حاول بعض ضباط مخابرات الکيان الصهيوني السفر إلى قطر تحت ستار المراسل الإخباري، وحجز فنادق بالقرب من مقر إقامة المنتخب الإيراني، ونقل أعمال الشغب التي تدور في بعض المدن الإيرانية إلی منتخب إيران لكرة القدم.
في أبريل من هذا العام، عندما أطلق الحكم صافرة نهاية المباراة بين المنتخبين الوطنيين لإيران ولبنان، واحتفلت الجماهير بصعود المنتخب الإيراني إلى مونديال قطر من خلال التلويح بالعلم الإيراني، حاولت لجنة التخريب المشتركة في لندن منع الإيرانيين من المشاركة في هذه المسابقات بأي طريقة ممكنة.
في تلك الأيام، استخدمت وسائل الإعلام الناطقة باللغة الفارسية والمناهضة لإيران کل الذرائع الممكنة لإجبار الاتحاد العالمي على إخراج المنتخب الإيراني لكرة القدم من البطولة بأعذار كاذبة، مثل قضية وجود النساء في الملاعب أو الحرب الأوكرانية.
وكان من يدير هذه القضية هو منظمة “متحدون ضد إيران النووية”، وهي مجموعة مؤلفة من سياسيين متشددين أمريكيين وصهاينة حاولوا زيادة القيود المفروضة على الشعب الإيراني.
جوزيف ليبرمان، أحد الأعضاء الاستشاريين في هذه المنظمة المناهضة لإيران، كتب في مذكرة شرح فيها نموذج الضغط ضد إيران: “لقد استطاعت الحكومة الإيرانية أن تتکيف مع العقوبات، فلم يعد يكفي اللجوء إلى خيار العقوبات الاقتصادية لكبح جماح إيران، بل من الضروري إضفاء الطابع الاجتماعي على نموذج العقوبات حتى يشعر به كل الشعب الإيراني.”
كانت إشارة السناتور الأمريكي الراديكالي إلى “العقوبات الاجتماعية”، عبارةً عن مجموعة من الإجراءات التي يمكن أن تسهل عملية الشغب العمياء في المدن.
وكانت حملة نافيد أفكاري، الشرير الشهير في مدينة شيراز الإيرانية، إحدی حرکات المقاطعة الاجتماعية هذه والتي ركزت على مقاطعة الرياضة الإيرانية. وقد تم تصميم هذه الحملة من قبل منظمة الموساد، وقام بتنفيذها بعض أعداء إيران الذين يقيمون خارج هذا البلد.
حاولت هذه الحملة المعادية لإيران أن تجعل من “نافيد أفكاري” شخصيةً رياضيةً ذات توجه سياسي، من خلال إنشاء سيرة ذاتية لقاتل محترف. وكان الغرض من هذا التجسيد المزيف هو حرمان إيران من جميع الأنشطة الرياضية، بحجة إعدام نافيد أفكاري.
الحرب ضد منتخب إيران لكرة القدم
کانت حملة مقاطعة الرياضة الإيرانية بحاجة إلى وسائل الإعلام للدعاية. ومن أجل تنظيم حرب نفسية ضد الشعب الإيراني، حاولت منظمة “متحدون ضد إيران النووية” إضافة إلى استخدام قدرات الإعلام الغربي، لفت انتباه وسائل الإعلام بتشكيل لجنة تخريبية والقيام بإجراءات ضارة بإيران.
شكلت هذه اللجنة فرعاً إعلامياً في لندن، وفرعاً إرهابياً(هجومياً) في باريس، وأسندت مهام لكل منهما. وقد ترسخت هذه اللجنة الحربية على مدى عامين. حيث إنه بقدر ما زاد إرسال الأسلحة المهربة والإرهابيين إلى الحدود الإيرانية، زاد أيضًا استخدام الهاشتاغات والأخبار الوهمية للتأثير على النسيج الرمادي.
