دور الشباب في التنمية والحوار الوطني

مرحلة الشباب تعتبر من أهم المراحل العمرية فى حياة الفرد؛ نظراً لكونها المرحلة التى تساهم فى تكوين شخصيته، إلا أنّ هذه المرحلة العمرية قد تواجه العديد من المشاكل والتحديات التى قد تؤثر فى مستقبل الشباب وحياتهم،

2023-09-30

إيمان الشباب بأهمية دورهم وبث روح الحماس والتعاون لديهم وأنهم أساس التغيير والنهوض.. أهم عوامل تفعيل دورهم فى المجتمع الشباب هم قلب الأمة النابض ولسانها الناطق.. وقوة لا يستهان بها.. لهذا اعتنى الاسلام بالشباب عناية فائقة فقدم العديد من النماذج الشابة ممن ضربوا أروع الأمثلة فى البذل والعطاء والتضحية والفداء والعلم والعمل والبناء والتعمير.. من ثمة علمائنا أكدوا أن الحوار الوطنى معهم يقوى ملكاتهم الذهنية والتربوية والثقافية التى تؤهلهم على الأعمال والحرف التى يخدمون بها المجتمع.. كما أن الحوار الوطنى يعمل على صقل شخصياتهم ويبلور أدوارهم الوطنية واستغلالهم فى خدمة المجتمع وقضاياه.. واضعين روشتة استغلال شبابنا استغلالا ايجابيا يعود مردوده بالنفع عليهم وعلى مجتمعنا.. «الأهرام التعاونى» تناقش معهم دور الشباب فى التعمير والتنمية الشاملة والمستدامة والحوار الوطنى فى سطور تحقيقنا التالى.

 

إن مرحلة الشباب تعتبر من أهم المراحل العمرية فى حياة الفرد؛ نظراً لكونها المرحلة التى تساهم فى تكوين شخصيته، إلا أنّ هذه المرحلة العمرية قد تواجه العديد من المشاكل والتحديات التى قد تؤثر فى مستقبل الشباب وحياتهم، ومن هنا كان لا بد من توعية الشباب وتبصيرهم أن مرحلة الشباب فرصة ذهبية لا بد من اغتنامها قبل فوات الأوان، وقد أمرنا رسول الله (ص) بذلك فقال لرجل وهو يعظه: «واغتنم خمسا قبل خمس: حياتك قبل موتك، وشبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك»، لأنَّ مرحلة الشباب هى التى تتوسط حياة الإنسان بين الطفولة والشيخوخة، فهى مرحلة القوّة التى تتوسّط مرحلتى الضعف، قال تعالى: «اللَّهُ الَّذِى خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِير»، وتتميز تلك المرحلة فى حياة الإنسان بمزايا عديدة، منها: العزيمة والإرادة الفتيّة، الأحلام والطموحات، النشاط والحيوية.

 

وإننا لنجد من الشباب فى مجتمعاتنا من يحترم هذه الفترة ويقدر هذه النعمة فيصون شبابه، وهذا قد امتدحه رسول الله فقال: «إن ربك ليعجب للشاب لا صبوة له».

 

نماذج من الشباب والفتية الصالحين

ان القرآن الكريم اكد فى قصة أصحاب الكهف، وهم شباب قاموا داعين لتوحيد الله فى مجتمع طغت فيه الوثنية، وانتشر فيه الإلحاد، قال تعالى إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى ولفظ «الفتية» ينطبق على المرحلة الزمنية التى يطلق عليها مرحلة الشباب بكل خصائصها وسماتها.. وهذا يحيى نودى ليحمل عبء الدعوة، وينهض بالأمانة فى قوة وعزم الشباب، ولا يضعف، ولا يتهاون، ولا يتراجع عن تكاليف الوراثة، مع ما آتاه الله سبحانه من المؤهلات التى لا تتوفر إلا للشباب: «يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا»..وهذا نبى الله موسى فى ريعان شبابه، حينما فر إلى أرض مدين، وجد مجتمعا انعدمت فيه القيم، لا يعبأ بالضعفاء كتلك المرأتين اللتين اضطرتهما الحاجة إلى موارد الرجال، فثارت نخوته وفطرته السليمة، كما ينبغى أن يفعل الشباب ذوو الشهامة، وهو غريب فى أرض لا يعرفها، لا سند له فيها ولا ظهير، تلبية لدعوى المروءة والنجدة والمعروف.

