الصراع على السلطة بين الأهل وأطفالهم: لماذا يخسره الأهل دائماً ؟

العلاقات معقدة، والأفراد معقدون. نحن نتصرف أحياناً بفعل حوافزنا، مخاوفنا، وغرورنا. إن الأبوة أو الأمومة تختبر حتماً قدراتنا مراراً وتكراراً. علاقتنا مع أطفالنا هي أصعب ما قد نعيشه. من المهم إذن ألا نغفل عنها.

2023-08-23

الصراع على السلطة أمر شائع في العديد من العائلات. ومع ذلك، فإن إقامة علاقات مبنية على الثقة والاحترام المتبادل مع الأطفال هو أمر أكثر فائدة بكثير.

الأهل بشر أيضاً. هم يمرون بأيام سيئة، ويرتكبون أخطاء كثيرة. حتى أولئك الذين يدركون أهمية دورهم، وأولئك الذين ينتبهون إلى ما يقولون أو يفعلون، قد يقعون في صراع سلطة مع أطفالهم.

باختصار، العلاقات معقدة، والأفراد معقدون. نحن نتصرف أحياناً بفعل حوافزنا، مخاوفنا، وغرورنا. إن الأبوة أو الأمومة تختبر حتماً قدراتنا مراراً وتكراراً. علاقتنا مع أطفالنا هي أصعب ما قد نعيشه. من المهم إذن ألا نغفل عنها.

غالباً ما تخفي صراعات السلطة فكرة خاطئة حول ما تعنيه الأبوة أو الأمومة. لنبتعد عن الروتين، من المهم أن نحلل معتقداتنا ونغير مسارنا، لأنه ثمة أسلوب تربية آخر متاح.
سنفهم أنه من الأفضل بكثير أن نبني علاقات إيجابية مع أطفالنا بدلاً من أن نلعب دور الشرطي معهم.

ربما قد شاركتم أكثر من مرة في حوار بأصوات مرتفعة مع طفلكم. لقد وجهتم له أو تلقيتم منه كلاماً جارحاً، بنبرة غاضبة، وفي بيئة من التوتر.

بغض النظر عن نتيجة هذه المواقف، ينتهي بكم الأمر إلى أن تشعروا بالفراغ، الحزن، وخيبة الأمل. قد تشعرون حتى بالذنب. لا أحد يحب الدخول في علاقة كهذه مع أكثر من يحب. ومع ذلك، أنتم لا تعرفون أي طريقة فعالة لتفرضوا الحدود أو الإنضباط على أطفالكم.

قبل أن تدّعوا أن أطفالكم غير مطيعين، ثرثارون، أو متمردون، اسألوا نفسكم ما إذا كنتم تقومون بتمرين تعليمي أم أنكم تخوضون صراعاً على السلطة وحسب.

على سبيل المثال، تخيلوا أنكم طلبتم من طفلكم أن يرتدي المعطف الأزرق وقد رفض القيام بذلك. هو يخبركم أنه يفضل الرمادي. رحتم تصرون عليه، بنبرة صارمة وفارغة من الصبر، كي يطيع أمركم ويرتدي المعطف. بدأ طفلكم يتمرد أكثر وأكثر.

احتدت المحادثة. ولكن ما المشكلة الحقيقية هنا؟ لقد اختار الطفل ملابس مناسبة للطقس والحدث الإجتماعي، ولكنها ليست خياركم المفضّل. هل لاحظتم أن غايتكم الوحيدة من النقاش هي السيطرة وفرض أوامركم؟ هل تفهمون أن تمرد طفلكم ليس إلا صرخة نداء لتسمعوه، ولكي تأخذوا رأيه بعين الإعتبار؟
العائلة الديمقراطية

تنشأ صراعات السلطة بشكل متكرر عندما يتم تصور الأسرة كتسلسل هرمي، بعلاقات رأسية وسلطة. إن أهمية وضع الحدود لتوجيه الأطفال أمر واضح، ولكن لا تسيئوا فهم ما نقوله.

ينبغي على القواعد الموضوعة أن تكون متسقة ومتفق عليها وقائمة على الحب والإحترام، وليس على الحاجة إلى السيطرة على الأطفال.

من المفيد جداً لنمو الطفل أن ينشأ في عائلة ديمقراطية، يتم فيها إنشاء علاقات قائمة على الثقة المتبادلة. هذا لا يعني أن الأهل أو الأطفال هم في نفس المستوى من حيث الوظائف، وإنما هو يعني أنه لا يوجد أحد فوق الآخر على المستوى الشخصي. يستحق الجميع الإحترام والتقدير ذاته.

عندما تفكرون في طفلكم، تنتهي صراعات السلطة. عندما تتوقفون عن التفكير بأنكم تمتلكونه، وتدركون أنكم هنا لإرشاده، يتغير كل شيء.

من هنا، ستفهمون تصرفات أطفالكم وتساعدونهم في مسيرة تطورهم الشخصي بدلاً من أن تطلبوا منهم الطاعة العمياء. ستتوقفون عن أخذ نوبات الغضب تلك بشكل شخصي وتبدأون بفهم أنها جزء من رحلتهم وأنكم قادرون على مساعدتهم.
أنتم فريق واحد

انسوا صراعات السلطة مع أطفالكم. أنتم لستم أعداء، بل فريق واحد. لا يجب على أحد أن يفوز، ولا يجب على أحد أن يفرض أمراً ما على الآخر. سيكسب كلا الطرفين عندما يتم توطيد الرابطة الخاصة بكم.

ستتفاجأون من تصرف الأطفال عندما تعاملونهم باحترام وتفهّم، عندما يشعرون أنكم تستمعون لهم، تهتمون لآرائهم، وتأخذونها بعين الإعتبار. لن يصبح طفلكم شخصاً مسيطراً إذا كنتم تهتمون لآرائه في العائلة. بل على العكس، هو سيتعلم المسؤولية والتعاون، وسيكسب المزيد من الثقة بنفسه.

الاخبار ذات الصلة