الفائزة بجائزة فلسطين العالمية للآداب في قسم الرواية لـ "الوفاق":

بالكتابة والرواية والشعر والنثر نطرح حلمنا بنصر فلسطين

"تل أبيب سقطت" كتبتُ هذه الرواية الأولى كطلقة أولى من بندقيتي على صدر العدو..

2022-12-11

الوفاق/ خاص/ موناسادات خواسته

فلسطين بوصلة الأحرار،لقد أعادت الجماهير في العالمين العربي والإسلامي، ومعهم أحرار العالم، التحامهم بقضية فلسطين، وبشعبها المنتفض الصامد على أرضه، وجميع أحرار العالم من مختلف الفئات قاموا بدعم القضية الفلسطينية، ومنهم الأدباء والكتّاب الذين سطّروا تاريخ وحكايات عن فلسطين بأحرف من نور، وفي هذا الإطار أقيم قبل فترة مهرجان جائزة فلسطين العالمية للآداب، حيث شارك فيه كتّاب وأدباء دوليون كتبوا عن فلسطين، ومنهم الكاتبة الأديبة “سمية علي هاشم” التي حصلت على الجائزة في قسم الرواية لـ “تل أبيب سقطت”، وهي من داعمي القضية ولها نشاطات كثيرة، وحائزة على ماجستير في الهندسة المعمارية من الجامعة اللبنانية، والحائزة على الإجازة في الفقه والمعارف الإسلامية من جامعة المصطفى (ص)، ومدرّسة القرآن الكريم، وغيرها، فتم إعلان اسمها ضمن الفائزين بجائزة فلسطين، وبهذه المناسبة اغتنمنا الفرصة وأجرينا حواراً معها، وفيما يلي نص الحوار:

ما هو الدافع الذي دفعك للكتابة وخاصة الرواية وفلسطين؟

حقيقة الأمر أن الفنون تقّدم للأمة ما تريد أن تكون الأمة عليه يوما، فإذا اطلعنا على السينما وجدنا أن روّاد وصنّاع هذا العالم كانوا يطرحون الأفكار التي يريدون للشعوب أن تحققها وتنمو عليها، وهو بحث يطول في هذا السياق، نحن نستطيع أن نستفيد من خلاصة هذا الكلام أهمية ما يطرحه الفن في بناء المجتمعات، وما هي الثقافة التي نريد أن تبنى عليها هذه المجتمعات، ما هو الطموح، وما هو الغد الذي نريد أن نراه..

نحن اليوم نستطيع أن نطرح من خلال المسرح والسينما والكتابة والرواية والشعر والنثر والموسيقى حلمنا بالنصر، بنصر الحق على الباطل، بنصر فلسطين، بانتصار المشروع الإلهي في الأرض أمام المشروع الشيطاني العالمي..

لذلك كانت الرواية.. حيث أنّ الرواية تحديدا تعد أحد أهم أساليب عصرنا جاذبية لإيصال الفكرة التي يسعى لها المفكّر أو الكاتب، وأكثر الكتب طلباً، وبما هي عليه نراها تحمل وجها فنياً كالفنون الأخرى من السينما والمسرح والرسم وغيرها. إن النص الروائي برأي شخصي هو أسلوب فني أدبي يخاطب الوجدان والروح، ويتوغّل ليسكن إليه، فيؤثر في العقل حتماً..

كانت الرواية خياراً لي بعناصرها من التسلسل والحبكة والشخصيات لتتحدث عن حلمي، حلمي بوالدي الذي أسره العدو الصهيوني يوماً في أرض فلسطين المحتلة في سجن عتليت، حيث لم أكن قد ولدت بعد. إنّ حلمي من واقع والدي الذي تنفس يوماً هواء تلك الأرض المقدسة التي بارك الله بزيتونها وناسها وأنسها..

وكانت الرواية تتحدث عن الذي نريده من أيامنا القادمة، رداً على الرواية التي كتبها “ثيودور هرتزل” بعنوان “التنويلاند” والتي تعني بالعربية “الأرض الجديدة القديمة”، حيث أضمر الصهاينة في هذه الرواية التي لاقت رواجاً كبيراً بين الصهاينة عالمياً ما أعلنوه لاحقاً.. قبل الرواية كانت تل أبيب شارعاً صغيراً في يافا يسكنه اليهود، وكان ذلك قبل النكبة بأربعين عاماً، لتحتل تل أبيب كل يافا فتحتضر يافا أمام العالم.. جاءت رواية “تل أبيب سقطت” لتسقط رواية “التنويلاند”، فتعيد يافا وفلسطين..

