يحدّد المؤلّف وهو الباحث الألماني “راينر برانر” هدف كتابه الصادر عن مركز الحضارة لتمنية الفكر الإسلامي في المقدّمة الموسّعة التي وضعها باختطاط جذور الجدال الإسلامي- الإسلامي ومساره في القرن العشرين، وفي قلبه تقلّبات العلاقة بين جامعة الأزهر في القاهرة، حيث زخم العلم عند أهل السنّة إلى يومنا هذا، وبين علماء الشيعة. وهو يشير في هذا السياق إلى جماعة التقريب بين المذاهب الإسلامية؛ وهي المؤسسة التي رسمت معالم النقاش المعنيّ بالتقريب على مرّ عقدين اثنين من الزمن، وكانت ولا تزال المؤسسة الوحيدة التي استطاعت القيام بهذا الأمر.
وقد عرض الكاتب سيرة شخصيتين محوريتين في حركة التقريب، وهما: العلامة اللبناني الشيخ محمد جواد مغنيّة وشيخ الأزهر المصري محمود شلتوت.
بعد ذلك يعرض المؤلّف لمحطّات من التشظّي الإسلامي، أو الاختلاف السنّي – الشيعي، معتمداً على كتابات وآراء لمفكرين ومؤرخين غربيين ومسلمين، والتي تناولت هذا الخلاف من زاويتين: تاريخية – سياسية وفكرية – فقهية، انطلاقاً مما حصل بعد وفاة النبي محمد(ص) والخلاف على خلافته، ليتحدث بعدها عن مسائل وقضايا عقيدية وجوهرية بالنسبة لأتباع المذهبين السنّي والشيعي، والتي باعدت ولا تزال بينهما حتى اليوم، مثل مسألة الإمامة (عند الشيعة) ومكانة الصحابة وزيارة المقامات المقدّسة والتقيّة وزواج المتعة..
يعرض المؤلّف لمحاولات العديد من كبار علماء الشيعة والسنّة خلال القرن التاسع عشر لتوحيد الطوائف أو المذاهب الإسلامية، والاعتراضات القوية التي واجهت تلك المحاولات، ويلفت إلى القيود التي كبّلت المبادرات التقريبية، وأبرزها العلاقة البيّنة بين التصريحات الفقهية والمشهد السياسي الآني في تلك المرحلة.
وفي الخاتمة (استمرار التقريب في القرن الواحد والعشرين)، يتحدث المؤلّف عن تأثير الثورة الإيرانية في مسار محاولات التقريب بين السنّة والشيعة، صعوداً وهبوطاً، مع توقفه عند العلاقة – الصدامية (إجمالاً) – بين السعودية وإيران في السياق السياسي والفكري – المذهبي، وكذلك بين إيران والأزهر في مصر، رغم كلّ المحاولات التي بذِلت.
أ.ش