عام على رحيل الأديب اللبناني المناهض للإستعمار...

“سماح إدريس”.. مناضل في وجه التطبيع والإحتلال   

إدريس: إذا تخلّينا عن فلسطين تخلّينا عن أنفسِنا.

2022-11-30

تعتبر الثقافة والأدب من أهم طرق مواجهة الإحتلال، حيث يستطيع الأديب والمفكّر المثقف أن ينشر ثقافة المقاومة، ويصبح القلم بيده كالسلاح الذي كلماته هي الرصاصة التي تؤدي الى حياة الإحتلال، ففي هذا المجال نشرنا لكم سابقاً مقالات، ولكن اليوم نتطرق الى أحد هؤلاء المناضلين بسلاح القلم، وهو الدكتور “سماح إدريس” الكاتب والمترجم والناشر والمثقّف اللبناني العضو المؤسّس في حملة مقاطعة داعمي الكيان الصهيوني في لبنان.

وأحيت وزارة الثقافة بدعوة من وزيرها القاضي محمد وسام المرتضى الذكرى السنوية الأولى لرحيل المثقف المناضل سماح ادريس، في مقر المكتبة الوطنية، حيث أقيمت ندوة للمناسبة في حضور الوزير المرتضى وعائلة الراحل الى جانب أصدقاء ورفاق شاركوا ادريس في مسيرته وحشد من الشخصيات والفاعليات الثقافية والادبية والاعلامية، ففي الذكرى السنوية لرحيل الكاتب اللبناني القدير “ادريس” نقدم لكم نبذة عن هذا الكاتب والمؤلف القدير.

سماح إدريس

سماح إدريس (1961 – 25 نوفمبر 2021) كاتب وناقد ومثقف ومترجم لبناني. رئيس تحرير مجلة الآداب وكان ناشطا في مجال دعم القضية الفلسطينية.

ولد سماح سهيل إدريس في بيروت في العام 1961، والدته الكاتبة والمترجمة اللبنانية عايدة مطرجي. حاز شهادة الدكتوراه من جامعة كولومبيا في نيويورك في دراسات الشرق الأوسط في العام 1991، والماجستير من الجامعة الأميركية في بيروت في الأدب العربي، والبكالوريوس من الجامعة نفسها في الاقتصاد.

نشاطه الثقافي والفكري

رأس سماح إدريس هيئة تحرير مجلة الآدب البيروتية الورقيّة التي أسسها والده الروائي والكاتب والمفكر سهيل إدريس، وذلك بدءا من العام 1992 إلى العام 2012، ثم رئيساً لتحريرها بعد أن تحولت إلى مجلة إلكترونية منذ العام 2015.

وكان رئيس نادي الساحة الثقافي (2000 ـ 2004)، وعضوٌ مؤسِّسٌ في “حملة مقاطعة داعمي الكيان الصهيوني في لبنان” منذ العام 2002. له عشرات المقالات في السياسة، والأدب، واللغة، وأدب الأطفال. ترجم عشرات المقالات، و4 كتب (اثنان منها مع أيمن حداد).

وكان يفترض أن ينتهي من إنجاز معجم عربيّ صادر عن دار الآداب قبل وفاته. وله كتب في النقد الأدبي، وأربع روايات للناشئة، وإحدى عشرة قصّة مصوّرة للأطفال.

مؤلفاته وأعماله

لسماح إدريس العديد من المؤلفات والروايات وعشراتُ الدراسات والمقالات والكتب المترجمة، منها أعمال فكرية ونقدية وكتب روائية وسرد: المثقف العربي والسلطة، صناعة الهولوكوست، إسرائيل، فلسطين، لبنان، خلف الأبواب المقفلة، الشباك، وغيرها.

وصيته قبل وفاته

توفي سماح إدريس في بيروت في 25 تشرين الثاني/نوفمبر 2021، بعد إصابته بمرض السرطان. وبقي يقاوم المرض، إلى أن تدهورت صحته بشكل متسارع، ليفارق الحياة بعد أشهر من المعاناة. وكانت وصيته قبل وفاته: “إذا تخلّينا عن فلسطين تخلّينا عن أنفسِنا”.

خلال فترة تلقيه العلاج، تلقى الكثير من الرسائل التي تدعوه إلى التماسك والصمود، كما هي حاله دائماً بالنسبة إلى من عايشوه وتعرفوا إليه عن قرب. ووصلته رسائل كان ينشرها على حسابه على موقع “فيسبوك”، من بينها رسالة من  الأمين العام لـ “الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين” أحمد سعدات، وأخرى من المناضل اللبناني في السجون الفرنسية جورج إبراهيم عبد الله.

إدريس في كلام الآخرين

قال وزير الثقافة اللبناني “المرتضى” حول سماح ادريس: “ارتقى بالقضية الفلسطينية من مسألة خاصة بشعب الى قضية تخص الإنسانيةَ جمعاء”.

وتابع المرتضى: “ميزة الراحل سماح إدريس أنه كان المؤمن والعامل في آن معا. عدته أقلامٌ وأوراق وحبرٌ يراق، وموقفٌ واضح النبرة لا مساومة فيه. إنه قدر الأحرار الذين يلتمسون غدهم وغد بلادهم، من قبضات الحق الذي لهم والقيم التي فيهم. وعلى هذا الأساس كانت مناهضته للتطبيع مع الكيان المغتصب، الذي نزل على بلادنا نكبات ونكسات فحولها المثقفون والمقاومون إلى انتصارات عظيمة ستتوالى بإذن الله تعالى حتى تستعاد الأرض كل الأرض، والحقوق كل الحقوق.

