خيب اجتماع قادة حلف الناتو في ليتوانيا آمال الزعماء الأوكرانيون في كييف ببيان غامض حول دعوة مستقبلية لانضمام أوكرانيا إلى حلف الناتو عندما تتوفر “الشروط المطلوبة”، في إشارة من الإتحاد الأوروبي إلى وجود عقبات لا تزال تحتاج إلى تجاوزها بين الحلفاء، و في هذا السياق تحدث موقع ” “فوريجن بوليسي” عن التناقض الحاصل بين كلام الأوروبيين ورسائلهم بشأن عضوية أوكرانيا، و بين الواقع المختلف تمام عنه، فبموجب الخطاب الباهر حول مستقبل أوكرانيا في الاتحاد الأوروبي، تحدثوا في بروكسل كما لو أن انضمام كييف للحلف أصبح قراراً نهائياً، و كلامهم يعطي انطباعًا بأنه أمر محتوم و مؤكد، إلا أن الواقع شيئ أخر.
* التحديات المالية والمؤسساتية
على الرغم من جهود أوكرانيا الجادة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، إلا أن دول الاتحاد غير مستعدين بشكل كافٍ لاستيعابها، و يعتبر خطاب قادة الاتحاد الأوروبي الذي يتحدث عن عضوية أوكرانيا كلام غير متسق مع أفعالهم، فبالنظر إلى حجم أوكرانيا وعدد سكانها ومستوى الدخل المنخفض والاحتياجات الهائلة لإعادة الإعمار بعد الحرب، ستكون هناك حاجة لإجراء إصلاحات جذرية في مؤسسات الاتحاد الأوروبي وسياساته و ميزانيته، وعلى الأقل ستؤدي هذه الإصلاحات إلى نزاعات شديدة بين الدول الأعضاء الحالية بشأن توزيع أموال الاتحاد الأوروبي، حيث ستواجه تحديات كبيرة لتحقيق التوافق والاتفاق بشأن تخصيص الموارد المالية.
*الميزانية والتوزيع والصراعات المحتملة
اذا استمرت الميزانية الحالية للاتحاد الأوروبي وعملية التوزيع كما هي دون تغيير، فإن أوكرانيا ستحصل على حصة كبيرة من الميزانية الأوروبية، بما في ذلك الأموال التي تذهب حاليًا إلى الدول الفقيرة في شرق أوروبا وغيرها، وهذا سيتسبب في تحول العديد من الدول المستفيدة حاليًا من أموال الاتحاد الأوروبي إلى دول مساهمة، أي أنها ستصبح تساهم في الميزانية بدلاً من استفادتها منها، و ذلك لأن ميزانية الإتحاد يهيمن عليها عنصرين رئيسيين هما الدعم الزراعي ومشاريع التنمية في المناطق الفقيرة، واللذان يشكلان معاً حوالي 65 % من الميزانية الطويلة الأجل للاتحاد الأوروبي، وبالنسبة لهاتين المسألتين فإن عضوية أوكرانيا أمر مثير للقلق بين دول الإتحاد، لأن اوكرانيا واحدة من أفقر الدول في أوروبا، بدخل فردي يبلغ نصف دخل أفقر دولة عضو في الاتحاد الأوروبي، وتحتاج أوكرانيا أيضًا إلى بنية تحتية واعادة إعمار ضخمة، وبالإضافة إلى ذلك لديها واحد من أكبر القطاعات الزراعية في القارة و فجأة ستكون مؤهلة للحصول على دعم زراعي هائل من الاتحاد الأوروبي.
* خشية الإتحاد الأوروبي من التوسع
سيضع التوسع الأوروبي ضغوطًا على قدرة الاتحاد الأوروبي المعوقة بالفعل و غير قادرة على اتخاذ قرارات واعتماد قوانين وسياسات جديدة، حيث أصبح الاتفاق بين 27 دولة عضوية سيادية بالفعل مهمة صعبة جدا، و في حال انضمام أوكرانيا والدول الأخرى المنتظرة قد يصبح عدد دول الاتحاد الأوروبي أكثر من 30 عضوًا، و هذا سيعقد الأمور أكثر داخل الإتحاد لأعضاء الاتحاد بسبب حق النقض، و هنا نستذكر كلام وزير الخارجية الألماني السابق “هايكو ماس” حين طالب بتجريد الدول الأعضاء في الحلف من حق النقض قائلا “لم يعد بإمكاننا أن نسمح بأن نكون رهينة أولئك الذين يعرقلون السياسة الخارجية الأوروبية باستخدام حق النقض”،و دقيقا هذا ما يفسر لماذا تتردد الدول الأعضاء بإضافة المزيد من الدول التي ستكون صاحبة قرار في الاتحاد الأوروبي، و ذلك دون تغييرات في قوانينه.