قال المدير التنفيذي لشركة هندسة وتطوير الغاز الإيراني: إن إصرار باكستان على إستيراد الوقود السائل مثل الديزل والبنزين والغاز الطبيعي المسال وعدم استيراد الغاز من إيران ليس قراراً اقتصادياً، بل قراراً سياسياً.
وأضاف رضا نوشادي، في مقابلة صحفية، حول المواقف والتصريحات الأخيرة للسلطات الباكستانية حول موضوع إستيراد الغاز من إيران: لقد قمنا بتنفيذ خط غازي إلى حدود باكستان لسنوات عديدة، ونأمل أن يدخل حيز التنفيذ من قبل باكستان في أقرب وقت ممكن.
وتابع نوشادي: تستورد باكستان في الوقت الراهن الوقود السائل والغاز الطبيعي المسال، والذي يعد أغلى من الغاز الإيراني، لذلك يمكنها بالتأكيد الاستثمار في إنشاء خط الأنابيب والحصول على الغاز الإيراني أيضاً.
وبحسب المدير التنفيذي لشركة هندسة وتطوير الغاز، قامت إيران بإنشاء أكثر من 1000 كيلومتر من خطوط الأنابيب من عسلوية لإيصال الغاز إلى الحدود؛ لكن باكستان وقفت متفرجة ولم تقم بتنفيذ شبكة الخطوط، وقال: لقد أبلغنا باكستان عدة مرات أن لدينا مقاولين ممتازين وسعة لازمة لإنشاء الأنابيب وتشغيل الخطوط، بل ويمكننا إجراء الشبكة داخل هذا البلد في فترة زمنية قصيرة. ورأى نوشادي أن باكستان ليس لديها أي مبرر اقتصادي لعدم شراء الغاز الإيراني.
* خط أنابيب “تابي”
ولدى تقييمه عمليات إجراء خط أنابيب “تابي”، قال نوشادي: كان من المفترض أن يتم تنفيذ خط أنابيب “تابي” على مسار تركمانستان – أفغانستان – باكستان – الهند بكل قوة؛ لكن حتى الآن لم نر أي مشروع لتوريد الغاز ولا إرادة جادة لتنفيذه، بل فقط تصريحات عديدة لسنوات من قبل أطراف المشروع، وإلى الآن لم تظهر أي علامة على التنفيذ المؤكد لهذا المشروع في أي من هذه البلدان المستفيدة.
واستطرد نوشادي قائلاً: بالتأكيد وبدون شك، نرى أن للتدخل الأمريكي المباشر وغير المباشر عاملاً في عدم تحقق صفقات الغاز الإيرانية، وإلا فلماذا لا تشتري باكستان الغاز الذي وصل إلى حدود بلدها ومن ثم تتوجه نحو الاستثمار في الغاز التركمانستاني وتنشأ خط أنابيب 1000 كيلومتر؟
وقال نوشادي: على أية حال، مازال خط “تابي” تحت مجهر الدعاية، إذ أننا لم نر أي إرادة جادة حيال تنفيذه؛ لكننا نأمل أن يكون للنفقات التي تكبدتها إيران من جانبها نتائج مثمرة.
* خطوط الأنابيب الإيرانية آمنة
وذكر هذا المسؤول أن مسار أفغانستان وبعض الأجزاء من باكستان لم تكن مسارات آمنة لنقل موارد الطاقة في العقود القليلة الماضية، مؤكداً أن خطوط أنابيب الغاز الإيرانية كانت دائماً آمنة لنقل الطاقة إلى جميع دول الجوار.
وأكمل في نفس السياق: نتبادل الغاز مع تركمانستان وجمهورية أذربيجان وأرمينيا وتركيا والعراق من مسارين، حيث كانت القضايا الأمنية هي الركيزة المحورية لنا في العقود الأربعة الماضية.
وأردف المدير التنفيذي لشركة هندسة وتطوير الغاز قائلاً: ما نراه اليوم أن باكستان تقوم بالإستيراد المؤقت، ليس إلى مدى نمو وتطور المجتمع الباكستاني، والذي عادة ما يكون لديه استهلاك متزايد للطاقة، فهي على غرار أوروبا، لا تملك القدرة المالية لاستيراد الغاز الطبيعي المسال، بالتالي إن الإصرار على إستيراد الوقود السائل مثل الديزل والبنزين والغاز الطبيعي المسال وعدم استيراد الغاز من إيران ليس قراراً اقتصادياً، بل قراراً سياسياً.
