مع ذلك، أكد شريف أنه التقى رئيس المعارضة في البرلمان راجه رياض، وأنه سيعلن رئيس الحكومة الانتقالية خلال ثلاثة أيام.
وقال مكتب الرئيس علوي، في بيان، إن الرئيس وقّع على مسوَّدة حلّ البرلمان التي أرسلها مكتب رئيس الوزراء، وبموجبه حلّ البرلمان بعد أن أكمل فترته الدستورية، وذلك تحت المادة الدستورية رقم 58 (1). وفي خطاب له أمام آخر جلسة للبرلمان (جسلة الوداع)، قال رئيس الوزراء الباكستاني إن ما واجهته الحكومة الباكستانية خلال الأشهر الـ16 الماضية لم تواجهه أي حكومة في تاريخ باكستان، وكانت مساندة البرلمان لها دعماً وسنداً لقراراتها، كذلك حافظ البرلمان على اللحمة الوطنية.
وأضاف شريف أن باكستان بحاجة إلى التلاحم والتأزر من قبل جميع الأطراف والقوى السياسية والدينية، وأنها تمرّ بمرحلة حرجة للغاية، من هنا اتخذت حكومته “قرارات صارمة”، دون أن يذكر تلك القرارات. وجدد شريف وعده بخدمة البلاد أكثر فأكثر إذا ما جاء مرة أخرى رئيساً للوزراء.
*أسوأ ما شهدته باكستان
في المقابل، قال رئيس الوزراء السابق، القيادي الأهم في حزب شهباز شريف، سيد خاقان عباسي، إن هذا البرلمان أسوأ البرلمانات التي شهدتها باكستان في تاريخها، ولم ينجز شيئاً للشعب سوى الانقسام. وطلب عباسي الصفح من الشعب الباكستاني، لأنه كان عضو هذا البرلمان، مؤكداً أن “الشعب الباكستاني سيكون سعيداً بعد التخلص من هذا البرلمان الذي كان وصمة عار على جبهة الجميع”. زعيم الجماعة الإسلامية سراج الحق قال، في بيان، إن “الحكومة الحالية والبرلمان كانا أسوأ ما شهدته باكستان، وحاولا فقط إخفاء قضايا الفساد في حق مسؤولين”. ودعا سراج الحق البرلمان والحكومة، ورئيس الوزراء خصوصاً، إلى طلب صفح الشعب عنهم، وهو الشعب الذي “عانى كثيراً بسببهم. البرلمان والحكومة لم يعطيا الشعب إلا غلاء أسعار الكهرباء والغاز والوقود”.
وبدأ البرلمان الباكستاني عمله في 13 من أغسطس/آب 2018، بعد انتخابات أجريت في في العام ذاته، وكان من المتوقع أن يحلّ قانونياً في 12 من الشهر الجاري، وفق الدستور، الذي ينص على إجراء الانتخابات العامة في البلاد خلال 60 يوماً إذا أكمل البرلمان فترته الدستورية، ولكن إذا حُلّ قبل إكمال فترته القانونية، ولو بيوم واحد، تعقد الانتخابات العامة خلال 90 يوماً من تاريخ حلّ البرلمان. وهو ما جعل رئيس الوزراء شهباز شريف يقوم بحله في التاسع من الشهر الجاري.
*خلافات على تعيين رئيس للحكومة الانتقالية
شريف والأحزاب المتحالفة… أرادوا حلّ البرلمان قبل موعده الأصلي بثلاثة أيام، الآن لزام عليهم أن يجروا الانتخابات خلال 90 يوماً بدلاً من 60 يوماً، لكنهم لا يريدون ذلك أيضاً. لذا، هناك خلافات على تعيين رئيس للحكومة الانتقالية، إذ من المهام التي تتركها الحكومة الحالية للحكومة الانتقالية تأجيل عملية الانتخابات، فمن بين أعضاء التحالف، لا يريد حزب الشعب الباكستاني تأجيل الانتخابات، وسيبدأ من الغد حملته الانتخابية، كما أعلن وزير الخارجية بلاول بوتو زرداري الأسبوع سابق. وبوتو هو القيادي في حزب الشعب، ونجل زعيم الحزب أصف علي زرداري، بينما يسعى حزب رئيس الوزراء، حزب الرابطة الإسلامية، بكل قوة لتأجيل الانتخابات، من هنا تعقدت عملية تعيين رئيس للحكومة الجديدة”. وعيّن البرلمان الحالي، عارف علوي رئيساً للجمهورية، كذلك عيّن رئيسين للوزراء، هما رئيس الوزراء الحالي شهباز شريف، ورئيس الوزراء السابق عمران خان، وكان الشيء الأكثر خصوصية في البرلمان الخامس عشر، وأنه أطاح حكومة رئيس الوزراء عمران خان من منصبه من خلال سحب الثقة عنه في شهر إبريل من العام الماضي.
*جدل وتصدعات
وفي 22 من مارس/آذار عام 2022، أعلن 22 عضواً من نواب حزب عمران خان الانفصال عن خان وتشكيل فرع جديد داخل البرلمان. أما في 9 إبريل/نيسان من العام نفسه، فنجحت عملية سحب الثقة عن عمران خان وأُزيح عن رئاسة الحكومة.
