العلاقات الأخيرة بين طهران وباكو

الرد على أسئلة علييف!

أعلنت السلطات السياسية والعسكرية الإيرانية أنّ مناورات الجمهورية الإسلامية الإيرانية لا تمثّل تهديداً لأيّ من الجيران ورامية إلى صون وحدة أراضي دول المنطقة.

2022-12-17

محسن باك آيين

أثار الرئيس الأذربيجاني “الهام علييف” مؤخرا أسئلة عدّة في تصريحات إعلامية عن العلاقات الأخيرة بين طهران وباكو قائلاً إنّه تعامل مع ثلاثة رؤساء إيرانيين لكنّ التوتّر الحالي بين البلدين لم يكن على هذا المستوى على الإطلاق.

السؤال الموجّه للسيد علييف هوما الذي سبّب أن نشهد اليوم التقلّبات في العلاقات بين الجارّتين؟ في الحقيقة إيران هي التي يجب أن تسأله أيضاً العلاقات الحسنة طوال حضوره في منصب الرئاسة الجمهورية وطيلة وجود ثلاثه رؤساء إيرانيين، لماذا تواجه اليوم احتدام الخلافات؟

وكان التساؤل المثار لدى الرئيس الأذربيجاني هوأنّه لماذا جرت مناورات إيران في حدودها الشمال غربية ؟ ومن هو البلد الذي وضع حجر الأساس للمناورة في المنطقة؟ ألم تقم جمهورية أذربيجان إلى جانب تركيا وباكستان بإجراء مناورة في نخجوان وضدّ وحدة أراضي جمهورية إرمينيا؟ هذه المناورة كانت قبل إجراء مناورة خيبر على يد القوّات المسلّحة الإيرانية. وفي حين كانت مناورة إيران لدعم وحدة أراضي دول المنطقة، إلّا أنّ مناورة جمهورية أذربيجان استهدفت انتهاك وحدة أراضي أرمينيا. ولماذالم يشتك السيد علييف من إجراء المناورة آنذاك؟ إنّه لم يرفع الشكوى وحسب، بل أثار في اجتماع قادة الدول الناطقة بالتركية دعاوى تاريخية عن أراضي إرمينيا وقال إنّه يسعى وبالنهج العسكري وراء فتح ممرّ نغزور وضمّ قسم من إرمينيا إلى ترابه. مثل هذا الإجراء هوالتغيير الجيوسياسي للمنطقة ويشكّل تهديداً للحدود الجغرافية وخرق وحدة أراضي بلد ما وإيجاد مشاحنات جديدة لا تستطيع إيران أن تقف موقف المتفرّج حيالها.

أعلنت السلطات السياسية والعسكرية الإيرانية أنّ مناورات الجمهورية الإسلامية الإيرانية لا تمثّل تهديداً لأيّ من الجيران ورامية إلى صون وحدة أراضي دول المنطقة. إنّ إيران وكما سبق أن قدّمت العون لوحدة أراضي جمهورية أذربيجان في قضية احتلال قره باغ وسبع مدن في هذا البلد فإنّها وانطلاقاً من مواقفها المبدئية تحمي وحدة أراضي إرمينيا أيضاً. إذ ترى أنّ تواصل النزاع الإقليمي وإحداث الانفلات الأمني، يشكّلان حائلا أمام تعاون إيران الاقتصادي مع الجيران.

والسؤال الآخر لـ “الهام علييف” حول ما كان بمثابة التدخّل الفاضح في شؤون إيران الداخلية، هوالإدلاء بالرأي فيما يخصّ المناطق الآذرية في إيران وطرح المزاعم التاريخية. إنّه يدرك جيّداً بأنّ سكان جمهورية أذربيجان البالغ عددهم عشرة ملايين ينحدرون من أصول إيرانية وتمّ فصلهم عن موطنهم الرئيس غدراً. وإذا كان من المقرّر إثارة الدعاوى التاريخية، فإنّ إيران هي أكثر حقّا بكثير من أذربيجان، وأذا انبرت إيران للدفاع عن عشرة ملايين أذربيجانيين منحدرين من أصول إيرانية فسيكون لديها الكثير لتقوله. تعترف الجمهورية الإسلامية الإيرانية باستقلال جمهورية أذربيجان رسميّاً ولم تسع وراء طرح دعاوى تاريخية للحفاظ على علاقات الصداقة مع هذا البلد ومن الأفضل أن يترك السيد الهام علييف القضايا التاريخية للمؤرّخين ويسمح للبلدين أن تربطهما علاقات حميمة.

السؤال الثالث الموجه للسيد علييف هوحول علاقات إيران مع إرمينيا ومحاولته الإيحاء بأنّ هذه العلاقة تقف حجر عثرة أمام نجاحه في الحرب مع إرمينيا، فيما كانت دوماً العلاقات بين إيران وإرمينيا في إطار سياسة البلاد القائمة على تعزيز العلاقات مع الجيران وليست ضدّ أيّ بلد. إنّ الجمهورية الإسلامية الإيرانية تعتمد موقفها المبدئي في تطوّرات المنطقة وتدعم وحدة أراضي الجيران، منهم إرمينيا وجمهورية أذربيجان، ومعارضة تغيير الحدود الجغرافية تندرج في عداد هذه المواقف.

من المؤسف أنّ جمهورية أذربيجان ودون اكتراث بموقف إيران المبدئي، تسعى في ردّ فعل غير مدروس إلى تعزيز العلاقات مع الكيان المحتلّ بينما هذه الخطوة مثار مشاكل جديدة لجمهورية أذربيجان. إنّ إسرائيل ليست صديقة للدول الإسلامية وخاصّة الدول الشيعية وتسعى جاهدة عبر الانتهازية واستغلال الخلافات بين أذربيجان وإيران لتكريس حضورها في باكو. إسرائيل هي الذراع العملاني لأميركا في المنطقة وتسعى أميركا دوماً إلى إحداث الثورات المخملية (الناعمة) في بلدان مثل أذربيجان وهذا ما أقرّ به السيد علييف نفسه.

إنّ العلاقات بين إيران وإرمينيا هي علاقات منطقية وقائمة على أساس سياسة الجيرة. والجمهورية الإسلامية الإيرانية وضمن العلاقة مع إرمينيا كانت راعية لوحدة أراضي جمهورية أذربيجان في فترة حرب قره باغ، إلّا أنّ تواجد الكيان الصهيوني في أذربيجان مصحوب بالمؤامرة والدسيسة ضد جيران أذربيجان، ومستقبل علاقات إسرائيل مع جمهورية أذربيجان لا يثمر ما يعود بفائدة لمصالح هذه الدولة.

نأمل أن يتقبّل السيد علييف حقائق المنطقة بصفته شخصاً محنّكاً ويكفّ عن التدخّل في شؤون الدول الجارّة ويعلم بأنّ إيران تريد نسج علاقات الصداقة مع الدول المحاذية ولا تنوي التحرّش بأيّ بلد، وتدافع عن مواقفها المبدئية القاضية بدعم وحدة أراضي الدول الجارّة.

إنّ توصية إيران لجمهورية أذربيجان القاضية بمعرفة حقائق المنطقة وأحابيل الكيان الصهيوني، هي نصوحة ومشفقة وليست من موقف الضعف. فقد برهنت إيران على أرض الواقع بأنّها ترصد بيقظة تحرّكات الأعداء خاصّة الكيان المحتلّ وتدرج الإجراءات الرادعة في جدول أعمالها إذا دعت الحاجة.

المصدر: الوفاق خاص