وسط تردّي الأوضاع الإقتصادية والمعيشية للمواطنين..

هل ستلجأ بريطانيا للجيش لقمع موجة الغضب الشعبي؟

الحكومة تتذرّع بأن الوقت ليس وقت الإضراب بل وقت السعي والتفاوض..

2022-12-12

الوفاق- تعيش بريطانيا موجة من الإضرابات تعتبر من بين الأكبر في تاريخ البلاد، بعد أن اختارت قطاعات حكومية عديدة اللجوء إلى الإضراب للمطالبة بزيادة الأجور، في ظل ارتفاع نسبة التضخم إلى مستويات قياسية وحديث الحكومة عن زيادة وشيكة في الضرائب، ولأول مرة في تاريخ بريطانيا، تخوض نقابات التمريض -التي تمثل حوالي 300 ألف ممرض وممرضة- إضرابا يمتد لأيام، ويأتي بالتزامن مع أعياد الميلاد وفصل الشتاء، حيث يكون الطلب على الخدمات الطبية على أشده، مما دفع الحكومة البريطانية لوضع خطة طوارئ وطلب مساعدة الجيش في أسوأ الأحوال.

وستعرف بريطانيا إضرابات في 4 قطاعات حيوية في البلاد، هي: الصحة والتعليم والنقل والمؤسسات الحكومية، وكلها قطاعات توظف أكثر من نصف مليون شخص، مما يهدد بشلل المصالح الحكومية لأيام معدودة مع ما يصاحب ذلك من خسائر اقتصادية بمئات المليارات من الجنيهات.

*تهديدات حكومية

في ضوء موجة الغضب الشعبي هذه، وعوضاً عن تلبية مطالب المحتجين على تردي أوضاعهم المعيشية، قال رئيس حزب المحافظين الحاكم في بريطانيا الأحد، إن الحكومة البريطانية قد تستعين بالجيش للمساعدة في ضمان استمرار الخدمات العامة إذا أضرب العاملون في قطاعات رئيسية، من بينها هيئة الصحة العامة. وقال ناظم الزهاوي: رسالتنا للنقابات العمالية هي أن هذا ليس وقت الإضراب بل وقت السعي والتفاوض. لكن في غياب ذلك من المهم أن يكون لدى الحكومة… خطط بديلة.

*دراسة الإستعانة بالجيش

وتابع قائلا: “ندرس الاستعانة بالجيش، بقوة استجابة متخصصة… بالطاقة القصوى”، مضيفا أنه يمكن الاستعانة بالجيش لقيادة سيارات الإسعاف. وتشهد بريطانيا موجة من الإضرابات غير المسبوقة للمطالبة برفع الرواتب، كان آخرها إضراب سائقي الحافلات في مناطق بغرب وجنوب لندن في 25 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وسبق ذلك بيوم إضراب آخر للعاملين في شركة البريد. يأتي ذلك في ظل استمرار إضراب عشرات الآلاف من أساتذة الجامعات والعاملين فيها في عموم البلاد، إضافة إلى المدارس في أسكتلندا. كما كانت الكلية الملكية للتمريض في بريطانيا قالت الشهر الماضي إن عشرات الآلاف من الممرضين في أنحاء المملكة سيضربون عن العمل في 15 و20 ديسمبر/كانون الأول الجاري للمطالبة بزيادة رواتبهم.

وفي تصريح تصعيدي له، قال رئيس الوزراء البريطاني

وانضم موظفو القطاعات الحكومية إلى المضربين بتصويتهم لصالح سلسلة من الإضرابات، ويعتبر هؤلاء الذين يطلق عليهم الموظفون المدنيون (Civil Servants)، هم أغلبية من يديرون كل المؤسسات الحكومية والقطاعات الوزارية، ويبلغ عددهم 150 ألف موظف، منهم 100 ألف وافقوا على خوض الإضراب، مما يعني أن ثلثي الطاقة العاملة في المصالح الحكومية ستتوقف بشكل كامل. ويطالب هؤلاء بزيادة بنسبة 10% في الأجور، مع وعد حكومي بعدم تعديل شروط تسريح الموظفين الحكوميين، خصوصا مع الحديث عن خطة حكومية لتقليص النفقات الحكومية وعدد العاملين في المؤسسات العمومية.

*بنوك الطعام

من ناحية أخرى، أجبرت أزمة المعيشة عدة متقاعدين على العودة إلى العمل مع تنامي نسبة التضخم إلى مستويات قياسية هي الأعلى منذ عقود. كما تشهد الجمعيات الخيرية المعروفة بـ”بنوك الطعام” إقبالا غير مسبوق على خدماتها من قبل بريطانيين، منهم موظفون.

وفي وقت سابق، قال ريشي سوناك إنه “من غير المقبول على الإطلاق” أن تتعطل حياة الناس من قبل “أقلية أنانية” تنضم إلى الاحتجاجات غير القانونية، في إشارة منه الى عزم الحكومة قمع الإحتجاجات. وقال رئيس الوزراء “إن الشرطة مُنحت بالفعل سلطات جديدة لقمع الاحتجاجات غير القانونية وستحصل على دعمه الكامل في التصرف بشكل صارم وحاسم لإنهاء البؤس والاضطراب الذي تتسببه للأسر البريطانية المسالمة”.

ولكن الغريب في موقف سوناك، أنه فيما يخصّ الاحتجاجات التي تندلع خارج بلاده نرى السلطات في لندن تنتفض لدعم التظاهرات في دول العالم، بينما تسارع لوأدها وانتهاج لغة الوعيد تجاه مواطنيها المنتفضين، وهو ما يكشف عن حجم إزدواجية المعايير في بريطانيا والدول الغربية التي تتشدّق بالدفاع عن حقوق الانسان.