ما هو رأيك بالنسبة لمهرجان جائزة فلسطين العالمية وتأثير إقامة هكذا مهرجانات؟

إن مهرجان “جائزة فلسطين العالمية” هو الاطلاق الأكثر جرأة حتى اليوم في حربنا الثقافية مع الصهيونية العالمية، لابد أن المهرجان كان مؤذياً للعدو في الزمن الذي تكاثرت فيه الأنظمة على الشعب الفلسطيني ووضعت يدها بيد العدو الصهيوني إلا القليل منهم. ثم أنه من الجيد أن ندرك أهميّة الثقافة في بناء المجتمعات لنعلم قدسية البناء الثقافي الذي يرى أن القضية الفلسطينية هي قضية كل إنسان حرّ بلا فرق بين كونه عربياً أو فارسياً أو أفريقياً أو من أي عرق أو لون.. إنها قضية الصراع بين الحق والباطل بين الخير والشر، بين الاستكبار الشيطاني والروح الإلهية في الشعوب العالمية على مر التاريخ وما القضية الفلسطينية إلا نموذج معاصر حي لهذا الصراع الأزلي. لذلك إن كل حرف وكلمة في سياق هذه الحرب ما هو إلا لإحقاق كلمة الله، وما المهرجان الذي قامت عليه السواعد والهمم المناهضة للاستكبار إلّا لإحقاق هذه الكلمة.

 كيف جاءت فكرة كتابة “تل أبيب سقطت” وما هو شعورك وإحساسك عندما حصلت على الجائزة وهل كنت تتوقعين الفوز؟

إن فكرة كتابة رواية “تل أبيب سقطت” كانت من نفس الشعور بالانتصار المحقق الذي هو قاب قوسين أو أدنى، “تل أبيب سقطت” لتعود لنا يافا وكل فلسطين، هو الحلم الحقيقي الذي نريد أن نعيش نشوة إنتصاره.. نحن الحالمون بالغد القريب في أحياء القدس القديمة، نحن الذين نريد أن نغذيّ أرواحنا بروح فلسطين التي تأبى أن تتحرر إلا على يد الشرفاء.. كتبتُ هذه الرواية الأولى كطلقة أولى من بندقيتي على صدر العدو، طلقة أولى كانت وفق تصنيف الأستاذ الدكتور “ذيب هاشم” (كاتب مقدمة الكتاب) هي رواية من أدب الانتصار، بعد أن فاضت مكتباتنا بالتأليف عن أدب النكسة ثم النكبة وأدب المقاومة.. جاء أدب الإنتصار ليحدّث عن أحوالنا المنتصرة ومستقبلنا الذي نريد أن نعيش..

كانت “رواية تل أبيب سقطت” لتروي هذا الظمأ الذي راودني، حلمتُ بالنصر الذي هو محقق لا محال، وأردتُ من أمتي أن تحيا على نصر أمتنا الحق.

كانت مشاركتي في المهرجان، وحقيقة الأمر أنني ذهبت إلى الحفل ولم أكن أتوقع الفوز، وعندما بدأ الحفل بالنشيد الفلسطيني تأهّب الجندي الصغير في نفسي مجدداً فعاهدتُ نفسي أنني لابد أن أكتب لفلسطين ثانياً، حتى وإن لم أفز بالجائزة، إن المشاركة بالمهرجان والحفل قبل صدور النتيجة كان فوزاً لروحي التي عانقت سماء القدس.

كيف يمكن دعم فلسطين ونشر ثقافة المقاومة عن طريق الادب لكي تبقى فلسطين حية في الأدب؟

إن نفس إطلاق هذا المهرجان العالمي هو دعم لفلسطين أدبياً، وهو عين حياة فلسطين في النصوص الأدبية.. كانت الدورة الأولى للمهرجان دافعاً لكثير من الكتاب أن يتوجهوا إلى فلسطين وإن شاء الله سنشهد هذه الثمار في الدورات القادمة للمهرجان.

ومن الأفكار التي يمكن أن تضاف الى المهرجان وغيره هو تفعيل الكتابة لفلسطين المنتصرة، للنصر المحقق، حتى نستنهض الأمة لتحلم بالنصر، وأن تقرأ كل فعل هو انتصار، فلا تتحدث إلا عن النصر، ولا تسعى إلا للنصر.. وهو حتما ما نحن مقدمون عليه عسكريا وجهاديا، لكننا ثقافيا نحتاج إلى أكثر من عمل ليخبرنا عن ذلك الزمن الجميل، وهذه الفئة هي “أدب الانتصار”.

