توقّع خبراء إقتصاديون أن تكون لعملية “طوفان الأقصى” -التي أطلقتها المقاومة الفلسطينية صباح السبت الماضي ضد كيان الإحتلال الإسرائيلي- تأثيرات اقتصادية مباشرة، وأخرى في المستقبل، كما توقعوا أن تضطر إسرائيل إلى إغلاق البورصة تجنباً لأي تداعيات مالية محتملة، كما من المتوقع أن تعمل خدمات النقل العام بقدرة مخفضة في جميع أنحاء كيان الإحتلال الإسرائيلي.
وقال مراسل الشؤون الاقتصادية لصحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية: إن الحرب مع قطاع غزة اندلعت في وقت تنتظر فيه السوق الإسرائيلية قرارات مصيرية، تتعلق بأسعار الفائدة من جانب بنك إسرائيل، وفي وقت تواصل فيه العملة الإسرائيلية (الشيكل) التراجع أمام الدولار والعملات الأجنبية الأخرى، كما أن بورصة تل أبيب تواصل انخفاضها لليوم الرابع على التوالي.
ورجح غاد ليئور أن تُعمق الحرب على جبهة غزة من أزمات الاقتصاد الإسرائيلي، وهو ما قد يؤدي إلى استمرار تراجع الشيكل أمام الدولار، والأسهم في البورصة الإسرائيلية.
* إحتمال إغلاق البورصة
ولم يستبعد أن تغلق البورصة الإسرائيلية أبوابها في حال استمرت بالهبوط، وتوقع أن يتكبد الاقتصاد الإسرائيلي خسائر فادحة لا يمكن حصرها بهذه المرحلة.
وحسب تعليمات قيادة الجبهة الداخلية الإسرائيلية، ستُعطل الدراسة من منطقة تل أبيب الكبرى حتى مناطق “غلاف غزة”، كما ستُغلق مئات المناطق الصناعية وآلاف المنشآت التجارية ومجمعات التسوق، وهي التي تشكل عصب الاقتصاد في المنطقة، وتخدم نحو 3 ملايين إسرائيلي. وقدّر حجم الخسائر الإسرائيلية في مواجهات عسكرية سابقة مع المقاومة الفلسطينية بعشرات مليارات الدولارات، للقطاع الاقتصادي والتجاري والسياحي.
ويرجح محلل الشؤون الاقتصادية لصحيفة “يديعوت أحرونوت” أن تعمق الخسائر المالية وكلفة الحرب عجز الموازنة العامة لإسرائيل.
* تأثيرات مباشرة
من جهته، قال المتخصص في الاقتصاد السياسي مطانس شحادة: إن عملية “طوفان الأقصى” سيكون لها تأثيرات اقتصادية مباشرة على إسرائيل بشكل عام، وجنوبها بشكل خاص. وأضاف: إن الضرر الاقتصادي سيكون واضحاً، وستتحدد درجة تداعياته مع تطور الأحداث؛ لكن المؤكد -برأي مطانس- أن المصالح الاقتصادية ستتعطل بالكامل جنوب إسرائيل، وربما العاصمة تل أبيب تحت تأثير الضربات الصاروخية للمقاومة الفلسطينية.
وتوقع المحلل الاقتصادي أن تلجأ إسرائيل إلى إغلاق البورصة، مع عودة التداول أمس الأحد تجنباً لحدوث انهيار للأسهم، كما توقع ارتفاع الدولار أمام الشيكل عندما تبدأ التداولات. ودون أن يتحدث عن تفاصيل رقمية، أكد مطانس أن “طوفان الأقصى” سيشكل ضربة اقتصادية لإسرائيل، ربما تتكشف فاتورتها مع تطورات الحرب.
* تعطّل الملاحة الجوية
وقالت صحيفة “يديعوت أحرونوت”: إن المقاومة الفلسطينية في غزة أطلقت أكثر من 1000 صاروخ منذ صباح السبت من قطاع غزة، قبل أن يرتفع العدد إلى 2200 صاروخ، في حين قال قائد أركان كتائب القسّام محمد الضيف، في كلمة مسجلة، إن المقاومة قصفت إسرائيل في الدقائق العشرين الأولى من العملية بنحو 5000 صاروخ.
