الثورة والنضال والحرية

على صدوركم باقون… كالجدار

هي الشعروقد هام بها الشعراءمن كل الأقطار،بللت أقلامهم دماء نكبتهاونكستها وذبحها كل يوم بسكين الاحتلال

إنها فلسطين.. في البدء كانت الكلمة، والمعجزة، ونقطة الباء في البسملة، والتين والزيتون، وحبّ المسيح لأليعازر لكي يحييه، وإسراء محمد ببراق الحبّ ومعراجه فوق ترابها الممزوج اليوم بالدم، من الجليل إلى بئر السبع، ومن البحر إلى النهر، ومن عكا وأسوارها وحيفا وبياراتها إلى بحر غزة الذي خرج منه المقاومون ومن الأرض والسماء، ليجترحوا هم أيضاً معجزة وجودهم بوجه العالم الوقح، عالم الرجل الأبيض الذي يصف شعباً كاملاً بالحيوانات التي يجب إبادتها في آخر قضية كولونيالية في التاريخ هي المحك بين الإنسانية وعدمها، وحضور القيم وغيابها، وبين الشعر وسِقط الكلام…

 

هي الشعر وقد هام بها الشعراء من كل الأقطار، بللت أقلامهم دماء نكبتها ونكستها وذبحها كل يوم بسكين الاحتلال والاستيطان والهمجية.. هم شعراء نستحضر قصائد بعضهم في كلمات قد ألهمتهم حروف اسمها الستة ليكتبوا فيها قصائد تناقلتها الأجيال “من الشام لبغدان ومن نجدٍ إلى اليمنٍ إلى مصر فتطوان” كما يقول فخري البارودي في قصيدته الشهيرة، إذ لم تنجح كل المحاولات أن تجعل منها قضية ثانية أو ثالثة، لتبقى القضية المركزية الأولى طازجة مع الخبز، ومدوية مع الرصاص، يرددها الأطفال في المدارس، ويرتّلها المؤمنون في الصلوات، نوجّه لها تحية هي الأضعف في صمودها ومقاومتها الباسلة، وصرختها في وجه المستكبرين حين “جاوز الظالمون المدى”.

 

أخي جاوز الظالمون المدى

 

شعر “أخي جاوز الظالمون المدى” للشاعر المصري علي محمود طه، جاء فيها:

 

أخِـي جـاوَزَ الظالمونَ المَدَى/ فــحَــقَّ الجِهَــادُ وحَـقَّ الفِـدَاأَنـتـركُهُـم يَـغـصِـبون العُروبَ/ةَ مَــجــدَ الأُبَــوَّةِ والسُّؤدَدَا

وليـسُـوا بغيرِ صَليلِ السُّيوِف/يُـجِـيـبُـونَ صَوتاً لنا أو صدى

فَــجَــرِّد حُــسَــامَـكَ مـن غِـمـدِهِ/فــليـس له بَـعـدُ أن يُـغـمَـدا

أَخــي أَيُّهـا العـربـيُّ الأَبـيُّ/أَرَى اليـوم مَـوعِدَنا لا غَدَا

أَخــي أَقــبَـلَ الشَّرقُ فـي أُمَّةٍ/تَـرُدُّ الضَّلالَ وتُـحـيي الهُدَى

أخي إنَّ في القدس أختاً لنا/أعـدَّ لهـا الذابـحـون المُدى

صـبَـرنـا عـلى غَدرهم قادِرينَ/وكُــنَّاــ لهُــم قَــدَراً مُـرصـدا

طـلَعـنا عليهم طُلوعَ المَنُونِ/فـطَـارُوا هَـبَـاءً وصارُوا سُدَى

أَخي قُم إلى قِبلَةِ المشرِقَينِ/لنَـحـمِـي الكـنيسةَ والمسجِدا

يـسـوع الشـهـيـد عـلى أرضها/يــعـانـق فـي جـيـشـه أحـمـدا

أخـي قـم إليها نشقُّ الغمارَ/دمــاً قـانـيـاً ولظـىً مـرعـدا

أخـي ظـمـئت للقـتال السيوف/فأورد شَباها الدمَ المُصعدا

أخـي إن جـرى في ثَرَاها دَمِي/وأَطـبَـقـتُ فـوق حَصَاها اليَدَا

ونـادى الحِـمام وجُنَّ الحُسام/وشــبَّ الضِّرامُ بــهــا مـوقَـدا

فــفــتِّش عــلى مُهــجَــةٍ حُــرَّةٍ/أَبَـت أَن يَـمُـرَّ عـليها العِدا

 

