كل ما يهمني أن يكبر الأطفال في اجواء علمیة ودینیة...

في لقاء اجرته الوفاق مع شاب أهوازي انفق كل ما يملك لإعادة بناء مدرسة:

موسوي: كنت أبحث عن تغيير في التعليم، فقد أكدت على الدرجة الحقيقية وكنت بشدة ضد مساعدة الطلاب ومنحهم الدرجات دون استحقاق،

2022-11-23

الوفاق/ خاص

محمد حسن الشبري

حوّل الشاب محمد موسوي مدرسة متهالكة إلى أكثر المدارس تجهيزاً وحداثة في مدينة اهواز، بعد ما باع ذهب زوجته وانفق ما جمعه لشراء سیارة، وفي لقاء اجرته الوفاق معه، قال هذا الشاب المتفاني، وهو مدير مدرسة آية الله كلبايكاني، الواقعة في منطقة كبلو الجنوبیة احدی المناطق المحرومة في أهواز: لأنني تلقيت تعليمي في الحوزة العلمیة والجامعة، كل ما يهمني أن يكبر الأطفال في اجواء علمیة ودینیة. ویضیف انه درس في الحوزة العلمیة حتی مرحلة البحث الخارج، ثم دخل الجامعة وحصل على درجة الماجستير. وعمل في التربیة والتعليم لمدة عشر سنوات. وعین مستشاراً لمدير عام التربية والتعليم في خوزستان، لمدة عامین.

يقول السيد موسوي: عندما كنت انظر الی مدارس حي كمبلو الجنوبي في اهواز التي اكملت دراستي الإعدادية والثانوية فيها، لم ار هناك تغييرا فيها رغم مضي اكثر من ثلاثة عقود.

يقول هذا المعلم الملتزم: هناك قانون في التعليم يسمح للمعلمين الحاصلين على درجات عالية باختيار المدرسة التي يرغبونها. ولكن بسبب تهالك المدارس والضعف الثقافي في المنطقة وللأسف قلة اهتمام أولياء الأمور بأطفالهم بسبب الضعف المالي والثقافي، قل عدد المعلمين الذين يختارون مدارس هذه المنطقة (كمبلو) للتدريس وبالتأكيد أولوية المعلمین هي المناطق المزدهرة في المدينة.

یضیف السید موسوي، انه حزن وقتها لان المدارس في المناطق المحرومة لا يمكن أن تدار بدون معلمين، والتربیة والتعليم لا یمكنها ان تجبر معلما ما للذهاب الی هذه المدارس الا المجندين والمدرسين الجدد.

وتابع : في عام 2015 وبعد عدة محاولات لانشاء مدرسة في منطقة (كمبلو الجنوبية) اقترحت التربیة والتعلیم علينا  اعادة اعمار مدرسة تم إغلاقها منذ عامين، لأن المبنى كان متهالكاً جداً. فقبلت بهذا الاقتراح.

يقول: عندما زرت المدرسة لأول مرة، رأيت أن البوّاب قد حوّل المدرسة إلى مزرعة مليئة بالأبقار والأغنام والدجاج. طلبت من البواب إصلاح هذا الوضع.

تحدثنا مع منظمة تجديد المدارس وإمام جمعة اهواز وبدأنا بتجديد المدرسة.

 نجحنا بإعادة بناء المدرسة قبل انطلاق العام الدراسي

بدأنا العمل في أغسطس 2015، عملنا ليلاً ونهاراً لكي ننهي اعادة اللاعمار قبیل بدء العام الدراسي. وبالفعل نجحنا ببناء المدرسة قبل انطلاق العام الدراسي بایام. لكن لم یتبق شيء من الاموال لشراء مناضد وسبورات وكذلك مكیفات. بدأت المدرسة العمل بفترتي الصباح والمساء بـ 530 طالباً.

ويتابع مدير مدرسة آية الله كلبايكاني، قائلاً: لأنني كنت أبحث عن تغيير في التعليم، فقد أكدت على الدرجة الحقيقية وكنت بشدة ضد مساعدة الطلاب ومنحهم الدرجات دون استحقاق، لانني أعتقد ان مساعدة الطلاب اجحاف بحقهم وتعيق تقدمهم ونجاحهم في المستقبل. لذلك نجح 25٪ فقط من طلابنا.

