طوفان الأقصى يجرف “تفوق” سلاح الجو الإسرائيلي

أكد رئيس معهد أبحاث ودراسات البحر الأبيض المتوسط والشرق الأوسط، جان بول شانيولو، أن هذا الهجوم من جانب المقاومة الفلسطينية لم يكن متوقعا، وكان مفاجأة صادمة ل"إسرائيل"

2023-10-10

شكّلت عملية طوفان الأقصى مفاجأة من العيار الثقيل في “اسرائيل” وأحدثت زلزالاً وأدخلتها في صدمة وحيرة وإرباك شديدين، كما سجّلت فيه إخفاقاً وفشلاً استخباراتياً ‏وعسكرياً غير مسبوق فمنذ اللحظة الأولى بدأت المقاومة الفلسطينية فعلياً معركة متكاملة الأركان استخباراتياً وجاهزيةً وجرأة ومباغتة وإدارة ذكية، وحقّقت فيها أهدافها بضربة واحدة.

 

حيث أكد رئيس معهد أبحاث ودراسات البحر الأبيض المتوسط والشرق الأوسط، جان بول شانيولو، أن هذا الهجوم من جانب المقاومة الفلسطينية لم يكن متوقعا، وكان مفاجأة صادمة ل”إسرائيل”.. وقال لمجلة «ليكسبريس» الفرنسية، إن الهجوم نُفِّذ جوًا وبرًا وبحرًا، ومن هنا يمكن القول إن هذا الهجوم يُصنَّف في خانة الهجوم الحربي والعسكري.

 

ويرى الباحث الفرنسي، بانجمان بارث، في صحيفة لوموند، أن التاريخ الذي اختارته حماس لمهاجمة “إسرائيل” لم يكن من قبيل الصدفة، ويهدف إلى إعادة خلط أوراق الصراع “الإسرائيلي الفلسطيني”، على غرار الهجوم الذي شنته مصر، يوم 7 أكتوبر 1973، قلب ميزان القوى الإسرائيلي العربي، وجاء هجوم حماس أشبه بزلزال سياسي وأمني، ضرب “إسرائيل” فجأة.

 

وأوضح بانجمان بارث، أنه بالنسبة للمؤسسة السياسية والأمنية الإسرائيلية، التي ظلت مشلولة، وكأنها في حالة ذهول، طيلة الصباح، فإن هذا يشكل فشلاً غير مسبوق.

 

ومن الواضح أن عملية بهذا الحجم تتطلب أشهرًا من التحضير، ومع ذلك لم تعلم به أجهزة المخابرات الإسرائيلية، أما بالنسبة لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي يعتبر أنه «سيد الأمن» في “إسرائيل”، فإن هذه الكارثة ستؤثر عليه شخصيا.

 

وأما عن سبب عدم نشاط سلاح الجو الإسرائيلي منذ بداية عملية اقتحام الأقصى يرى مراقبون أن “إسرائيل” تفاجأت بهذا الهجوم، والجميع دون استثناء تحت الصدمة بسبب طبيعة الهجوم غير المتوقعة والعدد الكبير للضحايا.

 

كما فشلت “القبة الحديدية” في الساعة الأولى في صد الرشقات الصاروخية التي أطلقتها الفصائل الفلسطينية على الرغم من المبالغ الهائلة التي صرفت على مشروع القبة. لقد روج الاحتلال لهذا المشروع وتفرده لدرجة أنه أصبح يسوقه للبيع في دول العالم، ومن ضمنها دول عربية.

 

فلأول مرة في تاريخ الصراع العربي-الإسرائيلي يتم تعطيل مطارات عسكرية عن الخدمة، وهو ما مكن مقاتلي حماس من الاستمرار بعملية الاقتحام لساعات دون الخوف من تدخل سلاح الجو الإسرائيلي. تعطل المطارات يفسر أيضا حجم الخسائر التي تكبدها الاحتلال.