وخُـذ رايـةَ الحـقِّ مـن قـبـضةٍ/جلاها الوغى ونَماها الندى

وَقــبِّل شـهـيـداً عـلى أَرضِهـا/دَعا باسمِهَا الله واستُشهِدَا

فَـلسـطِينُ يَفدِي حِمَاكِ الشّبابُ/فــجَــلَّ الفِـدائِيُّ وَالمُـفـتَـدَى

فَـلَسـطِينُ تَحمِيك منَّا الصُّدُورُ/فـإِمَّاـ الحـيـاةُ وإمَّا الرَّدَى

 

يوم المعاد

 

شعر “يوم المعاد” للشاعر اليمني عبد الله البردوني، جاء فيه:

 

يا أخي يا ابن الفدى فيم التمادي/وفلسطين تنادي وتنادي؟

ضجت المعركة الحمرا.. فقم:/نلتهب.. فالنور من نار الجهادِ

ودعا داعي الفدى فلنحترق/في الوغى، أو يحترق فيها الأعادي

يا أخي يا ابن فلسطين التي/لم تزل تدعوك من خلف الحدادِ

عد إليها، لا تقل: لم يقترب/يوم عودي قل: أنا «يوم المعادِ»

عد ونصر العرب يحدوك وقل:/هذه قافلتي والنصر حادي

عد إليها رافع الرأس وقل:/هذه داري، هنا مائي وزادي

وهنا كرمي، هنا مزرعتي/وهنا آثار زرعي وحصادي

وهنا ناغيت أمي وأبي/وهنا أشعلت بالنور اعتقادي

هذه مدفأتي أعرفها/لم تزل فيها بقايا من رمادِ

وهنا مهدي، هنا قبر أبي/وهنا حقلي وميدان جيادي

 

هذه أرضي لها تضحيتي/وغرامي ولها وهج اتقادي

ها هنا كنت أماشي إخوتي/وأحيي ها هنا أهل ودادي

هذه الأرض درجنا فوقها/وتحدينا بها أعدى العوادي

وكتبنا بالدما تاريخها/ودما قوم الهدى أسنى مدادِ

هكذا قل: يا ابن «عكا» ثم قل:/هاهنا ميدان ثاري وجلادي

يا أخي يا ابن فلسطين انطلق/عاصفاً وارم العدى خلف البعادِ

سر بنا نسحق بأرضي عصبةً/فرقت بين بلادي وبلادي

قل: «لحيفا» استقبلي عودتنا/وابشري ها نحن في درب المعادِ

واخبري كيف تشهتنا الربى/أفصحي كم سألت عنا النوادي!

قل: لإسرائيل يا حلم الكرى/زعزعت عودتنا حلم الرقاد

خاب «بلفور» وخابت يده/خيبة التجار في سوق الكساد

لم يضع، لا لم يضع شعب أنا/قلبه وهو فؤادٌ في فؤادي

قل: «لبلفور» تلاقت في الفدى/أمة العرب وهبث للتفادي

 

مرايا الشمس

والشاعرة العراقية نازك الملائكة تقول في قصيدتها تحت عنوان “مرايا الشمس”:

 

نامي على أهداب عيني يا خريطتها

ورِفِّي في دمائي

إني نذرتُ لكي أُكَسِّر قيدَها زمني

نزيف دمي غنائي

آفاقها سأخطها بالورد،

أغرس عند بيت المقدس الدامي قَرَنْفُلَةً كبيرة

وأُحيلها في عرض بحر من زهور الماء والدِّفْلَى جزيرة

وأشك عند حدود عكا زنبقة

حرّى الغلالة، مغدقة

واللدّ أنفحها برفة وردة جوريّة

حمراء غذَّتها دماء شهيدة عربية

وجنين أعطيها شقائق غضة شفقية

ولـ غزة أَخْتار سوسنة نضيرة

 

