تتعهد واشنطن بتأمين التفوق النوعي لجيش الاحتلال في المنطقة، لا يشمل فقط سلاح الجو؛ بل مختلف الجوانب الأخرى. ومن المعلوم أن الدعم العسكري والأمني الأميركي بدأ منذ عام 1949، أي بعد أشهر من إعلان قيام الكيان على أرض فلسطين المحتلة. وطوال عقود من الزمن، يشكل الكيان الإسرائيلي قاعدة عسكرية غربية متقدمة في منطقة غرب آسيا. اكثر المستفيدين منها هي الولايات المتحدة الأميركية. سواء كمحطة لوجستية أو يدا للمشاغبة ومحاولة تطويع دول في المنطقة، وهو ما يعني ضرورة المحافظة على قوة وتماسك وترابط وكفاءة جيش العدو الإسرائيلي، أميركيا بشكل خاص، وغربيا بشكل عام.
في الكيان، يتصرفون وفق قاعدة ثابتة، مفادها ان الجيش هو ركيزة بقاء الكيان، ومن دونه ينهار كل شيء، اجتماعيا، اقتصاديا، بل وجوديا. والأزمة الأخيرة المتواصلة التي خلفها مشروع “التعديلات القضائية” المقدم من قبل حكومة بنيامين نتنياهو مس بشكل واضح بالجيش، ولو من باب قوات الاحتياط التي تشكل درعا للقوات الفعلية، وهي حاجة ملحة في أي حرب قد تقدم عليها “إسرائيل” في المنطقة، خصوصا في مرحلة حساسة يتحدث فيها الطاقم العسكري والأمني في الكيان عن تصاعد التهديد داخليا وخارجيا خصوصا في مواجهة حركات المقاومة التي توحد صفوفها وتعد لحرب توحد فيها كامل الجبهات.
على ضوء ذلك، ومع تصاعد الاشتباك الداخلي الصهيوني وتسلل الحسابات السياسية الى بعض أروقته، ينشط الأميركيون على جبهات عدة لمحاولة النأي بجيش العدو عن الصراعات الداخلية وتحييده، لاعتبار أن مواصلة تأثر الجيش بالازمة السياسية لن يلحق ضررا بالكيان فقط، بل سيؤثر على القوات الأميركية في منطقة غرب آسيا. وعليه، ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن رئيس الأركان للجيش الأميريكي “مارك ميلي” سيصل الكيان لمعاينة أزمة الجيش بشكل مباشر، وبحسب وسائل الإعلام تلك، فإن ميلي سيعاين تأثير تلك الأزمة المحتمل على القوات الأميركية في منطقة غرب آسيا. وخلال الاشهر الأخيرة، كثف ميلي زيارته إلى المنطقة، فقد زار سوريا حيث قوات بلاده التي تحتل مناطق واسعة شمال شرق وجنوب شرق البلاد، وزار تل أبيب أكثر من مرة، ناهيك عن زيارة مسؤولين آخرين.
زيارة ميلي السابقة، كانت تحاكي أمرين، الأول هو واقع تلك القوات وجاهزيتها في سوريا تحديدا، وبنتيجتها تم تعزيزها بسلاح متطور، والثانية العلاقة بينها وبين جيش العدو الإسرائيلي التنسيقي وأعمال مشتركة وتكاملية ضد أهداف مشتركة بينهما. لكن الملفت الآن، أن زيارة ميلي مخصصة بكاملها لواقع جيش العدو الإسرائيلي، بعد الازمة الحاصلة. وبغض النظر إن كان الاسرائيليون يبالغون بما يتعرض له الجيش، إلا أن ثمة اهتزاز يحصل، وهو ما يستدعي تدخلا أمريكيا من قبل رأس الهرم، أي رئيس الأركان الأمريكي.