وعندما جاء مفتشو الوزارة قالوا: “يبدو أنه لم يتم عمل شيء في هذه المدرسة؟ كيف أن مدرسة أخرى في نفس المنطقة لديها نسبة نجاح 91٪ وأنت لديك 25٪!” قلت: “لا أعرف كيف عملوا، لكننا عملنا حقاً وهذه نتيجة عملنا”.

يضيف موسوي: بعد مرور اشهر من العام الدراسي، ووفقاً للتقييم الذي أجريناه، اكتشفنا أن ما يقرب من 50٪ من الطلاب في الصف السابع لا يمكنهم حتى كتابة أسمائهم وألقابهم، وهم في الحقيقة أميون. كان طالب الصف السابع يحضر ولكن لم يفهم الدروس، لذلك حزنت واكتأبت. فتسبب هذا في تسرب بعض الطلاب من المدرسة أو تغيير مدارسهم لمجرد الحصول على الدرجات والنجاح.

عندما اكتشفنا هذه المسألة، عقدنا صفوف اضافیة لتعزیز مهارات الطلاب يومي الخميس والجمعة بالتعاون مع أولياء الأمور وقمنا بتعليمهم الأبجدية.

إعداد سلسلة من الجوائز التحفيزية الثقافية

يقول هذا المدير الملتزم: ذهبنا إلى أماكن مختلفة لتوفير المزيد من التسهيلات. عندما رأيت، لا توجد مساعدة والمدرسة بحاجة الی المزید من الاجهزة والمعدات،  اقترضت 13 مليون تومان وكان لدي بعض المدخرات، أنفقتها كلها على تحسين المدرسة وجعلت بعض الصفوف الدراسية ذكية واشتريت مكيفات، كما قمنا بإعداد سلسلة من الجوائز التحفيزية الثقافية والتعليمية للطلاب وكنا في هذه المدرسة لمدة عامين.

على الرغم من المصاريف التي أنفقناها على تجهيز وترميم المدرسة الاولی، اتفقنا على الانتقال إلى مدرسة كانت بجوارنا، وكان حجمها ضعف حجم مدرستنا، وكانت تظم 10 فصول، وكان بها فناء كبير وغرفة للصلاة حيث يمكننا فتح موقع كمبيوتر ومختبر، لكن مبنى هذه المدرسة لم يكن مثل المدرسة السابقة التي رممناها. فنظرا لموقع المدرسة الجدیدة وامتیازاتها، قمنا بتسليم المدرسة القدیمة، والتي تحولت إلى مدرسة فنية ومهنية، وانتقلنا إلى المدرسة الجديدة، فشمرنا عن سواعدنا من جدید لإعادة بناء المدرسة الجدیدة وكان لدينا أصدقاء حميمون، قرروا ان یقوموا بمساعدتنا.

يقول موسوي: خلال ست سنوات، تم تجديد المدرسة بشكل أساسي وأنفقنا ما يقرب من مليار تومان لإعادة بنائها،  ومن ثم تم دفع 5 ملیارات من قبل المتبرعين وعدد من أولياء الأمور. وبقي 5 ملیارات اخری لاكمالها، اضطررت إلى بيع 40 غراماً من ذهب زوجتي.كما قام معلمو المدرسة باخذ 16 سلفة لسداد جزء آخر من القروض. فاستقرینا بعد سداد الدیون. ولدينا حالياً أكثر من 650 طالباً وتغطي المدرسة الصفوف من السابع إلى الثاني عشر.

في كل عام، يتم قبول أكثر من 50٪ من طلابنا بمعدل تراكمي أعلى من 18 وبدرجاتهم الحقیقیة، وهذه هي الطريقة التي يزدهر بها طلابنا.

