لماذا ترغب المزيد من الدول الانضمام إلى “بريكس”؟

في السنوات العشر الماضية، حققت "بريكس" نتائج مثمرة في الأمن السياسي والاقتصاد والتجارة والتمويل والتبادلات الثقافية والحوكمة العالمية وغيرها من مجالات التعاون، وأصبحت نموذجاً للتعاون بين دول الجنوب العالمي

2023-08-23

تعقد قمة الـ 15لمجموعة “بريكس” في جوهانسبرغ بجنوب أفريقيا في الفترة من 22 إلى 24 آب/أغسطس الجاري. يذكر أن الموضوعين المتمثلين في توسيع عضويتها وإنشاء عملة موحدة لاستخدامها في التسوية التجارية اللذين جذبا الكثير من الاهتمام، ستتم مناقشتهما خلال القمة. وأصبحت “بريكس” التي تتألف من 5 اقتصادات ناشئة رئيسية، وهي: البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا، منصة مهمة للتعاون بين الدول النامية حول العالم. في عام 2006، حيث عقد أول اجتماع وزاري لوزراء خارجية البرازيل وروسيا والهند والصين على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، والذي فتح الباب أمام التعاون بين دول “بريكس”، وعقد أول مؤتمر قمة لها عام 2009. وفي السنوات العشر الماضية، حققت المجموعة نتائج مثمرة في الأمن السياسي والاقتصاد والتجارة والتمويل والتبادلات الثقافية والحوكمة العالمية وغيرها من مجالات التعاون، وأصبحت نموذجاً للتعاون بين دول الجنوب العالمي، وجذبت المزيد من الدول النامية الراغبة في الانضمام إلى “بريكس” يوماً بعد يوم.

في الآونة الأخيرة، تأمل أكثر من 40 دولة الانضمام إلى المجموعة، وأكدت وزيرة الخارجية والتعاون بجنوب أفريقيا، ناليدي باندور، يوم 7 أغسطس/آب الجاري، أن 23 دولة تقدمت بطلبات رسمية للانضمام إلى “بريكس”، ومنها 8 دول عربية، وهي الجزائر ومصر والسعودية والإمارات والبحرين والكويت والمغرب وفلسطين.

مصر تقدمت بطلب رسمي للانضمام إلى مجموعة “بريكس”، ويأتي هذا الطلب بعد أقل من شهرين على تصديق الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على انضمام مصر إلى بنك التنمية الجديد التابع لـ”بريكس”. وتواصل مصر توسيع التعاون مع دول الأسواق الناشئة، وسيؤدي انضمامها إلى “بريكس” توفير المزيد من فرص العمل والاستثمارات لمصر. في الوقت نفسه، تأمل القاهرة أيضاً في الاستفادة من اتجاه “بريكس” للتعامل بالعملات المحلية أو بعملات غير الدولار الأميركي لتخفيف الضغوط على أزمة نقص الدولار.

بعد التقدم بطلب للانضمام إلى “بريكس”، بدأت السعودية مفاوضات مع بنك التنمية الجديد الذي تديره مجموعة دول “بريكس”. وبصفتها أكبر مصدر للنفط في العالم، تتمتع السعودية بتأثير اقتصادي كبير في منطقة الشرق الأوسط، حيث سيعزز انضمامها القوة المالية والاقتصادية للمجموعة، كما سيوفر للسعودية إمكانية الوصول إلى شبكة قوية من الشركاء الاقتصاديين، لا سيما في الوقت الذي تسعى فيه إلى توثيق العلاقات مع الصين، وسيساعدها في تكوين الهيكل الاقتصادي الأكثر تنوعاً.

وفى السياق نفسه، أعلنت وزارة الخارجية الجزائرية في 7 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، أنها تقدمت بطلب رسمي للانضمام إلى مجموعة “بريكس”، وتعمل الجزائر الواقعة في شمال أفريقيا والغنية بموارد نفطية وغازية على تحقيق التنوع الاقتصادي وتعزيز الشراكة مع الدول مثل الصين. وقال الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، إن الجزائر قدمت طلباً لأن تكون عضواً مساهماً في بنك التنمية الجديد بمبلغ 1.5 مليار دولار، مضيفاً أن انضمامها إلى المجموعة سيخلق فرصاً اقتصادية جديدة لها. بالإضافة إلى ذلك، قدمت الإمارات والبحرين والكويت والمغرب وفلسطين طلبات رسمية للانضمام إلى مجموعة “بريكس” أيضاً. وبالنظر إلى المكانة المهمة لهذه الدول في العالم العربي، فإن انضمامها سيكون له تأثير إيجابي لا يمكن تجاهله، بما في ذلك إثراء الأساس متعدد الأقطاب للمجموعة وإضفاء حيوية جديدة على تعاونها، وسيسمح للمجموعة بأخذ وجهات النظر للعالم العربي بعين الاعتبار.