وأفادت الصحيفة بإغلاق المطارات المحلية وسط وجنوب إسرائيل أمام الاستخدام التجاري. وقالت كتائب القسّام: إن “طوفان الأقصى” استهدف بضربة أولى مواقع ومطارات وتحصينات عسكرية للاحتلال الإسرائيلي.
وسُجلت حالة هلع في صفوف المسافرين بمطار بن غوريون، قبل أن يُعلن عن تعطل الملاحة الجوية به نتيجة وصول الرشقات الصاروخية، التي أطلقت من قطاع غزة نحو إسرائيل.
وأعلنت هيئة البث الإسرائيلية إن عدداً كبيراً من شركات الطيران ستلغي رحلاتها إلى الكيان الإسرائيلي، بعد العمليات الواسعة والمفاجئة التي شنتها المقاومة الفلسطينية. وأكدت أن فصائل المقاومة الفلسطينية قصفت محيط مطار بن غوريون الدولي في تل أبيب بالصواريخ، ضمن أهداف أخرى واسعة.
وقالت صحيفة “يديعوت أحرونوت”: إن السلطات قررت إغلاق المطارات المحلية وسط وجنوب إسرائيل أمام الاستخدام التجاري وإبقاء بن غوريون مفتوحاً.
ونقلت صحيفة “جيروزاليم بوست”، عن هيئة الطيران المدني، قرارها بحظر الرحلات الرياضية والترفيهية عبر إسرائيل، وقالت: لا يمكن لأي رحلات رياضية أو ترفيهية أن تقلع في المجال الجوي الإسرائيلي حتى إشعار آخر في ظل الوضع الأمني.
من جهتها، قالت صحيفة “ذي إندبندنت” البريطانية: إن عدداً من شركات الطيران قامت بتحويل أو إلغاء رحلاتها المتجهة إلى مطار بن غوريون. وأضافت: إن شركة “ويز إير” قامت بتحويل 4 رحلات طيران كانت في طريقها إلى إسرائيل إلى مطار لارنكا في قبرص، أو عادت إلى مطار الانطلاق في روما. وتابعت: أن شركة طيران “الأناضول جيت” التركية عادت مرة أخرى إلى إسطنبول ولم تكمل رحلتها إلى تل أبيب، كما جرى إلغاء رحلتين لشركة “لوفتهانزا” من فرانكفورت وواحدة من ميونخ، وكذلك الرحلات المغادرة على خطوط بروكسل الجوية من العاصمة البلجيكية، وشركة “صن إكسبرس” من أنطاليا في تركيا.
وذكرت شركة الطيران الإسبانية “إيبيريا” أن شركة “إيبيريا إكسبرس” التابعة لها ألغت رحلاتها من وإلى تل أبيب “بسبب الوضع في إسرائيل”. وأضافت القناة: أن شركة الطيران الإيطالية “آي تي إيه” ألغت رحلاتها القادمة والمتجهة إلى تل أبيب حتى صباح الأحد، وذلك “لحماية سلامة الركاب والطاقم”، مشيرة إلى أن شركة الطيران البولندية “إل أو تي” ألغت رحلاتها التي تربط العاصمة البولندية بتل أبيب بسبب الوضع في الكيان الصهيوني ولم تقدم معلومات عن الأيام المقبلة.
من جانبها، ذكرت شركة الطيران السويسرية “سويس” أنها علقت رحلاتها إلى تل أبيب اعتباراً من مساء السبت ولحين إشعار آخر.
بدورها، أكدت شركة طيران “إيجين” اليونانية أنها علقت جميع رحلاتها من وإلى مطار تل أبيب لمدة 48 ساعة اعتباراً من يوم الأحد.
