علي اصغر خاجي، في حوار له مع الوفاق:

طهران دعت موسكو لعدم الإكتفاء بالمواقف السياسية إزاء إعتداءات الصهاينة على سوريا

نتولى قيادة المحادثات السورية التركية كضامن وعضو مراقب في هذه المحادثات.

2023-09-17

الوفاق/خاص/ سجاد اسلاميان/ مختار حداد – أجرت صحيفة الوفاق حواراً مع كبير مساعدي وزير الخارجية للشؤون السياسية الخاصة، علي اصغر خاجي، تحدّث خلاله عن آخر التطورات في سوريا واليمن والعراق والموقف الراسخ الذي وقفته الجمهورية الإسلامية الإيرانية مع حكومات هذه الدول في حربها ضد الإرهاب من جهة، والمساهمة في حلّ أزماتها السياسية والداخلية من جهة أخرى، كما عرّج خاجي خلال حواره المُسهب مع الوفاق على الدور البارز الذي تلعبه ايران في تخفيض حدّة التوتّر بين سوريا وتركيا، وتبحّر كبير مساعدي وزير الخارجية للشؤون السياسية الخاصة في فضاءات الأزمة السورية وسبل حلّها كاشفاً عن المساعي الحثيثة التي بذلتها وما تزال تبذلها طهران لإرساء الأمن والسلام في المنطقة.

س: فيما يتعلق بسوريا ومسألة الوجود العسكري والعمل السياسي وحل الأزمة السورية، يبدو أن الأطراف الخارجية تتطلع إلى إخراج إيران من المحادثات السياسية! هل تقبلون بذلك؟

بداية أودّ أن أشكر صحيفة الوفاق القيمة على منحنا هذه الفرصة للحديث عن سوريا واليمن، يجب أن أقول بأننا کنا مع الحكومة السورية منذ عام 2012، عندما بدأت الأزمة السورية، وحاولنا منع الإجراءات التي تطبقها تيارات مختلفة على نطاق واسع ضد الحكومة السورية وخطّ المقاومة. كما تعلمون، تم إرسال إرهابيين مختلفين إلى سوريا من 60 إلى 70 دولة مختلفة، ودخلت إلى سوريا تنظيمات من قبيل داعش والقاعدة وجبهة النصرة وغيرها من الجماعات الإرهابية التي لا تزال في سوريا حتی الآن ونفذت عمليات إرهابية وإرتكبت مجازراً فظيعة واحتلت الأراضي. لقد وقفنا إلى جانب حكومة وشعب العراق وسوريا في الحرب ضد الإرهاب، ولم نسمح لهذه الجماعات الإرهابية بتحقيق أهدافها الشريرة على الأرض. واستمر هذا الوضع حتى الآن وسوريا في حالة مستقرة مقارنة بما كانت عليه قبل 12 عاما.

* تيارين في الأزمة السورية

النقطة الأولى هي أن العديد من الدول العربية والأوروبية والغربية يئست بشأن محاولاتها الإطاحة بالحكومة السورية من خلال خلق وتعزيز الإرهاب والعمليات العسكرية، والنقطة الثانية هي أن الدولة الأولى التي عقدت اجتماعاً بحضور المعارضة السورية والحكومة السورية كانت الجمهورية الإسلامية الإيرانية ومنذ بداية الأزمة السورية نحن حاولنا حلّ المشكلة السورية عبر الحل السياسي. كنا نواجه تيارين في الأزمة السورية، اولاً كان هناك عدد من الأشخاص الذين اعترضوا على الوضع الحالي ويجب محاسبة الحكومة في هذا الصدد. لكن الأمر الآخر كان تدفق الإرهاب، الذي عارضته الحكومة والشعب السوري. ونحن حاربنا الإرهابيين وحاولنا فتح طرق الحوار بين الشعب والحكومة السورية وقد تم ذلك. اللقاء الأول كان في طهران وبعد ذلك نظمنا لقاء أستانا بحضور الخصوم وبعد ذلك كان اجتماع جنيف. إن المجموعة الأولى التي استطاعت أن يكون لها حضور فعال في حل الأزمة السورية هي عملية أستانا، حيث كان لنا حضور فاعل ومؤثر في هذه العملية، لأن الدول الثلاث إيران وتركيا وروسيا كان لها حضور فعال في اجتماع أستانا . ولذلك، لعبت جمهورية إيران الإسلامية دورا هاما ومركزيا في التطورات السياسية المحددة لهذه القضية. والأمم المتحدة تعترف في تصريحاتها بأن الاجتماع الأهم لحل الأزمة السورية كان عملية أستانا.

*حلّ الخلاف تركيا وسوريا

النقطة التالية هي حل الخلاف التركي السوري، والتي قد تكون ذات صلة بما طرحته. فمن الضروري أن تركيا نفذت حتى الآن ثلاث عمليات عسكرية في شمال سوريا، واحتل الجيش التركي جزءًا من الأراضي السورية. منذ نحو عامين، تصاعد الخلاف بين تركيا وسوريا حول قضايا الحدود، وكنا على مشارف عملية عسكرية لتركيا على الأراضي السورية. وفي ذروة التوتر العسكري بين تركيا وسوريا، عقدنا قمة أستانا في طهران في عهد الحكومة الحالية. وجاء بوتين وأردوغان إلى طهران وعقدا اجتماعًا ثلاثيًا مع السيد رئيسي، الذي استضاف الاجتماع. وعلى هامش هذا اللقاء، التقى السيد بوتين والسيد أردوغان مع المرشد الأعلى، وهو أوضح في هذا اللقاء أن الهجوم العسكري التركي على سوريا ليس في صالح تركيا، ولن يؤدي إلى إنجاز لتركيا، ولن يكون مفيداً لسوريا. ولذلك فإن حل مشكلة سوريا وتركيا في هذه القضية هو الحوار السياسي.

