في حفل تأبين الإعلامي اللبناني المخضرم "طلال سلمان"

وزير الثقافة: “طلال سلمان” كان أنموذجاً للصحافة الداعمة لجبهة المقاومة

مهدي بور: "طلال سلمان" صحافي رائد في إيران والعالم العربي

2023-09-04

للصحافة والإعلام دور بارز وهام جداً، بما أن الصحفي الملتزم يحمل على عاتقه مسؤولية تنوير الأفكار وتبيين الحقائق ويُضحي بنفسه من أجل ذلك، ومنهم الإعلامي اللبناني المخضرم “طلال سلمان” من الرواد البارزين في مجال الإعلام على الصعيدين العربي والعالمي، والذي تُوفي قبل أيام، وقد أقيم حفل تأبيني له یوم الأحد الماضي بمبنى وزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي الإيرانية في طهران، حضره وزير الثقافة والإرشاد الإسلامي والسفير اللبناني في طهران وغيره من الشخصيات العلمية والصحفية.

اسماعيلي: “طلال سلمان” شخصية بارزة في العالم الإسلامي

من جهته قال وزير الثقافة والإرشاد الإسلامي الإيراني “محمد مهدي اسماعيلي”: إن الإعلامي اللبناني المخضرم، ناشر صحيفة “السفير” الراحل “طلال سلمان”، كان أنموذجاً للصحافة والإعلام الداعم لجبهة المقاومة.

استذكر “إسماعيلي” هذا الإعلامي اللبناني، باعتباره شخصية بارزة في العالم الإسلامي ومقاومة العدوان الصهيوني، وقال: الإعلامي اللبناني البارز طلال سلمان جسّد شخصية مناضلة وشفافة وقوية في ساحة المقاومة ضد الصهاينة.

وأعرب وزير الثقافة عن تعازيه للوسط الصحافي والإعلامي في لبنان والعالم الإسلامي بمناسبة وفاة طلال سلمان؛  مؤكداً بأن الفقيد كان مثالاً للصحفي الملتزم والداعم للحق والحقيقة.

وأضاف إسماعيلي: إن هذا الرجل العظيم كان يحمل على الدوام نظرة إيجابية حيال نهضة الشعب الإيراني وأبناء الثورة الاسلامیة، في السنوات التي سبقت انتصار الثورة الإسلامية وبعدها، كان طلال سلمان يعكس دائماً رسالة الثورة من خلال كتاباته ومقالاته.

وأضاف إسماعيلي: إن هذا الرجل العظيم كان يرافق الناس دائماً بالنظرة الإيجابية للثورة الإسلامية في إيران ونظرة الحق في وسائل إعلامه البارزة. في السنوات السابقة للثورة، نشرت صحيفة السفير العديد من المقالات حول الثورة الإسلامية وجاء إلى إيران مع الإمام الخميني (قدس) من باريس، وكان مثالاً للصحفي المتميّز في العالم الإسلامي. لقد وقف ثابتاً وكتب وثبت ولم يتراجع عن طريقه أبداً.

مهدي بور: “طلال سلمان” صحافي رائد في إيران والعالم العربي

من جهته قال مساعد وزير الإرشاد للشؤون الإعلامية ” فرشاد مهدي بور”: إن مكانة طلال سلمان في العالم العربي وإيران تعود إلى نقطة الإرتكاز عند خروج بهلوي المقبور في عام 1978 م، حيث أن للمرة الأولى والأخيرة، نشر صحافي عربي عنواناً باللغة الفارسية في جريدته العربية، وكان مفاجئاً جداً، بعنوان “به همت امام خمیني، شاهنشاه در به در شد” أي “بجهود الإمام الخميني تم إخراج الشاه المقبور”.

وتابع مهدي بور: إن طلال سلمان من رواد الثورة الفلسطينية والثورة الإسلامية المعروفين، وكان على الدوام شخصية بارزة في مجال المقاومة، وصحفي متميز وراسخ في مهنته، ورغم أن صحيفته توقفت منذ عدة سنوات لأسباب مالية، إلا أنه كان دائماً من الناشطين الرئيسيين في مجال التبيين وجبهة المقاومة.

خليل حرب: صحيفة السفير استقطبت جمهوراً كبيراً

واستكمالاً لهذا الحفل التأبيني، قال خليل حرب، صهر السيد طلال سلمان، الذي كان أحد المتحدثين عبر الفضاء الإفتراضي: في وصف السيد سلمان، يجب أن أقول إنه شخص لديه 60 عاماً من الخبرة، وهو الصحفي الذي لا يمكن شرحه في أي كتاب أو مؤتمر، ولا يمكن لأي احتفال أن يعبّر عن شخصيته وأفكاره.