في 11 إبريل 2022، قدم نواب حزب عمران خان، وعددهم 125 نائباً، الاستقالة من البرلمان، بينما لجأ 20 آخرون، انشقوا عن الحكومة، إلى مقاعد المعارضة، برئاسة راجا رياض، القيادي السابق في حزب عمران خان، وهم من تسميهم الحكومة معارضة داخل البرلمان، ويتشاور معهم رئيس الوزراء شهباز شريف بشأن تشكيل الحكومة الانتقالية.
والبرلمان الحالي كان من اليوم الأول معرَّض للجدل، فاتهم أعضاء التحالف الحاكم خان بأنه حصل على دعم المؤسسة العسكرية التي أجرت تزويراً لصالحه في الانتخابات الماضية، لكن بعد سحب الثقة منه، اتهم عمران خان المؤسسة العسكرية بالتأمر عليه والوقوف مع التحالف الحاكم. لم يشهد البرلمان حالة استقرار، ولو يوماً واحداً، خصوصاً في مرحلة حساسة للغاية شهدتها المنطقة والداخل الباكستاني.
“لم يتمكن التحالف الحاكم حتى الآن من تعيين رئيس للحكومة الانتقالية، بسبب الخلافات الداخلية بين أعضاء التحالف، والخلافات بين الحكومة والمعارضة”، كما يقول يوسف زاي، مشيراً إلى أن “تأجيل الانتخابات إلى فترة معينة قد يكون من أعظم أسباب الخلاف بين أعضاء التحالف الحاكم، كذلك كل حزب يريد أن يأتي على رأس الحكومة من هو أقرب إليه”.
*كيف ضغطت واشنطن ؟
شجّعت وزارة الخارجية الأميركية الحكومة الباكستانية، في اجتماع عُقد في 7 آذار/مارس 2022، على إقالة عمران خان من منصب رئيس الوزراء، بسبب موقفه بشأن حرب أوكرانيا، وفقاً لوثيقة حكومية باكستانية سرية حصل عليها موقع “ذا إنترسبت” الأميركي. وكان الاجتماع، الذي عُقد بين السفير الباكستاني لدى الولايات المتحدة، واثنين من مسؤولي وزارة الخارجية، موضوع تدقيق مكثف وجدل وتكهنات في باكستان، على مدار الفترة الماضية، التي انقضت، ومدتها عام ونصف عام. وبحسب الموقع، بعد شهر واحد من الاجتماع بالمسؤولين الأميركيين، والموثق في وثيقة الحكومة الباكستانية المسرّبة، تم إجراء تصويت على حجب الثقة في البرلمان عن عمران خان. ولم يسبق نشر نص البرقية الباكستانية، التي أصدرها السفير بشأن الاجتماع وأرسلها إلى باكستان. وتكشف البرقية، المعروفة داخلياً باسم “سايفر”، كلاً من “الجزرة” و”العصا” (سياسة تقديم مزيج من المكافآت والتلويح بالعقاب من أجل الحثّ على سلوك معين)، والتي قدمتها وزارة الخارجية في حملتها ضد خان، واعدةً بعلاقات “أكثر دفئاً” إذا تمّت إزاحة خان، ومهددة إياها بـ”العزلة” إذا لم يتم ذلك. وأشار الموقع إلى أنّ الوثيقة تتضمن سرداً للاجتماع بين مسؤولي وزارة الخارجية، بمن فيهم مساعد وزير الخارجية لمكتب شؤون جنوب آسيا ووسطها، دونالد لو، وأسد مجيد خان، الذي كان في ذلك الوقت سفير باكستان لدى الولايات المتحدة. وفي الاجتماع، وفقاً للوثيقة، تحدث لو بعبارات صريحة عن استياء واشنطن من موقف باكستان في الصراع. ونقلت الوثيقة عن لو قوله إنّ “الناس هنا وفي أوروبا، قلقون للغاية بشأن سبب اتخاذ باكستان مثل هذا الموقف المحايد والعدواني”.
*تهميش باكستان
وبحسب ما تابع الموقع، أثار لو “بصراحة” مسألة التصويت بحجب الثقة، وقال: “أعتقد أنه إذا نجح التصويت بحجب الثقة ضد رئيس الوزراء، فسيتم العفو عن كل شيء في واشنطن، لأنّ زيارة روسيا يُنظر إليها على أنها قرار من جانب رئيس الوزراء”. وتابع قائلاً: “لكن بخلاف ذلك، أعتقد أنه سيكون من الصعب المضي قدماً”. وحذّر لو من أنه إذا لم يتم حل الوضع، “فسيتم تهميش باكستان من جانب حلفائها الغربيين”. ثم عقّب لو مهدداً بصورة مبطّنة، وفق الموقع، عبر القول: “لا أستطيع أن أقول كيف ستنظر أوروبا إلى هذا الأمر، لكنني أظن أنّ رد فعلها سيكون مشابهاً”، مضيفاً أنّ خان قد يواجه “عزلة” من جانب أوروبا والولايات المتحدة إذا بقي في منصبه. يُشار إلى أنه في حزيران/يونيو الماضي، اتهم خان الجيش الباكستاني بتعميق الأزمة السياسية في البلاد، وبالتواطؤ مع الولايات المتحدة الأميركية من أجل إطاحته.