مناسبة وطنية يعبر فيها أبناء الوطن عن إجلالهم له؛

المعلم الفلسطيني.. شريحة طليعية حملت على كاهلها أعباء الحياة القاسية

يحمل هذا اليوم رمزية وطنية ترتبط جذورها بمفصليه نضالية انطلقت منذ عام 1972، عندما تعرض عشرات المعلمين للقمع والتنكيل على أيدي قوات الاحتلال الصهيوني

2022-12-17

الوفاق/ حسام رناسى/ قمّ للمعلم وفه التبجيلا.. كاد المعلم أن يكون رسولا. قالها الشاعر أحمد شوقي قبل عشرات السنين. ورغم ذلك، لا يزال المعلم في العالم العربي يعاني الأمرين:  قساوة الحياة المعيشية ومصاعبها الاجتماعية. والمعلم الفلسطيني لو أردنا الحديث بشأنه، فهو سيكون في المقام الاول دون شك، لو تطرقنا الى مجمل المشاكل والمصاعب القاسية التي ألمت به عبر سنوات طوال. وتقديرًا واعترافا بدوره الكبير، تحتفي فلسطين في الرابع عشر من كانون الأول من كل عام بيوم سمته بإسم، ” يوم المعلم الفلسطيني”.

يوم المعلم الفلسطيني، يعتبر مناسبة وطنية يعبر فيها أبناء الوطن عن إجلالهم للقامة العظيمة حاملة رسالة الأنبياء وشعلة الخلاص من مزالق الجهل والجوع والفقر والعبودية، بانية الشخصية الفلسطينية بأبعادها المعرفية والجسمية والوطنية لتصقلها ماسة فريدة عصية على الانكسار والانقياد؛ بعيدة عن التخاذل والأنانية البغيضة؛ فتجعل كل فلسطيني حلقة في مسلسل العطاء يرابط على ثغرة من ثغور الأمة والوطن، متسلحًا بالعلم والمعرفة. إنه يوم ينبغي أن لا ينتهي؛ ليفي هذه الشريحة الطليعية التي تحمل على كاهلها عبء التضحية من أجل التشبث بكل خيط من خيوط الأمل للحفاظ على الهوية الوطنية الفلسطينية راسخة شامخة تتحدى مخططات التهويد والإحلال. ويحمل هذا اليوم رمزية وطنية ترتبط جذورها بمحطة نضالية انطلقت منذ عام 1972 عندما تعرض عشرات المعلمين للقمع والتنكيل على أيدي سلطات الاحتلال الصهيوني، لدورهم الوطني المتمثل بحماية العملية التعليمية من تدخل المحتل ومحاولاته فرض الوصاية عليها، إضافةً إلى مطالبتهم بحقوقهم النقابية العادلة؛ وصولًا إلى يوم الرابع عشر من كانون الأول من العام 1980م، بانطلاق أول مسيرة للمعلمين، متحديةً الاحتلال وحكمه العسكري من مدرسة المغتربين في البيرة باتجاه مبنى الحكم العسكري؛ فتعرض المعلمون وقتها للضرب المبرح والاعتداء بالقوة المفرطة والاعتقال على أيدي جنود الاحتلال الصهيوني؛ ومن ضمنهم قادة اللجنة العامة للمعلمين والتي شكلت من خلال لجان لوائية من معلمي المدارس في كل محافظة، وبعدها أعلنت اللجنة العامة للمعلمين إضراباً متتالياً لمدة 75 يومًا؛ ما أدى إلى انكسار وانصياع سلطات الاحتلال لمطالب المعلمين.

إن المعلم الفلسطيني وعلى مدار السنة، يواجه انتهاكات واعتداءات يومية من الاحتلال في الضفة الغربية والقدس، خاصة في مسافر يطا، والساوية، واللبن، والبلدة القديمة بالخليل، التي تطال المعلمين والطلبة على حد سواء. والناطق باسم وزارة التربية والتعليم صادق الخضور أشار خلال حديث له قائلاً: المعلمون هم سدنة الحفاظ على المناهج الفلسطينية في القدس، وخط الدفاع الأول بمعية أولياء الأمور لتثبيت المنهاج الوطني”. وشدد على أن الوزارة تنتصر دوماً للمعلمين، ومع جميع حقوقهم بما لا يتناقض مع حق الطالب، مضيفًا: الوزارة والمعلم ليسا على طرفي نقيض، وهذه الدعوة تجد آذانًا صاغية في المجتمع للحفاظ على العلاقة التكاملية.

يضيف الكاتب المحامي علي أبوحبله عن أوضاع المعلم الفلسطيني قائلاً: يحمل هذا اليوم رمزية وطنية ترتبط جذورها بمفصليه نضالية انطلقت منذ عام 1972، عندما تعرض عشرات المعلمين للقمع والتنكيل على أيدي قوات الاحتلال الصهيوني التي قمعت المعلمين الفلسطينيين لدورهم الوطني في حماية مسيرة العملية التعليمية من تدخلات سلطات الحكم العسكري. المحبة والتقدير والاحترام. مشيراً الى أن المعلم في فلسطين له خصوصية، لاسيما وأنه عاش ويعيش في ظل الظروف التي يحياها الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال الصهيوني الغاشم والحصار والعدوان المتكرر، وممارسة اعمال القتل وتعرض المدارس للاقتحامات وعدوان المستوطنين. وللمعلمين شرف التضحية فداءً للوطن؛ فمنهم من استشهد، أو أصيب أو أعتقل أو أُبْعِد، أو هُدِمَ بيته وشردت أسرته نتيجة ممارسات الاحتلال الصهيوني ضد أبناء شعبنا الفلسطيني الأبي.

لقد قدمت شريحة المعلمين الفلسطينيين، شهداء كثر، قاموا بمواجهة الاحتلال بشتى الطرق والوسائل، ففي التاسع والعشرين من تشرين أول/أكتوبر خطّ المعلم المشتبك” محمد الجعبري (35 عاماً) سطرًا جديدًا في سجل التضحية، حيث ارتقى  برصاص الاحتلال في منطقة واد الغروس قرب مستوطنة كريات أربع بالخليل،  بعد تنفيذه عملية إطلاق نار على المستوطنة، أدت لمقتل مستوطن وإصابة آخرين. وكان الجعبري يعمل مدرسًا للتربية الإسلامية في مدرسة جواد الهشلمون الأساسية في مدينة الخليل. كما استشهد المعلم والمرشد التربوي محمد علي عوض من مدرسة ذكور ابن خلدون الأساسية في ضواحي القدس بتاريخ في 24 أيلول/سبتمبر، بعد إطلاق النار عليه قرب نابلس، بدعوى محاولته تنفيذ عملية دهس.

في هذا الأمر، لم تكتفِ قوات الاحتلال الصهيوني التعرض للمعلمين فقط، فطالما كانت تتعرض بالضربات العنيفة بالاسلحة والعيارات النارية للمدارس في جميع أنحاء غزة وباقي المدن الفلسطينية، مثلما استهدفت مدرسة “بيت دجن” شرق مدينة غزّة، بإطلاق النار من قبل دباباتها، وإطلاق النار تجاهها، وخلال تواجد التلاميذ داخلها.