* البنوك مغلقة
عملية “طوفان الأقصى” دفعت وزارة النقل الإسرائيلية إلى الإعلان، صباح الأحد، أنه من المتوقع أن تعمل خدمات النقل العام بقدرة مخفضة في جميع أنحاء دويلة الإحتلال الإسرائيلي، وذلك عقب تخصيص العديد من الحافلات والسائقين للقوات الأمنية، فيما أكدت هيئة الرقابة على البنوك الإسرائيلية، أمس الأحد، أن الجهاز المصرفي سيعمل بشكل محدود في ما يتعلق باستقبال الزبائن.
ويأتي ذلك في ظل إغلاق العديد من الشركات أبوابها، وهروب السياح وإلغاء حاد في الحجوزات الفندقية، وهبوط مؤشر بورصة تل أبيب 35 بنسبة وصلت إلى 65/6%.
* خدمات النقل متوقفة
وفي التفاصيل، أعلنت وزارة النقل أنه لن تُشغل خطوط النقل العام في المنطقة المحيطة بغزة، وخاصة الواقعة بين عسقلان وبئر السبع. كما لن تكون هناك خدمة من وسط إسرائيل إلى هذه المناطق. كذلك، أوقفت خدمة القطارات بين العديد من المناطق، فيما سيجرى تشغيلها بشكل جزئي في بعضها الآخر.
من جهتها، أعلنت هيئة الرقابة على البنوك أن عمل المصارف سيكون محدوداً للحفاظ على سلامة الموظفين والعملاء. وستُغلق الفروع التي تقع ضمن نطاق يصل إلى 40 كم من قطاع غزة، وستعمل الفروع التي تقع ضمن نطاق 40-80 كم من قطاع غزة بشكل مخفض.
بالإضافة إلى ذلك، قد تكون هناك تغييرات في ساعات عمل الفروع، وستقوم البنوك بإخطار العملاء بالتغييرات المحددة “في أسرع وقت ممكن وتوضيح البدائل المتاحة للجمهور للحصول على الخدمة المصرفية”، بما في ذلك الإحالة لأداء العمليات المصرفية من خلال القنوات المباشرة عبر الهاتف، والموقع الإلكتروني للبنك.
وشرح موقع “ذار ماركر” الإسرائيلي أن الهجوم المفاجئ الشديد من قطاع غزة أثر على النشاط الاقتصادي، بما في ذلك العديد من العمال وأصحاب الأعمال في المنطقتين الجنوبية والوسطى.
* أزمات أخرى
ولا يزال الاقتصاد الإسرائيلي تحت تأثير تداعيات الإضرابات التي رافقت تعديلات قضائية أقرها الكنيست منذ أشهر.
وفي سبتمبر/ أيلول الماضي، قال كبير الاقتصاديين بوزارة المالية الإسرائيلية شموئيل أبرامسون: إن الإستثمارات الأجنبية سجلت انخفاضاً كبيراً في الربع الأول من 2023 بلغ 60%، مقارنة بالمتوسط في كل من الربعين الأولين لعامي 2020 و2022. وقُدر حجم الاستثمارات الأجنبية في إسرائيل في 2022 بنحو 28 مليار دولار.
وفي أغسطس/ آب الماضي، حذرت وكالة “موديز” للتصنيف الإئتماني من أن المخاوف على الاقتصاد الإسرائيلي بدأت تتجسد، بعد إقرار الكنيست (البرلمان) قانوناً يحدّ من سلطات المحكمة العليا، ضمن خطة حكومية لـ”إصلاح القضاء”.
وتتوقع منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أن يتباطأ الاقتصاد الإسرائيلي إلى 9/2٪ في 2023 من نسبة 3٪ التي كانت متوقعة، وإلى 3/3٪ في 2024 من 4/3٪ سابقاً.
يذكر أن عملية “طوفان الأقصى” تأتي رداً على جرائم الإحتلال الإسرائيلي بحق الفلسطينيين واقتحاماته المتكررة وعدوانه على المسجد الأقصى.
د.ح