نرى ان العدو الصهيوني يبحث عن التطبيع الثقافي مع الدول العربية لتبييض وجهه، كيف يمكن مواجهة هذه الحركة؟

إظهار صورة العدو الحقيقية، حقيقة الصهيونية العالمية بصدق ووضوح وقوّة هو ما يجب علينا أن نسعى إليه، نحن أقوياء جداً، بالكلمة والموقف وبذل الدماء والأرواح لتحيا قضايانا، نحن أقوياء نحب الحياة بشرف، ونتمنى الموت على أن نحيا في ذل التطبيع وهوانه.. نحن كشعوب المنطقة المجاورة لفلسطين المنتصرة نعلم حقيقة ما حدث للشعب الفلسطيني، ونعلم أذى الصهاينة الذين أذاقوا الجنوبيين اللبنانيين من ذات الكأس المرّ بهمجيتهم وظلمهم.

إن مسؤوليتنا اليوم كشعوب مدركة حاضرة في ماضي العدو الذي يسعى لإخفائه بزخرف زائف، أن ننقل للعالم صورة العدو هذا، أن نكتب ونؤرخ وننتج الأفلام ونكتب الروايات والقصص والمذكرات التي تخبر العالم عن الذي حدث ويحدث اليوم.. هذا واجبنا أمام الشعوب، وأمام أجيال الغد التي يسعى الإستكبار العالمي والحركة الصهيونية اليوم أن تغسل عقول الجيل الجديد وتظهر صورتها البراقة لهم..

إن سبيل مواجهة الحركة الصهيونية التطبيعية العالمية هو الكشف عن وجه مصاص الدماء الصهيوني، الوجه الحقيقي الذي يحاول الكيان الغاصب إخفاءه منذ زمن.. كشف القناع هذا بكلّ الوسائل الاعلامية والفنية التي يستطاع إليها سبيلاً..

الحرب الناعمة التي نراها اليوم والتي تستهدف شباب العالم الاسلامي والأجيال القادمة، كيف يمكن مواجهتها؟

مواجهة الحرب الناعمة يكون من خلال التبيين للحقائق في مختلف الميادين الإعلامية والأدبية والفنية، وعلى الذين يمتلكون البيان والمنطق وأسلوب الخطاب المناسب لمواقع التواصل الاجتماعي مثلاً، أو أي وسيلة يمكن لنا أن نظهر من خلالها حقيقتنا وهويتنا لابد أن نتوجه بها الى العالم أجمع. إن مسؤولية الجهاد التبييني هي من أهم وأبرز المواجهة للحرب الناعمة الثقافية التربوية، لابد وأن نكتب، أن نخاطب وأن نظهر ثقافتنا دون خجل، فنحن مع الحق والحقيقة دوما، ديننا الإسلاميّ هو الدين الأكثر دعوة للخطاب والوحدة العالمية، وإننا مسؤولون(ككتاب، كفنانين، كمبلغين..) أمام الله والأمّة أن نسعى لإظهار الحقيقة دوما، والدعوة لها..

نواجه هذه الحرب بالتوعية، بأن نقف موقف نقدم من خلاله ثقافتنا كنموذج، لا أن نقف كمدافعين عن أنفسنا وأن نقنع بموقع الضحية للاستكبار. إن من واجبنا أن نربي الجيل القادم على روحية أننا قادرون، بإسلامنا نحن قادرون، وأننا أحرار بديننا وعقيدتنا..

على الجميع تحمّل المسؤولية، الوالدان المربيان، المعلمون والمعلمات، العاملون، كل العاملين في مختلف الميادين دون تمييز أهمية أحدها عن الآخر، الكتاب والفنانون والمأرخون وناشطوا مواقع التواصل الاجتماعي، الكل في هذه الجبهة مسؤول أن يبين الحقيقة، ويجاهد بقدر ما استطاع اليه سبيلا..

