أزمة جديدة تواجهها البحرين مع تصاعد الاحتجاجات في السجون

تواجه البحرين أزمة كبيرة مع احتجاج مئات السجناء على نقص الرعاية الطبية المناسبة. ومن بين الّذين حُرِموا من الحصول على الرعاية الضرورية النشطاء الحقوقيون البارزون عبد الهادي الخواجة وعبد الجليل السنكيس وحسن مشيمع، المعتقلون منذ احتجاجاتهم السلمية في العام 2011.

يحوي السجن المركزي في البحرين، وهو سجن جو، حوالي 1300 معتقل، يخوض نصفهم تقريبًا إضرابًا عن الطعام.

كان يُمكن تفادي الأزمة الحالية بسهولة -فلو تحلّت حكومة البحرين بقدر ضئيل من الحكمة، لأطلقت سراح المعتقلين ظلمًا منذ سنوات مضت، ولوفّرت الرعاية المناسبة لكل الّذين يحتاجون إلى العلاج الطبي.

وبالتالي، تسيء السلطات مرة أخرى إدارة وضعٍ يهدد الآن بالإفلات من السيطرة على نحو خطير. ففي مارس/آذار من العام 2015، اندلعت أعمال شغب في سجن جو. كُنّا قد توقعنا أن تؤدي ظروف السجن السيئة، بالإضافة إلى الاكتظاظ وسوء الرعاية الطبية، إلى اضطرابات واسعة النطاق، وقد حدث ذلك.

تحدثت مع عدد من السجناء السابقين في سجن جو الليلة الماضية. وقال أحد السجناء المفرج عنهم مؤخرًا إنّه يجب “أن يخرج هذا الإحباط داخل السجن إلى مكان ما، فهو يتراكم منذ فترة طويلة، ويزداد الوضع سوءًا كل يوم مع انضمام المزيد من السجناء إلى الاحتجاج. لقد انهار البعض بالفعل”.

بدأ بعض السجناء برفض تناول الطعام في 7 أغسطس/آب الحالي، ومنذ ذلك الحين، انضم كثيرون آخرون إلى الاحتجاج. بدأ المجتمع الدولي بتوجيه انتباهه إلى جو. انضممتُ بالأمس إلى أشخاص آخرين في احتجاج ليلي خارج سفارة البحرين في لندن، لنُصَلّي من أجل هؤلاء السجناء الذين هم بأمس الحاجة إلى الرعاية الطبية.

تدرك بعض القطاعات في الحكومة الأمريكية أنّ الأمور تتطور بخطورة، ما يُهدّد الاستقرار الهش للبحرين. دعمت واشنطن على مدى عدد من السنوات العائلة الحاكمة في البحرين، التي تحكم البلاد بالقوة والعنف. الانتخابات فيها صورية في البحرين، ولعدة سنوات، ظلت الولايات المتحدة تراقب بقلق المملكة الصغيرة على خلفية موقعها الحساس، واستضافتها للأسطول الخامس الأمريكي.

هذا الأسبوع، تطرّق بعض الأعضاء في الكونجرس ولجنة الولايات المتحدة حول حرية الديانات في العالم علنًا إلى الأزمة المتصاعدة. حتى أنّ وزارة الخارجية، التي تتردد عادة في انتقاد حلفائها الديكتاتوريين في المنطقة، أعربت عن قلقها ردًا على ردت على سؤال أحد الصحفيين.

أما السفارة الأمريكية في المنامة، فسلوكها مخيب للآمال، إذ إنّها لم يصدر عنها علنًا أي شيء يتعلق بما يحدث أمام ناظريها، وهي منشغلة بنشر صور ملك البحرين مع المسؤولين الأمريكيين على تويتر.

لكن يمكن أن تكون عواقب فشل البحرين في حل الأزمة كارثية، في حال وفاة أيّ من مئات السجناء المشاركين في الإضراب عن الطعام، إذ إنّ الاضطرابات ستمتد إلى الشوارع.

على السلطات البحرينية التحرك بسرعة لتفادي تكرار نتيجة ما حصل في العام 2015، عندما لجأت إلى التعذيب وإساءة معاملة عشرات المعتقلين للرد على اضطرابات السجون. ومن الأفضل لها التحرك بذكاء الآن، ومنح السجناء مطالبهم الأساسية، بما في ذلك الرعاية الصحية المناسبة، وتجنب حدوث كارثة أخرى.

من بين الأشخاص الأكثر تعرضًا للخطر الشديد النشطاء الحقوقيون البارزون. انضمت منظمة هيومن رايتس فيرست إلى عدد من المنظمات غير الحكومية هذا الأسبوع لحثّ الخارجية الأمريكية على استخدام نفوذها الكبير للضغط على البحرين من أجل التوصل إلى حل إنساني سريع لهذه الأزمة.

