الانقسام وصراع السلطة
الأخبار المنتشرة من مصادر داخل الحركة تشير إلى أن صراع السلطة للفترة ما بعد موت فتح الله غولن تسبب في انقسام داخل هذا التيار، بحيث أصبحت الحركة مقسمة إلى خمس مجموعات:
المحافظون
المحافظون ليس لديهم قائد محدد ولكن يشار إلى اسماعيل بویوک جلبی باعتباره الزعيم غير المكتوب لهذه المجموعة. يزعم هذا التيار أن تعاليم فتح الله غولن، حتى التعاليم التي تتعارض ظاهرًا مع الدين، صحيحة وغير قابلة للتغيير، وأن غولن على حق حتى في المرحلة الحالية – التي شهد فيها انخفاضًا كبيرًا في الحركة – وأنه مع مرور الزمن سيظهر ذلك. كما يرون أن الأخطاء التي حدثت ليست بسبب فتح الله غولن، زعيم المجموعة، بل ناتجة عن خطأ المسؤولين في المستويات الأدنى في التنظيم، و مهما حدث، يجب على أعضاء المنظمة أن يتحملوا وأن يواصلوا طريقهم دون تفكيك الوحدة والتماسك المنظمي. هذا الرأي ليس له أتباع في تركيا حاليًا، لكن لا يزال هناك من يتبنون هذا الرأي خارج البلاد.
التجديديون
هذه المجموعة تمتنع عن انتقاد فتح الله غولن مباشرة وتعلن باستمرار عن ولائها للحركة. و يعتقدون بأن المحافظين عاجزين عن فهم روح الزمان وأنهم مسؤولون عن إضلال فتح الله غولن،و يحملون المحافظين مسؤولية الانشقاقات الكبيرة على مستوى الشعب وعدم الثقة على المستويات العليا للمنظمة. على الرغم من أن هذه المجموعة ليس لديها قائد محدد، إلا أنها تزداد بسرعة وتجذب العديد من المؤيدين. أولئك الذين في هذه المجموعة يدافعون عن قضايا مثل إنشاء هيكل جديد على أساس الكفاءة والصلاحية، إنشاء نظام قابل للمراجعة يستند إلى الشفافية، محاسبة المسؤولين الفاسدين والمسببين لإحالة المنظمة إلى حالة مؤسفة.
مجموعة مصطفى اوزجان
انضم مصطفى اوزجان إلى دائرة الشؤون الدينية في عام ۱۹۷۵. تم تعيينه نائبًا لمفتي إزمير في عام ۱۹۷۷. في ذلك العام، التقى بفتح الله غولن وانضم إلى حركة غولن. كان يعمل كخطيب وروحاني حتى تقاعده. تشير مصادر أمنية تركية إليه باسم رجل رقم واحد غير عسكري في منظمة غولن.
كان اوزجان من الشخصيات الهامة والثقة في الحركة، وخلال فترة مسؤوليته في تركيا كان مسؤولًا عن جميع الشؤون المالية لحركة غولن. سيطرته على المصادر المالية والاقتصادية للمنظمة ودعم بعض التيارات الألمانية له جعلا منه قائدًا قويًا في المنظمة، حتى أنه استطاع جذب عادل اوكسوز، الذي كان يتعاون مع بارباروس كوجاكورت، إلى جانبه.
مجموعة بارباروس
بارباروس هو واحد في المنظمة المعروفة باسم “سي 40″، حيث يمتلك معلومات وروابط هامة وخلفيات جميع العمليات غير القانونية للمنظمة في الأعوام الأربعين الماضية. يتظاهر الفرع البارباروس مثل الفروع الأخرى بأن الخطأ يقع على منافسيه داخل المنظمة ويستهدف مصطفى أوزجان وفريقه. يزعمون أن مصطفى أوزجان وفريقه قاموا بمصادرة جميع أموال المنظمة والموارد المالية الرئيسية لها، بما في ذلك بنك آسيا وشركة هولدينج كايناك وتوسكون (اتحاد رجال الأعمال وأصحاب الصناعات في تركيا)، وجعلوها تعمل تحت سيطرة مصطفى أوزجان، مما أدى إلى سوء استخدام شخصي للموارد وتراجع مكانة المنظمة.
التيارات الإنتهازية
هؤلاء الأشخاص يعملون على أساس توازن القوى، مثل الصحفيين والأكاديميين الهاربين من تركيا المنتمين إلى حركة غولن. هم نوع من المستفيدين ولا يتخذون موقفا واضحا تجاه الأحداث والجماعات المتصارعة. يحاولون إيجاد موقف وسط بين الأطراف و يدعون أن النزاعات و الجدالات تضر بالمنظمة. على سبيل المثال، أدت التصريحات الاعترافية والانتقادية لعثمان شيمشك، أحد الشخصيات المقربة من فتح الله غولن، بشأن بعض المسائل و المواقف في اجتماع عقد في قصر غولن في بنسلفانيا، إلى ضربه وطرده من الاجتماع والقصر. و في مسألة طرده، لم يقم أحد منهم سوى عدد قليل من اتخاذ موقف واضح، من الأمر.
خطة أميركية جديدة
بعد انتشار شائعات عن هجرة فتح الله غولن من أمريكا إلى سويسرا، طرحت بعض التساؤلات حول دوافعه ومخاوفه من تسليمه إلى تركيا وعدم ضمان أمن حياته. لكن يجب أن نسأل لماذا تسمح أمريكا، التي دعمت غولن وحركته لسنوات وتعرف جيدا أن بنسلفانيا هو المكان الأكثر أمانا لهذه المنظمة، بمثل هذه الهجرة لغولن؟ هل سويسرا أكثر أمانا من بنسلفانيا التي تحت رقابة وكالة المخابرات المركزية؟ سويسرا هي البلد الذي يستعد فيه مصطفى أوزجان، وهو من أبرز شخصيات حركة غولن، نفسه للفترة ما بعد غولن، والذي استولى على السيطرة والحكم على التيارات هناك. بعض الخبراء الترك يرون في هذه الهجرة جزءا من خطة جديدة لأمريكا ضد تركيا. حسب رأي هؤلاء الخبراء، تشكل هجرة غولن مقدمة لبرنامج وسياسة جديدة لأمريكا من “العصا والجزرة” ضد تركيا.
أوزجان الأقوى في الصراع
الصراع على السلطة والتشتت داخل منظمة غولن قد أدى إلى تشكيل مجموعات مختلفة داخلها، وكل منها يحلم بقيادة هذه المجموعة بعد وفاة فتح الله غولن. من المحتمل أن يؤدي التشتت في هذه المنظمة إلى تدخلات خارجية من قبل دول أخرى وتعاون أكبر مع هذه المجموعات في هذه المنافسة. يبدو أن مصطفى أوزجان لديه فرصة أكبر للتأثير في القيادة بعد فتح الله غولن بسبب قوته المالية الأكبر وعلاقاته الأكثر فعالية. كما يبدو أن مجموعة غولن التي تلقت ضربات كثيرة داخل تركيا بعد الانقلاب الفاشل في 2016 وتم تطهير العديد من أعضائها من مؤسسات الدولة و فقدت فرصة استعادة وإعادة بناء نفسها داخل تركيا، و مع الاتجاه الحالي لسياسة تركيا الداخلية و الخارجية أيضا فلن يكون لديها ذلك التماسك السابق لفترة طويلة.
د.ح