* حضور ايراني فعّال في الحوار السياسي

ولذلك، بعد ذلك، جرت فترة من الحوارات السياسية، التي نشارك فيها أيضاً. والآن تجري المفاوضات بين تركيا وسوريا. ونحن، إلى جانب روسيا، نتولى قيادة المحادثات السورية التركية كضامن وعضو مراقب في هذه المحادثات. كما عقدت اجتماعات على مستوى وزراء الدفاع شارك فيها وزير دفاع الجمهورية الإسلامية الإيرانية. وأجرينا محادثات أمنية بين أجهزة المخابرات في هذه الدول. وكان لدينا اجتماع مع نواب وزير الخارجية وأنا كنت حاضرا فيه. وأيضا كان اجتماعنا الأخير هو اجتماع وزراء الخارجية الذي عقد قبل الانتخابات التركية. وكان لدينا أيضًا اجتماع رباعي في موسكو وبعد الانتخابات الترکية. ولذلك كان لنا حضور فعال ومؤثر وقوي في كل النقاشات السياسية، وتأثير الحضور الإيراني واضح وجليّ.

س: هل لديك أي تفاصيل عن هذه الاجتماعات لمشاركتها مع قرائنا؟

هناك مشاكل بين تركيا وسوريا، إحدى هذه المشاكل هي الوجود العسكري التركي في سوريا، وتعتقد سوريا أن الوجود العسكري التركي في سوريا يجب أن ينتهي، وترى سوريا أنه يجب تحرير أراضيها من الاحتلال التركي أولاً ثم التوجه نحو المحادثات السياسية. ومن ناحية أخرى، تقول تركيا: إن لدينا مشكلة أمنية على الحدود مع سوريا، وأن الإرهابيين يغزون تركيا من الأراضي السورية، وينفذون عمليات إرهابية هناك، ممّا يقوّض أمن تركيا.

نحن أمام حقيقتين، وكلاهما صحيح. إن احتلال الأراضي أمر غير مقبول، كما أن التمتع بأمن الأراضي هو قول صحيح أيضًا. وبالنظر إلى هذا الموضوع، تسعى الحكومة التركية إلى حسم الموضوع قبل مناقشة الإجلاء العسكري، وترى أنها لا تستطيع معالجة مسألة انتهاء العمليات العسكرية طالما أن مسألة تسلل الإرهابيين من سوريا تتم مناقشتها. ومن ناحية أخرى، ترى سوريا أن تركيا دولة محتلة. ولكن ينبغي النظر في كلا الاعتبارين وفي إطار حسن الجوار واللوائح الدولية والحفاظ على مصالح وأمن البلدين وتأمينهما والمفاوضات مثل تلك التي جرت في أضنا، ينبغي علينا مساعدة القوات العسكرية السورية على التمركز على الحدود وإرساء الأمن الحدودي الذي سوف يجب إزالة مخاوف تركيا وكذلك يجب على القوات التركية مغادرة الحدود.

*ملفّ عودة اللاجئين والدور الأممي الغائب

ومن الأمور التي تتم مناقشتها الآن كيفية التعاون بين تركيا وسوريا مع مشارکة إيران وروسيا، لبسط الأمن على الحدود وإنهاء الوجود العسكري التركي في سوريا. أما كيفية تنفيذ هذا الموضوع فلم تتحدد آليته بعد. لكن من القضايا المهمة في هذا الاتفاق مسألة مكافحة الإرهاب التي يتفق الطرفان على هذا المبدأ المشترك. والقضية التالية هي عودة اللاجئين السوريين. إن الدولة التركية لها حق ومخاوفها مبررة، لأن لدينا أكثر من ثلاثة ملايين نازح في تركيا. لكن كيفية عودة هؤلاء اللاجئين هي مسألة خلافية. يجب أن يعود هؤلاء اللاجئون، وليس لدى حكومة السيد بشار الأسد أي اعتراض على عودة اللاجئين السوريين، ولكن عودة هؤلاء اللاجئين تتطلب المرافق والبنية التحتية المناسبة. لأنه الآن في سوريا لا بيت ولا ماء ولا طعام ولا مرافق فكيف يعودون؟! ويجب على المجتمع الدولي أن يساعد، وينبغي تنفيذ الترتيبات الخاصة بهذه القضايا في اجتماعات بمساعدة البلدان والمنظمات الدولية، ولا تزال المفاوضات مستمرة حتى يمكن التوصل إلى نتيجة مقبولة.

س: باعتبار أن سوريا طلبت المساعدة من إيران وروسيا لمحاربة الإرهاب، فإن مسألة انعدام الأمن تُطرح. وأحد المواضيع هو وجود القوات الأمريكية في سوريا. باعتبار أن الأميركيين غزاة وجاؤوا من دون دعوة ويسببون المتاعب وزعزعة الأمن لسوريا وحلفائها وينهبون النفط السوري، فهل كان هناك حديث أو عمل حول هذا الأمر؟

إن مناقشة وجود قوات الاحتلال الأجنبية المتمركزة في سوريا كانت دائمًا من القضايا الصعبة بالنسبة لسوريا وروسيا ولنا. والأميركيون يتواجدون الآن في شرق الفرات ويهيمنون على آبار النفط السورية مثل مدينة كنک وحقل العمر وغيرها من المناطق. وكما هو معروف، فإن نهب النفط السوري يتم على يد الأميركيين، الذين يرسلون هذا النفط بمساعدة بعض القوات الكردية إلى دول الجوار ويبيعونه هناك. بينما الشعب السوري نفسه يواجه مشكلة نفطية كبيرة وهو مستورد للنفط. إن تعاون أمريكا مع الجماعات الإرهابية للضغط العسكري على الحكومة والأمة السورية کان دائما واضحًا ومفتوحاً وغير مخفي، وكان الاثنان دائمًا يتفاعلان ويتعاونان مع بعضهما البعض. العالم كله يتحدث عن هذه العلاقة؛ الروس يقولون، والسوريون يقولون، ونحن أيضا قد أظهرنا الأدلة، مثل وثائق قاعدة التنف وغيرها من القواعد الأميركية.