ورغم أن صحيفة السفير عملت كصحيفة حزبية إلا أنها كانت خارج الحدود وإذا قلت في الجزائر وصنعاء أنا ممثل السفير فقد تفتح لك أبواب كثيرة وتغلق في نفس الوقت.

وتابع: صحيفة السفير التي بدأت نشاطها عام 1974 فتحت مكانها بسرعة كبيرة رغم منافسيها وكانت مؤثرة للغاية وكانت كالشمس الساطعة في أيامها الأولى، وفي عام 1980 جرت محاولة لتفجير مطبعة الصحيفة، وفي هذه السنوات جرت محاولات عديدة لاغتيال السيد سلمان، وتم استهداف عائلته وإصابتها. وفي عام 1984، وبعد وقوف السفير في وجه الصهاينة، جرت محاولة الاغتيال.

وأضاف هذا الناشط الإعلامي: في أغسطس/آب 1988، كتبت صحيفة السفير عنواناً شهيراً عبرت فيه عن رغبة بيروت في الحرية وأنها لن ترفع الرايات البيضاء أبداً، وهذا العنوان وقف تماماً أمام الكيان الصهيوني عندما تعرضت بيروت لهجوم من هذا الكيان في تلك السنوات. وحاول أن يختار له عنوان المقاومة.

وقال حرب: قيل لمن كانوا في محور المقاومة أنه قبل سنوات قليلة عندما احتل الكيان الصهيوني جنوب لبنان، باستثناء تهريب الأسلحة، تم العثور على نسخ من صحيفة السفير مهربة، صحيفة السفير وقفت دائما إلى جانب فلسطين والمقاومة.

وتابع: صحيفة السفير اتبعت معايير مهنية في الصحافة وقدمت مبادئ جديدة في هذا الصدد كصحيفة تضع نفسها أمام الكيان الصهيوني كما أن السيد سلمان كان من محبي جمال عبد الناصر، فقد رأى في القاهرة ودمشق جناحين يجب أن يعملا معاً من أجل حرية فلسطين.

وروى خليل حرب: السيد طلال سلمان في حديثه مع الإمام الخميني (قدس) في باريس، قال الكثير عن أهمية فلسطين. ولهذا السبب، كتب السيد سلمان لاحقاً أن الإمام هو الذي سيسجل الأمور العظيمة في التاريخ، كما تسبب في إقالة النظام الملكي. وفي هذه المحادثة، قال الإمام الخميني (قدس) للسيد سلمان إن إسرائيل ليست فقط عدواً يحتل فلسطين، ولكنها ترتكب جرائم كثيرة ضد الشعب الإيراني.

وتابع: طلال لم يكن يفرض حب فلسطين على أحد، كان دائما يروي فكر فلسطين ومُثلَها ويظهر صمود ومقاومة فلسطين وحريتها.

واختتم حرب: “من المؤلم جداً أننا لم نرَ مطبعة السفير الورقية منذ عام 2017، ومن المؤلم جداً أن يتم التخلي عن الحصن الذي واجه القمع والطغيان لسنوات طويلة، ومن المؤلم جداً أنه بعد 7 سنين مازال الناس يعيشون في الدنيا ويقولون لماذا توقفت السفير؟ وما زالوا لا يريدون قراءة صحيفة أخرى.

ناصر قنديل: الكلمة سلاح “طلال سلمان”

وفي نفس السياق قال ناصر قنديل المحلل السياسي ورئيس تحرير صحيفة البناء: يمكن أن يكون هذا الحفل التذكاري بمثابة مهرجان لتذكر وجهات نظر طلال سلمان الثقافية والسياسية والاجتماعية. ويمكن اعتبار طلال سلمان أحد فرسان الكلمة في القرن العشرين الذي لم يكن لديه سلاح سوى الكلمة وكان قائداً في نظر العرب والأحرار.

وتابع: في رواية التاريخ لا يبقى إلا الأسماء التي تعبّر عن الحق والحقيقة لأن هذه الكلمات ترمز إلى الصدق وهذه الصفات قريبة من جوهر الله. وجاء في إحدى آيات سورة الرعد أن كل ما هو ثمين يبقى في أعماق الماء، والأشياء التافهة تبقى في الماء. وبناء على هذه الآية يبقى على الماء الكلام السخيف والخفيف، ويبقى الكلام والألفاظ النافعة للناس في أعماق الماء.

