مروة الاسدي
يموج عالم اليوم وسط بحر من الازمات والتحديات الفكرية التي انعكست على بناء الانسان والمجتمعات على اختلاف شاكلاتها، لا سيما المجتمعات التي تتصف بالذكورية والمتسلطة حيث يكون فيها الاستبداد متجذرا بعمق، وهذا ما نتج عنه تفاوت كبير بين الرجال والنساء اللاتي هن نصف المجتمع واساس بنائه السليم.
اذ توجد مشكلات عديدة تواجه المرأة في عموم العالم، فتصبح عقبة أمام قدراتها وطاقاتها، وهي مشكلات تتعلق بطبيعة عمل المرأة وتعرضها للفقر في أواخر العمر، كذلك هنالك مشكلان الانجاب بالنسبة للمرأة العاملة، هذه الامور تحدث في عموم الدول والمجتمعات حتى المتقدمة منها.
اما في الوقت الراهن نرى جميع المؤشرات والوقائع تعطي صورة نمطية واحدة عن المرأة العراقية كونها الشخص المهدور العاجز والمسير والمغلوب على امره في المجتمع، بالتأكيد لكل قاعدة استثناء، لكن السؤال الجوهري هو هل ان المرأة العراقية مضطهدة ومغيبة بسبب طبيعة المجتمع والظروف المحيطة بها فقط؟ أم هناك أسباب أخرى جزء منها يقع على عاتق المرأة نفسها؟، الإجابة على السؤال تنهل من طرفي المشكلة قد يكون للمجتمع الذكوري المتسلط بصمات في قمع المرأة وكبح طموحاتها، الا ان المرأة نفسها لو تحدت سدود الإحباط وشوائك طريق النجاح ومدت جسور الامل والعمل لكانت الصورة الحقيقية لها هي المرأة الريادية الناجعة.
وهذا ما يدفعنا لتساؤل اخر هل يمكن ان نصنع امرأة ريادية في مجتمع قمعي؟، تؤكد دراسات التنمية البشرية ان دعم النساء في الحصول على العمل والتعاون معهن في تطوير ذاتهن من خلال مفاتيح النمو الفكري والاجتماعي، عوامل تساعد على تقليص فجوة التفاوت بين النساء والرجال في المجتمعات الذكورية كالمجتمع العراقي، بل تساهم في الحد من مستويات البطالة وتفيد في زيادة الانتاج القومي وبهذا يمكن ان تتحول المرأة في المجتمع من فرد خامل الى فرد نشيط بل نموذج ورائد في المجتمع .
يرى خبراء في الاقتصاد أن دور المرأة في العمل يشكل عنصر أمان اقتصادي حقيقي في العالم، حيث يساعد على تنمية الاقتصاد وزيادة الدخل القومي السنوي، وان مشاركة المرأة للرجل في العمل باتت من ضروريات الحياة الملحة من اجل تامين حياة معيشية كريمة لأسرهم، لان من الصعب جدا ان يحمل الرجل كل أمور الحياة بمفرده لكون الحياة أصبحت يوما بعد الاخر شاقة بدرجة كبيرة.
لماذا يجب ان تكون المرأة ريادية، ان فكرة الريادة مبنية على الابداع والابتكار وانشاء مشروع جديد يكون الشخص الريادي هو المدير له وهو المتحكم الأول والأخير بكل نتائجه وبكل مخاطره، فالعالم المتأزم اليوم على الرغم من تطور بعض الدول فيه الا ان واقع المرأة في مجتمعنا يتطلب منها ان تصبح ريادية، وبالرغم من ضعف مشاركة النساء في عالم الريادة بسبب النظرة السلبية للمرأة في المجتمع العراقي وما اسهم به الاعلام الهابط والعادات والتقاليد غير الحضارية والقيود القسرية على حرية الابداع لدى المرأة، الا ان المرأة اذا تسلحت بعوامل الفكر والايجابية والإرادة والطموح يمكنها ان تصبح ريادية، فالريادة ليست شيئا خارقا او من وحي الخيال هي ببساط جهد ابداعي يترجم الأفكار الى واقع بالابتكار.
من منا لا يفخر بأمه او اخته او زوجته او ابنته عندما تكون رائدة اعمال ناجحة، فالريادة لا تحتاج الى الكثير من الاموال وانما تحتاج الى الكثير من الافكار ومن ثم ترجمة هذه الافكار وتحولها الى واقع ملموس بخطوة واحدة فقط جادة وحقيقية، فكل ماركة تجارية مسجلة معروفة لدى الجميع وابهرت العالم ما كانت الا مجرد فكرة واصحابها كانوا أناس عاديين جدا، فالريادة ليست موهبة يمتلكها فرد دون اخر وانما متاحة للجميع فقط تحتاج الى مثابرة وجهد واتخاذ خطوة جادة باتجاه التحول من اللاشيء الى الشيء.
لذا وجب ان تعمل المؤسسات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني على مساعدة النساء بالشكل المناسب في تحقيق طموحاتهن كي تؤمن لهن مستوى معيشي جيد واثبات قدرتهن على العمل والقيادة لتحقيق ذاتهن.
فلا زالت المرأة في ميادين العمل، وعلى الرغم من المطالبات المستمرة والشعارات المطالبة بالمساواة، تعاني الكثير من المشكلات والمضايقات والانتهاكات، بسبب الفوارق التي أثرت سلبا على حقوقها القانونية، فهي وكما يقول بعض الخبراء لا تزال تعاني من التميز والإقصاء الإداري فيما يخص الأجور او الحماية او الترقيات التي يحصل عليها الذكور، ولدورها الكبير في العصر الراهن وجب على المعنيين تمكين المرأة على المستوى الاجتماعي والاقتصادي مما ينعكس على المجتمع بالايجاب والتقدم.مروة الاسدي
أ.ش