 

فعلى الرغم من أن قوة سلاح الجو الإسرائيلي “الهائلة” قصفت القطاع بقوة نارية كبيرة يؤكد مراقبون أن الخسارة الاستراتيجية الإسرائيلية هنا هي أن هذا الجيش هو جيش يستطيع “الانتصار” من الجو فقط، أما إذا تعطلت قوة سلاحه الجوي فهو معرض للهزيمة ليس فقط من قبل جيوش، بل حتى من قبل فصائل مقاومة لا تمتلك ما يملكه الجيش الإسرائيلي. والمهم هنا أن حماس أثبتت أنها قادرة على تعطيل هذا السلاح الهائل -ولو لوقت محدود- باستخدام التخطيط والمفاجأة.

 

خسرت “إسرائيل” صورتها كجيش يمتلك ” فائض القوة”، إذ أثبت أن هذا الجيش “نمر من ورق”، لن يتمكن بعد الآن من إثارة الرعب لدى أي طرف.

 

وتسبب الإرباك الذي فرضه الاستهداف الفلسطيني على المناطق المحتلة من فلسطين ومراكز الاحتلال، واعتقال وأسر الجنود والمستوطنين الإسرائيليين، بتبادل الاتهامات بين الإسرائيليين بشأن المسؤولية عن هذا الإخفاق الاستخباري والعسكري.

 

وقالت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية في افتتاحيتها إن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو “مسؤول عن الكارثة التي ألمّت بـ “إسرائيل” في عيد فرحة التوراة”. وأضافت أن “رئيس الحكومة الذي تفاخر بخبرته السياسية فشل كلياً في تشخيص الخطر الذي قاد إليه “إسرائيل” عندما أقام حكومة الضم ونهب الأراضي، وعيّن بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير في مناصب مركزية، وانتهج سياسة خارجية تجاهلت علناً وجود الفلسطينيين وحقوقهم”.

 

لا شكّ في أن نتنياهو وحكومته اليمينية المتطرفة غالت في تدنيس المقدسات وتوسيع الاستيطان، وجنحت نحو أقصى اليمين، وأدّت إلى انقسامات حادّة داخل “إسرائيل” نفسها، لكن من المفيد الإشارة إلى أن التحولات والتطورات في الداخل الإسرائيلي سبقت هذه الحكومة، بل إن هذه الحكومة أتت نتيجة لتلك التحولات التي دفعت الإسرائيليين إلى ما هم عليه الآن.

 

من جهتها أعلنت الولايات المتحدة تحريك حاملة الطائرات “جيرالد آر فورد” لمنطقة الشرق الأوسط لاستخدامها في حال احتاج الاحتلال لذلك. وفي السياق نفسه، وافقت واشنطن على تقديم مساعدات عسكرية وذخائر ودعم للقبة الحديدية بعد طلب نتنياهو ذلك منه في اتصالين هاتفيين.

 

صحيح أن الدعم الغربي للاحتلال قائم بغض النظر عن طريقة الرد الإسرائيلي الذي يستهدف عمارات سكنية بدون تحذير سكانها، والمساجد، والبنوك، والأطفال، والعائلات، لكن الصورة لن تتغير كثيرا فما يجري يشكل خسارة استراتيجية ستكلف الاحتلال كثيرا من الوقت والجهد والمال لترميمها.

 

ويؤكد مراقبون أنه ولّت الأيام التي كانت “إسرائيل” تتفوق فيها على العرب مجتمعين وتستفيد من انقساماتهم. وإذا كان الإسرائيلي يحاول مراراً سد الثغرات لمواجهة التهديدات، فإن قدرات المقاومة الفلسطينية واللبنانية تطورت أيضاً، والأهم أن الحرب قائمة بين صاحب الأرض والمستوطن الآتي من الخارج، إذ من المتوقع أن تشهد “إسرائيل” هجرة معاكسة كلما زادت المشكلات الأمنية والاقتصادية.

 

اتضحت معادلة الانتصار والهزيمة، سطّرت المقاومة بطوفان الأقصى تاريخاً جديداً غير مسبوق وفصلاً من فصول الصراع العربي الإسرائيلي، كما صنعت معادلات استراتيجية في المنطقة.

 

جدير بالذكر أنه أعلنت كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس فجر السبت عملية طوفان الأقصى نجم عنها حتى الآن مقتل 900 صهيوني وإصابة أكثر من 2500 منهم.

 

أ.ش

المصدر: الوقت