هكذا أزاحت روسيا ألمانيا وأصبحت خامس أكبر اقتصاد عالمي

في عام 2019 فقط، نما الناتج المحلي الإجمالي لروسيا، بنسبة 1.3%. وكان من المتوقع أنه سيبدأ في التسارع خلال السنوات التالية.

2023-09-12

رئيس الوزراء الروسي السابق ديميتري ميدفيديف تحدّث حينها عن خطة إصلاح اقتصادي لدفع البلاد إلى واحدة من أكبر خمس اقتصادات في العالم في تعادل القوة الشرائية بحلول عام 2023، وكانت روسيا حينها في الموقع السادس خلف ألمانيا مباشرة. وهو ما حصل على الرغم مما يسمى العقوبات غير المسبوقة التي فرضها الغرب الجماعي إثر الحرب الأوكرانية، وحزمة العقوبات التي فُرضت قبلها عندما ضمت روسيا شبه جزيرة القرم. وهكذا تكون روسيا قد أزاحت ألمانيا لتصبح أكبر اقتصاد في أوروبا، وخامس اكبر اقتصاد عالمي.

يمكن فهم هذا التطور الاقتصادي من خلال شرح معادلة القوة الشرائية. “تعادل القوة الشرائية” هو مصطلح اقتصادي مصمّم لمقارنة قدرة البلدان المختلفة على شراء وحدة معينة من سلعة أو سلة مشتركة من السلع والخدمات. يتم استخدامه لقياس القدرة الشرائية الفعلية.

فشل ما يسمى بالعقوبات الغربية

منذ بداية العملية العسكرية على أوكرانيا كانت مسألة التداعيات الاقتصادية لهذه المواجهة تقدّم دائمًا على أنها طريق محتوم لفشل الاقتصاد الروسي. لكن التدابير الاقتصادية للحكومة الروسية أظهرت مرونة مرتفعة، بالإضافة إلى مقاومة اقتصادية غير مسبوقة. عام 2014 كانت روسيا في المرتبة التاسعة، وكان من المتوقع أن تتفوق روسيا على ألمانيا والمملكة المتحدة اللتان تعدان من بين أقوى الاقتصادات الغربية. لكن خضوع هاتان الدولتان لواشنطن التي فرضت على الاتحاد الأوروبي تمويل آلة الحرب الأوكرانية، وسوء التقدير الاستراتيجي الذي أدى إلى تراجع التصدير في ألمانيا، كانت من الأسباب التي سرّعت من إزاحة ألمانيا من قِبل روسيا.

والآن تعاني الولايات المتحدة من السلع باهظة الأسعار والتي كانت رخيصة، وخاصة النفط والغاز الطبيعي. أدت بدورها إلى تأثير مضاعف لا يزال يدمر قطاعات كاملة من اقتصاد الاتحاد الأوروبي، حيث لا يمكن استبدالها.

كما أنّ فقدان الوصول إلى السوق الروسية الضخمة، شكّل ضربة كبيرة للكتلة المضطربة. خاصة بعد محاولة سرقة الأموال التي كانت العديد من الشركات الروسية قد احتفظت بها في البنوك الأوروبية، ما أدى إلى تدمير كامل للثقة التي كانت موجودة ذات يوم، وشجع ليس فقط الروس على فقدان الاهتمام بقطاع التمويل في الاتحاد الأوروبي الذي كان لا مثيل له ذات يوم. الواقع أن العقوبات التي كان ينبغي لها أن تدمّر الاقتصاد الروسي المتنامي كانت سببًا في دفعه إلى الإمام على سلّم أكبر الاقتصادات في العالم، ومن تحقق تدميره هو ألمانيا التي شهدت قوتها الصناعية تفككًا غير مسبوق، وعَكَس عملية ما كان يسمى “المعجزة الاقتصادية الألمانية” في أعقاب الحرب العالمية الثانية.

د.ح

المصدر: الخنادق/ زينب عقيل