لوحة فنية قرآنية "نصرة لكتاب الله"

الأربعينية.. عهد مع القرآن والإمام الحسين (ع)

ما قامت به مواكب العزاء الحسيني وما شهدناه عند هذا السيل البشري العظيم، يحمل رسالة للعالم وخاصة الدول الأوروبية المعادية للإسلام.

2023-09-09

“يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ” (الصف/8)، هذه الآية المباركة وكثير من الآيات تدل على أن أعداء الله ورسول الله (ص) وأهل بيته الطيبين الطاهرين يُخذَلون دائماً ولا ينالون من أهدافهم شيئا.

القرآن الكريم والأربعين لا يفترقان أبد الدهر، وفي هذا العام، إجتمع أحرار العالم في كربلاء المقدسة، كالسنوات الماضية وفي ذكرى الأربعين الحسيني، وعجّت المراقد المقدسة في كربلاء بملايين الزوار من داخل العراق وخارجه الذين جاؤوا لإحياء المناسبة في مشهد يتكرّر ويزداد توسعاً عاماً بعد عام.

ما شهدناه في هذا العام هو أنه مع حلول موعد الأربعينية، إفترش الزوّار أرض كربلاء المقدسة ومقامات الإمام الحسين وأخيه أبي الفضل العباس عليهما السلام.

زوار أبي عبد الله الحسين(ع) حملوا معهم أيضاً هموم أمتهم الإسلامية وقضاياها الكبيرة، فمع تزايد حالات الإساءة للقران الكريم مدعومة من قبل الأنظمة الغربية، رفع زوّار الأربعين القرآن الكريم رفضاً للإساءات المتكررة التي تعرّض لها، وباشرت المواكب في كربلاء المقدسة برفع آيات من القران الكريم بين مرقدي الإمام الحسين وأخيه أبي الفضل العباس عليهما السلام ليؤكدوا تمسكهم ودفاعهم عن مقدساتهم ورموزهم الدينية.

بما أن أربعينية الإمام الحسين (ع) تعتبر أكبر تظاهرة بشرية في العالم، حيث تخرج مواكب العزاء في هذا اليوم، ويتوافد الملايين من العراق وكافة أنحاء العالم إلى أرض كربلاء لزيارة مرقدي الإمام الحسين وأخيه العباس عليهما السلام، شهدنا قبل عدة أيام من الزيارة الأربعينية إنطلاق الجموع المليونية للزائرين من داخل العراق وخارجه صوب كربلاء المقدسة لإحياء الزيارة الأربعينية لاستشهاد الإمام الحسين(ع) والثلة الطيبة من أهل بيته وأصحابه عليهم أفضل الصلاة والسلام، وسط استنفار أمني وخدمي وصحي واسع.

أما الذي شهدناه في هذا العام بصورة جليّة وبارزة هي دعم الزوّار للقرآن الكريم وتأكيدهم على هذا الدعم بصور مختلفة.

وبما أن كتاب الله المقدس القرآن الكريم يتعرض إلى هجمة شرسة ومسيئة وحوادث حرق كثيرة في عدة دول أوروبية لاسيما الدنمارك والسويد، في الوقت الذي رفض العراق وشعبه وجميع المسلمين وأحرار العالم هذه الحوادث، ووقف بوجه البلدان المؤيدة لحرقه، فقامت مواكب العزاء الحسينية برفع لوحات قرآنية وكتابة آيات القرآن الكريم على أيدي العلماء وزوّار أبي عبدالله الحسين(ع).

لوحة فنية قرآنية يرسمها موكب “بني عامر” بين الحرمين

إحدى المشاهد المهيبة والجميلة التي شهدناها هذا العام كانت المبادرة التي قام بها موكب “بني عامر”، وبحسب صور ومقاطع فيديوية إنتشرت في الفضاء الإفتراضي فإن موكب “بني عامر” من أهالي محافظة البصرة، عمل على رفع آيات من القران الكريم بين الحرمين الشريفين في محافظة كربلاء المقدسة.

ويعد موكب “بني عامر” من أكبر المواكب الحسينية حول العالم، حيث يعمل خلال كل اربعين الإمام الحسين(ع)، على رفع شعارات دينية أو آيات قرآنية بين ضريحي الإمامين الحسين وأخيه العباس عليهما السلام في كربلاء المقدسة.

فأحيا موكب “بني عامر” من البصرة في كربلاء المقدسة، يوم الثلاثاء الماضي ذكرى أربعينية الإمام الحسين(ع) بأكثر من 30 ألف معزّ وبرفع لوحات على شكل آيات قرآنية.