كانت بي بي سي الفارسية وتلفزيون نظام آل سعود، من بين العملاء الرئيسيين لهذه الحرب الإعلامية، والتي کانت تمطر الشعب الإيراني بالأخبار المزيفة علانيةً. وأدت أعمال التدمير هذه إلى إعلان السلطات الإيرانية التلفزيون السعودي شبكةً إرهابيةً.
مع اقترابنا من المونديال، ازداد حجم الضغط الإعلامي للجنة التخريب لإزالة المنتخب الإيراني بالاتهام السياسي. لكن مع إجراءات طهران الاستراتيجية والدبلوماسية، لم يستسلم الفيفا للضغوط السياسية لمجموعة “متحدون ضد إيران النووية”، وتم تأكيد مشاركة المنتخب الإيراني لكرة القدم في المونديال، من خلال نشر مقطع فيديو لجميع المنتخبات التي تأهلت للبطولة. وكان هذا الإجراء بمثابة ضربة قوية لحملة مقاطعة الرياضة الإيرانية.
بعد أن أصيبت لجنة التخريب بخيبة أمل بإقصاء المنتخب الإيراني، بدأت الإجراءات اللوجيستية للإرهابيين للهجوم النفسي على لاعبي المنتخب الإيراني في الدوحة.
كان الهدف أن يسافر بعض ضباط مخابرات الکيان الصهيوني إلى قطر تحت ستار المراسل الصحفي، ومن خلال حجز فندق بالقرب من مقر إقامة المنتخب الوطني الإيراني، ينقلون أعمال الشغب التي تشهدها بعض المدن الإيرانية إلى المنتخب الإيراني.
تم تصميم هذه الخطة حيث يتم توجيه بعض لاعبي المنتخب الإيراني بشكل مدرك، من خلال خلق ضغط مصطنع ضدهم، حتی أثناء المباريات، ومن خلال القيام ببعض التصرفات المخالفة للعادات الرياضية، يحولون ملعب كرة القدم إلى مكان اجتماع سياسي.
يقول محسن صالحي، عضو شبكة “إيران إنترناشيونال” الإرهابية بهذا الصدد: “منذ عام مضى عندما تأكدت مشاركة إيران في المونديال، خطط تلفزيون “إيران إنترناشيونال” المشاركة في هذا الحدث. لقد حجزنا فندقًا هناك وتم تجهيز استوديو إخباري محترف أيضًا. كان جهدنا أن نكون صوت الشعب الإيراني(الاضطرابات) في المونديال.”
وكان هذا الإرهابي قد اعترف بأن الهدف من رحلة الصحفيين إلى قطر لم يكن تغطية المباريات، بل التأثير على لاعبي المنتخب الإيراني ونقل الاضطرابات من لندن إلى الدوحة.
واللافت أنه من أجل تحقيق هذا الهدف، اختارت لجنة التخريب أحد لاعبي المنتخب الإيراني وحاولت الاقتراب من لاعب كرة القدم الشهير هذا من خلال شخص في ألمانيا. لکن التعليمات والمراقبة الدقيقة للوضع من قبل قوات المخابرات التابعة للحرس الثوري الإيراني، جعلت هذا اللاعب على علم بتآمرهم.
وكان من توجيهات منظمة “متحدون ضد إيران النووية” إلى لجنة التخريب التابعة لها، أنه لا ينبغي للاعبين الإيرانيين غناء النشيد الوطني الإيراني في بداية المباراة مع المنتخب الوطني الأمريكي، بل الجثو على الأرض.
هذا النوع من الأعمال التخريبية والتسييسة من قبل أعداء إيران، تسبب في تشكيل فريق عمل مشترك من قبل أجهزة المخابرات الإيرانية، وسافرت هذه المجموعة إلى الدوحة لمناقشة الأمر مع السلطات القطرية.
فريق العمل الإيراني حذر حينها القطريين من عدم التسامح مع اقتراب أي إرهابي من المنتخب الإيراني في الفندق أو محل الإقامة أو مكان التدريب، وإذا خالفت الشرطة وجهاز المخابرات القطرية هذا الأمر، فسوف يتعاملون مع المخربين بطريقة قانونية.