*عجز الأميركيين

 المسألة التالية هي مسألة المواقف الأميركية وهم على مدى اثني عشر عاما، بذلوا قصارى جهدهم للإطاحة بالحكومة السورية وتحقيق أهدافهم. لکن الآن يشعر الأميركيون أنهم لا يستطيعون فعل أي شيء في المرحلة العسكرية، لذلك يدفعون بشكل أساسي في المرحلة الاقتصادية. إن العقوبات الصارمة المفروضة على الحكومة السورية تحت مسمى قانون قيصر تهدف في الواقع إلى تدمير الشعب السوري من الناحية الاقتصادية. ولذلك فإن الحكومة السورية تؤكد دائماً على ضرورة انسحاب القوات الأمريكية من هناك وعدم التدخل، وعدم القيام بمثل هذه التصرفات اللاإنسانية التي تفرضها أمريكا عبر الحصار والضغط الاقتصادي، ولطالما لعب الأمريكيون دوراً سلبياً في هذه الأزمة وقد أدى ذلك على الدوام إلى تفاقم الأزمة في المنطقة.

وفي المقابل هناك أكراد سوريون، بعض هؤلاء الأكراد موجودون مع الشعب السوري ويعيشون معه، لكن قسماً آخر يحاول السعي للانفصال عن سوريا بمساعدة ودعم الأميركيين. ويستخدمهم الأمريكيون كورقة لزعزعة الأمن.

س: هل من الممكن أن نشهد مواجهة مباشرة مع الأميركيين؟ لأن الأمريكان أثروا سلباً على خط العبور الذي يربط إيران والعراق وسوريا بتعطيلهم.

هذه الحقيقة موجودة. فشلوا وعارضوا ذلك دائماً، ومارس الأميركيون ضغوطاً على جميع الأطراف. سياستنا في سوريا ليست قائمة على الصراع العسكري مع أمريكا، لكننا سندافع عن وجودنا ومواقفنا المشروعة.

س: الآن قامت معظم الدول العربية بتحسين علاقاتها مع سوريا واتجهت نحو تحسين هذه العلاقات، ولكن كان من بين هذه الدول، دولة شاركت في الأزمة السورية، وهي قطر. فهل اتخذت إيران أي إجراء في هذا الشأن وتحدثت مع الأطراف القطرية؟

يسعدنا أن العالم العربي راجع سياساته تجاه سوريا، واتخذ موقفا إيجابيا تجاه سوريا، وعادت سوريا إلى الجامعة الدول العربية، وشارك السيد بشار الأسد في اجتماع جدّة. تعلمون أن اجتماع لجنة متابعة الملف السوري انعقد في القاهرة خلال الأيام الماضية. وكان هذا الاجتماع لقاءً جيداً، إذ بعد تطبيع العلاقات العربية مع سوريا، شكلت الجامعة العربية لجنة لمتابعة العلاقات مع سوريا تشمل دولاً مثل مصر والسعودية والعراق والأردن ولبنان. لقد تم تقديم خطة عربية، والتي بادر بها الأردن تحت عنوان خطة “خطوة بخطوة”.

إن قضية اللاجئين قضية مهمة، فكيف يمكن للمجتمع الدولي أن يساعد على حلّ هذه القضية الإنسانية التي يتفق عليها الجميع، حتى تتحقق الأهداف المنشودة ويعود الشعب السوري إلى دياره ويعيش حياة طبيعية في المجتمع.

*محاولات لعرقلة عودة العلاقات العربية مع سوريا

وللأسف فإن الأمريكان والأوروبيين عارضوا هذه العملية وكلهم يحاولون وقف هذا التطبيع ونتائجه الإيجابية ويحاولون خلق الاضطراب والتعطيل في هذا المجال. بخصوص قطر، أنا تحدثت مع المسؤولين القطريين حول سوريا عدة مرات. كما جرت مباحثات مع دولة قطر على مستوى وزير الخارجية. ومع الأسف، لم نشهد حتى الآن أي تغيير في سلوك قطر، ونأمل، إن شاء الله، أن تلتحق قطر أيضاً بهذه القافلة وتتخذ موقفاً جديداً. وبطبيعة الحال، أعتقد أنه إذا سارت المحادثات التركية السورية بشكل جيد، فمن الممكن أن يكون لها تأثير إيجابي على الجانب القطري، وسوف يلتحقون هذه القافلة العربية ويتعاملون معها بشكل إيجابي.

