الباحث الاجتماعي علي المدهوش للوفاق:

العنف الأسري ظاهرة سلوكية إجتماعية ضارة

خاص الوفاق: وجد الباحثون أن العنف النفسي والاجتماعي والذهني ضد الأطفال، هو  المسؤول عن كثير من الانحرافات السلوكية لدى الشخص البالغ، لأنها تزرع فيه منذ الصغر، الإحساس بالوضـاعة وقلّة القيمة وبالتالي لا يجد نفسه ملزماً بالقيم او بمعايير الخُلق الرفيع

2023-08-25

سهامه مجلسي

يقصد بمصطلح «العنف ضد الأطفال» كل ما يوقع الأذى أو الضرر على الطفل سواء أكان هذا الأذى أو الضرر جسمياً أو نفسياً. وبهذا المعنى فإن مفهوم «العنف ضد الأطفال» يكاد أن يتطابق مع مفهوم «الإساءة إلى الطفل»، لأن مفهوم الإساءة يتضمن المعنى نفسه وبالتالي يمكن أن يستخدم كل من المصطلحين ليشير إلى المعنى نفسه، ويمكن استخدامها بالتبادل.

والحقيقة أن الأطفال طالما تعرضوا لشتى صنوف الإساءة على مدى الأزمان والأماكن المختلفة. وكان هذا الواقع وراء ظهور حركة مناهضة العنف ضد الأطفال أو الإساءة إليهم، وإلى ضرورة مراعاة خصوصيتهم كأطفال صغار، لهم حاجات تختلف عن حاجات الكبار، ولهم قدر من الطاقة والتحمل أقل مما هو لدى الكبار، والآثار الوخيمة التي تترتب على إهمال شأنهم أو إغفال الفروق بينهم وبين الكبار. بل إنها أصبحت زلة من الزلات تتناولها المعاجم والقواميس المتخصصة في علم النفس والطب النفسي، وإذا كانت مفاهيم “العنف ضد الأطفال” و “الإساءة إلى الطفل” هي مفاهيم متكافئة وتشير إلى المعنى نفسه تقريباً. قد استقرت في المجال، فإن أصحاب كل تخصص أو كل مجال فرعي يركَّزون على جانب معين من المفهوم حسب طبيعة التخصص والميدان النوعي الذي يُستخدم فهي المصطلح. فهناك المفهوم الشرعي للعنف ضد الأطفال، كما أن هناك المفهوم القانوني للعنف، وكذلك هناك المفهوم النفسي للعنف ضد الأطفال، فالمفهوم الشرعي للإساءة أو العنف ضد الطفل ينطلق من حقوق الطفل وحرياته، فأي انتقاص من الحريات والحقوق التي كفلتها الشرائع السماوية للطفل، يعتبر إساءة إليه وعدواناً موجهاً إليه، مثل حق الطفل الأصيل في الحياة والبقاء والنماء، وحقه في الانتساب إلى والديه وحقه في الحصول على اسم وجنسية، وحقه في الرعاية الصحية، وحقه في المعاملة الحانية، وحقه في اللعب والاستمتاع بطفولته وغيرها من الحقوق، وفي هذا الصدد اجرت صحيفة الوفاق  لقاءاً مع الباحث الاجتماعي علي المدهوش وفيما يلي نص الحوار:

 

العنف الأُسري ظاهرة سلبية انتشرت بشكل كبير في المجتمع ممكن ان تشرحوا لنا ذلك؟

العنف الأسري يعتبر واحدة من المظاهر السلوكية الإجتماعية الضارة التي تحدث داخل الأسرة الواحدة، والتي يتعرض فيها أحد أفراد هذه الأسرة، الى عنف وعقاب نفسي أو جسدي نتيجة لجملة من الأسباب التي سنذكرها لاحقاً، ويتضمن هذا العنف أشكالاً متعددة، منها الضرب والإيذاء والتهديد والإهمال المادي والعاطفي والإعتداء والإستغلال وعدم التقدير.

ومن اهم الأسباب لهذه الظاهرة الخطيرة :

– ضعف الوازع الديني والأخلاقي بين أفراد الأسرة.

–  ضعف العلاقات العاطفية والتواصلية بين الازواج أنفسهم من جهة، وبين الآباء والأبناء من جهة أخرى، فضلاً عن وجود مستوى متدن من الوعي لدى هذه المجموعة .

