بدء العمليات التنفيذية للبرنامج الفضائي العُشري و قمر “بارس 3” الصناعي سيكون قادراً على التصوير بدقة حوالي مترين من مدار الأرض
خاص الوفاق: كبرى أميري
نظراً إلى الأنشطة المختلفة التي يتم تنفيذها في مجال تكنولوجيا الفضاء والقضايا المتعلقة به في جميع أنحاء العالم، قامت الجمهورية الإسلامية الإيرانية ومن منطلق إهتمامها بالتطور العلمي بإنشاء مؤسسة تعمل في مجال الفضاء وهذه كانت حاجة مهمة في مسار التطور العلمي لا يمكن إنكارها.
ولقد حظيت تكنولوجيا الفضاء بإهتمام المسؤولين والخبراء والمتخصصين منذ سنوات مضت، وحققت إنجازات إيجابية وكبيرة عديدة. واليوم تتمتع الجمهورية الإسلامية الإيرانية، بإعتبارها من الدول القليلة في منطقة غرب آسيا وشمال أفريقيا، في مجال الإتصالات عبر الأقمار الصناعية، قد قدمت نفسها للعالم كدولة رائدة في مجال الفضاء من خلال المشاركة في المحافل الدولية.
فإستمراراً للمسار الذي سلكته البلاد في هذا المجال، تحاول إيران دائماً إستخدام الإنجازات العلمية البشرية للأغراض السلمية، وتحسين الظروف المعيشية لعامة الناس، وهكذا تفاعلت وتواصلت مع البلدان والمنظمات الدولية. وكونها عضو في المنتديات الدولية ذات الصلة بهذا الهدف، بما في ذلك لجنة الاستخدام السلمي للفضاء الخارجي التابعة للأمم المتحدة (COPUOS)، ومنظمة التعاون الفضائي لآسيا والمحيط الهادئ (APSCO) و… ما يؤكد مدى إهتمام ايران بهذه الصناعة العلمية الهامة والإنجازات التي حققها العلماء الشباب الإيرانيون. ولتسليط الضوء على التطورات والإنجازات التي حققتها الجمهورية الإسلامية الإيرانية في الصناعة الفضائية وكذلك البرامج المستقبلية للبلاد، أجرت صحيفة الوفاق مقابلة مع المتحدث بإسم منظمة الفضاء في الجمهورية الإسلامية الإيرانية حسين دليريان، فيما يلي نصها:
ما أهم التطورات التي شهدتها الصناعة الفضائية الإيرانية في الآونة الأخيرة؟
واجهت صناعة الفضاء الإيرانية توقفاً جدياً دام نحو عشر سنوات، في حين كانت اجتماعات المجلس الأعلى للفضاء، بعنوان مجلس توجيهي واستراتيجي، معلّقة عملياً.
يترأس المجلس رئيس الجمهورية وبحضور جميع أعضاء وممثلي صناعة الفضاء؛ لكن للأسف تم تعطيل هذا المجلس لمدة 10 سنوات حتى عام 2021؛ لكن الحكومة الثالثة عشرة قامت بأول خطوة مهمة وهي عقد جلسات المجلس برئاسة السيد إبراهيم رئيسي رئيس الجمهورية بشكل دوري ومنظم.
وبما أن هذا الإنجاز كان مهماً للغاية وأنقذ ممثلي أعضاء صناعة الفضاء من هذا الوضع حيث كانوا يعملون بدون أي تنسيق أو انسجام، لكن فيما بعد حصل عملياً إنسجام جدي بصناعة الفضاء في البلاد، حين حظي باهتمام جميع الأعضاء وبرهن أن الحكومة الثالثة عشرة تسعى لإحياء صناعة الفضاء في البلاد.
هل من الممكن أن تحدثونا عن برامج منظمة الفضاء القادمة وإنجازاتها خلال الفترة الماضية؟
ج/بالنسبة للإنجازات يمكننا أن نذكر الموافقة على وثيقة البرنامج الفضائي العُشري للحكومة، والتي تمت الموافقة عليها في الاجتماع الثاني للمجلس الأعلى للفضاء في شهر نوفمبر عام 2022، وبفضل الله وبعد موافقة رئيس الجمهورية تم إرسال الوثيقة إلى المؤسسات المختلفة التابعة للمجلس الأعلى للفضاء. وفي الواقع، مع الأخذ بعين الإعتبار جميع الأعضاء في مجال الفضاء في الحكومة، تم الإعلان عن هذا البرنامج وتم تشكيل استراتيجية ومسار عمل دقيق لصناعة الفضاء في الدولة وبالتعاون مع جميع المؤسسات ذات الصلة، ودخلنا في تنفيذ وثيقة برنامج الفضاء العشري للبلاد.