لماذا تريد المزيد من الدول الانضمام إلى “بريكس”؟

إن مجموعة “بريكس” هي القوة الدافعة للعالم المتعدد الأقطاب. وتلتزم آلية تعاون “بريكس” بالحفاظ على التعددية وبناء عالم أكثر انفتاحاً وشمولاً وأوثق ذي خصائص المساهمة والمنافع المشتركة، وتتماشى مع اتجاه تنمية المجتمع الدولي وتطلعات معظم الدول. وتعمل على تعزيز صوت الأسواق الناشئة والدول النامية والتمثيل الفعال لمصالحها.

في السنوات العشر الماضية، بذلت المجموعة الكثير من الجهود، مثل إنشاء بنك التنمية الجديد ووضع احتياطي طارئ للمجموعة وغيرها من الآليات لتمويل مشاريع البنية التحتية والتنمية المستدامة في الدول الأعضاء، فضلاً عن اقتصادات السوق الناشئة والدول النامية الأخرى، وقد عانت العديد من هذه الدول من نظام مالي تهيمن عليه دول أو كيانات متقدمة، ولهذا السبب قالت دول عدة إنها قد تكون مهتمة بالانضمام إلى مجموعة “بريكس”.

وأشار بعض المحللين إلى أن العقوبات المالية التي فرضتها الولايات المتحدة قوّضت إلى حد كبير نزاهة السوق، وخلقت أزمة ثقة في الدولار الأميركي حول العالم. لذلك، استكشفت العديد من الدول بنشاط مسار تعدد أقطاب في مجال العملات من خلال تقليل حجم الديون الأميركية وتعزيز اتفاقيات تبادل العملات، ورأوا أن خطة المجموعة لإنشاء عملة موحدة في المستقبل تتماشى مع هذا التوجه. كما ويعتقد الرأي العام أن المجموعة لها ثقل اقتصادي كبير وستشجع التغييرات في النظام المالي الدولي الحالي الذي يهيمن عليه الدولار الأميركي بمجرد إعلانها عن استخدام عملة موحدة جديدة.

وتشير التقديرات إلى أنه في عام 2021، شكل الإجمالي الاقتصادي لخمس دول “بريكس” نحو 25.24% من الإجمالي العالمي وشكل إجمالي حجم التجارة 17.9% من الإجمالي العالمي. وجاء في التقرير الصادر عن مؤسسة “أكرون ماركو للاستشارات” البريطانية، أن مساهمة مجموعة “بريكس” في الناتج المحلي الإجمالي العالمي بلغ 31.5% مقارنة بـ30.7% لمجموعة السبع. بالإضافة إلى ذلك، فإن توسع “بريكس” أصبح أمراً حتمياً، ومع انضمام السعودية والإمارات ودول أخرى منتجة للنفط، ستمثل المجموعة أكثر من نصف حصة النفط والغاز الطبيعي العالميين، حيث ستعزز مكانة المجموعة في سوق الطاقة. وتزداد مجموعة “بريكس”، التي تدافع عن تعدد الأقطاب، قوة، وتوفر المزيد من الإمكانيات لإنشاء نظام سياسي واقتصادي دولي أكثر عدلاً وإنصافاً يعود بالفائدة على العالم.

ولطالما اتخذت الصين موقفاً إيجابياً تجاه مسألة توسع “بريكس”. وخلال اجتماع قادة “بريكس” في عام 2017 بمدينة شيامن جنوب الصين، حين اقترحت الصين لأول مرة نموذج تعاون منفتح على الدول النامية على شكل “بريكس بلس”، والذي دعا قادة الدول النامية خارج دول “بريكس” إلى الانضمام إلى الحوار، ويهدف إلى بناء منصة للوحدة والتعاون بين الأسواق الناشئة والدول النامية. وخلال الاجتماع الرابع عشر لقادة “بريكس” العام الماضي، اتفق قادة الدول الخمس على الارتقاء بتعاون “بريكس بلس” نحو مستويات أعلى ومجالات أوسع، والعمل بنشاط على توسيع عضوية “بريكس”. هذا وتواصل الصين التمسك بروح الانفتاح والشمول والمساهمة والمنافع المشتركة، وستعمل مع شركاء “بريكس” لتعزيز التعاون مع اقتصادات السوق الناشئة والدول النامية الأخرى، وتدفع عملية التوسع في عضوية “بريكس” بشكل مشترك على أساس التشاور والحوار، وتأمل انضمام المزيد من الدول النامية إلى المجموعة وتقف إلى جانب شركاء “بريكس” لجعل المجموعة أكبر وأقوى.

المصدر: الميادين/ وانغ مو يي