وقال مسؤول إعلام الموكب أحمد السعيد للمربد إن هذه السنة ركّز الموكب على إيصال رسالة والتي سوف تبث بمدة أقل من ربع ساعة حول العالم أجمع حول الهجمة الأخيرة التي تتعرض لها الدول الإسلامية والمتكررة لحرق والإساءة للمصحف الشريف برفع لوحات قرآنية للسير على نهج الإمام الحسين(ع) ورسالته التي استشهد في سبيلها وإيصال الدين الإسلامي للعالم أجمع.

وأضاف أن الموكب هذه السنة قام بتقليل العدد وفسح المجال وتقسيمه إلى قسمين في النجف الأشرف أكثر من 6 آلاف معزي وفي كربلاء المقدسة نحو 30 ألف معزي.

العتبة الحسينية ترعى مبادرة خط أطول مصحف بأيدي الزائرين

من جهة أخرى شهدنا مبادرة خط المصحف الشريف بأيدي الزائرين المشاركين في الأربعين التي أطلقها مركز التبليغ القرآني الدولي في العتبة الحسينية المقدسة، وضمن المشروع التبليغي للحوزة العلمية وجدت تفاعلاً  كبيراً حيث شارك بها شخصيات علمائية ونخبة كبيرة من رجال الدين، فضلاً عن الزائرين ومن كلا الجنسين.

وقال مسؤول المركز منتظر المنصوري في حديث للموقع الرسمي، إن “زيارة الاربعين هذا العام شهدت الكثير من الفعاليات المهمة ومنها مبادرة مركزنا وبرعاية المشروع التبليغي الذي اقامته الحوزة العلمية في النجف الأشرف، بخط القرآن الكريم من قبل الزائرين”.

وأوضح أن “المبادرة جاءت تحت شعار “عهداً مع القرآن” وهي بمثابة الرد على محاولات انتهاك حرمة كتاب الله تعالى، حيث حققنا الحضور القرآني المميز خلال أجواء زيارة الأربعين وعمّقنا من خلالها ثقافة كتاب الله باغتنام هذه الأجواء المباركة”.

وأضاف أن “المبادرة شهدت خلال ايام الزيارة تفاعلاً كبيراً من الزائرين ومن مختلف بلدان العالم (رجالاً ونساءً)، وكذلك من لدن إدارة المشروع التبليغي للحوزة العلمية في النجف الأشرف التي زارت مقر المشروع على طريق (كربلاء المقدسة- النجف الأشرف) بمعية فضلاء الحوزة وعدد من أساتذتها وطلبتها الحاضرين، وشاركوا الزائرين بخط مصحف الأربعين”.

وتابع “كما شهدت المبادرة مشاركة ضيوف موكب نداء الأقصى المقام برعاية العتبة الحسينية المقدسة والذي ضم نخبة من رجال الدين المنتمين لعدد من المذاهب الإسلامية ويمثلون مختلف الدول العربية والإسلامية، حيث شاركوا وتفاعلوا مع المبادرة كما عبروا عن مدى إعجابهم بمثل هذه الأفكار التي توثق العلاقة بين كتاب الله تعالى وطريق المسير لسيد الشهداء (ع)”.

وعن مواصفات هذا المصحف، قال المنصوري إن “المصحف صمم كاملاً على قماش مخملي بطول 300 متر ليكون بذلك الأطول من نوعه في مثل هذه الزيارات المليونية”، لافتاً إلى أن “الكوادر العاملة في المركز برفقة طلبة المواهب من قرّاء وحفّاظ القرآن الكريم كانوا يشرفون على عملية خط المصحف”.

ونوّه إلى أن “المركز أختار محطة على طريق (يا حسين) مابين محافظتي كربلاء المقدسة والنجف الأشرف من أجل شمول أكبر عدد من الزائرين المشاركين ومن مختلف بقاع العالم”.

وبيّن أن “المصحف سيكون ضمن مقتنيات متحف العتبة المقدسة وشاهداً على ارتباط طريق زائري الأربعين بنفحات كتاب الله الكريم”.

رسالة للعالم

ما قامت به مواكب العزاء الحسيني وما شهدناه عند هذا السيل البشري العظيم، كان يحمل رسالة للعالم بأجمعه وخاصة الدول الأوروبية المعادية للإسلام، وهي رسالة الوحدة ودعم القرآن الكريم ودعم رسول الله(ص) وأهل بيته عليهم السلام، فظهرت ملايين الحشود لأعداء الإسلام بما أن هذا الجمهور العظيم يصفعهم بصفعة قوية، وليس بإمكانهم مواجهة هذا السيل الجارف، والكلمة الأخيرة لله تعالى: “إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ” (الحجر/9).

 

 

 

 

المصدر: الوفاق