​سماح إدريس تحلى بشجاعة لا توصف، دفعته أثناء دراسته في الولايات المتحدة الأميركية عقر دار الصهيونية العالمية، إلى إقامة المؤتمرات والمظاهرات المنددة بالاحتلال والداعمة للقضية الفلسطينية، لا كمسألة خاصة بشعب احتلت أرضه وقتل أبناؤه وشردت أجياله وانتهكت مقدساته، بل كقضية تخص الإنسانية جمعاء، تجرح البشر أجمعين في عمق كينونتهم، حتى أصبح لا يرى معيارا للشعور الإنساني أرقى من الالتزام بقضية فلسطين”.

ومن جهته اعتبر المحامي والشاعر شوقي ساسين الذي قال: “إن سماح إدريس عقارٌ أدبيٌ، مساحته ستون عاما وبضع مئات من الأوراق، تحده فلسطين من جميع جهاته، ويملكه أطفالها على الشيوع، أحياؤهم والشهداء. في الصباح النازل من الكرمل باتجاه البحر، أو من صنين، لا فرق، تسعى إليه اللغة عن بكرة معاجمها، على صهوة هوى عربي مبين، فيقولها فكرا وانتماء ويكتبها حداثة متجذرة في التراث ونضالا مسكونا بالتراب. إنه الآن على مرمى سنة من عمر بيروت بعده، ممتلئا بما كان وكانت، يأتي بذكراه إلينا، فما عساه يقول؟”.

ندوات ونشاطات في ذكرى رحيله

من جهة أخرى وفي سياق الأنشطة المنوّعة التي تُقام في مناسبة الذكرى السنوية الأولى لرحيل، أقام “مركز دراسات الوحدة العربية”، أمس الأربعاء ندوة رقمية حول “الثقافة والمثقّف في مواجهة الاحتلال ومشاريع الهيمنة والاستعمار” اللقاء الذي أُجري عبر منصة “زوم”، وأكد المشاركون في الندوة على متابعة طريق “إدريس” بجد وحماس، وتحدثوا عن شخصيته وكتاباته.

كما أنه في الذكرى السنويّة الأولى لرحيله، أصدر رفاقه بياناً يوم الثلاثاء، جاء فيه: “نجدّد العهد بإكمال المسيرة التي بدأناها سوياً في مقاطعة ومحاصرة العدوّ الصّهيونيّ وداعميه من خلال مقاومة التطبيع وتعزيز ثقافة المقاطعة. وفي هذه الذكرى نهدي رفيقنا الحبيب بعضاً ممّا كان يهدي إلينا، رفيقات ورفاقاً وحملة: جهد مئات السّاعات من البحوث العنيدة، والكتابة الموثّقة، والتّحرير المتطلّب والصّبور. لقد رَوّضْنا الحزنَ بالعمل والأمل، حتى صارَ صديقاً حميماً في ساعات البحث والكتابة والتّحرير، وبات يفقَه في أمور المقاطعة.

توثّق حملتنا كلّ أنشطتها من بيانات وندوات ومواقف على موقعها الإلكتروني وصفحاتها على شبكات التواصل الاجتماعي”.

ودانت الحملة مشاركة لبنانيين في مؤتمر “إيدك دبي 2022” إلى جانب إسرائيليين، وكذلك في مؤتمر ينظّمه معهد “مينرفا” الإسرائيلي ــ الألماني. وأصدرت بياناً يدعو إلى مقاطعة معرض “إكسبو دبي” وشاركت في الحملات العربية التي كانت تهدف إلى ثني الفنانين والمثقّفين عن المشاركة في إحياء فعالياته. وكذلك دعت إلى مقاطعة “‏مهرجان طيران ‎الإمارات للآداب” وتواصلت مع الكُتَّاب المشاركين لحثّهم على الانسحاب، وطالبت الكُتَّاب العرب واللبنانيين بمقاطعة جائزة “متحف الكلمة” التطبيعية في إسبانيا، وطلبت من ‏”الجمعية اللبنانيّة للأنف والأذن والحنجرة” الإنسحاب من مؤتمر طبي تطبيعي في ‎دبي، فاستجابت وانسحب المنتسبون إليها من المشاركة.

وكذلك، أسهمت الحملة في حث الفنان رامي خليفة على الانسحاب من نشاط تطبيعي في “معهد العالم العربي” في باريس. كما كان للحملة دور بارز في إحباط مشاركة كتّاب فرنكوفون مؤيّدين للصّهيونية في فعاليّة “بيروت كتُب” التي ينظّمها المعهد الفرنسيّ في لبنان، ما أدّى إلى انسحابهم.

ونشاطات كثيرة قامت بها هذه الحملة التي كان “سماح ادريس” من مؤسسيها وتؤتي ثمارها يوم بعد يوم وتتواصل المسيرة حتى محو الكيان الصهيوني ان شاء الله.

 

 

 

 

المصدر: الوفاق