س: منذ حوالي عام أو عام ونصف، تمّت محاكمة ضابط سوري في ألمانيا بتهمة ارتكاب جرائم حرب. ويبدو أن هذا الاتجاه سيستمر في المستقبل وسيقومون بهذا النوع من العمل في أوروبا وأمريكا. ما هي الإجراءات التي اتخذتها وتتخذها إيران وسوريا في هذه الحرب القانونية؟

كلما اقترب النظام في سوريا من الظروف الطبيعية والاستقرار النسبي والأمن، زادت الضغوط التي تمارسها الدول الغربية على سوريا لكسر مقاومة الشعب والحكومة السورية. وما لم تتحقق أهدافهم السياسية في الحالة السورية كما نصوا. وعلى الرغم من أن قرار الأمم المتحدة يؤكد على وجوب مساعدة سوريا وإعادة الإعمار الأولي حتى يتمكن الناس من العودة، لکن الأمريكيين، بالإضافة إلى العقوبات، صرحوا بوضوح أنهم لن يفعلوا أي شيء وسنمنع أي شيء حتى تتحقق شروطهم السياسية، ولقد جعلوا جميع الشروط مشروطة ومتوقفة على تحقيق شروطهم المسبقة غير العادلة.

*ضغوط سياسية مستمرة

لقد حدثت هذه الحادثة التي ذكرتها، وتقع بجانبها أحداث أخرى. على سبيل المثال، قضية جرائم الحرب، رغم المحادثات مع الأمم المتحدة، فإنهم يريدون إرسال قضية الحرب السورية إلى محكمة العدل الدولية للضغط السياسي. أو المحاكم التي أقاموها أو الاعتقالات التي يقومون بها أو هذه الاتهامات التي يوجهونها؛ نعم، هذه الضغوط تتزايد ونحن على اتصال دائم مع السوريين لمنع مثل هذه الأعمال.

س: في هذه الأثناء، ما هو الدور الذي يلعبه الإسرائيليون في استفزاز الولايات المتحدة أو غيرها من الدول لدفع الأميركيين نحو عرقلة مسار حلّ الأزمة السورية؟

إن إسرائيل نظام معتدٍ. ولذلك فإن إبقاء هذا النظام وحياته هو في خلق عدم الاستقرار والعدوان والحرب وانعدام الأمن. إن الدولة السورية كانت ولا تزال داعمة للمقاومة، ولذلك فإن الأولوية الأهم للإسرائيليين هي المواجهة الفعلية لهذا النظام وإسقاطه حتى يتم هزيمة خط المقاومة هذا وإضعافه.

وفي هذا الصدد، بذلوا كل جهدهم لجعل النظام السوري غير آمن، وحتى لو لم يتمكنوا من تحقيق أي شيء، فلا يزال بإمكانهم تنفيذ عمليات عسكرية، إما بإطلاق الصواريخ أو القصف الجوي. في الواقع، إنهم يواجهون النظام السوري، وعندما كان الشعب السوري والحكومة السورية يقاتلون الإرهابيين، كانوا يقومون بعمليات عسكرية ويقصفون سوريا.

ولن أنسى حتى عندما حدث الزلزال السوري، عندما كان الناس يدفنون أحباءهم ويخرجونهم من تحت الأنقاض، جاءوا ونفذوا عمليات عسكرية وقصفوا سوريا، وأغمضت الدوائر الدولية أعينها وصمتت. والمغزى من هذه الحالة هو أن الحديث عن قصف سوريا لا يقتصر على المناطق العسكرية، بل يستهدف الموانئ والسفن والمناطق السكنية. وهذا يعني العصيان التام للمواثيق الدولية واتفاقية شيكاغو، وما زالوا يرتكبون مثل هذه الجرائم، وهي ذات طبيعة همجية.

وإذا كنا نتوقع أي شيء آخر من إسرائيل فهو توقع خاطئ وفي غير محله لأن هذا ما نراه هي الطبيعة الحقيقية لهذا النظام.

س: ما هي الإجراءات التي تتخذها سوريا وإيران لمواجهة الصهاينة من أجل أمن سوريا؟

لقد حذّرنا المجتمع الدولي دائماً بأن صبر إيران سينتهي أخيرا. ويمكنني أن أقول بسهولة أننا لسنا ملزمين بالهجوم من نفس المكان الذي تهاجم فيه إسرائيل، ولكننا نعرف طرق مواجهة إسرائيل، والإسرائيليون أنفسهم يدركون جيدًا ما نحن قادرون على مواجهتهم.

س: هل انخفض الوجود الروسي في سوريا مع حرب أوكرانيا؟ معتبرا أن بعض الأسلحة التي استخدمتها أوكرانيا إسرائيلية.

ففي نهاية المطاف، تشكل الحرب في أوكرانيا حدثاً دولياً مهماً بالنسبة لروسيا، وأوكرانيا، وأميركا، وإسرائيل، والعالم. ولذلك سيكون له بالتأكيد تأثير على العلاقات الخارجية لروسيا وإسرائيل. لكننا ما زلنا نشهد الوجود الملون لروسيا في سوريا. وتسير اجتماعات اللجنة الدستورية بشكل منظم ومبادرة الاجتماعات الرباعية جارية ولا يزال الوجود العسكري الروسي في سوريا قائما، بل حتی يتم تنفيذ بعض العمليات ضد الإرهابيين. أنا أعتقد أن بعض الناس بالغوا في تقدير ضعف روسيا في سوريا.  لكنني لا أرى انخفاضا في الوجود الروسي في سوريا.

نحن على اتصال منتظم مع الروس وفي علاقتنا مع السلطات الروسية، لم أر تغييراً ملموساً في السلوك فيما يتعلق بسوريا. بالطبع، لقد أجرينا هذا النقاش دائمًا مع أصدقائنا الروس بأن روسيا كانت دائما إلى جانبنا في جميع التصريحات التي أجريناها في أستانا وأدانت الهجمات الإسرائيلية على سوريا، وهم معنا على المستوى السياسي ويعتقدون أن الهجمات الإسرائيلية تأتي ضد القوانين الدولية وزعزعة الأمن الإقليمي.