-ضغوطات الحياة والإلتزمات والديون والمشاكل الصحية، وعدم وجود بيئة سكن صالحة للعيش والإستقرار.

– غياب أرباب الأسر الطويل والمتكرر خارج المنزل، بسبب اللهاث وراء متطلبات الحياة، يولد حالة من غياب الامان النفسي والسلوكي والأخلاقي لدى افراد الأسرة ..

–  إستبدال العاطفة والتربية المودعة فطرياً لدى الأبوين، بعاطفة وتربية مدبرات المنزل من جنسيات مختلفة ..

– وسائل التواصل الإجتماعي الذي إجتاح الأسر، بدون ضوابط أو قيود مطلقا .

وهناك أسباب اخرى لها علاقة بالمحاور إعلاه لايسع المقام للدخول في سردها.

 

كيف تصفون حال الأطفال في المجتمع العربي من جانب انكشافهم على العنف بمختلف أشكاله؟

بلا شك بأن الأطفال في الاغلب الاعم من دول العالم والعديد من البلدان العربية، يعيشون في بيئة إجتماعية وأسرية غير ملائمة وغير مثالية، مما ولد ضعفاً في خلق شخصية قوية إبداعية، لديها الثقة بنفسها قادرة على تحمل أعباء ومسؤوليات الحياة والعطاء وأداء التكليف، وإن الفقر وتفشي الأمراض والأوبئة والصراعات السياسية والإقتتال الخارجي والداخلي وضعف التعليم والصحة من العوامل المهمة التي القت بظلالها على واقع الأسرة والعنف الأسري المستشري بين أوساطها، ولاسيما على الأطفال.

 

 ماهي مظاهر العنف الأكثر شيوعا ضد الأطفال؟

ومن مظاهر العنف ضد الاطفال الأكثر شيوعاً بين أوساط المجتمعات الفقيرة والنامية، هو الضرب الجسدي، والعنف اللفظي، وعدم التقدير، والتهميش، وزعزعة الثقة بالنفس، والإمتهان، والحرمان من التعلم، وعدم المصاحبة وإضعاف القدرات والقابليات .

 

هل تعرض الأطفال للعنف انعكاس لواقع مجتمعنا الغارق في مستنقع العنف؟

من دون أدنى شكً أن ما يجري على الاطفال من عنف في عالمنا العربي.. هو النتاج الطبيعي لذلك العنف والصراع والإقتتال والفوضى والحروب والفقر والجهل الذي يسود تلك البلدان.. مما ينعكس سلباً.. ويرتد قهراً على الأسرة عموماً والأطفال على وجه الخصوص..

 

ما هي آثار العنف النفسية والاجتماعية والذهنية التي يتسبب بها العنف ضد الأطفال؟

وجد الباحثون أن العنف النفسي والاجتماعي والذهني ضد الأطفال، هو  المسؤول عن كثير من الانحرافات السلوكية لدى الشخص البالغ، لأنها تزرع فيه منذ الصغر، الإحساس بالوضـاعة وقلّة القيمة وبالتالي لا يجد نفسه ملزماً بالقيم او بمعايير الخُلق الرفيع.

وإن نقص الاحترام.. له دور في تفشي ظاهرة الغش لدى طلبة المدارس، ودور في شعور الدونية تجاه أي طرف قوي، ودور في عدم الشعور بالخجل من التملق والتذلل وهي المسؤولة عن ظاهرة الإعلامي الطبال، وعن ظاهرة المثقف المتلون، ومسؤولة عن إنتاج السياسي الذي لا يخجل، ذلك الذي إذا تكلم كذب، وإن وعد أخلف وإن أؤتمن خان.

 

كيف يمكن تقديم الدعم لطفل يتعرض للعنف؟

ومن الإجراءات الضرورية لتأهيل الأطفال المعنفين.. الأهتمام والعناية بهم، ويجب على المجتمع توفير الدعم اللازم للضحايا الأطفال، من خلال توفير مراكز الاستضافة والملاذ الآمن والرعاية الصحية والدعم النفسي والاجتماعي. يمكن أن توفر الجمعيات والمؤسسات غير الحكومية أيضاً المساعدة والنصح للضحايا.

فضلاً عن تأهيل أسرهم فكرياً ونفسياً، وحل مشاكلهم وتذليل صعوباتهم قدر الإمكان، والتقرب منهم والإستماع لشكواهم.. ومد يد العون المادي والروحي اليهم…

 

المصدر: الوفاق/ خاص