الإعداد لزواج ناجح: البذرة قبل الشجرة

كل إنسان عاقل راشد يخطط لشؤون حياته، ويستعد لمتطلباتها، ويتهيأ دائماً لكل جديد يرتبط بمستقبله

2023-07-23

مروة حسن الجبوري

عندما ترغب في تأسيس حديقة في منزلك لابد من البحث حول أفضل أنواع البذور لزراعة الأشجار وحتى تحصل على منظر متكامل من ناحية الزرع والجودة والجمال وأيضا ضمان شجرة صالحة في المنزل لابد من البحث والاعداد لهذا المشروع، إذن لنعكس الحديث ونقول ابحث عن زوج بمواصفات اسلامية ومراعاة الخلق الحسن والبيئة الصالحة .

فكل إنسان عاقل راشد يخطط لشؤون حياته، ويستعد لمتطلباتها، ويتهيأ دائماً لكل جديد يرتبط بمستقبله.

فالطالب يقضي أوقاتاً كثيرة لمذاكرة دروسه استعداداً لامتحانات قادمة، بغية اجتيازها بنجاح.

والأم الحامل تستعد لولادة سليمة، بمراجعة الطبيب، وتبرمج غذاءها وفقاً لاحتياجات الجنين، ولا تنسى التسوق مبكراً لشراء مستلزمات الولادة وضروراتها.

وحتى لاعبي الرياضة فإنهم يعدون أنفسهم جيداً لخوض غمار المباريات الحاسمة، بالمزيد من التدريبات الشاقة لاكتساب المهارات المختلفة، واللياقة الضرورية لتحقيق الفوز على الخصم.

وبالرغم من أن الفشل في الرياضة وعدم تحقيق النصر في الغالب لا يعد فشلاً في الحياة إلا أن للرياضة قوانينها الجدية ومعطياتها التي تفرض على محبيها الاستعداد والتهيؤ دائماً وأبداً.

أحد المحطات الكبرى في حياة الإنسان والزواج والرجل التي تستحق التفكير العميق والاستعداد اللازم باعتبار الزواج مسألة هامة تترتب عليه الكثير من الآثار والنتائج المعنوي.

ومن حسن الحظ أن الجميع يستعد لهذا الحدث الجميل في اكتساب المعرفة .

بل نحن نبالغ كثيراً في الإعداد له، حيث يقضي الزوجان أشهراً عديدة في التحضير لليلة العمر، ويترددان على الأسواق لعشرات المرات لاختيار المصوغات الذهبية والإكسسوارات تارة، ولاختيار الملابس تارة أخرى، والبحث عن صالة الاحتفال يستغرق وقتاً طويلاً، ولا ينتهي الإعداد لهذه الليلة عند هذا الحد، بل هناك العديد من المهمات والقضايا التي ينبغي انجازها ..

ومع أن الإعداد لهذا الجانب من الزواج أمر حسن إذا كان في الحدود الطبيعية، البعيدة عن المبالغة المفرطة، إلا أن الكثير من الأزواج يغفلون عن قضايا هامة وضرورية في عملية الإعداد للزواج في غمرة الاهتمام والتركيز على الجانب المادي فحسب، ولا ينتبهون للجانب المعنوي من الإعداد، ذلك الجانب الذي يتعلق بالتحضير لثقافة الزواج،

فالزواج ليس فستاناً جميلاً تلبسه المرأة في ليلة العمر وليس (شبحاً) يستعيره الزوج أو يستأجره لشريكة حياته، وبالطبع ليست صالة الاحتفال الجميلة الباهرة .

الزواج أحد المحطات الكبرى في حياة الإنسان من قبل المرأة والرجل والتي تستحق التفكير العميق والاستعداد اللازم، باعتبار الزواج مسألة هامة تترتب عليه الكثير في حالتي النجاح والفشل..

ومشكلاتنا الخاصة فليس كل تجربة نجحت في مكان عليها أن تعطي نفس النجاح في مكان وبيت آخر، إذ تختلف قابلية الناس وطريقة تفكيرهم وبالتالي تفسير قراءتهم للتجارب أو الأفكار.

الاستفادة من الدورات الإرشادية ومراكز التأهيل الأسري الزوجية

بسبب التعقيدات الكثيفة التي دخلت في حياتنا المعاصرة، تأثرت الحياة الاجتماعية والأسرية بقضايا وأنماط الحياة المعاصرة، وفقدت معها صفة البساطة المتعارفة في عقود زمنية ماضية.