*موقف روسيا الخجول من الإعتداءات الصهيونية

ولكننا نذكر دائما أصدقاءنا الروس بأننا نتوقع منكم أكثر من مجرد إصدار بيان وهذا المستوى من التعاون في الأمور السياسية فقط. ولا نكتفي بذكر المواقف السياسية شفاهة وكتابة، لأنكم موجودون في سوريا وأن الكيان الصهيوني يغزو ويقصف من مختلف الزوايا، وليس من المقبول بالنسبة لنا أن يتم إيقاف تشغيل جميع أجهزتكم ولا يحدث شيء ونتوقع أن يكون لديكم رد فعل أقوى في هذا الشأن. ونأمل أن يولي أصدقاؤنا الروس المزيد من الاهتمام لهذه النقطة في المستقبل.

س: إلى متى سيستمر الوضع في شمال سوريا على هذا النحو؟ وكما تعلمون فإن جبهة النصرة التي شكلت حكومة بجلب الجولاني وغيرت اسمها وتم تسجيلها على لائحة الإرهاب التابعة للأمم المتحدة، لها حضور فعال هناك.

في سوريا، نتفق جميعا على ضرورة مواجهة الإرهاب. ولكن عندما نريد تعريف الإرهاب وأمثلته نرى أن لدينا إشكالية في هذا الأمر. إن جبهة النصرة هي جماعة إرهابية وأعضاؤها مسجلون أيضًا على قائمة الأمم المتحدة للإرهاب. في الاتفاقيات التي عقدناها، نصت على ضرورة محاربة الجماعات الإرهابية وفي تصريحات أستانا، ذكرت جبهة النصرة كمجموعة إرهابية، والتي تم الاعتراف بها كمجموعة إرهابية من قبل الأمم المتحدة. والآن هم موجودون في إدلب في منطقة خفض التصعيد ويسيطرون هناك ولا تلعب المجموعات الأخرى دورًا كبيرًا.

كان اتفاقنا هو فصل الناس العاديين عن الجماعات الإرهابية في إدلب ويجب التعامل مع الناس بتسوية ومواجهة الجماعات الإرهابية بجدية، ويجب طردهم من هناك ونزع سلاحهم.

لكن للأسف هذه الاتفاقيات التي تم التوصل إليها حتى الآن لم يتم تنفيذها وهذا الجرح النازف لا يزال قائما، ويجب أن يتحقق هذا الهدف وينفذ في المحادثات المقبلة بيننا وبين تركيا وروسيا وسوريا.

وفيما يتعلق بشرق الفرات، وجهة نظرنا هي أن تخرج قوات الاحتلال من سوريا وأن يتمركز الجيش السوري هناك. والآن، يعتمد الوقت الذي سيستغرقه هذا على التطورات المستقبلية.

س: هل يعني ذلك أنه لا توجد إمكانية للعمليات العسكرية في إدلب؟

الآن، تقوم قوات جبهة النصرة في كثير من الأحيان بعمليات داخل إدلب أو للتسلل إلى إدلب وتنفذ روسيا والجيش السوري عمليات ضدهم. وليس الأمر كما لو أن هناك ظروفًا طبيعية. لكن لم يتم تنفيذ عملية واسعة النطاق وكل شيء ممكن في سوريا. عندما لا يتم حل هذه المشكلة من خلال الحوار، ليس أمامك خيار سوى إزالة هذا الجرح المتقيح من خلال الجراحة.

س: وفيما يتعلق باليمن، ظلت إيران تبحث عن حوار يمني – يمني، خاصة بعد اتفاق طهران – الرياض. ويبدو أن هذه المحادثات ليست نشطة للغاية. لماذا بلغ الوضع هذه المرحلة؟

أولاً، نحن سعداء لأن عملية التطورات في اليمن قد سارت في الاتجاه الذي بدأ فيه الحوار السياسي بين المملكة العربية السعودية وحكومة الإنقاذ الوطني. أعتقد أن الوضع في اليمن وصل إلى حد أن المجتمع الدولي قد توصل إلى فهم مشترك بأنه لا يوجد حلّ عسكري لأزمة اليمن وأن مشاكل هذا البلد يجب أن تحل عبر الحوار السياسي.

إن هذه المشاكل لم تكن مطروحة في عام 2015 وقدّمنا حينها خطّة سلام من أربع نقاط كنا نعتقد أنها يجب أن تحلّ عبر الحوار، لكن كان هناك “تيار ائتلافي” مصمّم على حلّ القضية بالطرق العسكرية، وقال: إن القضية اليمنية كانت ستُغلق في غضون ثلاثة إلى أربعة أشهر، وبدأت هذه الحرب الدموية، وبحسب إحصائيات الأمم المتحدة فقد قُتل نتيجة هذه الحرب 377 ألف شخص.

الآن لم يعد هذا الرأي موجودا، وتتطلع جميع الأطراف المعنية إلى محادثات السلام، وحلّ المشكلات من خلال المحادثات السياسية. تُعقد مباحثات بين السعودية وحكومة الإنقاذ الوطني في صنعاء وتقرّر أن يأخذ الأصدقاء السعوديون التعليقات في الرياض ويتخذون القرارات النهائية ويعودون وستستمر هذه العملية. وآخر المحادثات التي جرت كانت بعد الاتفاق بين إيران والسعودية.

