أساسية للإحتلال تتواجد فيها المقاومة مع إمكانيات هائلة وواسعة، وهذا الإحتلال يحتاج الى احاطة والى تجديد للمعلومات وهو يركز على لبنان بشكل اساسي.

 

المقاومة اسقطت اسطورة الموساد والتجسس

هزمت المقاومة الأسطورة التي لا تُهزم، معادلة وضعتها المقاومة الإسلامية في لبنان بعد سلسلة من الإنتصارات والإنجازات التي حققتها المقاومة في لبنان، ومن هذه الإنتصارات سقوط اسطورة الموساد الإسرائيلي وملف التجسس الإسرائيلي بيد المقاومة في لبنان، وهنا يحدثنا حجازي عن الإنتكاسات التي تعرّض لها الإحتلال الإسرائيلي والضربات القوية التي تلقاها من المقاومة في هذا الملف، فالمقاومة منذ نشاتها كشفت عن الكثير من شبكات التجسس الإسرائيلي، رغم تمكّن الكيان من إحداث اختراقات وخروقات مختلفة في هذه القضية، فالإسرائيلي كما نعلم يبذل جهده ويسعى دائماً الى إختراق البيئة المقاومة وجمع بنك أهداف، ويتمكن احياناً من جمع بعض المعلومات، لكن هذه المسألة تتعامل معها المقاومة بشكل ذكي، وهي حريصة ومستيقظة دائماً وتقوم بضربات مؤلمة وموجعة تؤدي الى اسقاط الكثير من الشبكات، وينبغي القول بأن هذه المعركة معركة مستمرة وسيستمر الإحتلال بإستخدام هذه الوسيلة من أجل حماية أمنه وتعزيز امكانياته ومعرفة عدوّه، وهي معركة لن تنتهي، والمقاومة حققت فيها إنجازات وإنتصارات لكن هي معركة طويلة ممتدة على إمتداد الصراع مع الإحتلال، وسنشهد بأن هذه المعركة ستبقى  قائمة الى إن تنتهي هذه المواجهة، الإحتلال تعرض لإنتكاسات كبرى على هذا المستوى لكنه لا يستغني عن هذه الوسيلة لجمع المعلومات.

 

الصراع الإستخباراتي لا يقل أهمية عن الصراع العسكري

وحول الإنتصارات التي حققتها المقاومة الإسلامية في لبنان في هذه القضية يقول حسن حجازي بأن المقاومة تمكنت في مفاصل متعددة من الكشف عن العديد من الشبكات التجسسية واسقاطها وقطع يد الإحتلال الإستخباراتية في لبنان، فالمقاومة منذ إحتلال العدو الإسرائيلي للبنان ومنذ نشأتها وهي تدير حرباً دائمة، تحقّق فيها إنجازات وإنتصارات مختلفة، وتمنع الإحتلال من استعمال هذه الوسيلة في تحقيق أهداف استخباراتية أو تخريبية أو غيرها، والمقاومة في لبنان في الواقع منعت واسقطت الكثير من المحاولات الصهيونية لجمع المعلومات حول الكثير من الملفات، والدليل أن الإحتلال يعجز حتى الآن عن قراءة المشهد بشكل كامل، ربما لديه حتى الآن القدرة على جمع المعلومات على المستوى الأمني أو على المستوى العسكري أو السياسي، لكن عنده عجز ونقص كبير وسياسي في اكمال الصورة، وهذه مسالة تعود الى نجاح المقاومة في قطع الأذرع الإستبخاراتية في الكثير من الأحيان، ومنع الإحتلال من القدرة على تكوين صورة استخباراتية شاملة، لأن تكوين صورة استخباراتية شاملة ومتكاملة ستكون ممهّدة لعدوان صهيوني على لبنان من أجل تدمير قدرات المقاومة، وطالما أن الإحتلال يعجز على شن ضربة مدمرة ضد المقاومة، هذا يعني أن لديه عجز على المستوى الإستخباراتي وليس لديه القدرة على قراءة الصورة بشكل كامل وهو بالتالي يخشى خوض المواجهة خوفاً من أن لا تكون لديه إمكانيات وقدرات لم يستطع معرفتها أو إكتشاف أماكنها.

ويختم حجازي بأن نجاح المقاومة على هذا المستوى عامل اساسي في منع العدو في التفكير في حرب ضد لبنان، الصراع على المستوى الإستخباراتي لا يقل أهمية من الصراع على المستوى العسكري، وبالتالي المقاومة تعطي الجهود الكافية لمنع الإحتلال من تحقيق نجاحات على هذا المستوى وهي تحمي لبنان وتحمي إمكانياتها عبر تحقيق هذه الإنجازات على مستوى هذا الصراع.

 

المصدر: الوفاق خاص

الاخبار ذات الصلة