مع انشغالات الزوجين خارج البيت الأسري، وتزايد ضغوط الحياة المادية والنفسية، أدخلت الكثير من المشاكل النفسية والاجتماعية إلى المحيط الأسري، مما أفقد الحياة الأسرية المزيد من الاستقرار والاطمئنان أضافت إليها عنصر القلق.
التوتر والاضطراب

من هنا كان سعي خبراء الأسرة والمجتمع لتأسيس المراكز المتخصصة في التأهيل الأسري وإقامة الدورات الإرشادية في التثقيف الأسري بغرض توفير المزيد من المعلومات والأفكار، والتعريف بالوسائل والأساليب المناسبة لمواجهة المشكلات الكثيرة التي تعصف بالعلاقات الزوجية والأسرية، ولإكساب المتدربين المزيد من المهارات المختلفة للتعامل مع الظروف، والتغلب على مصاعب الحياة الزوجية المعاصرة.

بوسائل علمية ومنهجية فعالة، إن بعض الناس قد لا يجدون من ينفتحون عليه لتداول هموم مسائل الزواج ومعرفة أسراره، وبالتالي الإعداد له بشكل مناسب قبل أن يفاجئوا بالقادم المجهول!

من هنا كان البحث عن دورات تثقيفية في العلاقات الزوجية والأسرية مهمة ضرورية وأساسية لتلقي المزيد من الوعي والمعرفة في موضوع الزواج، فالأمر كما أظن يستأهل البحث والعناء والتعب والصبر على برامج الدورات، وتكلفتها المالية لأنه يبحث عن نجاح من نوع خاص، ربما ارتبط به النجاح أو الفشل لأمد بعيد من عمر الإنسان!

وكما نتعب أنفسنا أياماً وليالي للبحث عن صالة أفراح مناسبة (تبيض الوجه)! أليس من العقل أن نبحث عن نجاح لمستقبلنا، ونصبر ونتحمل ما يكتنفه من أتعاب لبعض الوقت في سبيل معرفة متنورة نقاتل بها الجهل ونتغلب بها على فقر المعرفة.

ولقد أصبحت ولله الحمد هذه الخدمة متوفرة في مجتمعنا للجنسين من خلال بعض المراكز واللجان الأسرية التي تعنى بأمور وقضايا الزواج، والتي تهتم بنشر الثقافة الزوجية والأسرية الناجحة. وقد حققت تلك المراكز والمؤسسات ذات العلاقة نجاحاً جيداً من خلال تفاعل الكثير ممن استفادوا من تلك الدورات التي زودتهم بالحقائق والمعرفة اللازمة لخوض غمار التجربة الزوجية.

وقد انجلت لهم القضايا المجهولة، وتوضحت لهم حجم الإجابة على الأسئلة المطروحة، واستوعبوا على عاتقهم لتحقيق النجاح في حياتهم. إن طرفي العلاقة الزوجية بحاجة إلى الكثير من الاستشارات، قبل أن يتعلما من التجربة، وقد يدفعان ثمناً باهظاً قبل أن يصلا إلى حلول تجمعهما ولا تفرقهما، وليس من العقل الانتظار لذلك الوقت، فهذا الانتظار موقف سلبي. ومن الطبيعي أن يلجأ طرفي العلاقة الزوجية للمراكز والمؤسسات والدورات التثقيفية للتزود بالمعرفة، كما نلجأ لتحصيل المعرفة في حقول الحياة المعرفية طبية كانت أو هندسية، أو غيرها.
دور الآباء والأمهات

يتأثر الأبناء والبنات غالباً بما يدور في بيوتهم، من العلاقات القائمة بين الأبوين وطرق التعامل، فالعلاقات بين الأبوين تنعكس بخيرها وشرها على الأبناء، ويكتسب الجنسين ثقافة الحياة الأسرية إيجابية كانت أو سلبية من البيت الأسري بحكم معايشتهم للأحداث والعلاقات البينية يوماً بيوم، بل ساعة بساعة.

من هنا فإن الأبوين يساهمان بشكل أو بآخر بإعداد الأبناء من الجنسين لحياة أسرية ما.

ويجدر التذكير هنا بأن الأبوين يستطيعان القيام بدور التوجيه غير المباشر من خلال العلاقة القائمة على المودة والاحترام بينهما لإعداد الأبناء بشكل ايجابي للحياة الزوجية المستقبلية.

كما أنَّ الأبوين معنيان بالتوجيه والنصح والإرشاد والتدريب للأبناء من الجنسين لإعدادهم للأدوار الزوجية. فالأم تشجع البنت على سبيل المثال على دخول المطبخ واكتساب مهارة الطبخ وما أشبه، وتشجع الأسرة الابن على القيام بمسؤولية التبضع وشراء المستلزمات الأسرية… وما أشبه.

إن مسؤولية الأبوين في إعداد الأبناء وتأهيلهم مهمة لوضع قواعد النجاح لحياة أسرية واعدة. كما أن للأبوين دور في تشجيع الأبناء ودفعهم للاستفادة من الخدمات الثقافية والإرشادية المتخصصة التي تقدمها اللجان والمراكز الأسرية والتي تساعدهم على اكتساب المزيد من الوعي والمعرفة لإدارة الحياة الزوجية بشكل سليم وناجح.