*لا حرب ولا سلام في اليمن

 لقد مر أكثر من خمسة أشهر منذ أن تجاوزنا تلك المرحلة وكنا ننتظر انتهاء المفاوضات والمضي قدمًا. وللأسف فإن هذه العملية لم تكتمل وقد تأخرت وتأجّلت، ومن ناحية أخرى لم يتم تمديد وقف إطلاق النار. ولذلك نشأت حالة لا حرب ولا سلام في اليمن، مما يزيد من احتمال نشوب حرب في أي لحظة. الوضع هش للغاية ونحن قلقون والأمم المتحدة تشعر بالقلق أيضا. كما أن الأصدقاء العمانيين الذين قاموا بعمل قيم في مجال الوساطة ودخلوا الميدان يشعرون بالقلق أيضًا. ونأمل أن تتمكن الحكومة السعودية وحكومة الإنقاذ الوطني من استئناف هذه المفاوضات، وبعد تحقيق هذه المرحلة سندخل في مرحلة الحوار اليمني اليمني المقرر ويمكنهم من خلالها تحقيق مصالحة وطنية.

س: والآن، ومع الخلاف بين السعودية والإمارات، يبدو أن اليمن سيعود إلى مستوى جديد من التصعيد.

في كثير من الحالات، أجرت الإمارات العربية المتحدة مباحثات مع المملكة العربية السعودية بشأن الصراع العسكري في اليمن، لكنها غادرت التحالف لاحقاً. وحتى الآن، وبحسب المعلومات المتوفرة لدينا، هناك بعض الاختلافات في الرأي حول هذه القضية. وقضية اليمن قضية معقدة للغاية، حيث نری تعدد الجماعات السياسية والقبلية في اليمن، بعضها مدعوم من الإمارات، كما تدعم الحكومة السعودية المجلس الرئاسي. ففي نهاية المطاف، تلعب الجهات الفاعلة خارج اليمن دورا فعالا ومؤثرا في تطورات اليمن، فإذا لم تنحاز مواقف السعودية والإمارات نحو السلام والحوار، فمن المؤكد أن المشاكل ستستمر في اليمن.

*مسألة تقسيم اليمن

على سبيل المثال، بعد الجولة الأولى من المفاوضات بين حكومة الإنقاذ الوطني والسعودية بعد الاتفاق بين إيران والسعودية، كان هناك الكثير من التفاؤل بإمكانية التوصل إلى تفاهمات أولية جيدة وحلّها، وما زلنا متفائلين بهذا الأمر. لكن كما ترى فإن أول بيان صدر بعد ذلك كان من المجلس الانتقالي الجنوبي الذي أعلن أنه لا يعتبر نفسه ملزما بهذه الاتفاقيات، فهذه القضايا موجودة. والأهم أن أكثر ما يقلقنا هو مسألة تقسيم اليمن. وللأسف، فإننا نشهد الآن تورط بعض دول المنطقة في دعم الجماعات الانفصالية داخل اليمن، وهو ما يسبب مشاكل ويزيد من المخاوف، ولهذا الموضوع عواقب سيئة على الأمة اليمنية وعلى المستقبل.

س: سمعنا أنه بالتزامن مع زيارة وزير الخارجية إلى نيويورك لحضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، سيتم عقد اجتماع بمشاركة إيران واليمن وعدد من الدول العربية والأمم المتحدة بشأن اليمن. أي جهة يمنية، أو أي حکومة يمنية ستحضر في هذا الاجتماع؟

على حدّ علمي، هذا کان اجتماع دول الخليج الفارسي مع الأمين العام للأمم المتحدة؛ وتعلمون أنه في القرار 598 تم تكليف الأمين العام بالحديث عن أمن المنطقة مع دول المنطقة. ولهذا السبب لقد بدأ السيد الأمين العام هذه الحركة باجتماع على مستوى السفراء، وهم الآن يضعون اللمسات الأولى لهذا اللقاء على مستوى الوزراء على هامش الأمم المتحدة التي نرحب بهذه العملية.

 ونحن نرحب بأي تحرك ومبادرة يمكن أن تجمع دول المنطقة. أن تتمكن دول المنطقة من الجلوس معًا وحل مشاكل المنطقة خطوة بخطوة والتحرك نحو الأمن الشامل في منطقة الخليج الفارسي ومن ثم تستطيع جميع دول المنطقة أن ترى عنصر الأمن بنفسها، ونحن سعداء أن هذا الاجتماع سيكون قادرا على عقده.

س: و کيف يکون حضور اليمن في هذا الاجتماع؟

لم أسمع شيئا عن هذا لحد الآن.

س:من أهم القضايا المتعلقة باليمن هي شرعية حكومة الإنقاذ الوطني، التي اعترفت بها إيران وواحدة أو دولتان أخريان. لكن الأمم المتحدة لم تعترف بهذه الحكومة. فماذا فعلت إيران وتفعل حتى يتم الاعتراف بهذه الحكومة في المحافل الدولية؟

لو أمعنا النظر في قرار الأمم المتحدة رقم 2216، الذي يذكر أنصار الله كمجموعة متمردة ويعترف بشرعية حكومة هادي المستقيلة. ومن خلال قراءة هذا القرار ستدرك أن هذا القرار تم إعداده وتعديله بتنسيق مع الدول التي كانت ضد أنصار الله والشعب اليمني، ولا يوجد فيه أي توازن أو منطق. لكن هذا القرار عفا عليه الزمن ونحن الآن بحاجة إلى قرار جديد من الأمم المتحدة وفقاً للوضع الحالي في اليمن، وهذا يجب أن يحدث.

