رحل الأستاذ المسلم والصحفي المُخضرم في الوطن العربي طلال سلمان رئيس تحرير صحيفة السفير في لبنان. ربما لا يمكن العثور على أمثال الأستاذ طلال سلمان في عالم الصحافة اليوم.
أول لقاء لي مع الراحل طلال سلمان كان قبل حوالي 27 عاماً، كنت في لبنان كمراسل لتغطية حرب الكيان الصهيوني ضد لبنان عام 1996، والتي أصبحت تعرف باسم حرب نيسان، وخلال هذه الحرب كشف حزب الله اللبناني للمرة الأولى عن صواريخ محلية الصنع وكاتيوشا.
وفي تلك الأيام أتيحت لي الفرصة للقاء رئيس تحرير جريدة السفير الشهير. وكان مكتب هذه الجريدة في شارع الحمرا. أمسك الأستاذ طلال بيدي وعرض عليّ أرشيف الجريدة.
ومن المثير للدهشة أن أحدث المعلومات حول مختلف قطاعات الاقتصاد الإيراني يمكن رؤيتها في أرشيف صحيفة السفير، والذي يتكون بشكل رئيسي من قصاصات الصحف.
واعتبر طلال سلمان أن مهمة الصحيفة والصحفي هي صنع السياسة وليس لعبة السياسات! سألته عن رأيه في بعض الصحف في ذلك الوقت في إيران. فقال ساخراً هذه تصريحات سياسية وليست صحف! وتحدث لساعات طوال عن دور الصحافة ومكانتها المُفترض أن تكون عليه.
وتحدث عن صحيفته السفير. صحيفة كانت افتتاحياتها عبارة عن ملخصات للسياسة الداخلية والخارجية الماثلة في تلك المرحلة في لبنان، وكانت الشخصيات السياسية في لبنان تفتخر بالاقتباس منهم في هذه الافتتاحيات.
كان الراحل طلال سلمان صديقاً قديماً للمقاومة الشريفة في لبنان، وكان قلمه بمثابة سلاح للمقاومة. مسنونٌ كالرمح بوجه الأعداء وملجأٌ رحبٌ للمقاومة وحلفائها وشعب لبنان المظلوم. ولم يتردد الأستاذ طلال سلمان قط في مساره نحو طريق الحق والعزّة والشرف للدفاع عن الشعب والجيش ومقاومة لبنان.
كان الأستاذ طلال سلمان ملتزماً بمهنة الصحافة، لكنه اهتم دائماً بمتطلبات وسائل الإعلام وتقنياتها الجديدة، فكانت صحيفته من أوائل الصحف المهمة والمؤثرة في لبنان والعالم العربي من تلك التي بدّلت حلّتها من صحيفة ورقية الى صحيفة إلكترونية.
وكان للأستاذ طلال سلمان دائما احترام كبير في لبنان والعالم العربي والعالم الإسلامي. رحمه الله ظل حتى آخر لحظة من حياته، وببركاته، صامداً في الخط القويم للصحافة الملتزمة والمستقلة والشجاعة في نصرة الشعوب المظلومة والمقاومة وفضح العدوان وجرائم العدو المحتل.