ولكفر قاسم ألف ليلكة أبعثرها وأجدلها ضفيرة

وعلى مشارف أرض بيسان سأزرع ياسمينة

وبنفسجات عند حيفا عند يافا

عند نابلس الطعينة

ولدى مدينة طولكرم نرجسة

أضحى بها ذكرى أضاحٍ كالمرايا مشمسة

أهداب عيني يا خريطتها، هنا، نامي عليها

إنني ما بين بيّاراتها الثكلى سجينة

أمطرتها ورداً، وعاشت خلف أسوار انفعالاتي

مدائنها الجميلات الحزينة

حتى زرعت فؤاديَ الخابي الشموع

على خريطتها مدينة

لا لا، دعي الأزهار يا كفي، خريطتها سأنقطها بدمعي

سأخط بالعبرات كل حدود ناصرتي

وبالشهقات أبني بئر سبعي

سأحيط أسوار الجليل بخضرة ريَّانة

 

تنثال من ألمي ورفضي

وسأمنح اللطرون عصف رياح أحزاني، أسيِّجها بنبضي

والطفلة السمراء رام الله أُرْقُدها على مهدٍ

يرطِّب حرَّه ثلج الدموع

والحزن حول غطائه الوردي أشرعةٌ

مواويلٌ،

شموع

وسأزرع القلب الكئيب شجيرة،

قمراً يُضوِّي في دُجاه كل أرضي

من الشمال إلى الجنوب قُرى مغَمَّسة بدمعي

وورود أحزاني تعشش في مدائنها

تعطِّر كل زاوية وضلع

وبأدمعي حددتُ أرصفة الشوارع في الخليل

ورشفت من حزني جراراً من عبير

وارتويتُ من العويلْ

لا لا، برئتُ من الحدود الدامعة

 

وجزعت أن ترنو إليّ خريطتي من هذه المدن الحَزَانَى

إني سأشعل في رباها ثورة

غضباً

دخاناً

وَلَدَى القُرَى السود العيون الضارعة

سأقيم من وهج القنابل مهرجاناً

ويضوع عطر الموت، يسكر من تموُّجِه عِدانا

لا ورديَ البضَ الملون سوف يشفي وخزة الذكرى

ولا عبراتي الحرَّى الغزارْ

لا بل أسوِّر بالخناجر والمُدَى تلك الديار

وأُنيمها في غابة مسنونة الأشجار

تجرح بالسكاكين الحداد اللاسعة

بالعنف تنتزع المروج الضائعة

سأطير، أغرس خنجراً في باب عكا

وأقيم حول القدس أرصفة الصواعق

أزرع الأسوار شوكا

 

وأدك تل أبيب دكّا

سأحيط غزة بالقذائف، سوف أبذر

حول يافا حقل ألغام ونارْ

في الليل أشعله حرائق جُلَّنارْ

وسأفرش المدن الوديعة بالصواريخ المحبة والمدافع

الله أكبر يا عرائسُ!

يا قناطرُ!

يا شوارعْ

إني سأبذر فيكِ أسلحتي وأنتظر الحصادْ

وسأوقظ الرَّبَوَات فيك على براكين التحدِّي والعنادْ

قسماً وأرفض أن أبلِّل أغنياتي بالمدامع

 

يا فلسطينية

كما أن الشاعر المصري أحمد فؤاد نجم في قصيدة “يا فلسطينية” ينشد:

 

يا فلسطينيه

والبندقاني رماكو

بالصهيونيه

تقتل حمامكو في حداكو

يا فلسطينيه وأنا بدي أسافر حداكو

ناري في ايديه

وايديه تنزل معاكو

على راس الحيه

وتموت شريعة هولاكو

يا فلسطينيه

والغربة طالت كفايه

والصحرا أنّت م اللاجئين والضحايا

والأرض حنّت للفلاحين والسقايه

والثورة غايه

والنصر أول خطاكو

يا فلسطينيه

والثورة هي الأكيده

بالبندقية نفرض حياتنا الجديده

والسكة مهما طالت وبانت بعيده

مدّ الخطاوي

هوّه اللي يسعف معاكو

يا فلسطينيه

فيتنام عليكو البشاره

بلنصره طالعه

من تحت ميت ألف غاره

والشمعة والعه

والأمريكان بالخساره

راجعين حيارى

عقبال ما يحصل معاكو

 

 

أ.ش

المصدر: الوفاق/ وكالات