سمیة همت پور
يمكن تقديم وتعریف هذا الفن الأصیل والديني باعتباره أحد أغنى الجوانب الثقافية والدينية في إيران، وأنه الوارث للعديد من العناصر الدينية والثقافية عبر التاريخ. ونظراً لأن جمهور هذا الفن، هو الشعب، فقد تم تطوير هذا العرض باعتباره فناً شعبیاً شائعاً ومترسخاً بين الجماهير وقد قوبل اليوم بشعبيةٍ واسعة بين طبقات مختلفة من الناس.
في أيام العزاء على أبي عبد الله الحسين (عليه السلام) ، تعرفنا على الشباب الذين يظهرون علی المسرح منذ سنوات طويلة في زي ممثلي التعزية، ويتحملون المسؤولية الصعبة لإبقاء هذا الفن وهذه الرواية العظيمة حية.
“ميثم خنداني” ، منذ سنوات طویلة من الخبرة وسجل رائع في الفنون المسرحية، یتصدی لمسؤولیة مكتب التعزیة الشعبي في محافظة “خوزستان”. وفيما يلي الحوار الخاص الذي أجرته معه صحيفة الوفاق:
كيف تنظرون إلى التعزية؟
التعزية هي واحدة من الفنون الإسلامية الإيرانية الأصيلة التي اشتهرت في إيران منذ العصرين الصفوي والقاجاري. هذا الفن القيّم والفاخر عبارة عن مجموعة كاملة من التاريخ الديني الإسلامي والفنون القيّمة مثل الموسيقى والشعر والفنون الأدائیة.
ما هو الدور الذي يلعبه الناس في تشكيل وتطوير هذا الفن العظيم؟
لعب الناس دورأً ملموساً جداً في تشكيل هذا الفن والحفاظ على تراثه المعنوي، بحيث يمكن تسمية التعزية بالفن الأكثر شعبية ؛ لأنه مشتق من الفن المتأصل في الناس وتفانيهم الصادق للمقام ومنزلة أبي عبد الله الحسين (ع) المقدسة.
التعزية أو التشابیه هي إحدى الفنون التي تم التعامل معها بشكلٍ مختلف في الحكومات المختلفة. ففي بعض مراحل التاريخ ، كان أداء التعزية يعتبر جريمة وفي مرحلة أخرى من التاریخ، أضافوا إلى مجدها وازدهارها ، لكن النقطة الذهبية هنا أنه في جميع العصور ومع جميع السياسات، كان الناس هم الذين استمروا في العمل به متحملين كل مصاعبه.
ما قصة تأسيس مكتب التعزية الشعبي لقسم الفنون بمحافظة خوزستان ؟
اهتمام الناس وشغفهم ولامبالاة وعدم إکتراث بعض المعنیین بمجال الفن في محافظتنا الشاسعة کان سبباً للبدء بحركة لإحياء هذا الفن الإسلامي الإيراني الأصيل وازدهاره ، لذلك وبعد العديد من التحقيقات والمشاورات مع أهل فن التعزیة والتشابیه، توصلنا إلى إنشاء هذا المكتب.
شكل الحفاظ على الصورة الشعبية للعمل بسبب أصالة الإجراء في هذا الفن، أحد الأهداف المهمة والأولية للعمل، لذلك تم تقديم المشروع إلى رئيس قسم الفنون في محافظة خوزستان ومن خلال الدعم والتوجيه المتعاطف المقدم ؛ وصل العمل إلى مرحلة التنفیذ.
هل هناك سبب خاص لاختيار مدينة “بهبهان” كأول نقطة جغرافية في محافظة خوزستان التي تم تشكيل مكتب التعزية الشعبي لقسم الفنون فیها؟
لطالما كان لمدينة “بهبهان” تاريخٌ طويل وعریق في تنظيم مجالس وتجمعات التعزية، بطريقة جعلت ممثلو التعزیة من جميع أنحاء إيران یسافرون إليها، حیث اعتبروا هذه المدينة ملاذاً آمناً ومدينة المخلصين لأبي عبد الله الحسين (علیه السلام). وأيضاً كان لهذه المدينة القدرة والإمکانیة المناسبة لتطوير وإحياء هذا الفن على مستوى المحافظة، لذلك تم إعداد المخطط الأولي لمکتب التعزیة الشعبي بجهود الشباب الممثلین لهذا الفن في هذه المدينة، والتي قوبلت بعد ذلك بمشاركة ممثلین شبان آخرین علی مستوی المحافظة.