 

الرسول والشباب

كما اهتم الرسول [ بالشباب اهتماما كبيرا، وكان كثيرا ما يطلب مشورة الشباب، وينزل على رأيهم، كما حدث فى غزوة أحد، حين نزل على رأيهم فى ملاقاة المشركين خارج المدينة، ولقد كان النبى [، يقف ضد كل توجه غير صحيح، أو تفكير خاطئ، أو ممارسة سلبية؛ ومن ذلك: ما رواه أنس بن مالك رضى الله عنه يقول (جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبى [ يسألون عن عبادة النبى [ فلما أخبروا كأنهم تقالوها فقالوا وأين نحن من النبى قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر قال أحدهم أما أنا فإنى أصلى الليل أبدا، وقال آخر أنا أصوم الدهر ولا أفطر، وقال آخر أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبدا.. فجاء رسول الله [ إليهم فقال أنتم الذين قلتم كذا وكذا أما والله إنى لأخشاكم لله وأتقاكم له لكنى أصوم وأفطر وأصلى وأرقد وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتى فليس مني) البخاري.

 

والشباب فى حاجة لمن يثنى عليهم، ويقدر مواهبهم، فللثناء تأثير كبير على النفوس، وبالخصوص نفوس الشباب، ولذلك كان النبى [ كثيراً ما يثنى على الشباب المؤمن؛ «وشاب نشأ فى طاعة الله»، كما كان الرسول [ يستغل الثناء عليهم فى الوقت المناسب لإصلاح أخطاء الشباب فى الآداب.

 

والشباب فى هذه المرحلة وخاصة فى بدايتها أحوج ما يكونون إلى النصيحة والإرشاد فى اختيار الأصحاب والجلساء، ويضرب الرسول [ للشباب مثل الجليس الصالح والجليس السوء، قائلا: «مَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ وَالْجَلِيسِ السَّوْءِ كَحامِلِ الْمِسْكِ ونافِخِ الكِيرِ، فحامِل المِسْكِ إمَّا أنْ يُحذيكَ وإمَّا أنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ، وإمَّا أنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحاً طَيِّبةً، ونافِخِ الكِيرِ إمَّا أنْ يُحْرِقُ ثِيابَكَ وإمَّا أنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحاً خَبيثة».

 

فالإسلام وجه الشباب إلى استثمار طاقاتهم فيما ينفع العباد والبلاد، وذلك عن طريق العمل، فإن الإسلام لا يقبل أن يعيش الشاب عالة على المجتمع، بل دعا الشباب إلى العمل والإنتاج، فعنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ قَالَ: مَرَّ عَلَى النَّبِيّ رَجُلٌ، فَرَأَى أَصْحَابُ النَّبِيِّ مِنْ جَلَدِهِ ونَشَاطِهِ مَا أَعْجَبَهُمْ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ كَانَ هَذَا فِى سَبِيلِ اللَّهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ [: إِنْ كَانَ خَرَجَ يَسْعَى عَلَى وَلَدِهِ صِغَارًا فَهُوَ فِى سَبِيلِ اللَّهِ، وَإِنْ خَرَجَ يَسْعَى عَلَى أَبَوَيْنِ شَيْخَيْنِ كَبِيرَيْنِ فَهُوَ فِى سَبِيلِ اللَّهِ، وَإِنْ كَانَ يَسْعَى عَلَى نَفْسِهِ يَعِفُّها فَهُوَ فِى سَبِيلِ اللَّهِ، وَإِنْ كَانَ خَرَجَ رِيَاءً وتَفَاخُرًا فَهُوَ فِى سَبِيلِ الشَّيْطَانِ»، وإذا لم تستثمر أمتنا طاقات الشباب فمتى تنهض؟

 

إن الإسلام لا يريد من شبابنا أن يكونوا مهمشين فى الحياة, بل أراد الإسلام من الشباب أن يكونوا فاعلين ومؤثرين فى المجتمع، ولقد وزع الله المواهب والطاقات على البشر، فهذا يصلح أن يكون طبيبًا، وهذا يصلح مهندسًا، وهذا يصلح معلمًا، وهذا خطيبُ، وهذا ضابط، وهذا مزارع، وهذا عامل، وهذا مخترع، وهكذا فى كل مجالات الحياة، يعطى الله عز وجل كلاً على قدر مواهبه وعلى قدر استعداداته، وأخيرًا أود أن أنبه إلى أنه لن ينهض مجتمع إلا بالتعاون المثمر القائم على المحبة والمودة والاحترام الكامل بين الشباب والشيوخ، حيث يفيد الشباب من حكمة الشيوخ، ويفيد الشيوخ من طاقة وقوة الشباب، فيوجه كل واحد منهما طاقاته إلى ما يعود نفعه خيرا على الوطن والمواطنين.

 

أ.ش