في الوقت الحاضر قد تم بدء العمليات التنفيذية للبرنامج الفضائي العشري منذ حوالي 9 أشهر وإن جميع الأعضاء في صناعة الفضاء يقومون بتنفيذ هذا البرنامج الاستراتيجي خطوة بخطوة، ونأمل أن تحقق صناعة الفضاء الإيرانية قفزات كبيرة من خلال تحقيق الفصول المختلفة للبرنامج؛ وبالطبع، فان هذه القفزات التطويرية تحتاج أيضاً لدعم جميع المنظمات ذات الصلة. كما وشهدنا هذا الدعم في السنتين الأوليتين للحكومة الثالثة عشرة، ونأمل أن تستمر هذه العملية بمزيد من القوة لنشهد تحقيق المزيد من فصول برنامج الفضاء العشري للبلاد.
وفيما يتعلق بالإنجازات، تمت متابعة نوعين منها بشكل جدي حتى الآن: القسم الأول يتعلق بأقمار الاتصالات الصناعية في البلاد، حيث تعد منظومة الشهيد سليماني أول منظومة إتصالات محلية ضيقة النطاق في العالم الإسلامي، وقد مرت بمراحل عمل عدة، وستدخل مرحلة التنفيذ هذا العام.
في مجال أقمار الإستطلاع أو التصوير، فقد تم بدء عمليات التصميم والصناعة لأقمار بارس2 وبارس3. في الواقع يعد قمر بارس3 الصناعي الخطوة الأولى لإيران للحصول على صور الأقمار الصناعية عالية الدقة وسيكون قمر الإستطلاع الأكثر تقدماً الذي تصنعه إيران. أيضا سيكون قمر بارس3 الصناعي قادراً على التصوير بدقة حوالي مترين من مدار الأرض البالغ 500 كيلومتر، وبهذا القمر الصناعي سنخطو خطوة كبيرة لتحقيق دقة تصل إلى متر واحد وحتى أقل من متر واحد.
ما هو دور الصناعة الفضائية في مجالات الزراعة وإدارة الأزمات وغيرها؟
فيما يتعلق بالمناقشات في مجالات مثل الزراعة وإدارة الأزمات وعلاقاتها بصناعة الفضاء، ترتبط قطاعات مثل الزراعة وإدارة الأزمات بشكل مباشر بصناعة الفضاء، وإن الحصول على الخدمات الفضائية مهم جداً لتطوير ومساعدة هذه القطاعات. وعلى مستوى العالم هناك بلدان عديدة فعالة في مجال الأقمار الصناعية، والعديد من هذه البلدان تعمل بالحصول على البيانات الزراعية الخاصة بها، بما في ذلك تحديد مستوى المنتجات الزراعية -والتي تعتبر من المعلومات السرية والاستراتيجية الخاصة بكل دولة- من خلال بيانات الأقمار الصناعية.
نحن في الجمهورية الإسلامية الإيرانية نقوم حالياً بإعداد هذه البيانات لمساعدة قطاعات مثل الزراعة وإدارة المياه ومجالات أخرى مثل التعامل مع ظاهرة الغبار أو انخساف الأرض، ونعتقد أن هذه البيانات يمكن أن تحل الكثير من مشاكل البلاد ومشاكل شعبنا العزيز.
ويرتبط تحديد مستوى المساحة الزراعية بشكل مباشر بالأمن الغذائي للبلاد، وهذه البيانات مهمة لأن مسؤولي الحكومة أو المسؤولين المعنيين، من خلال بيانات الأقمار الصناعية، يمكنهم التعرف على احتياجات البلاد المستقبلية والتخطيط لها؛ وحتى بناء على بيانات الأقمار الصناعية هذه، يمكنهم التخطيط لشراء أو بيع المنتجات الزراعية.
هل لدى إيران تعاون مع الدول الأخرى في المجال الفضائي؟
بدأت منظمة الفضاء الإيرانية في الحكومة الجديدة، تعاوناً منسجماً وجيداً للغاية مع بعض الدول، حتى أننا وقعنا مذكرات تفاهم مع بعض الدول المتقدمة في مجال الفضاء، بما في ذلك روسيا، وتستمر هذه الأنشطة والتعاون بكل قوة وإندفاع، ونأمل أن نتمكن من تعزيز ومواصلة بعض الإجراءات من خلال التعاون الدولي واستخدام قدرات الدول الأخرى.
ووفقاً للتخطيط المنسجم الذي قمنا به بشكل برنامج عُشري للفضاء، فمن المفترض مثلاً، في مجال الإطلاق، بإستخدام البنية التحتية والمرافق التي نقوم بإنشائها في قاعدة الإطلاق في تشابهار، أن تصبح القاعدة مركزاً إقليمياً لإطلاق الأقمار الصناعية، وعلى هذا الأساس نحن على إستعداد لتقديم الخدمات الفضائية، بما في ذلك إطلاق أو تصميم وبناء الأقمار الصناعية لدول المنطقة.