وبناءً على طلب السلطات الإيرانية، ألغى القطريون تأشيرات الصحفيين التابعين للنظام السعودي، ومن خلال إعداد قائمة بالمواد المحظورة مثل المخدرات والأسلحة والمشروبات الكحولية ولحم الخنزير والمواد المماثلة، أعلنوا أيضًا عن حظر وجود صحفيي “إيران إنترناشيونال”.
لماذا تراجع البريطانيون عن السفر إلى الدوحة؟
لكن قصة إلغاء سفر لجنة التخريب إلى قطر أصبحت مثيرةً للاهتمام، عندما أعلن البريطانيون فجأةً أن مراسلي بي بي سي الفارسية ألغوا أيضًا رحلتهم إلى قطر.
في ذلك الوقت، نشأ السؤال عن سبب منع الحكومة البريطانية للصحفيين من السفر إلى الدوحة، ولم تكن الإجابة عن هذا السؤال صعبةً.
فبعد الضربة الاستخبارية الإيرانية الکبيرة على لجنة التخريب في لندن وباريس، تم تسريب قائمة أعضاء هذه الشبكة ورفضت بريطانيا المخاطرة بمواصلة العملية في الدوحة. ويبيِّن هذا التفسير بوضوح أن الحكومة البريطانية واثقة من أن بي بي سي الفارسية هي وسيلة إعلام إرهابية، وأن الحفاظ على الکوادر بالنسبة للشبكة المتضررة هو أكثر أهميةً من مبدأ العملية.
بالطبع، كانت طبيعة عمل هذه الوسيلة الإعلامية الإنجليزية واضحةً لشعب إيران منذ فترة طويلة. فإضافة إلى دورها المباشر في عدة انقلابات سياسية(انقلاب 28 آب/أغسطس وانقلاب 2009)، روّجت هذه الوسيلة الإعلامية علنًا لأعمال مسلحة ضد الشعب الإيراني في الأشهر الأخيرة.
في السابق، حاولت بي بي سي إظهار نفسها على أنها تعكس الأخبار فقط، من خلال اتخاذ موقف محايد وخلق ما يسمى جو احترافي. لکن الأجواء الناتجة عن أعمال الشغب التي قام بها مراهقون في إيران، جعلت هذه الوسيلة الإعلامية البريطانية تخلع قناعها فجأةً وتظهر طبيعتها الخادعة.
وكان ضباط هذه الشبكة الإرهابية يعرفون جيدًا، أنهم إذا اقتربوا من الحدود الاستراتيجية لإيران ونفذوا عمليات تدميرية، فلن تكون نتيجة ذلك سوی الموت المحتوم لهم.
وفي هذه الأيام، أصبح وضع شركة البث الإخباري البريطانية مريعاً، لدرجة أن إحدی مذيعاتها اعترفت بنشرها ملفاً صوتياً أن هدف اللجنة التخريبية التي تتخذ من لندن مقراً لها هو تقسيم إيران، ووسائل الإعلام المناهضة لإيران ليست شبكات إخبارية، بل هي أداة إرهابية ضد الشعب الإيراني.
وآخر مثال على هذا السلوك الغريب، كان طرد صحفيي هاتين الشبكتين(بي بي سي الفارسية إيران إنترناشيونال) من اجتماع للأمم المتحدة. وتسببت الضربة التي تعرض لها الشريان الرئيسي للاضطرابات داخل إيران وخارجها، في إعادة تشغيل “متحدون ضد إيران النووية” في اجتماع مجلس المحافظين.
وفي الآونة الأخيرة، كتب محمد علي شعباني، وهو جاسوس نووي وعضو في شبكة بريطانيا، في تحليل، أنه “يجب التعامل مع إيران بالمنطق، لأن الفوضى ستدمر الشبكة فقط.