وكذلك شكل إقناع وتعریف فن التعزية للممثلین في التشابیه، أحد أهداف إنشاء هذا المكتب، وبعد مرور عامين تقريباً على إنشائه، لا تزال هذه الأهداف قيد المتابعة. لذلك، يعمل مكتب التعزیة الشعبي في “بهبهان” بهدفٍ أساسي يتمثل في ثلاث مجالات عامة هي التعليم والبحث وإنتاج المحتوى، وكذلك التصدي للانحرافات والبدع وتنظيم المجموعات والفنانين في هذا الفن.
كم يبلغ عدد مجموعات التعزية في المحافظة التي یتم دعمها من قبلکم بشكلٍ مباشر أو غير مباشر؟
وفق الأشكال والنماذج المختلفة وطرق تنفيذ التعزیة في المحافظ ، قمنا بتقسيم التعزیة إلى قسمين: التعزية التقلیدیة والعروض الدينية، وحالياً، هناك حوالي 20 مجموعة في قسم التعزية التقليدية ، و 25 مجموعة في قسم العروض الدینیة، تتعاون بشكلٍ مباشر وغير مباشر مع مكتب التعزية الشعبي.
هل كانت التعزية تقام في خوزستان قديماً بالطريقة نفسها التي تقام بها اليوم؟ أم بشكل ٍ مختلف؟
بقيت التعزية التقليدية في الشكل والقالب نفسه لفترة طويلة وحافظت على مبادئها، على الرغم من أنها شهدت مع مرور الوقت بعض التغييرات في جودتها ومظهرها لجذب جمهور الشباب، ولكن في قسم العروض كل عام نرى أساليب ونماذج خاصة للأداء، تتناسب مع ذوق الجمهور.
برأيك ما هي مکانة محافظة خوزستان في التعزية والتشابیه والعروض الدینیة؟
تتمتع محافظة خوزستان، بسبب القومیات المتعددة والثقافات المتنوعة التي تحتويها، بتنوع كبير في أداء مراسم التعزية، ولكل منها جمالها الخاص. واليوم، يعمل الشباب الفنيون المهتمون بهذا الفن بحماس، مما وفر منصة جيدة جداً لازدهار هذا الفن.
هل تتمتع التعزية اليوم بنفس الازدهار الذي كانت عليه في الماضي؟
يمكن القول وبشكلٍ قاطع أنه على الرغم من كل الدعاية السيئة حول المعتقدات الدينية والمذهبیة ، إلاّ أن هذا الفن لا يزال في ذروته وهذا يرجع إلى إخلاص وحب الناس والفنانين لأهل البيت (عليهم السلام). بالإضافة الی ذلک، يضم هذا الفن قدرة فنية جيدة، ما جعل هذه المراسم لاتزال تقام بکل شغفٍ وحماس.
ما هي المشاكل التي يواجهها ممثلي التعزیة في محافظة خوزستان هذه الأيام؟
معظم الفنانين والممثلین بهذا الفن، منخرطون في أنشطة بهذا المجال بسبب تفانيهم لأهل البيت (عليهم السلام) وواجبهم الإعتقادي الديني، لكن قلة الاهتمام المناسب والكامل من المسؤولین المعنیین في مجال الثقافة، یؤدي دائماً إلى إحباط فنان التعزية، لدرجة حرمانه حتى من الحد الأدنى من حقوقه الفنية، مثل امتلاك بطاقة فنية أو استخدام تأمين الفنانين. بالإضافة إلى ذلك، فإن إقامة مراسم التعزیة والتشابیه والعروض وتجهيز المعدات والمستلزمات لتنفيذ هذه المراسم، ينطوي على الكثير من النفقات، لذلك من المتوقع أن يولي المسؤولون اهتماماً خاصاً لتخصيص میزانیة لإعداد هذه المعدات والمستلزمات.
إلى أي مدى تعليم فن التعزية یُعد أمراً ضرورياً؟
بما أن فن التعزية هو أمر تخصصي للغاية، وهو مجموعة من الفنون الأخرى، فإنّ التدريب يعتبر الجزء الأساسي والعامل الأهم في بدء عمل فنان وممثل التعزية، ويجب تناوله والاهتمام به بجدية..
في الوضع الراهن كيف تقيّمون مكانة التعزية بين عامة الجمهور وفناني المسرح والسينما؟ هل تعتقد أنه تم إيلاء اهتمام كاف لهذه القضية؟
طبعاً كان ولا یزال للتعزية دائماً مكانتها بين عامة الناس، ولكن من المتوقع أن يكون لها مكانة أعلى في عيون الفنانين المسرحيين والسينمائيين، وعلی وسائل الإعلام أن تلعب دوراً أكثر فاعلية في التعريف به وفي إبرازه.