على إدارة بايدن أن تدعو علنًا، وعلى مستوى رفيع، إلى الإفراج عن مدافعي حقوق الإنسان المسجونين في البحرين، وضمان حصولهم، مع بقية السجناء، على العلاج الطبي الذي يحتاجون إليه قبل فوات الأوان.

 

براين دولي حول إضراب سجناء البحرين: حتى خارجية أميركا التي تتردد بنقد حلفائها الديكتاتوريين قلقة أما سفارتها فصامتة

قال كبير المستشارين في منظمة “هيومن رايتس فرست”، بريان دولي، إنّ “البحرين تدخل في أزمة أخرى حيث يحتج مئات السجناء على انعدام الرعاية الطبية الكافية منذ ٧ أغسطس/آب 2023”.

وأضاف دولي، في مقال نُشر على موقع المنظمة، أنّه “لو أظهرت الحكومة (البحرينية) ذرة من الحكمة بإطلاق سراحهم (المعتقلين) ومنحت كل من يحتاجون العلاج الطبي الرعاية الكافية، لكان من الممكن تجنُّب الأزمة الحالية بسهولة إذ يمكن أنْ تخرج عن السيطرة”.

ونقل دولي عن أحد المعتقلين المفرج عنهم مؤخراً من سجن “جَوْ”المركزي، قوله: “هذا الإحباط – المتراكم منذ فترة طويلة – في السجن يزيد الوضع سوءً مع انضمام المزيد من المعتقلين إلى الإضراب”.

وأشار دولي إلى أنّ “الولايات المتحدة، التي تدعم الأسرة الحاكمة، تدرك أنّ الأمور تتطور بشكل خطير مما يهدد استقرار البحرين الهش”، لافتاً الانتباه إلى أنّ “بعض أعضاء الكونجرس ولجنة وزارة الخارجية (الأميركية) للحرية الدينية ناقشوا الأزمة المتصاعدة علنًا هذا الأسبوع”.

وقال دولي: “حتى أنّ الخارجية التي عادة ما تتردد في انتقاد حلفائها الديكتاتوريين في المنطقة أعربت عن ببعض القلق”، مشيراً في المقابل إلى أنّ السفارة الأميركية في المنامة “لم تقل بعد أي شيء، وهي منشغلة بتغريد صور ملك البحرين مع المسؤولين الأميركيين”.

وحذّر من أنّه “إذا مات أي من السجناء ومع انتشار الاضطرابات في الشوارع، فإنّ العواقب قد تكون كارثية”.

ودعا دولي السلطات البحرينية إلى “تلبية مطالب المعتقلين بسرعة لمنع حدوث نتيجة مماثلة لعام 2015”.

ودعا دولي إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى أنْ “تطالب علناً بالإفراج عن الحقوقيين (في البحرين)، والتأكد من حصولهم والسجناء الآخرين على العلاج الطبي الذي يحتاجونه قبل فوات الأوان”.

 

المعتقل فاضل عباس: إدارة سجن “جوْ” تمنع علاجي الضروري بعد عملية جراحية وتريد إخراجي جثة منه
وفي تفاصيل الإضراب وما يعانيه المعتقلون داخل سجن جو، أكد المعتقل في سجن “جَوْ” المركزي، فاضل عباس، أنّه مُنِع من دخول عيادة السجن يوم الأحد 20 أغسطس/آب 2023 برغم حاله الصحية المتدهورة، مشيراً إلى أنّ إدارة السجن تصوِّر وضعه بأنّه “جيد”، قائلاً: “أخبرتها بأنّي أجريت عملية جراحية وحالي الصحية متدهورة، فقالت لي الإدارة: أنت “مضروب” لا نستطيع فعل شيء لك”.

وقال المعتقل عباس، في تسجيل صوتي: “أنا أحتاج علاجاً وأشعر بآلام في كل جسدي، ونُقِلت إلى قسم الطوارئ في المستشفى العسكري 3 مرات خلال الأسبوع الماضي، وبيّن الفحص الأخير في المستشفى وجود التهاب في موضع العملية ناجم عن تأخير إدارة السجن علاجي”.

وأكد أنّه بعد عودته من المستشفى حيث أجرى العملية، التقى مسؤولاً في إدارة السجن أملاً بأنْ يعطيه العلاج الذي يحتاجه بعد إجرائها، إلّا أنّ المسؤول فاجأه بقوله له: “عليك قضاء حكم بالحبس الانفرادي 7 أيام”. وأكد المعتقل عباس للمسؤول أنّه لا توجد ضده أي إفادة منذ بداية عام 2023، فـ “من أين جاء هذا الحكم؟”.

وأكد المعتقل عباس أنّ لونه أصبح أزرق ونسبة السكر في دمه 2.9، متسائلاً: “هل تريد إدارة السجن إخراجي جثة منه؟”، محمِّلاً إدارة السجن ووزارة الداخلية عن تدهور حاله الصحية.

وختم حديثه قائلاً: “أنا مستعد لأنْ أموت من أجل الكرامة”.

المصدر: مرآة البحرين