في الذكرى السادسة على دحر إرهابيي" النصرة" و" داعش" في لبنان

تحرير الجرود.. أوسع عملية عسكرية نفّذها حزب الله

تعدّ عملية تحرير السلسلة الشرقية والمناطق السورية المقابلة من احتلال تنظيمي "جبهة النصرة" و"داعش" الإرهابيين، والتي توّجت أواخر شهر آب/أغسطس 2017 من أهمّ وأوسع العمليات العسكرية التي نفّذها حزب الله في تاريخه.

جاءت العملية بعد نحو 4 سنوات من بدء التموضع العسكري للإرهابيين في المنطقة، والذي تدرّج منذ عام 2013، حين أسّست تنظيمات إرهابية نقاطاً على طول الحدود مع سوريا في شمالي شرقي لبنان، إلى صيف عام 2014. حينها، سيطر تنظيم “جبهة النصرة” على بلدة عرسال الحدودية ذات الجغرافيا الواسعة، والتي باتت تؤوي آلاف اللاجئين السوريين في المخيمات، من ضمنهم عائلات عدة آلاف من عناصر “النصرة” و”داعش” وتنظيمات إرهابية أخرى.

وانطلاقاً من هذه المناطق الجردية ذات البيئة القاسية، شنّت التنظيمات الإرهابية هجمات ضد مواقع لحزب الله ومواقع للجيش اللبناني. كما قامت بخطف جنود لبنانيين وقتلهم، وإرسال انتحاريين وسيارات مفخخة إلى عدة مناطق لبنانية، وقصف قرى البقاع ومدنه بالقذائف الصاروخية، على مدى هذه السنوات.

لكنّ العملية العسكرية المشتركة التي انتهت بتحرير الجرود الشرقية والمناطق السورية، جاءت نتيجة عمل تراكمي عسكري وأمني قام به حزب الله منذ عام 2015، وأدّى إلى أن تكون “إن عدتم عدنا” عملية عسكرية يصحّ أن توصف بالنموذجية، حققت فيها قوات المقاومة بالاشتراك مع الجيشين اللبناني والسوري أهدافها القريبة والبعيدة، وتركت تبعات مهمة على صعيد الخبرات القتالية المكتسبة، وفي ردع العدو الإسرائيلي ضمن المعركة الأكبر والأساس.

ومنذ عملية القلمون الأولى عام 2015، التي وصفها الأمين العام لحزب الله بأنها “عملية أمنية ذات طابع عسكري”، واستمرّت على مدى أشهر وتخللتها عمليات أمنية نوعية هدفت بالدرجة الأولى إلى تدمير مصانع السيارات المفخخة وتحرير المنطقة الاستراتيجية من سيطرة الإرهابيين، بدأ التخطيط لعملية تحرير بقية المناطق المرتبطة بالتهديد نفسه.

وخلال مسار استمرّ لأكثر من عامين، قامت قوات حزب الله تدريجياً بتحرير منطقة القلمون وما يرتبط بها من مناطق إمداد ودعم، بعد معركة القصير (2013)، بدءاً من الزبداني ورنكوس وصولاً إلى جرود بعلبك وبريتال ونحلة ويونين وغيرها، والتي ساهمت تدريجياً في إعادة الأمن إلى المنطقة وتخفيض ملحوظ في مستوى العمليات ضد سكانها.

وحين انطلقت العملية الأوسع في مطلع آب/أغسطس، ضد “جبهة النصرة” في عرسال، ثمّ ضد “داعش” في جرود رأس بعلبك، من الجهة اللبنانية، وفي سوريا في المناطق الممتدة من جرود البريج وقارة شمالاً، مروراً بفليطة والجراجير وصولاً حتى جرود الجبة وعسال الورد، كان الهدف الأول تحرير منطقة تصل مساحتها إلى نحو 450 كيلومتراً مربعاً، وتأمين منطقة البقاع مع عمقها السوري.

وقد انعكس هذا الأمن على كامل لبنان، من شماله إلى جنوبه، إذ تخلّص من تهديد إرهابي ملاصق لمدينة بعلبك، وكان يبعد مسافة ساعتين بالسيارة عن عاصمته بيروت، ومدنه الرئيسية كجبيل وجونيه وطرابلس.

وقد نجح مقاتلو القوة الخاصة “الرضوان” في حزب الله في تسلق جبال وتلال صخرية بسرعات عالية، والقتال في ظروف صعبة، كما ساهمت الطائرات المسيرة والصواريخ الموجهة في استهداف دقيق لمواقع المسلحين، ووقعت اشتباكات مباشرة للسيطرة على المواقع في قمم التلال، أدّت إلى مقتل وإصابة مئات من المسلحين، واستسلام القسم الأكبر منهم.

وخلال الأعوام التي تلت الترحيل، نجحت المقاومة في استعادة المنطقتين (سراقب والبوكمال)، والقضاء على القسم الأكبر من المسلحين الذين تم ترحيلهم إليهما، وحالياً تخضع المناطق المذكورة لسيطرة الدولة السورية.

وبرز القلق الإسرائيلي واضحاً، على مختلف المستويات السياسية والعسكرية والإعلامية، تجاه معركة جرود عرسال ورأس بعلبك والقلمون الغربي ونتائجها.

فقد راقبت المؤسسة العسكرية الإسرائيلية مجريات معركة الجرود ونتائجها الأمنية والعسكرية باهتمام شديد، ورصدت وحللت تطور قدرات حزب الله العسكرية، التي ظهرت في العملية العسكرية الواسعة لأول مرة.

د.ح

المصدر: وكالات