وتابع: هنا ليست مهارة اللعب بالكلمات مهمة، فالكلام والكلمات التي تبقى خالدة تحدد المصير وتصبح النشيد الوطني للجمهور، كما تذوّب النار الفولاذ، فإن كلمات طلال وكتاباته مثل النار للفولاذ، والمعيار المهم هنا هو المواجهة بين الحق والباطل، مما يخلق القوة والمقاومة، وطلال يضع نفسه دائما في هذه المواجهة.

وأوضح قنديل: القضية الفلسطينية كان لها لغتها بيد طلال، وفي تاريخ البشرية لا يوجد حق مثل الأمة الفلسطينية ولا شر مطلق مثل الكيان الصهيوني، وكان طلال أيضاً في يده نور كما كان لديه النار في يده.

كان موقف طلال محايداً، كان دائماً يدافع عن المظلومين وكان صوت من لا صوت له. وتولي الجمهورية الإسلامية اهتماما خاصا بطلال سلمان لأنه أولى اهتماما خاصا أيضا بمثل وأفكار الثورة الإسلامية والمستضعفين.

سفير لبنان في إيران: طلال سلمان عكس تنوع الآراء والأفكار

وبعد ذلك تحدث سفير لبنان في إيران السيد “حسن عباس” وقال: أشكر جميع الهيئات والمؤسسات الصحفية التي أعدت مثل هذا الحفل للراحل طلال سلمان. ولا أريد هنا أن أتحدث عن مميزات صحيفة السفير وتأثيرها على العالم العربي، لأنهم جميعاً قالوا عن آثاره، وهنا أود أن أتطرق إلى العلاقة بين الحرية في الإعلام والحرية في المجال العام، وهذا هو سبب وجود الإعلام الحر في لبنان، والبنية التي سادت النظام السياسي في لبنان بعد الحرب العالمية الثانية كانت تسعى إلى تقليص السلطة المركزية، وقد وفرت هذه القضية منصات عديدة لحرية الإعلام أفراداً وأحزاباً، وهي أبعاد رأيناها خلال الحرب الداخلية اللبنانية.

وأضاف السفير: على الرغم من أننا شهدنا محاولات للحد من حرية الصحافة وخلق قيود على وسائل الإعلام، إلا أنه في بعض الحالات تم اعتقال صحفيين وفي بعض الحالات تم اغتيال صحفيين وإعلاميين، لكن الصحفيين كانوا جنباً إلى جنب وفي صف واحد ودافعوا عن حرياتهم القانونية، والتي وردت في المادة 13 من الدستور، وأحد هذه الإنجازات تحققت في التسعينيات وتم إنشاء محكمة خاصة بالصحافة، مما جعل من المستحيل على أي شخص استخدام الأعذار للحد من الصحفيين المختلفين.

طبعاً حرية الإعلام في لبنان أحياناً لا تروق للبعض، ولهذا حاولوا حصرها بالإفتراءات مثل الخيانة وطالبوا بإغلاق وسائل الإعلام المسموعة والمرئية.

وفي النهاية قال: أؤكد لكم أن الحكومة اللبنانية التي تشكّلت بدعم من الرأي العام، دافعت دائماً عن حرية الإعلام والصحفيين، والدستور اللبناني يدافع صراحة عن هذه الحرية الإعلامية والفكرية، والحكومة اللبنانية ستتمسك بهذه الحريات والإعلام سيدافع عنها، مثل طلال سلمان الذي سعى دائماً إلى عكس تنوع الآراء والأفكار في مختلف المجالات في صحيفته.

خامه يار: “طلال سلمان” دافع عن القلم والسفير حتى نهاية حياته

وفعلا كانت السفير صوت المظلومين وكل المناضلين في كل أنحاء العالم و “طلال سلمان” هو احد رموز صحيفة السفير. لقد كان ظاهرة أدبية رائعة ومعروفة وأحد عباقرة الصحافيين المعاصرين في الوطن العربي. طلال الذي نشرت كتاباته في الصفحة الأولى تحت اسم “على الطريق” وتحت علامة “ديك السحر”، كان فخماً، أصيلا ومليئاً بالذكاء والسحر، ينبغي قراءة مقالاته الإفتتاحية عدة مرات ويجب أن يُطلق على طلال اسم النحات، وكانت المطرقة الاخيرة والصرخة المدوية على عاتق منظمي منظمة التعاون الإسلامي في إسطنبول، والتي لم يكن لأحد الشجاعة سوى طلال للتعبير عنها.

د.ح

المصدر: الوفاق