ورأى نوشادي أنه في حال أرادت إسلام آباد تلبية احتياجاتها من الطاقة من قطر، فلن يكون هذا البلد بالتأكيد قادراً على تلبية هذه الكمية من الغاز الطبيعي المسال، موضحاً: يمكن أن تدعم المعادلات الاقتصادية الباكستانية استيراد هذا الوقود الباهظ الثمن، الأمر الذي يزيد من الصعوبات أمام السلطات الباكستانية. كما أن العديد من الدول تستثمر في الغاز الطبيعي المسال في قطر، وفي الوقت نفسه، تقوم بتوقيع عقود البيع والشراء.
وأردف: على سبيل المثال، عندما تزداد قدرة الغاز الطبيعي المسال في قطر حتى عام 2028، فبلا شك سيوقع وقتذاك العملاء الصينيون والأوروبيون عقود شراء طويلة الأجل.
واختتم نوشادي حديثه قائلاً: الأمر المثير للاهتمام هو أن معظم الغاز الطبيعي المسال القطري سوف يملأ الفجوات التي خلفها الغاز الروسي، لأن روسيا اعتادت على تصدير 170 مليون مترمكعب من الغاز يومياً إلى أوروبا. بمعنى، ستكون أمريكا وقطر بلا شك سوقاً عالمية للغاز الطبيعي المسال في الفترات القادمة.
* ضغط أميركي
يذكر أنه منذ أيام، علقت باكستان مشروع خط أنابيب غاز مع إيران تبلغ تكلفته عدة مليارات من الدولارات، بضغط من الولايات المتحدة الأميركية، وفقاً لتقارير إعلامية باكستانية، وذلك على الرغم من إجراء مسؤولين إيرانيين كبار مباحثات في إسلام آباد على مدار الأيام الأخيرة للتأكيد على أهمية المشروع والمضي قدماً في تنفيذه.
ويأتي إيقاف المشروع أيضاً في وقت تكافح فيه باكستان لترتيب اقتصادها، الذي يعاني من ضائقة مالية بمساعدة صندوق النقد الدولي، الذي وافق قبل أسابيع على قرض بقيمة 3 مليارات دولار.
وفي الأسبوع الماضي، أكد وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان، خلال زيارته التي استمرت ثلاثة أيام لباكستان، على ضرورة إستكمال المشروع، قائلاً: إنه سيخدم بالتأكيد المصالح الوطنية للبلدين.
كما أكد سفير إيران لدى إسلام آباد رضا أميري مقدم، خلال لقائه أعضاء غرفة تجارة وصناعة العاصمة الباكستانية في يوليو/ تموز الماضي، على ضرورة إستكمال خط أنابيب الغاز بين البلدين.
وكانت طهران تقول إنها أكملت الجزء الخاص بها من الأنبوب البالغ طوله 1150 كيلومتراً؛ لكن وزير الدولة للبترول الباكستاني، قال في بيان: إن حكومة باكستان لم تتمكن من البدء في بناء خط الأنابيب بسبب العقوبات الأميركية على إيران. وأضاف: إن حكومة باكستان منخرطة مع السلطات الأميركية، من خلال القنوات الدبلوماسية لإعفاء المشروع من العقوبات وإنشائه في أقرب وقت ممكن. وتابع: إن إسلام آباد طلبت كذلك من واشنطن، في وقت سابق هذا العام، مخرجاً للمساعدة في التغلب على نقص الطاقة؛ لكنها لم تتلق أي رد بعد. وكان خط الغاز يهدف إلى إمداد باكستان بـ750 مليون قدم مكعبة يومياً.
ولفت وزير الدولة للبترول الباكستاني إلى أن إمدادات الغاز المحلية في باكستان آخذة في النضوب بسرعة، في حين أن الطلب يتزايد كل عام، مما يؤدي إلى توسيع فجوة العرض والطلب.
* إيران تطالب تعويضات
وفي عام 2015، وبعد تأخر باكستان في تنفيذ الأعمال، تقدمت إيران بطلب تعويضات بمبلغ 18 مليار دولار إلى المحكمة الدولية؛ ولكن في عام 2019 تقرر إعطاء فرصة أخرى لإسلام آباد لإكمال خط الأنبوب الخاص بها حتى نهاية مارس/ آذار 2024، وفقاً لوكالة أنباء فارس.
د.ح