“هولوكوست” برعاية غربية!

الدول التي صدّعت رؤوسنا بشعارات الحرية والديمقراطية تقمع التظاهرات المنددة بالعدوان الإسرائيلي، وتحاول حجب الحقيقة عن مواطنيها، والقنوات التلفزيونية والصحف التي "تعطينا" دروساً في المهنية والنزاهة والموضوعية فضحت بنفسها زيف ادعاءاتها.

زاهي وهبي

 

تبّاً لهذا العالم.

 

عالم يحكمه القتلة السفلة.

 

الغضب الذي يملأ الصدور كافٍ لتفجير المجرة، وهو غضب مبرّر ومشروع.

 

كل صاحب ضمير يعرف أن ما يجري على أرض فلسطين هو الظلم بعينه.

 

منذ عشرات السنين، منذ النكبة وما قبلها، ومنذ وعد بلفور حين أعطى مَن لا يملك مَن لا يستحق، ومنذ سايكس بيكو التي قسّمت بلادنا إلى أقطار، عازلةً مصر عن بلاد الشام ومشرق العرب عن مغربهم، تجري عملية اقتلاع شعب من أرضه على مرأى العالم ومسمعه، ويؤتى بخليط من الشعوب ليحتل أرضاً ليست أرضه، ممارساً أبشع أنواع العسف والظلم والجور والعنصرية ضد أبناء الأرض وأصحابها الشرعيين الذين لم يستكينوا يوماً، وما زالوا يبذلون الدماء والأرواح في سبيل حريتهم واستقلالهم، فيما العالم يتعامى عن مأساتهم ويتواطأ مع جلاديهم.

 

ما تعيشه فلسطين هذه الأيام، وما تتعرض له غزة من إبادة جماعية على يد النازية الجديدة المدعومة من القوى الاستعمارية المتوحشة، يثبت مرة أخرى أن لا عدل ولا عدالة في هذا العالم. ثمة شعارات جوفاء صرعنا بها الساسة الغربيون على مدى عقود من الزمن، لكنها سقطت وتسقط كل يوم تحت أقدام كل طفل فلسطيني شهيد.

 

كل ما يتغنّى به الغرب السياسي والإعلامي من كلام عن حقوق الإنسان والقانون الدولي والشرائع الإنسانية يتهاوى حين يتعلّق الأمر بـ”دولة” الاحتلال الإسرائيلي التي تمارس إرهاباً لا مثيل له منذ أكثر من 7 عقود متتالية، فيما هذا “العالم” المتوحش يصفق لها ويرسل لها السلاح والمال كي تواصل جرائمها.

 

لا يتورع “الغرب السياسي” عن استخدام ترسانته الدبلوماسية والإعلامية والدعائية في سبيل قلب الوقائع رأساً على عقب وتزوير الحقائق وتزييف الوعي. يضع الجلاد في موضع الضحية، وينحاز إلى القاتل ضد القتيل. حتى عندما ارتضى الفلسطينيون بأقل القليل من حقوقهم وذهبوا إلى أوسلو، لم يلتزم الاحتلال بهذا الاتفاق، رغم أنه يصبّ في مصلحته، وواصل عمليات الاستيطان والقتل والاغتيال والتنكيل والقمع والاعتقال. رضي القتيل ولم يرضَ القاتل!

 

 

بشعٌ ومقيتٌ هذا العالم في صورته الحالية

 

السقوط الأخلاقي للغرب السياسي والإعلامي والثقافي (حتى معرض فرانكفورت للكتاب، وهو أكبر المعارض الأوروبية وأكثرها شهرة، أعلن دعمه لـ”إسرائيل” في حربها المسعورة على غزة). النفاق الإعلامي الغربي زعم في كذبة شنيعة أن الفلسطينيين يقطعون رؤوس الأطفال، فيما تجاهل القتل اليومي لمئات الأطفال الفلسطينيين في غزة.

 

الدول التي صدّعت رؤوسنا بشعارات الحرية والديمقراطية تقمع التظاهرات المنددة بالعدوان الإسرائيلي، وتحاول حجب الحقيقة عن مواطنيها، والقنوات التلفزيونية والصحف التي “تعطينا” دروساً في المهنية والنزاهة والموضوعية فضحت بنفسها زيف ادعاءاتها وسقطت في امتحان المظلومية الفلسطينية.

 

لقد أعادت عملية “طوفان الأقصى” وتداعياتها تأكيد الكثير من الحقائق، وأولها أن هذا الاحتلال هشٌّ وضعيف وأوهن من بيت العنكبوت وقابل للزوال، وأن “دولة” الاحتلال ما هي إلا ثكنة عسكرية متقدمة متعددة الجنسيات وممثلة لمصالح الغرب الاستعماري، الذي ما إن استشعر خطراً وجودياً على ربيبته حتى هب لنجدتها وحمايتها ورفع معنوياتها المنهارة، وأنه عند الضرورة يخلع أقنعته كلها، ويعلن نفسه محتلاً فعلياً لفلسطين خلف قناع الكيان/الثكنة، وها هو يوفر الغطاء السياسي والعسكري والإعلامي لهولوكست تُرتكب بحق العزل من أبناء الشعب الفلسطيني في غزة، فيما “الجيش الذي لا يقهر” يقف ذليلاً حائراً في حضرة فلسطين ومقاوميها.

 

عذراً غزة

 

لا يغتسلُ الشهداء

 

بكاملِ أناقةِ دمائهم يصعدون

 

فهل لدعاءٍ أن يوسِّعَ سقفَ السماء

 

لعصفورٍ أن يحطَّ على غصنِ البكاء

 

كأنّي أسمعكِ تهتفين:

 

غداً،

 

لن يبقى من الحصار سوى حكايات الحصار

 

لن يبقى من الجدار سوى أثر الجدار

 

لن يبقى من النار سوى بقايا النار

 

غداً

 

تتهاوى غربان الفولاذ

 

تصيرُ مصفحاتهم خردة

 

وعلى نجمة الضغينة

 

يدوسُ طفلٌ من فلسطين

 

أ.ش

المصدر: الميادين

الاخبار ذات الصلة