كيف يمكن لجميع الأحرار ان يتوحدوا في مواجهة العدو الصهيوني والاستكبار العالمي وما هي رسالة المثقف والأديب في دعم القضية الفلسطينية؟

على جميع الأحرار أن ينظروا إلى فلسطين كقضية خاصّة، وكأن العدو يستهدفُ عائلته وداره وأرضه، أن العدو يقتحم بيته في المساء يبصق في عشائه، يكبّل يديه، يرمي بأحد أبنائه أرضاً ويركله بقدمه.. يجّره أمام ابنته الباكية إلى سيارة برائحة نتنه قد صيروها حظيرة لكلابهم بكل قذارة الكلاب تلك.. مغمض العينين يرموه أرضا.. ثم يمسكوه بناصيته وشعره ويدفعوا برأسه في برميل مياه باردة جدا، والجو أكثر برودة.. يكاد يختنق ألف مرة، يعاود عليه الكرة حتى يغمى عليه.. ليجد نفسه في المشفى معلناً إضرابه عن الطعام، محارباً سجانه بأمعاء خاوية .. وإن خرج وجد داره قد هدم، وعائلته في ألم، لفقد ابنه شهيدا على اعتاب بيت المقدس الشريف.. وإن لم يخرج ظلّ هناك على أمل اللقاء، هم يرونه بعيدا ونراه قريباً..

ماذا تبحثين في كتاباتك الجيدة والتي تواجه إقبالاً كبيراً وكيف تختارين أبطال الرواية، برأيك ما الذي أدى إلى اختيار كتابك للجائزة؟

في كل ما اكتب، أبحث عن الله.. عن الحق.. في نصوص الرواية او الشعر او النثر او القصة..

وإن لاقت الأعمال رواجاً يوماً فهو لأنها تحمل هذه الروح، وليس لأنني من كتب.. نحن لسنا إلا وسيلة استنهاض، وما كتبنا عنه وما نكتب عنه لا يحتاجنا، بل نحن نحتاجه لنستريح بذكرهم..

تلك الروح الإلهية التي تملأ كل أركان الوجود، فلسطين والقدس وكل تفصيل آخر..

أبطال الرواية هذه تم اختيارهم من واقعنا الحقيقي، يجسدون برمزيّة خاصة شبان مسيرتنا لتحرير فلسطين من كل العالم.. نحن اليوم نسعى للنصر، وغدا سنعيشه بهذه الشخصيات..

بالنسبة الى سبب اختيار كتابي للجائزة فلا أعلم إلا أنها عُرضت على المختصين في هذا العالم.. وهم الذين يجيبون عن هذا السؤال..

كيف يمكن للمرأة المسلمة ان تكون ملتزمة ومحجبة ونشيطة في المجتمع وهل الحجاب كما يقول البعض معوّق؟

إن نموذج المرأة المسلمة المحجبة الملتزمة النشطة في مجتمعها متمثل أولاً بالسيدة الزهراء والسيدة زينب عليهما السلام.. هناك من يقول أن الزمان مختلف، واليوم معيارنا مختلف.. حقيقة لستُ نموذجاً يقدم نفسه قدوة، لكنني وفق ما أنا عليه أنقل تجربتي الخاصة.. فبحجابي، وعباءتي، ورسالة الإسلام المحمدي الأصيل استطعتُ نيل جائزة عالمية أدبية، كأصغر الفائزين سناً.. واستطعتُ دراسة الهندسة المعمارية، والعمل، ولديّ مجموعة من الأنشطة المتنوعة في عدد من الميادين بهذا الحجاب.

الحجاب هو العنصر الوحيد الذي يكسب الانثى اطمئناناً مبهراً حيثُ أنّه يلزم العالم أجمع أن يعامل المرأة كإنسان وأن لا يعاملها بأسلوب مادي يريد من خلاله استغلالها..

أنا لا اعلم كيف تطمئن النساء اللواتي يخلعن حجابهن.. لربما يسررن وينبهرن بجمالهن في الخارج ليوم وأكثر.. ثم ماذا؟

ثم سيستغلها الآخرون، ليحققوا ما أرادوا، وهي ستندم في القريب العاجل، وإن كتمت ذلك في نفسها..

ما هو سر التوفيق بالعمل؟

كنتُ قد كتبت في مقدمة الرواية إهداء: “إلى الذي نعمل من أجل أن نلقاه بعد طول انتظار”.. وأظن أن هذا هو سر التوفيق في هذا العمل.. أسأل الله أن يكتب لنا صلاة في القدس تكون قريبة.. وأتمنى ان يصبح العمل أكثر نوراً وكمالاً أن تصل رواية “تل أبيب سقطت” إلى يد السيد القائد الخامنئي دام ظله، وأن يعلّق بعبارة تكسب روايتي أنساً ولطفاً.

 

المصدر: الوفاق/خاص