​​تدشين موقع خاص للحاسوب بالمدرسة ومصلى كبير

يضيف هذا الشاب: تم ​​تدشين موقع خاص للحاسوب بالمدرسة ومصلى كبير ومنظم، ويتم تسجيل دخول وخروج الطلاب إلكترونياً، وفي حالة الغياب يتم إرسال رسالة نصية قصيرة إلى عوائلهم. تم إعداد تطبیقات للطلاب بحيث يتم إبلاغ أولياء الأمور بدرجات طلابهم بشكل يومي. كما تم تجهيز جميع الفصول الدراسية بالمدرسة بمكيفات ومبردات وألواح ذكية وأنظمة صوت داخلية وتم توفير المعدات واللوازم الرياضية للطلاب. فتحولت المدرسة الی مركز علمي یحتذی به.

قبل بدء جائحة كورونا، كان لدينا كل عام رحلة الی مشهد المقدسة للطلاب والمعلمين،كما أقمنا رحلات داخل وخارج المحافظة والعديد من البرامج الثقافية بمساعدة المبلغین.

كنا ومازلنا نعقد دورات تثقيف أسرية منتظمة للآباء كل شهر. أتذكر أنه في السنة الأولى، شاركت 30-40 عائلة، في هذه الدورات. لكن قاعة الصلاة التي تبلغ مساحتها 140 متراً في المدرسة لم تستوعب عدد العائلات للاجتماعات الشهرية، فاضطررنا إلى نقل الاجتماعات الی مسجد الحي.

يقول السيد موسوي: كل هذه المرافق مخصصة للاستخدام العام، أي أنها ليست حصرية لطلاب مدرستنا، لأن هناك 11 مدرسة وما مجموعه 4 آلاف طالب يدرسون في الشوارع المحيطة بمدرستنا، ويمكنهم استخدام موقع الكمبيوتر والمرافق الاخری إذا لزم الأمر.

 اهتمام خاص بالشؤون الدینیة للطلاب

كان هدفنا إنشاء مدرسة إسلامية، بالإضافة إلى التعليم، تولي اهتماماً خاصاً للشؤون الدینیة للطلاب، لأنه من الممكن أن يكون الطالب مرغوباً أكاديمياً ولكن قد يكون لديه انحرافات. وبالإضافة إلى تعليم الطلاب، يتعين علينا تعلیم الآباء أيضاً.لان هناك مشاكل ثقافیة لا يعرف الآباء في بعض الأحيان كيفية التعامل معها.

يقول موسوي: نخطط لإنشاء مدرسة ابتدائية بنفس المستوى بجانب مدرسة “أمان” لحل مشكلة الأمية بين طلاب المرحلة الابتدائية. يوجد أيضاً مبنى، لكنه متهالك ويحتاج إلى تجديد، وإذا ما جهز، فيمكن أن يجعل الطلاب في المنطقة مفعمين بالحيوية. وله مجال واسع يمكن استخدامه للرياضة والترفيه ولإثارة روح البهجة لدى أطفال الحي، لكننا في الحقيقة لا نملك القدرة المالية على اعادة اعماره. واذا لم نتلق العون من المسؤولین فسيكون الامر صعبا حقا .. طبعا ذهبت الى طهران عدة مرات لمتابعة الموضوع لكن لم احصل علی نتائج.

یضیف موسوي انه یدفع أقساط شهرية قدرها 5 ملايين ومائة ألف تومان للقروض التي أخذها، لاعادة بناء المدرسة. وقد تم إغلاق راتبه لمدة عام بسبب القرض، وليس لديه راتب، ویعتاش علی بعض القروض من زملائه المعلمین.

ویقول في فترة 6 سنوات حصل هو وزملاؤه المعلمین على 16 قرضا، بلغ مجموع القروض 250 مليون تومان، تبقى منها 60 مليون تومان. ویضیف:40  شخصاً مدينون لنا على الخدمات التي قدموها في المدرسة، ولا يوجد يوم لا يتصل فيه احد منهم بي. إنهم على حق، لقد مر عام ونصف وما زلت غير قادر على دفع أجورهم بسبب المشاكل الاقتصادية التي حدثت عنها.

وردا على سؤال مفاده أن التربیة والتعليم لم تساعدك في هذا الصدد، يقول السید موسوي: إن التربیة والتعليم تعتقد أن هذه الخطوة تمت بناءا على قرار فردي، وليس لديهم ميزانية إلى هذا الحد.