النقطة الأولى هي أن هذا ما قلناه نحن والروس في الأمم المتحدة بضرورة تحديث هذا القرار. النقطة الثانية هي أن نفس الحوثيين الذين، حسب رأيهم، يجب نزع سلاحهم وطردهم كمجموعة متمردة، يتم الآن تطبيق حكمهم على 70٪ من سكان اليمن، ووفقًا لاعتراف الأمم المتحدة نفسها، فهي المنطقة الأكثر أمانًا والأكثر استقرارًا وخالية من الصراعات في اليمن. أي أنه بالمقارنة مع المناطق الأخرى التي ليست في أيدي الحوثيين، تتمتع المنطقة الشمالية بوضع أمني جيد نسبياً ووضع مستقر. النقطة الثالثة: الآن، مع من تتفاوض الأمم المتحدة؟ مع من تتفاوض السعودية؟ ومع من تتفاوض جميع الدول الغربية؟ إذا كانت أمريكا لا تتفاوض مع الحوثيين، فذلك لأن الحوثيين لم يقبلوا التفاوض مع أمريكا. لذلك، خلافاً لما يطرح في الأوساط الدولية، لم يعد هناك الآن سوى خيارين للتفاوض كطرف رئيسي، وهما حكومة الإنقاذ الوطني والحوثيين؛ وينبغي حل هذه المشكلة في القرار.

ونأمل أن نتمكن من خلال المحادثات اليمنية – اليمنية ان تشارك كافة الفئات اليمنية والقبائل اليمنية في تشكيل حكومة وطنية متكاملة، حتى يكون لتلك الحكومة الكلمة الأخيرة.

س: من المفترض كسر حصار اليمن، فهل تفاوضت إيران مع الجانب الأردني في هذا  الصدد؟ وهل حاولت طهران المساهمة في كسر هذا الحصار؟

إن ما حدث وکان مؤسف للغاية هو الحصار البشري على الشعب اليمني، والشعب اليمني يتعرض للضغط والألم. سأعطيكم إحصائيات الأمم المتحدة لتعرفوا كيف هو الوضع. الآن يحتاج ثلثا الشعب اليمني إلى الغذاء والمياه والمساعدات الصحية ويعيشون في فقر مدقع. ترى الناس يستخدمون أوراق الأشجار للبقاء على قيد الحياة وقتل حتى الآن 377 ألف يمني بشكل مباشر في حرب اليمن، وقد قُتل أحد عشر ألف طفل يمني في الحرب وحدها. حالة الإنسان مثيرة للشفقة ورهيبة للغاية. ولذلك كنا نؤكد دائما في اللقاء مع مسؤولي الدول والأمم المتحدة على ضرورة رفع هذا الحصار، كما تتابع الحكومة اليمنية هذا الموضوع وتقرر في اتفاق وقف إطلاق النار رفع جزء من هذا الحصار.

*الحصار المُطبق على الشعب اليمني

 في تلك الاتفاقية، تم التنبؤ بكمية النفط التي ستأتي خلال أسبوع، وسترسو السفينة في ميناء الحديدة، وستنطلق الرحلة، ويأتي الطعام. ولسوء الحظ، كان مطار صنعاء مغلقا لسنوات عديدة ولم يقتصر الأمر على قطع الرحلات الجوية إلى الخارج فحسب، بل كان الآلاف من الأشخاص يصطفون في طوابير لمغادرة البلاد لأسباب طبية، والذين ماتوا بسبب عدم السماح لهم بالسفر من اليمن. ولذلك تقرر إعادة تسيير الرحلات الجوية. وعندما أثير هذا الموضوع تقرر السفر جوا إلى العاصمتين عمان والقاهرة للأغراض الطبية والطارئة. وللأسف لم يتم تسيير رحلات جوية إلى القاهرة بسبب عدم التنسيق بين الحكومة المصرية والجانب الآخر، والمصريون لم يسمحوا بمثل هذا الأمر. وكانت هناك ثلاث رحلات أسبوعياً إلى الأردن فقط، وبالطبع أصبحت أقل فيما بعد. ولاحقاً، زادوا عدد الرحلات إلى عمان (الأردن) إلى ستة، أما الآن فقد أصبحت ثلاث رحلات أسبوعياً مرة أخرى، وهذا قيد على أهل اليمن.

ونعتقد أنه يجب إزالة هذه القيود وتسيير الرحلات الجوية ويجب ألا يتعرض الشعب اليمني لهذه الضغوط. لقد ناقشنا هذا الأمر مع الأمم المتحدة وتحدثنا مع دول مختلفة وأوروبا. أنا بنفسي قد أجريت عدة مفاوضات مع السید هانز جروندبرج ومن المسائل التي طرحناها رفع العقوبات، ونأمل أن نتمكن في استمرار المفاوضات من حل هذه المشكلة، وهو ما يتماشى مع اتخاذ خطوات إنسانية.

س: هل تريد إيران حاليا إعادة إعمار اليمن أم أن الوقت مبكر على ذلك؟

نحن والمجتمع الدولي نفكر في إعادة إعمار اليمن. والحمدلله انخفضت الصراعات كثيرًا منذ بعض الوقت. الشعب اليمني الآن في وضع سيّء للغاية وبحسب التقديرات المالية للأمم المتحدة، بلغت أضرار الحرب في اليمن 120 مليار دولار حتى الآن. كما تم تدمير 54% من المناطق السكنية والوضع مزري للغاية. ونعتقد أن إعادة الإعمار يجب أن تتم.

ومن بنود الاتفاق بين السعودية وحكومة الإنقاذ الوطني کان إعادة إعمار اليمن. كيف تبدأ ومن أين تبدأ؛ وينبغي للصندوق الدولي أن يساعد وسنبذل كل ما في وسعنا في هذا الاتجاه.

وفيما يتعلق بالقضايا الإنسانية، فقد حاولنا أيضا جاهدين مساعدة الشعب اليمني، خاصة في زمن كورونا، بالنظر إلى المذبحة الهائلة التي حدثت للشعب اليمني وكان يفتقر إلى أي تسهيلات. لكن للأسف المنظمات الدولية والتحالف لم يسمحوا بوصول مساعداتنا إلى اليمن. باستثناء حالة واحدة قمنا بتشغيلها عبر عمان، لم يتم تقديم بقية المساعدات.

س: وفيما يتعلق بإشارة السيد الوزير إلى المساعدة في مكافحة الإرهاب في السعودية، هل لديك أي ذكريات عن الشهيد سليماني؟

معرفتي بالشهيد سليماني (رحمة الله عليه) تعود إلى فترة احتلال العراق وكنت سفيراً لإيران لدى السعودية في ذلك الوقت، وعدت إلى طهران وأصبحت الممثل الخاص لوزارة الخارجية للشؤون العراقية. وقتها كانت قضية العراق في يد الشهيد سليماني. وكان لي الشرف أن أتمكن في عقد العديد من اللقاءات معه في هذا الشأن. وبعد عودتي من السفارة الإيرانية في الصين، تم تكليفي بمسؤولية ملف سوريا واليمن، وحضرت معه مرة أخرى العديد من الاجتماعات. لقد كان حقًا شخصًا ذا قيمة. بعض الناس خلقتهم الظروف وبعض الناس هم يخلقون الظروف. وكان الشهيد سليماني هو خالق الظروف. وبهذا التفكير الاستراتيجي الذي كان يتمتع به، إلى جانب الشجاعة والإخلاص، كان شخصًا مفيدًا كنت أستفيد من آرائه دائمًا. رحمة الله عليه.

س: بعد الاتفاق بين طهران والرياض، نشأت مخاوف لدى الرأي العام اليمني بأن الإيرانيين تخلوا عنّا؛ ما مدى صحة هذه المخاوف؟

يقال إن الرأي العام اليمني يشعر بالقلق، ولا أعرف حقيقة مدى انتشاره. ولكن دعني أقول لك أنه منذ بدأ العدوان على اليمن والشعب اليمني شهد العالم وشعب اليمن أننا كنا وما زلنا مع الأمة اليمنية. عندما قال الجميع أن الحوثيين متمردون ويجب نزع سلاحهم واعتقالهم، نحن وقفنا وكنا أول حكومة اعترفت بحكومة الإنقاذ الوطني وأرسلت سفيرا إلى صنعاء واستشهد سفيرنا وقبلنا سفير صنعاء في طهران، واستمرت هذه العملية حتى اليوم.

النقطة الأولى هي أننا اليوم، إذا لم نتخذ موقفاً أقوى مما كان عليه في الماضي، فلن نتخذ موقفاً أقل مما کان.

*ندعم الشعب اليمني روحيا وسياسيا

النقطة الثانية هي أنه في المفاوضات التي أجريناها مع السعوديين تم طرح قضية اليمن وأعلنا أننا ندعم دائما الشعب اليمني روحيا وسياسيا ومستعدون للمشاركة في حوار يشارك فيه اليمنيون أنفسهم (نحن لا نتفاوض أبدا نيابة عن اليمنيين)، أو اليمنيون مع يمني، أو مثل المرحلة الحالية، السعوديون يتفاوضون مع حكومة الإنقاذ الوطني، كل ما توافق عليه حكومة الإنقاذ الوطني سنوافق عليه نحن أيضاً.  إذا أرادت حكومة الإنقاذ الوطني المساعدة فسنساعدها في حل المشكلة.

*تشكيل حكومة شاملة

 الحكومة السعودية طلبت منا المساعدة، ونحن نساعد على الحوار السياسي، واستمرار وقف إطلاق النار، وحل القضايا الإنسانية حتى يمكن تشكيل حكومة شاملة يمكن فيها تشكيل جميع المجموعات السياسية البارزة في اليمن وجميع القبائل اليمنية. التحالف له حضور وطني ونحن نؤيد أن تكون حدود اليمن وحدود المملكة العربية السعودية حدودًا آمنة حتى تتمكن الحكومة اليمنية من العيش في أمان كامل وتشعر المملكة العربية السعودية بالراحة تجاه حدودها، وقد نقلناها إلى أعلى المسؤولين في المستويات السياسية اليمنية ولم نقل قط أي شيء ضد مصالح الشعب اليمني.

*العلاقات مع السعودية

ستكون لدينا علاقة جيدة مع المملكة العربية السعودية ونحن على يقين من أن هذه العلاقة الجيدة ليست فقط لصالح شعبي إيران والمملكة العربية السعودية، ولكنها يمكن أن تساعد المنطقة وأمنها وحل مشاكل سوريا واليمن. نحن الآن قريبون جدًا من المملكة العربية السعودية بشأن القضية السورية، ولدينا موقف جيد جدًا بشأن قضية اليمن، ويجب أن تستمر هذه المحادثات ويجب توقع حل سياسي، وقد يكون هذا قليلًا من الدعاية ضدنا بأن الإيرانيين تخلّوا عن اليمنيين. لكن الحقيقة هي أن الدعم السياسي والروحي الذي نتمتّع به مستمر ونأمل أن تساعد علاقتنا الجيدة مع المملكة العربية السعودية في حلّ هذه القضايا.

المصدر: الوفاق